لمكة أهمية كبيرة في التاريخ العربي والاسلام؛ ففيها ولد النبي، وعاش، وبلغ رسالته لمدة عشر سنوات. وكان لأوضاعها الدينية والاجتماعية الاثر الأكبر في تكوين آرائه ومعتقداته. فقد اقر الإسلام بعضها، وعدل بعضاً، وهاجم الكثير مما كان سائدا فيها من معتقدات وأوضاع. فمعرفة أحوالها ضرورية لفهم الأساس الذي قام عليه الإسلام الأول. وكانت في مكة، عند ظهور الإسلام، إدارة خاصة لا تعتمد على السلطة التنفيذية، بل على الاقناع، كما كانت مركزا تجارياً نشطاً وسع أفق نظر أهلها، واعانهم على الاطلاع على البلاد المجاورة واحوالها، ونظمها. كما انها كانت من اكبر المراكز الدينية في الجزيرة، يؤمها من مختلف انحاء الجزيرة عدد كبير من القبائل المختلفة. وقد ساعد هذا على اكساب أهلها سعة نظر ومرونة في معاملتهم الناس. فكانت مكة مدرسة دربت إداريين استطاعوا بعد الفتح الإسلامي ان يديروا الإمبراطورية الجديدة بنجاح وتوفيق.