أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-3-2017
1090
التاريخ: 22-11-2016
934
التاريخ: 22-11-2016
1236
التاريخ: 22-11-2016
27628
|
...بعد استقراء أحوالهم واستقصاء حالاتهم وتتبّع شؤونهم وملاحظة أنّه لم يأخذ العقلاء عليهم زلّةً قطّ مدّة حياتهم وفي حياة جميعهم ، ولم يسجّل عليهم صديق ولا عدوّ خطيئة أبداً في جميع أعمارهم ، ولم يَرَ منهم معاشروهم الأقارب والأباعد قبيحاً واحداً في مدى وجودهم ..
حتّى أنّ عدوّهم اللدود معاوية الذي شهر عليهم سيف البغي وشرع عليهم السبّ واللعن لم يستطع أن يحصي عليهم صغيرةً ولا أدنى من صغيرة ، وإلاّ لكان ينادي بها على المنابر ، بل على العكس اعترف بغاية الفضل والتقوى في أمير المؤمنين بعد توصيف عدي بن حاتم عليّاً ، حيث قال معاوية : يرحم الله أبا الحسن كان كذلك(1).
واعترف أعداؤهم بعصمتهم ونزاهتهم وورعهم مضافاً إلى سائر فضائلهم كما تلاحظه في كلمات ابن أبي الحديد المعتزلي حيث قال في شرح نهج البلاغة : « نصّ أبو محمّد بن متويه في كتاب الكفاية على أنّ علياً (عليه السلام) معصوم ... أدلّة النصوص دلّت على عصمته ، والقطع على باطنه ومغيبه »(2).
ومن ذلك قول عمر بن عبدالعزيز : « ما علمنا أحداً كان في هذه الاُمّة أزهد من علي بن أبي طالب بعد النبي » .
وقال ابن عيينة : « أزهد الصحابة علي بن أبي طالب » .
وروى سفيان بن عيينة : « ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ) سورة النازعات : (الآية 40) علي بن أبي طالب (عليه السلام) خاف فانتهى عن المعصية ونهى عن الهوى نفسه » .
وروى قتادة : « علي بن أبي طالب (عليه السلام) سيّد من اتّقى عن إرتكاب الفواحش » .
وروى أبو يوسف : « من اتّقى الذنوب علي بن أبي طالب والحسن والحسين » .
ممّا يحكم العقل ويقطع العقلاء ويجزم كلّ ذي مسكة بعد ملاحظة هذا أنّهم معصومون طاهرون ، وعن الذنوب والخطايا بعيدون .
وحيث كان هذا جارياً في جميعهم ومستمرّاً في جميع حياتهم ينكشف كون العصمة ملكة فيهم . وكيف يصدر الذنب ممّن أمر الله بطاعتهم ودعى إلى مودّتهم ، وعبّر عنهم بالصادقين ، وجعلهم من المطهّرين ؟!
وكيف يمكن الخطأ ممّن جُعلوا على لسان الشارع الأعظم مع الحقّ وجُعل الحقّ معهم ، يدور معهم الحقّ حيثما داروا ، وكانوا محور الحقّ إلى يوم القيامة ؟!
وهل يخالف حكم العقل حكم الشرع ؟
وكيف يقع الظلم والعصيان ممّن يُقسم بالله وهو الصادق الصدّيق ويقول إنّه :
« لو اُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت »(3).
وعلى الجملة ; فإنّ العقل حاكم بلزوم عصمة الإمام وكذا النبي ، والعقلاء يقضون بحتميّة عصمة النبي وخلفائه الأئمّة ، والبرهان يفضي إلى تأكّد وجود العصمة في خلفاء الرسول ..
هذا ، والأدلّة العقليّة على لزوم عصمتهم ـ التي تجري في البابين ، النبوّة والإمامة ـ كثيرة جدّاً نوّهنا عنها سابقاً ، ونختار منها ما يلي :
1 ـ أنّه لو لم يكن النبي أو الإمام معصوماً لانتفى الوثوق بقوله ، والإعتماد على وعده ووعيده فلا يطاع ولا تثمر أقواله .. ويصير نصبه عبثاً .
2 ـ أنّه يلزم علينا شرعاً وعقلا اتّباعهما للأمر بالإطاعة والإمتثال ، فلو جاز عليهم الكذب والخطأ والسهو للزم متابعتهم فيها ، ومن المعلوم أنّ الأمر باتّباع الخطأ والكذب والإشتباه قبيح بفطرة العقل .
3 ـ أنّ من الوجوه العقلية للإحتياج إليهما هو اللطف وتسديد الخلق .. فلو جاز عليهما الخطأ لاحتاجا إلى من يسدّدهما ويمنعهما من الخطأ ، وذلك المسدّد إمّا أن يكون معصوماً فيثبت المطلوب ، أو لا يكون معصوماً فيتسلسل إلى ما لا نهاية وهو باطل عقلا .
4 ـ أنّ من أغراض النبوّة والإمامة ومن فوائد النبي والإمام إقامة العدل ومنع الظلم ، وإحقاق الحقّ وإبطال الباطل ، وحسم مادّة الفتن ، وحمل الناس على الطاعة ، ومنعهم عن المعصية ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ..
فلو جاز صدور المعصية منهما لانتفت تلك الفوائد ، وإرتفعت تلك العوائد وناقضت أفعالهما مع أغراضهما .. وبالتالي سقطت وفاتت المصالح الأساسية المقتضية لنصب النبي أو الإمام بعد النبي .
5 ـ أنّه لو عصى النبي أو الإمام لاُقيمت عليهما الحدود ، ووجب إستنكار الرعيّة إيّاهما وسقط محلّهما من القلوب .. فلا ينقاد الناس لهما في الاُمور وتسقط فائدة البعثة والوصاية .
6 ـ أنّ الأنبياء والأئمّة حفظة للشرع الأقدس والدين المقدّس ، وخلفاء الله في أرضه ، وحجج الله تعالى على خلقه بأقوالهم وأفعالهم .. فلو جاز عليهم الخطأ والخطيئة والسهو لأدّى ذلك إلى التضليل والتبديل والإغراء بالجهل وهو قبيح قطعاً .. لا يفعله حكيم أبداً ، فلا ينصبهم الله يقيناً .
لذلك أفاد شيخنا الصدوق في الإكمال : « أنّه يجب عصمة الإمام (عليه السلام)لقوله عزّوجلّ : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَرْضِ خَلِيفَةً) سورة البقرة : (الآية 30) والله تعالى لا يستخلف إلاّ من له نقاء السريرة ليبعد عن الخيانة ; لأنّه لو إختار من لا نقاء له في السريرة كان قد خان خلقه .. وحاشاه عن ذلك ! وهو الذي لا يهدي كيد الخائنين »(4).
7 ـ أنّه إذا جاز صدور المعصية منهم أمكن صدور أي معصية كانت حتّى القتل والنهب والغصب ، وذلك فساد عظيم يردّه العقل ، ويأباه العقلاء فيمن يكون خليفة الله أو وصيّاً لخليفة الله .
8 ـ أنّ صدور الذنب من الراعي أفحش من صدور الذنب من الرعية ، وزلّة العالِم زلّة العالَم ، فيلزم من عصيانه أن يكون الراعي أسوء حالا من الرعيّة وأدون مرتبة من آحاد الاُمّة وهو مستهجن جدّاً .. لا يمكن أن يكون في مقام النبوّة والإمامة .
9 ـ أنّه لو صار النبي أو الإمام عاصياً صار ظالماً ، ولو صار ظالماً لبطلت نبوّته أو إمامته اللتين هما من عهد الله .. لصريح قوله عزّ إسمه : ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) سورة البقرة : (الآية 124) .
10 ـ لو كان النبي أو الإمام مثل الاُمّة يمكن عليهما الخطأ والنسيان والسهو والعصيان لكانت رئاستهما وترجيحهما على الاُمّة من هذه الجهة ترجيحاً بلا مرجّح وهو قبيح .. بل الأنبياء والأئمّة أفضل من الاُمم من جميع الجهات .. العلم والحلم ، والنزاهة والتقوى ، والفضل والفضيلة ، والعدل والمروءة ..
فيلزم رجحانهم على الاُمّة من جميع الجهات ومنها النزاهة والعصمة حتّى يكونوا أولياءهم وحجج الله على سائر الطبقات منهم ..
فيكون وصف العصمة في النبي والإمام حتميّاً إلزامياً ...
وهنا إستدلال عقلي آخر جامع أيضاً في عصمة الإمام (عليه السلام) يحسن بيانه ، وقد نقله الصدوق في العلل والعيون والمعاني والأمالي بسنده عن ابن أبي عمير أنّه قال : ما إستفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي إيّاه شيئاً أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام ، فإنّي سألته يوماً عن الإمام أهو معصوم ؟ قال : نعم ، قلت له : فما صفة العصمة فيه ؟ وبأي شيء تُعرف ؟
قال : إنّ جميع الذنوب لها أربعة أوجه : الحرص ، والحسد ، والغضب ، والشهوة ، فهذه منتفية عنه ..
لا يجوز أن يكون ـ الإمام ـ حريصاً على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه ; لأنّه خازن المسلمين فعلى ماذا يحرص ؟
ولا يجوز أن يكون حسوداً ; لأنّ الإنسان إنّما يحسد من هو فوقه ، وليس فوقه أحد فكيف يحسد من هو دونه ؟
ولا يجوز أن يغضب لشيء من اُمور الدنيا إلاّ أن يكون غضبه لله عزّ وجلّ فإنّ الله قد فرض عليه إقامة الحدود ، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم ، ولا رأفة في دينه حتّى يقيم حدود الله عزّ وجلّ .
ولا يجوز أن يتّبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة ; لأنّ الله عزّ وجلّ حبّب إليه الآخرة كما حبّب إلينا الدنيا ، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا .. فهل رأيت أحداً ترك وجهاً حسناً لوجه قبيح ؟ وطعاماً طيّباً لطعام مرّ ؟ وثوباً ليّناً لثوب خشن أو نعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية (5) ؟
وعلى الجملة ; فبالأدلّة الأربعة نستنتج بنحو القطع واليقين عصمة أهل البيت الطاهرين وسيّدهم الرسول الأمين وأولادهم الأئمّة المهديين صلوات الله عليهم أجمعين ، وأنّهم معصومون مطهّرون مبرّؤون من كلّ ذنب وقذارة ، وخطأ ومعصية ، وإثم وقبيح ، وزلّة ورذيلة ، وشكّ وسهو ..
__________________
(1) سفينة البحار : (ج6 ص185) .
(2) نقلا عن بحار الأنوار : (ج40 ص318 ب98 الأحاديث) .
(3) نهج البلاغة : (ص243 الخطبة 224 من الطبعة المصرية) .
(4) إكمال الدين : (ص10) .
(5) بحار الأنوار : (ج25 ص192 ب5 ح1) .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|