أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
2141
التاريخ: 16-6-2016
3426
التاريخ: 17-10-2014
1826
التاريخ: 17-10-2014
1899
|
وقد جمعها المحدّث النوري في كتابه ( فصل الخطاب في تحريف الكتاب ) ، والاستدلال بهذه الروايات موهون من جهات :
الأُولى : أنّها ليست متواترةً ، وليست الكثرة آية التواتر إلاّ إذا اشتركت في أحد المداليل الثلاثة من المطابقة ، والتضمّن ، والالتزام ، وهذه الروايات فاقدة لهذه الجهة ، ولا تهدف إلى جهة خاصة ، فتارة ناظرة إلى بيان تنزيلها ، وأُخرى إلى بيان تأويلها ، وثالثة إلى بيان قراءتها ، ورابعة إلى تفسيرها ، وهذا هو الكثير ، فحسب البعض أنّه جزء من الآية ، مثلاً قال سبحانه : {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء : 135] رواه في ( الكافي ) أنّه قال : وإن تَلووا ( الأمر ) أو تُعرضوا ( عمّا أُمرتم به ) .
روى علي بن إبراهيم بسند صحيح عن أبي عبد اللّه ( عليه السَّلام ) قال : وقرأت عند أبي عبد اللّه ( عليه السَّلام ) : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران : 110] فقال أبو عبد اللّه ( عليه السَّلام ) : ( خير أُمّة تقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابني علي ( عليهم السَّلام ) ؟! فقال القارئ : جُعلت فداك كيف ؟ قال : نزلت ( كُنْتُمْ خَيْرَ أئمَّة أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ ) أَلا ترى مدح اللّه لهم {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران : 110] ) .
والاستدلال دلّ على أنّ المراد ليس كلّ الأُمّة بل بعضها بشهادة قوله سبحانه : {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران : 104] وأراد الإمام تنبيه القارئ على أن لا يغتر بإطلاق الآية ، بل يتدبّر ويقف على مصاديقها الواقعية ، وأنّ خير الأُمّة هم الأئمّة وهم الأُسوة ، وأولياء الدين ، والمخلصون من العلماء الأتقياء ، لا كلّ الأُمّة بشهادة أنّ كثيراً منهم ارتكبوا أعمالاً إجراميةً مشهودةً .
ويقرب من ذلك قوله سبحانه : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [البقرة : 143] ، فإنّ ظاهر الآية أنّ كلّ الأُمّة : هم الأُمّة الوسطى ، والشعب الأمثل ، مع أنّا نجد بين الأُمّة مَن لا تُقبل شهادته على باقة بقل في الدنيا ، فكيف تُقبل شهادته في الآخرة على سائر الأُمم ؟! وهذا يهدينا إلى أن نتأمل في الآية ، ونقف على أنّ الإسناد إلى الكل مجاز بعلاقة كونها راجعةً إلى أصفياء الأُمّة وكامليها .
يقول الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) في هذا الشأن : ( فإن ظننت أنّ اللّه عنى بهذه الآية ، جميع أهل القبلة من الموحّدين ، أَفترى أنّ مَن لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر ، يطلب اللّهُ شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة الأُمم الماضية ؟! كلا : لم يعنِ اللّه مثل هذا من خلقه ) (1) .
وأنت إذا تدبّرت كتاب ( فصل الخطاب ) الذي جمع هذه الروايات ، تقف على أنّ الأكثر فالأكثر من قبيل التفسير .
مثلاً روى العياشي عن الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) قال : ( نزل جبرئيل على رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) بعرفات يوم الجمعة فقال له : يا محمد إنّ اللّه يقرؤك السلام ، ويقول لك : { اَلْيَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ ـ بولاية علي بن أبي طالب ـ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة : 3] (2) فلا شكّ أنّه بيان لسبب إكمال الدين وإتمام النعمة لا أنّه جزء من القرآن .
مع أنّ قسماً كبيراً منها يرجع إلى الاختلاف في القراءة ، المنقولة إمّا من الأئمّة بالآحاد لا بالتواتر ، فلا حجية فيها أوّلاً ولا مساس لها بالتحريف ثانياً ، أو من غيرهم من القرّاء وقد أخذ قراءتهم المختلفة من مجمع البيان وهو أخذها من كتب أهل السنّة في القراءة ، وكلّها مراسيل أوّلاً ، و الاختلاف في القراءة غير التحريف ثانياً ؛ لِما عرفت من أنّها على وجه ، غير موصولة إلى النبي ، وعلى فرض صحّة النسبة ، لا صلة لها بالقرآن .
وهناك روايات ناظرة إلى تأويلها وبيان مصاديقها الواقعية ، وهي أيضاً كثيرة ، أو ناظرة إلى بيان شأن نزولها ، إلى غير ذلك وبعد إخراج هذه الأقسام ، تبقى روايات آحاد لا تفيد العلم ولا العمل .
الثانية : أنّ أكثر هذه الروايات التي يبلغ عددها 1122حديثاً منقول من كتب ثلاثة :
1 ـ كتاب ( القراءات ) لأحمد بن محمد السياري ( المتوفّـى 286هـ ) ، الذي اتّفق الرجاليون على فساد مذهبه .
قال الشيخ : أحمد بن محمد السياري الكاتب كان من كُتّاب آل طاهر ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، مجفو الرواية ، كثير المراسيل (3) .
2 ـ كتاب علي بن أحمد الكوفي ( المتوفّـى 352هـ ) الذي نص الرجاليون بأنّه كذّاب مبطل .
قال النجاشي : رجل من أهل الكوفة كان يقول : إنّه من آل أبي طالب ، وغلا في آخر أمره وفسد مذهبه وصنّف كتباً كثيرةً ، أكثرها على الفساد ، ثمّ يقول : هذا الرجل ، تدّعي له الغلاة منازل عظيمة (4) .
3 ـ كتاب ( تفسير القمي ) الذي أوضحنا حاله في محلّه ، وقلنا : إنّه ليس للقمي ، بل قسم منه من إملاءاته على تلميذه أبي الفضل العباس بن محمد بن العلوي ، وقسم منه مأخوذ من تفسير أبي الجارود ، ضمّه إليها تلميذه ، (5) وهو من المجاهيل ؛ لأنّ العباس بن محمد غير معنون في الكتب الرجالية فهو مجهول ، كما أنّ الراوي عنه في أوّل الكتاب يقول : ( حدّثني أبو الفضل بن العباس ، مجهول أيضاً ، وأسوأ حالاً منهما أبو الجارود المعروف بـ ( زياد المنذر ) فهو زيدي بتري وردت الرواية في ذمّه في رجال الكشي ، (6) أَفيمكن الاعتماد على روايات هذا الكتاب ؟!
وقس على ذلك ، سائر مصادره ومنابعه التي لا يعبأ ولا يعتمد عليه .
الثالثة : أنّ هذه الروايات معارضة بأكثر منها وأوضح منها ، من حديث الثقلين وأخبار العرض وما عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : ( إذا التبست عليكم الفتن فعليكم
بالقرآن فإنّه شافع مشفّع ، وماحل مصدّق ، ومَن جعله أمامه قاده إلى الجنة ، و مَن جعله خلفه ساقه إلى النار ) (7) .
وما في النهج (8) حول القرآن من كلمات بديعة لا تصدر إلاّ من سيد البشر أو وصيه ، وعند التعارض يُؤخذ بالموافق لكتابه والمطابق للذكر الحكيم ، وهي الطائفة الثانية .
ختامه مسك
لمّا وقع كتاب ( فصل الخطاب ) ذريعةً لكل مَن يحاول اتّـهام الشيعة الإمامية بالتحريف ، وهم منه بُرآء براءة يوسف ممّا اتُّهم به ، استدعيت من فضيلة شيخنا الجليل ( محمد هادي معرفة ) (9) أمدَّ اللّه في حياته الكريمة ، أن يوضِّح لنا واقع هذا الكتاب وقيمتـه في سوق العلم ، و المصـادر التي اعتمد المؤلّف عليها ، فتفضّل بمقال قيّم ننشره على صفحـات كتابنـا مشفوعاً بالشكر والتقدير .
______________________________________________
1 ـ تفسير العياشي : 1 / 63 ويؤيّد ذلك أنّه سبحانه قال في حقّ بني إسرائيل : ( وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً ) ( المائدة / 20 ) مع أنّ بعضهم كانوا ملوكاً لا كلّهم .
2 ـ المصدر نفسه : 1 / 293 برقم 21 .
3 ـ فهرست الشيخ : 47 برقم 70 ، رجال النجاشي : 1 / 211 برقم 190 .
4 ـ رجال النجاشي : 2 / 96 برقم 689 .
5 ـ لاحظ كتاب ( كليات في علم الرجال ) حول تقييم تفسير القمي .
6 ـ رجال الكشي : 199 .
7 ـ الكافي : 2 / 599 .
8 ـ نهج البلاغة : الخطبة 81 و110 و 147 .
9ـ وشيخنا العلاّمة ( معرفة ) أحد العلماء المحقّقين في علوم القرآن تشهد بذلك موسوعته ( التمهيد في علوم القرآن ) و قد خرجت منها سبعة أجزاء ، وله كتاب ( التفسير والمفسّـرون ) ، نسأله سبحانه أن يمدَّ في حياته الكريمة .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|