أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2017
683
التاريخ: 5-10-2017
1044
التاريخ: 8-2-2017
642
التاريخ: 8-2-2017
747
|
[الجواب] :
نكتفي في إيراد أقوال المانعين لإقامة المولد النبوي بإيراد فتوى الشيخ عبد العزيز بن عبد اللّه بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية و الإفتاء و الدعوة و الإرشاد في المملكة العربية السعودية حيث قال:
لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) و لا غيره لأنّ ذلك من البدع المحدثة في الدين .... (1) أمّا من يرى استحباب الاحتفال بذكرهم فإنّه يستدل على صحّة ذلك بأنّ جلّ مناسك الحجّ احتفال بذكرى الأنبياء والأولياء، كما سنذكر أمثلة منه فيما يأتي:
[جلّ مناسك الحجّ احتفال بذكرى الأنبياء و الأولياء] :
أ- مقام إبراهيم :
قال سبحانه و تعالى : {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] .
وفي صحيح البخاري (2) ما ملخّصه :
أن إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) لمّا كانا يبنيان البيت، جعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتّى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر، فوضعه له، فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة.
وفي رواية بعدها: حتّى ارتفع البناء و ضعف الشيخ على نقل الحجارة، فقام على حجر المقام، فجعل يناوله الحجارة.
إنّ اللّه سبحانه أمر الناس- كما هو واضح- أن يتبرّكوا بموطإ قدمي إبراهيم (عليه السلام) في بيته الحرام ويتّخذوا منه مصلّى، احياء لذكرى إبراهيم و تخليدا، و ليس فيه شيء من أمر الشرك باللّه جلّ اسمه.
ب- الصفا والمروة :
قال اللّه سبحانه: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] .
وروى البخاري ما ملخّصه :
أنّ هاجر لمّا تركها إبراهيم (عليه السلام) مع ابنها إسماعيل بمكّة ونفد ماؤها عطشت وعطش ابنها و جعل يتلوى، فانطلقت إلى جبل الصفا كراهية أن تنظر إليه، فقامت عليه تنظر هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، فهبطت من الصّفا حتّى إذا بلغت الوادي، سعت سعي الإنسان المجهود حتّى جاوزت الوادي، ثمّ أتت المروة فقامت عليها و نظرت هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، فعلت ذلك سبع مرّات.
قال ابن عبّاس: قال النبي ( صلى الله عليه [ واله ] ) : فذلك سعي الناس بينهما- الحديث (3).
جعل اللّه السّعي بين الصّفا و المروة من مناسك الحجّ، إحياء لذكرى سعي هاجر بينهما و احتفالا بعملها، و استحباب الهرولة في محلّ الوادي الّذي سعت فيه هاجر سعي الإنسان المجهود، إحياء لذكرى هرولتها هناك.
ج- رمي الجمار:
روى أحمد و الطيالسي في مسنديهما عن رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) أنّه قال :
إنّ جبريل ذهب بإبراهيم عليه السلام إلى جمرة العقبة، فعرض له الشّيطان، فرماه بسبع حصيات، فساخ. ثمّ أتى الجمرة الوسطى، فعرض له الشّيطان، فرماه بسبع حصيات، فساخ. ثمّ أتى الجمرة القصوى، فعرض له الشّيطان، فرماه بسبع حصيات، فساخ ... (4).
هكذا جعل اللّه إحياء ذكرى رمي إبراهيم عليه السلام الشيطان و الاحتفال بذكره من مناسك الحجّ.
د- الفدية:
قال اللّه سبحانه في قصّة إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } [الصافات: 101 - 107].
وكذلك جعل اللّه إحياء ذكرى فداء إبراهيم عليه السلام ابنه إسماعيل عليه السلام و إرسال اللّه الكبش فدية له و الاحتفال بها من مناسك الحجّ، و أمر الحجّاج بالفدية في منى اقتداء بإبراهيم عليه السلام واحتفالا بذكرى موقفه من طاعة اللّه.
في مقام إبراهيم عليه السلام ، انتشرت البركة من قدمي إبراهيم عليه السلام إلى موطئ قدميه، وأمر اللّه باتّخاذه مسجدا في بيته الحرام، و جعله اللّه من مناسك الحج إحياء لذكره.
وفي ما يأتي نذكر انتشار البركة من آدم عليه السلام أبي البشر.
انتشار البركة من آدم عليه السلام و الاحتفال بذكره :
وفي بعض الأخبار أن اللّه جلّ اسمه تاب على آدم عليه السلام عصر التّاسع من ذي الحجّة بعرفات، ثمّ أفاض به جبرائيل عند المغيب إلى المشعر الحرام، و بات فيه ليلة العاشر يدعو اللّه و يشكره على قبول توبته. ثمّ أفاض منه صباحا إلى منى و حلق فيه رأسه يوم العاشر إمارة لقبول توبته و عتقه من الذنوب، فجعل اللّه ذلك اليوم عيدا له و لذرّيّته، و جعل كلّ ما فعله آدم أبد الدهر من مناسك الحجّ لذرّيّته، يقبل توبتهم عصر التاسع بعرفات، و يذكرون اللّه ليلا بالمشعر الحرام، و يحلقون رءوسهم يوم العاشر بمنى. ثمّ أضيف إلى هذه المناسك ما فعله بعد ذلك إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام و هاجر، و تمّت بها مناسك الحجّ للنّاس كما ذكرناه سابقا.
إذا، فإنّ أعمال الحجّ كلّها تبرّك بتلك الأزمنة و الأمكنة الّتي حلّ بها عباد اللّه الصّالحون أولئك، و كلّها احتفال بذكرهم أبد الدهر.
وفي ما يأتي نضرب مثالا لانتشار الشؤم- أيضا- إلى المكان من المكين.
انتشار الشؤم إلى المكان من المكين :
روى مسلم أنّ رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) عام تبوك نزل بالناس الحجر عند بيوت ثمود، فاستسقى الناس من الآبار الّتي كان يشرب منها ثمود، فعجنوا منها و نصبوا القدور باللّحم. فأمرهم رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) فأهرقوا القدور وعلفوا العجين الإبل. ثمّ ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر الّتي كانت تشرب منها الناقة و نهاهم أن يدخلوا على القوم الّذين عذّبوا، قال: إنّي أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم (5).
وفي لفظ مسلم: و لا تدخلوا مساكن الّذين ظلموا أنفسهم إلّا أن تكونوا باكين، حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم. ثمّ زجر و أسرع حتّى خلفها.
وفي لفظ البخاري: ثمّ قنع رأسه و أسرع السّير حتّى أجاز الوادي و في رواية أخرى بمسند أحمد: و تقنّع بردائه و هو على الرحل (6).
منشأ الشؤم و البركة في المكان :
من أين نشأ شؤم بلاد ثمود و آبار ثمود و انتشر منها إلى غيرها عدا أنه نشأ من قوم ثمود، و انتشر منهم إلى بلادهم و آبارهم، و بقي فيها إلى عصر خاتم الأنبياء( صلى الله عليه [ واله ] ) ، و إلى ما شاء اللّه. و من أين نشأ فضل بئر ناقة صالح عليه السلام عدا ما كان من شرب ناقة صالح عليه السلام منها، و انتشر الفضل منها إلى البئر، و بقي فيها إلى عصر خاتم الأنبياء( صلى الله عليه [ واله ] ) ، و إلى ما شاء اللّه.
وليست ناقة صالح عليه السلام و بئرها بأكرم على اللّه من إسماعيل عليه السلام و بئره زمزم، بل كذلك جعل اللّه البركة في زمزم من بركة إسماعيل عليه السلام أبد الدهر.
وكذلك شأن انتشار البركة مما يفيضه اللّه على عباده الصّالحين في أزمنة خاصّة مثل بركة يوم الجمعة.
بركة يوم الجمعة :
في صحيح مسلم: «أنّ اللّه خلق آدم يوم الجمعة، و أدخله الجنة يوم الجمعة ...» (7) .
هذا و غيره ممّا أفاضه اللّه على عباده الصّالحين في يوم الجمعة، خلّد البركة في يوم الجمعة أبد الدهر.
البركة في شهر رمضان :
وكذلك الشأن في بركة شهر رمضان؛ فقد قال سبحانه : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185] .
وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ... } [القدر: 1 - 3].
إذا فقد انتشرت البركة من ليلة القدر الّتي أنزل فيها القرآن على خاتم أنبياء اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) إلى جميع أزمنة شهر رمضان، و تخلّدت البركة في ذلك الشّهر من تلك اللّيلة إلى أبد الدهر.
هكذا وجدنا انتشار البركة من الزمان المبارك و المكان المبارك بما بارك به على أصفيائه، و أمرنا اللّه بأن نقتدي بعمل أصفيائه، و نقلّد أعمالهم في أزمنتها و أمكنتها، احتفالا بذكرهم و إحياء لأمرهم، و لتشملنا البركة الّتي عمّتهم. و ما المانع الشرعي من القيام بالاحتفال بأمثالها من المناسبات الإسلامية كميلاد الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) ، و ليلة أسري به( صلى الله عليه [ واله ] ) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، و يوم بعثه( صلى الله عليه [ واله ] ) اللّه رحمة للعالمين؟
بعد انتهائنا من الإشارة إلى رجحان الاحتفال بذكرى أصفياء اللّه، نؤكد أنّنا نقصد من الاحتفال بذكرى أصفياء اللّه- مثلا- قراءة سيرة رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) الصحيحة غير المحرّفة في ليلة ميلاده( صلى الله عليه [ واله ] ) ، و إطعام الطّعام في سبيل اللّه و إهداء ثوابه لرسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) مع الاجتناب من القيام بأعمال ابتدعها بعض المتصوّفة.
__________________
(1) صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 3/ 12/ 1984 في مقال تحت عنوان( حكم الاحتفال بالمولد النبويّ و غيره من الموالد).
(2) صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب يزفون النسلان في المشي، 2/ 158 و 159.
(3) صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب يزفون النسلان في المشي، 2/ 158، و راجع معجم البلدان، مادة:( زمزم)، و ذكر تاريخ إسماعيل (عليه السلام) من تاريخ الطبري و ابن الأثير.
(4) مسند أحمد 1/ 306، و قريب منه في 127. و مسند الطيالسي ح 2697. و راجع مادة:( الكعبة) من معجم البلدان؛ و تاريخ إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام من تاريخ الطبري و ابن الأثير، و ساخت قوائمه في الأرض: غاصت في الأرض.
(5) أورده مسلم باختصار في صحيحه، كتاب الزهد و الرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الّذين ظلموا أنفسهم ... ح 40، و اللفظ لمسند أحمد 2/ 117. و صحيح البخاري، كتاب المغازي باب نزول النبيّ( ص) الحجر. و الطبري في خبر ثمود، ط. أوربا 1/ 250.
(6) مسند أحمد 2/ 66.
(7) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، ح 17 و 18.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|