أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2014
22815
التاريخ: 25-04-2015
1548
التاريخ: 2024-09-02
222
التاريخ: 23-09-2015
5631
|
مـمـا يـجـدر الـتنبه له ان الدور الاول على عهد الرسالة ، كان دور تربية وتعليم ، ولا سيما بعد الـهـجـرة الـى الـمدينة ، كان النبي (صلى الله عليه واله ) قد ركز جل حياته على تربية اصحابه الاجلاء وتعليمهم الآداب والـمـعـارف ، والـسـنـن والاحـكـام ولـيـجـعـل مـنـهم {أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة : 143] ، فقد جاء (صلى الله عليه واله ) {ليَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [الجمعة : 2] .
ولا شك انه (صلى الله عليه واله ) فعل ما كان من شانه ان يفعل وربى من اصحابه ثلة من علماء ورثوا علمه وحملوا حكمته الى الملاء من الناس .
واذا كـان الـقـرآن {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل : 89] ، وقد بـلـغه النبى (صلى الله عليه واله ) الى الناس ، فقد بين معالمه وارشدهم الى معاني حكمه ومعاني آياته ، اذ كان عليه الـبـيـان كـمـا كـان عـلـيـه الـبـلاغ {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل : 44] .
وهـل كـان دور النبي (صلى الله عليه واله ) في امته ، وفي اصحابه الخلص بالخصوص ، سوى دور معلم ومرشد حـكـيـم ؟ فـلقد كان (صلى الله عليه واله ) حريصا على تربيتهم وتعليمهم في جميع ابعاد الشريعة ، وبيان مفاهيم الاسلام .
هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ، فان من صحابته الاخيار ـ ممن رضي اللّه عنهم ورضوا عنه ـ من كان على وفرة من الذكاء ، طالبا مجدا في طلب العلم والحكمة والرشاد ، مولعا بالسؤال والازدياد من معارف الاسلام ، وكانوا اكثر من ذوي النباهة والفطنة والاستعداد {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب : 23] ، واستقاموا على الطريقة ، فسقاهم ربهم {مَاءً غَدَقًا} [الجن : 16] .
وقد عرفت كلام ابن مسعود : (كان الرجل منا اذا تعلم عشر آيات ، لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن ) (1) .
وهو اقدم نص تاريخي يدلنا على مبلغ اهتمام الصحابة بمعرفة معاني القرآن واجتهادهم في العمل بأحكامه .
وهذا الامام امير المؤمنين (عليه السلام ) يقول ـ بشان ما كان يصدر منه من عجائب احكام وغرائب اخبار ـ : (و انـمـا هـو تعلم من ذي علم ، علم علمه اللّه نبيه فعلمنيه ، ودعا لي بان يعيه صدري ، وتضطم عليه جوانحي ) (2) .
وهذا ابن عباس ـ تلميذه الموفق ـ كان من احرص الناس على تعلم العلم ومعرفة الاحكام والحلال والـحـرام مـن شـريـعة الاسلام وكان قد تدارك ـ لشدة حرصه في طلب العلم ـ ما فاته ايام حياة النبي (صلى الله عليه واله ) لصغره (3) بمراجعة العلماء من صحابته الكبار بعد وفاته (صلى الله عليه واله ) ، وقد كان النبي قد دعا له : (اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين ، واجعله من اهل الايمان ) (4) .
روى الحاكم في المستدرك بشان حرصه على طلب العلم : انه بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه واله ) قال لرجل من الانـصـار : هلم ، فلنطلب العلم ، فان اصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه واله ) احيا فقال : عجبا لك يا ابن عباس ، ترى الـناس يحتاجون اليك ، وفي الناس من اصحاب رسول اللّه من فيهم فاقبل ابن عباس يطلب العلم ، قال : ان كـان الـحـديـث لـيـبـلغني عن الرجل من اصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه واله ) قد سمعه منه ، فتيه فاجلس بـبـابـه ، فتسفي الريح على وجهي ، فيخرج الى فيقول : يا ابن عم رسول اللّه ، ما جاء بك ، ما حاجتك ؟ فأقول : حـديـث بـلـغـني عنك ترويه عن رسول اللّه ، فيقول : الا ارسلت الي ؟ آتيك (5) .
ومن ثم كان يسمى (البحر) لكثرة علمه وعن مجاهد : هو حبر الامة وعن ابن الحنفية : رباني هذه الامة (6) ، الى غيرها من تعابير تنم عن مدى رفعته في درجات العلم .
وقـد كـان يجلس للتفسير فيقع موضع اعجاب قال ابو وائل : حججت انا وصاحب لي ، وابن عباس على الحج ، فجعل يقرا سورة النور ويفسرها فقال صاحبي : يا سبحان اللّه ، ماذا يخرج من راس هذا الـرجل ، لو سمعت هذا الترك لأسلمت وفي رواية عن شقيق : ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله ، لـو سـمـعـتـه فـارس والـروم لأسلمت وقـال عـبد اللّه بن مسعود : نعم ترجمان القرآن ابن عباس (7) .
واسلفنا حديث مسروق بن الاجدع : وجدت اصحاب محمد(صلى الله عليه واله ) كالأخاذ ، فالأخاذة تكفي الراكب ، والاخـاذة تـكفي الراكبين ، والاخاذة تكفي الفئام من الناس وفي لفظ آخر : لو نزل به اهل الارض لا صدرهم (8) .
كـنـايـة عـن انهم كانوا على درجات من العلم ، كانوا يصدرون الناس عن روى كان مستقاه ومادته الاولـى ، هـو الـنـبـي الاكرم (صلى الله عليه واله ) هو رباهم وادبهم فاحسن تأديبهم ، وان كانوا هم على تفاوت في استعداد الاخذ والتلقي { أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد : 17] .
وبـعـد ، فـاذ كـانت تلك حالة العلماء من اصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه واله ) لا يصدرون الناس الا عن مصدر الـوحـي الامين ، ولا ينطقون الا عن لسانه الناطق بالحق المبين ، فكيف يا ترى مبلغ اعتبار ما يصدر عن ثلة ، هم حملة علم الرسول ، والحفظة على شريعته الأمناء؟ نعم كان الشرط في الحجية والاعتبار اولا : صحة الاسناد اليهم ، وثانيا : كونهم من الطراز الاعلى واذ قـد ثبت الشرطان ، فلا محيص عن جواز الاخذ وصحة الاعتماد ، وهذا لا شك فيه بعد الذي نوهنا.
انـمـا الـكلام في اعتبار ذلك حديثا مسندا ومرفوعا الى النبي (صلى الله عليه واله ) ، بالنظر الى كونه الاصل في تربيتهم وتعليمهم ، او انه استنباط منهم ، لمكان علمهم وسعة اطلاعهم فربما أخطأوا في الاجتهاد ، وان كانت اصابتهم في الراي ارجح في النظر الصحيح .
الامر الذي فصل القوم فيه ، بين ما اذا كان للراي والنظر مدخل فيه ، فهذا موقوف على الصحابي ، لا يـصـح اسناده الى النبي (صلى الله عليه واله ) و ما اذا لم يكن كذلك ، مما لا سبيل الى العلم به الا عن طريق الوحي ، فـهو حديث مرفوع الى النبي (صلى الله عليه واله ) لا محالة ، وذلك لموضع عدالة الصحابي ووثاقته في الدين فلا يخبر عما لا طريق للحس اليه ، الا اذا كان قد اخبره ذو علم عليم صادق امين .
واليك بعض ما ذكره القوم بهذا الشأن :
قـال الـعـلامـة الـطـبـاطـبـائي ـ عـنـد تفسير قوله تعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44] ـ :
وفـي الايـة دلالة على حجية قول النبى (صلى الله عليه واله ) في بيان الايات القرآنية ، ويلحق به بيان اهل بيته ، لـحـديـث الـثـقلين المتواتر وغيره واما سائر الامة من الصحابة او التابعين او العلماء ، فلا حجية لبيانهم ، لعدم شمول الاية وعدم نص معتمد عليه ، يعطي حجية بيانهم على الاطلاق .
قـال : هذا كله في نفس بيانهم المتلقي بالمشافهة واما الخبر الحاكي له ، فما كان منه بيانا متواترا او مـحـفـوفا بقرينة قطعية وما يلحق به ، فهو حجة لكونه بيانهم واما ما لم يكن متواترا ولا محفوفا بالقرينة ، فلا حجية فيه ، لعدم احراز كونه بيانا لهم .
قـال : وامـا قـولـه تعالى : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النحل : 43] فانه ارشاد الى حكم العقلاء برجوع الجاهل الى العالم ، من غير اختصاص بطائفة دون اخرى (9) .
____________________________
1- تفسير الطبري ، ج1 ، ص 27 و30.
2- نهج البلاغة ، خ128 ، ص 186(صلى الله عليه واله).
3- ولد قبل الهجرة بثلاث سنين .
4- اخرجه الحاكم وصححه المستدرك ، ج3 ، ص 536.
5- المستدرك ، ج3 ، ص 538.
6- المصدر نفسه ، ص 535.
7- المستدرك ، ج3 ، ص 537.
8- التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 36.
9- الميزان ، ج12 (ط اسلامية ) ، ص 278.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|