القول فيما يدّعيه الإِمامية من وجود خلفٍ لأبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا |
1001
08:51 صباحاً
التاريخ: 22-11-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
1438
التاريخ: 9-08-2015
1145
التاريخ: 9-08-2015
1098
التاريخ: 3-3-2019
1511
|
...إنّ استتار ولادة المهدي بن الحسن بن عليّ عليهم السلام عن جمهور أهله وغيرهم، وخفاء ذلك عليهم، واستمرار استتاره عنهم ليس بخارج عن العرف، ولا مخالفاً لحكم العادات، بل العلم محيطٌ بتمام مثله في أولاد الملوك والسُّوقَة (1)، لأسباب تقتضيه لا شبهة فيها على العقلاء.
فمنها: أن يكون للإِنسان ولد من جارية فد أستر تملّكها من زوجته وأهله، فتحمل منه فيخفي ذلك عن كل مَن يشفق منه أن يذكره ويستره عمّن لا يأمن إذاعة الخبر به، لئلاً يفسد الأمر عليه مع زوجته بأهلها وأنصارها، ويتم الفساد به ضرر عليه يضعف عن دفاعه عنه، وينشؤ الولد وليس أحدٌ من أهل الرجل وبني عمّه وإخوانه وأصدقائه يعرفه، ويمرّ على ذلك إلى أن يزول خوفه من الإخبار عنه، فيعرّف به إذ ذاك، وربّما تمّ ذلك إلى أن تحضره وفاته، فيعرّف به عند حضورها، وتحرّجاً من تضييع نسبه، وإيثاراً لوصوله إلى مستحقّه من ميراثه.
وقد يولد للملك ولدٌ يؤِذن به حتّى ينشؤ ويترعرع، فإن رآه على الصورة التي تعجبه …(2) وقد ذكر الناس ذلك عن جماعة من ملوك الفرس والروم (3) والهند (4) في الدولتين معاً ، فسطروا أخبارهم في ذلك، وأثبتوا قصّة كيخسرو بن سياوخش بن كيقاوس ملك الفرس (5)، الّذي جمع ملك بابل (6) والمشرق، وما كان من ستر أُمّه حملها وإخفاء ولادتها لكيخسرو، وأُمّه هذه المسمّاة بوسفا فريد بنت فراسياب ملك الترك، فخفي أمره مع الجِدِّ (7) كان من كيقاوس ـ جدّه الملك الأعظم ـ في البحث عن أمره والطلب له، فلم يظفر بذلك حيناً طويلاً.
والخبر بأمره مشهور، وسبب ستره وإخفاء شخصه معروف، قد ذكره علماء الفرس ، وأثبته محمّد بن جرير الطبري (8) في كتابه التاريخ (9).
وملخّص القصّة: أنّه وُلد لكيقاوس ابنُ، لم يُر مثله في عصره في جماله وكماله وتمام خلقه، فسمّاه أبوه سياوخش … وربّاه أحسن تربية إلى أن كبر، وكان كيقاوس تزوّج ابنة فراسياب ملك الترك، وكانت ساحرة، فهويت ابن زوجها سياوخش ودعته إلى نفسها، وأنه امتنع عليها، فلمّا رأت امتناعه عليها حاولت إفساده على أبيه، فتغير كيقاوس على ابنه، وتوجّه سياوخش لحرب فراسياب ـ لسبب منع فراسياب بعض ما كان ضمن لكيقاوس عند انكاحه ابنته إيّاه ـ مريداً بذلك البعد عن والده والتنحّي عمّا تكيده به زوجة والده، فلمّا صار سياوخش إلى فراسياب جرى بينهما صلح، وكتب بذلك سياوخش إلى أبيه يعلمه ما جرى بينه وبين فراسياب من الصلح، فكتب إليه والده بمناهضة فراسياب ومناجزته الحرب، فرأى سياوخش أنّ في فعله ما كتب به إليه أبوه عاراً عليه، فمتنع من انفاذ أمر أبيه وارسل فراسياب في أخذ الأمان لنفسه منه، فأجابه فراسياب، فلمّا صار سياوخش إلى فراسياب بوّأه وأكرمه وزوجه ابنة له يقال لها وسفافريد ثمّ لم يزل له مكرماً حتّى ظهر له أدب سياوخش وعقله وكماله ما اشفق على ملكه منه وسعى على سياوخش إلى فراسياب ابنين لفراسياب واخ، حتّى قتل فراسياب سياوخش ومثّل به، وامرأته ـ أبنة فراسياب ـ حامل منه، فطلبوا الحيلة لإسقاطها ما في بطنها فلم يسقط، فوضعوها تحت رقابة فيران إلى ان تضع ليقتل الطفل، فلمّا وضعت فراسياب حملها: كيخسرو، رقّ فيران لها وللمولود، فترك قتله وستر أمره حتّى بلغ المولود فوجّه كيقاوس إلى بلاد الترك بيّ ليبحث عن المولود ليأتي به إليه مع أُمّه، وانّ بيّ لم يزل يفحص عن أمر ذلك المولود متنكراً حيناً من الزمان فلا يعرف له خبراً ولا يدلّه عليه أحد ثم وقف بعد ذلك على خبره، فاحتال فيه وفي أُمّه حتّى أخرجهما من أرض الترك إلى كيقاوس .
إلى آخر القصة، وهي طويلة جدّاً اقتصرنا على محلّ الشاهد منها، من أرادها فليراجعها.
وللتفصيل راجع مروج الذهب 1: 250.
وهو نظير لما أنكره الخصوم في خفاء أمر ولد الحسن بن عليّ عليهما السلام، واستتار شخصه، ووجوده وولادته، بل ذلك أعجب.
ومن الناسَ من يستر ولده عن أهله مخافة شنعتهم في حقّه وطمعهم في ميراثه ما لم يكن له ولد، فلا يزال مستوراً حتّى يتمكّن من إظهار على أمان منه عليه ممّن سمّيناه.
ومنهم مَن يستر ذلك ليرغب في العقد له مَن لا يؤثر مناكحة صاحب الولد من الناس، فيتمّ له (10) في ستر ولده وإخفاء شخصه وأمره، والتظاهر بأنّه لم يتعرّض بنكاح من قبل ولا له ولدٌ من حرّة ولا أمة، وقد شاهدنا مَن فعل ذلك، والخبر عن النساء به أظهر منه عن الرجال.
واشتهر من الملوك من ستر ولدٍ وإخفاء شخصه من رعيّته لضربٍ من التدبير، وفي إقامة خليفة له، وامتحان جنده بذلك في طاعته، إذ كانوا يرون انّه لا يجوز في التدبير استخلاف مَن ليس له بنسيب مع وجود ولده ثم يُظهر بعد ذلك أمر الولد عند التمكّن من إظهاره برضى القوم، وصرف الأمر عن الولد إلى غيره، أو لعزل مستخلفٍ عن المقام، على وجه ينتظم للملك أُمور لم يكن يتمكّن من التدبير الّذي كان منه على ما شرحناه.
وغير ذلك ممّا يكثر تعداده من أسباب ستر الأولاد وإظهار موتهم، واستتار الملوك أنفسهم، والإرجاف بوفاتهم، وامتحان رعاياهم بذلك، وأغراض لهم معروفة قد جرت من المسلمين بالعمل عليها العادات.
وكم وجدنا من نسيب ثبت بعد موت أبيه بدهرٍ طويل، ولم يكن أحد من الخلق يعرفه بذلك حتّى شهد له بذلك رجلان مسلمان، وذلك لداعٍ دعا الأب إلى ستر ولادته عن كلّ أحد من قريب وبعيد، إلاّ مَن شهد به من بعد عليه بإقراره به على الستر لذلك والوصية بكتمانه، أو بالفراش الموجب لحكم الشريعة إلحاق الولد بوالده.
فصل :
وقد أجمع العلماء من الملل على ما كان من ستر ولادة أبي إبراهيم الخليل عليه السلام وأُمّه لذلك، وتدبيرهم في إخفاء أمره عن ملك زمانه لخوفهم عليه منه (11).
وبستر ولادة موسى بن عمران عليه السلام، وبمجيء القرآن بشرح ذلك على البيان، والخبر بأنّ أُمّه ألقته في اليمّ على ثقةٍ منها بسلامته وعوده إليها، وكان ذلك منها بالوحي إليها به بتدبير الله جلّ وعلا لمصالح العباد (12).
فما الّذي ينكر خصوم الإِماميّة من قولهم في ستر الحسن عليه السلام ولادة ابنه المهديّ عن أهله وبني عمّه وغيرهم من الناس، وأسباب ذلك أظهر من أسباب ستر من عددناه وسمّيناه...
والخبر بصحّة ولد الحسن عليه السلام قد ثبت بأوكد ما تثبت به أنساب الجمهور من الناس، إذ كان النسب يثبت: بقول القابلة، ومثلها من النساء اللاتي جرت عادتهنّ بحضور ولادة النساء وتوليّ معونتهم عليه، وباعتراف صاحب الفراش وحده بذلك دون مَن سواه، وبشهادة رجلين من المسلمين على إقرار الأب بنسب الابن منه.
وقد ثبتت أخبار عن جماعة من أهل الديانة والفضل والورع والزهد والعبادة والفقه عن الحسن بن عليّ عليهما السلام: أنّه اعترف بولده المهديّ عليه السلام، وآذنهم بوجوده، ونصّ لهم على إمامته من بعده، وبمشاهدة بعضهم له طفلاً، وبعضهم له يافعاً وشاباً كاملاً، وإخراجهم إلى شيعته بعد أبيه الأوامر والنواهي والأجوبة عن المسائل، وتسليمهم له حقوق الأئمّة من أصحابه.
وقد ذكرتُ اسماء جماعة مّمن وصفتُ حالهم من ثقات الحسن بن عليّ عليهما السلام وخاصّته المعروفين بخدمته والتحقيق به، وأثبتُ ما رووه عنه في وجود ولده ومشاهدتهم من بعده وسماعهم النصّ بالإِمامة عليه.
وذلك موجود في مواضع من كتبي، وخاصّة في كتابيّ المعروف أحدهما:
بـ الارشاد في معرفة حجج الله على العباد، والثاني: بـ الايضاح في الإٍمامة والغيبة (13).
ووجود ذلك فيما ذكرت يغني عن تكلّف إثباته في هذا الكتاب.
__________________
(1) هم بمنزلة الرعيّة التي تسوسها الملوك، سمّوا بذلك لأن الملوك يسوقونهم فينساقون لهم.
لسان العرب: 10: 170 سوق.
(2) كذا في جميع النسخ، ويصلح أن يكون مكانه عبارة: فيؤذن به ويعلن عنه، وإلاّ فلا.
(3) جيل معروف في بلادٍ واسعة، واختلف في أصل نسبهم، فقيل: انّهم من وُلد روم بن سماحيق … بن إبراهيم عليه السلام، وحدود الروم: من الشمال والشرق: الترك والخزر ورسّ وهم الروس، ومن الجنوب: الشام والاسكندرية، ومن المغرب: البحر والاندلس وكانت الرقة والشامات كلّها تعدّ في حدود الروم أيام الأكاسرة.
معجم البلدان 3: 97 ـ 98.
(4) دولة في جنوب آسيا، يحدّها من الغرب باكستان الغربية، ومن الشمال الصين ونيبال، ومن الشرق بورما وباكستان الشرقية، عاصمتها نيودلهي.
المنجد: 731.
(5) هذه الأسماء وردت مضطربة في النسخ: وما أثبتناه من س والمصدر.
ففي ع: كيسخرو بن سواخس وكنفار بن ملك الفرس.
وفي ل. ر: كسيخرو بن سواخس وكنفان بن ملك الفرس.
وفي ط: كيخسرو أو ابن سياوخش وكيقاوس ملك الفرس.
وفي المصادر الفارسية: كيخسرو بن سياوش بن كيكاوس.
(6) ناحية من الكوفة والحلّة، وكان ينزلها الكلدانيون، ويقال: اوّل من سكنها نوح عليه السلام بعد الطوفان.
معجم البلدان 1: 309.
(7) أي: الإجتهاد، ويحتمل أن تكون العبارة هكذا: مع الجِدّ وما كان من …
(8) أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، المؤرخ، عامي، ولد بآمل طبرستان سنة 224 وتوفي سنة 310 ببغداد، له مؤلّفات كثيرة منها التفسير الكبير وكتاب طرق حديث الغدير الّذي قال الذهبي: إنّي وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه.
وامّا كتابه التاريخ (تاريخ الأَمم والملوك) فهو من أحسن كتب التاريخ، جمع فيه أنواع الأخبار وروى فنون الآثار واشتمل على صنوف العلم.
النجاشي: 322 رقم 879، الكنى والألقاب 1: 236 ـ 237.
(9) تاريخ الأَمم والملوك (تاريخ الطبري) 1/504 ـ 509.
(10) أي: العقد.
(11) تاريخ الطبري 1: 234، كمال الدين 1: 138 رقم 1، قصص الأنبياء: 103.
(12) راجع سورة القصص 28: 7 ـ 13، وسورة طه 20: 38 ـ 40.
وللتفصيل راجع: كمال الدين 1: 147 رقم 13، قصص الأنبياء: 148 ـ 150.
(13) بدأ فيه بردّ شبهات العامّة وأدلّتهم على إثبات الخلافة، ثمّ ذكر أدلّة إمامة المعصومين عليهم السلام، له نسخة في مكتبة السيّد راجه محمّد مهدي في ضلع فيض آباد الهند.
وما ربّما يتوهّم من كونه متحداً مع الإِفصاح فهو بعيد جدّاً، لأنّ ما أحال عليه في هذا الكتاب في عدّة موارد غير موجود في الإِفصاح، وصرّح النجاشي بتعدّدهما.
راجع: النجاشي: 399، الذريعة 2: 490 رقم 1925.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|