بنو كندة :

كانت دولة بني كندة مملكة نشأتها جماعة من قبيلة بني كندة في نجد ودومة الجندل، وكان بنو كندة أيضاً كاللخميين والغساسنة من القبائل المهاجرة، وكانوا طبقا للروايات العربية يعيشون في البداية على حدود حضرموت في الجنوب، ثم هاجروا شمالا تحت ضغط من الحضرموتيين او بسبب ترك ملك اليمن الحميري لإمارة بعض قبائل الشمال في يد أمير بني كندة، فسكنوا في المنطقة المعروفة ببطن عاقل في نجد، وكانت هذه الدويلة تعد تابعة للدولة الحميرية باليمن، وكانت لها علاقات متشابكة بالدولتين المعاصرتين لها اي اللخميين والغساسنة.

ومؤسس الدولة الكندية هو حجر من عمرو الملقب بآكل المرار (1) الذي تحدث أخبار العرب عن حسن سياسته وعن الإنتصارات التي حققها عن اللخميين، ومن بعده أتى ولده عمرو ولقب بالمقصور لأنه لم يضف الى ملك أبيه شيئا.

ويعد الحارث الابن الاكبر لعمرو آخر وأعظم ملوك هذه الدولة، ويرتبط تاريخه بتاريخ الفرس كما سبقت الاشارة الى ذلك في الفصل الخاص بدولة اللخميين، فيروى ان الحارث تقرب الى قباد ملك الفرس عن طريق ميله الى العقيدة المزدكية، فاستولى قباد على منطقة الحيرة من المنذر واهداها للحارث، فجلس الحارث على عرشها وعين كلا من بنيه الاربعة اميرا على عدد من قبائل البادية فعلا شأنه، ولكن سرعان ما تم تنصيب المنذر وحد في السعي في أثره وأثر كل اقربائه، وتوفي الحارث في ديار كلب في حين تم قتل عدد كبير من أقاربه على يد المنذر، ووقعت الوقيعة بين ابناء الحارث الاربعة، وقتلوا جميعا، وهكذا زالت اسرة الحارث، وكان آخر افراد هذه الاسرة امرؤ القيس حميد الحارث والشاعر العربي المعروف الذي ظل يطوف بين القبائل العربية طالبا العون على أمل استرداد ملك جده الضائع والثأر لدم أبيه وأعمامه، وفي النهاية ذهب الى امبراطور الروم وعاد خالي الوفاض وتوفي في طريق العودة، ويقال ان الامبراطور قتله بالسم، وبعد زوال آل الحارث آلت إمارة بني كندة الى اسر اخرى من هذه القبيلة وظلت حتى ظهور الاسلام ثم ضعف شأنها في عهد الخلافة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  المرار عشب مر يأكله الجمل فتغلظ شفتاه، ويقال ان زوجة حجر أطلقت عليه هذا اللقب لما كان له من شفاه غليظة.