أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-09-2015
1755
التاريخ: 16-11-2014
1858
التاريخ: 2024-10-05
293
التاريخ: 16-10-2014
3273
|
قال الراغب : اختلف الناس في تفسير القرآن ، هل يجوز لكل ذي علم الخوض فيه ؟ فبعض تشدد في ذلك ، وقال : لا يجوز لاحد تفسير شيء من القرآن ، وان كان عالما اديبا ، متسعا في معرفة الادلة والفقه والنحو والاخبار والاثار وانما له ان ينتهي الى ما روي عن النبي (صلى الله عليه واله) ، وعن الذين شهدوا التنزيل من الصحابة ، والذين اخذوا عنهم من التابعين واحتجوا في ذلك بما روي عنه (عليه السلام ) : (من فسر القرآن برايه فليتبوا مقعده من النار) ، وقوله : (من فسر القرآن برايه فأصاب فقد اخطأ) وفي خبر : (من قال في القرآن برايه فقد كفر).
قال : وذكر آخرون ان من كان ذا ادب وسيع ، فموسع له ان يفسره ، فالعقلاء الادباء فوضى فضا في معرفة الاغراض واحتجوا في ذلك بقوله تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص : 29] .
وذكر بعض المحققين ان المذهبين هما : الغلو والتقصير ، فمن اقتصر على المنقول اليه فقد ترك كثيرا مما يحتاج اليه ، ومن اجاز لكل احد الخوض فيه فقد عرضه للتخليط ، ولم يعتبر حقيقة قوله تعالى : (ليدبروا آياته وليتذكر اولوا الا لباب).
قال : والواجب ان يبين اولا ما ينطوي عليه القرآن ، وما يحتاج اليه من العلوم ، فنقول وباللّه التوفيق .
ان جميع شرائط الايمان والاسلام التي دعينا اليها واشتمل القرآن عليها ضربان : علم غايته الاعتقاد ، وهو الايمان باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وعلم غايته العمل ، وهو معرفة احكام الدين والعمل بها.
والعلم مبدا ، والعمل تمام ولا يتم العلم من دون عمل ، ولا يخلص العمل دون العلم ، ولذلك لم يفرد تعالى احدهما من الاخر في عامة القرآن ، نحو قوله : {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا} [التغابن : 9] ، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النحل : 97] {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد : 29].
ولا يمكن تحصيل هذين (العلم والعمل ) الا بعلوم لفظية ، وعقلية ، وموهبية : .
فالأول : معرفة الالفاظ ، وهو علم اللغة .
والثاني : مناسبة بعض الالفاظ الى بعض ، وهو علم الاشتقاق .
والثالث : معرفة احكام ما يعرض الالفاظ من الابنية والتصاريف والاعراب ، وهو النحو.
والرابع : ما يتعلق بذات التنزيل ، وهو معرفة القراءات .
والخامس : ما يتعلق بالأسباب التي نزلت عندها الآيات ، وشرح الاقاصيص التي تنطوي عليها السور ، من ذكر الانبياء(عليه السلام)و القرون الماضية ، وهو علم الاثار والاخبار.
والسادس : ذكر السنن المنقولة عن النبي (صلى الله عليه واله)و عمن شهد الوحي ، وما اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه ، مما هو بيان لمجمل ، او تفسير لمبهم المنبأ عنه بقوله تعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44] وبقوله : {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } [الأنعام : 90] ، وذلك علم السنن .
والسابع : معرفة الناسخ والمنسوخ ، والعموم والخصوص ، والاجماع والاختلاف ، و المجمل والمفسر ، والقياسات الشرعية ، والمواضع التي يصح فيها القياس ، والتي لا يصح ، وهو علم اصول الفقه .
والثامن : احكام الدين وآدابه ، وآداب السياسات الثلاث التي هي سياسة النفس والاقارب والرعية ، مع التمسك بالعدالة فيها ، وهو علم الفقه والزهد.
والتاسع : معرفة الادلة العقلية ، والبراهين الحقيقية ، والتقسيم والتحديد ، والفرق بين المعقولات والمظنونات وغير ذلك ، وهو علم الكلام .
والعاشر : وهو علم الموهبة ، وذلك علم يورثه اللّه من عمل بما علم قال امير المؤمنين (عليه السلام ) : قالت الحكمة : من ارادني فليعمل بأحسن ما علم ، ثم تلا {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر : 18] وروي عنه (عليه السلام)حيث سئل : هل عندك علم عن النبي لم يقع الى غيرك ؟ قال : (لا ، الا كتاب اللّه ، وما في صحيفتي ، وفهم يؤتيه اللّه من يشاء). وهذا هو التذكر الذي رجانا اللّه تعالى ادراكه بفعل الصالحات ، حيث قال : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل : 90] ، وهو الهداية المزيدة للمهتدي في قوله : {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد : 17] ، وهو الطيب من القول المذكور : {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ } [الحج : 24] .
فجملة العلوم التي هي كالالة للمفسر ، ولا تتم صناعته الا بها ، هي هذه العشرة : علم اللغة ، والاشتقاق ، والنحو ، والقراءات ، والسير ، والحديث ، واصول الفقه ، وعلم الاحكام ، وعلم الكلام ، وعلم الموهبة .
فمن تكاملت فيه هذه العشرة واستعملها ، خرج عن كونه مفسرا للقرآن برايه ومن نقص عن بعض ذلك مما ليس بواجب معرفته في تفسير القرآن ، واحس من نفسه في ذلك بنقصه ، واستعان بأربابه ، واقتبس منهم ، واستضاء بأقوالهم ، لم يكن ـ ان شاء اللّه ـ من المفسرين برايهم .
واخيرا قال : ومن حق من تصدى للتفسير ان يكون مستشعرا لتقوى اللّه ، مستعيذا من شرور نفسه والاعجاب بها ، فالإعجاب اس كل فساد وان يكون اتهامه لفهمه اكثر من اتهامه لفهم اسلافه الذين عاشروا الرسول وشاهدوا التنزيل وباللّه التوفيق (1) .
ولقد احسن واجاد فيما افاد ، وادى الكلام حقه في بيان الشرائط التي يجب توفرها في كل مفسر ، حتى يخرج عن كونه مفسرا برايه ، وبشرط ان يراعي تقوى اللّه ، فلا يقول في شيء بغير علم ولا كتاب منير. قال جلال الدين السيوطي : ولعلك تستشكل علم الموهبة ، وتقول : هذا شيء ليس في قدرة الانسان وليس كما ظننت من الاشكال ، والطريق في تحصيله ارتكاب الاسباب الموجبة له من العمل والزهد قال الامام بدرالدين الزركشي : اعلم انه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي ، ولا يظهر له اسراره ، وفي قلبه بدعة او كبر او هوى او حب الدنيا ، او هو مصر على ذنب ، او غير متحقق بالأيمان ، او ضعيف التحقيق ، او يعتمد على قول مفسر ليس عنده علم ، او راجع الى معقوله وهذه كلها حجب وموانع بعضها آكد من البعض قال السيوطي : وفي هذا المعنى قوله تعالى : {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف : 146] قال سفيان بن عيينة : يقول تعالى : انزع عنهم فهم القرآن (2) .
قلت : وهكذا قوله تعالى : {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } [الواقعة : 77 - 79] فلا تتجلى حقائق القرآن ومعارفه الرشيدة الا لمن خلص باطنه وزكت نفسه عن الادناس والارجاس .
قال الامام امير المؤمنين (عليه السلام)ـ في خطبة خطبها بذي قار ـ : (ان علم القرآن ليس يعلم ما هو الا من ذاق طعمه ، فعلم بالعلم جهله ، وبصر به عماه ، وسمع به صممه ، وادرك به علم ما فات ، وحيي به بعد اذ مات ، واثبت به عند اللّه الحسنات ، ومحا به السيئات ، وادرك به رضوانا من اللّه تبارك وتعالى ، فاطلبوا ذلك من عند اهله خاصة ) (3) .
وقال ـ في حديث آخر ـ : (ان اللّه قسم كلامه ثلاثة اقسام ، فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه الا من صفا ذهنه ولطف حسه وصح تمييزه ، ممن شرح اللّه صدره للإسلام ، وقسما لا يعلمه الا اللّه وامناؤه والراسخون في العلم ) (4) .
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال : 29] ، وقال : {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة : 282].
___________________________
1- مقدمته في التفسير ، ص 93 ـ 97.
2- اخرجه ابن ابي حاتم ، الاتقان ، ج4 ، ص 188.
3- الوسائل ، ج18 ، ص 137 ، رقم 26 عن روضة الكافي ، ج8 ، ص 390 ـ 391 ، رقم586 .
4- الوسائل ، ج18 ، ص 143 ، رقم44 عن كتاب الاحتجاج ، ج1 ، ص 376.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|