أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-11-2016
255
التاريخ: 12-11-2016
649
التاريخ: 12-11-2016
488
التاريخ: 12-11-2016
509
|
كانت الحيرة في عهد المناذرة اللخميين من المراكز الحضارية المهمة في الميادين المختلفة وكان موقعها بين العراق والشام والجزيرة العربية، اثره في احتكاك اهلها بالشعوب الاخرى، وتأثرهم بثقافاتهم العالمية آنذاك وهي الفارسية واليونانية والسريانية.
الحياة الاجتماعية:
العرب :
كان اغلب سكان الحيرة من العرب وهم خليط من قبائل متعددة ينتمون الى القحطانيين والعدنانيين ويقسمهم الاخباريون الى ثلاث طوائف هي:
1) تنوخ:
وهم مجموعة قبائل سبق ان هاجر الاوائل منهم من اليمن ونزلوا منطقة البحرين قبل ان ينتقلوا الى غربي الفرات ما بين الحيرة والانبار. وكانوا يسكنون في بيوت من الشعر والوبر والمظال واشتغلوا بالرعي وبحماية القوافل التجارية المارة بأراضي الحيرة كما عملوا في التجارة وكانوا يعيشون حياة اهل البادية ولا يتزاوجون مه اهل الحضر واطلق عليهم (عرب الضاحية).
2) العباد :
وهو من الحضر المستقرين الذين بنوا الدور في الحيرة وسكنوا بها.
وينتمون الى قبائل شتى من بطون لخم وربيعة وعبد القيس وغيرهم وكانوا يدينون بالنصرانية وورد اسمهم في الحديث الشريف (ابعد الناس عن الاسلام الروم والعباد واحسبهم هؤلاء لانهم تنصروا وهم من ربيعة ثم من بني عيد القيس).
ويختلف الاخباريون في تفسير اصل تسمية (العباد) فيذكر بعضهم ان وفدا منهم وفدوا ذات يوم على كسرى فسألهم عن اسمائهم وكانت كلها تبتدئ بكلة(عبد) مثل عبد المسيح فقال (انتم عباد كلكم) ومن ثم اطلق عليهم (العباد). ويقول البعض الاخر انهم سموا العباد لانهم كانوا يعبدون الله ولم يعبدوا الاوثان.
وكانت تسمية العباد تطلق على النصارى من سكان الحيرة لتميزهم عن باقي سكانها من الوثنيين كما كانت تميزهم عن نصارى العرب من غيرهم اهل الحيرة وكان العباد اكثر اهل الحيرة ثقافة، ودرس بعضهم العلوم واجادوا عدة لغات منها العربية والارامية والفارسية ولذلك اختار حكام الفرس منهم تراجمتهم والمراسلين بينهم وبين العرب وكان منهم زيد بن عدي العبادي كما استغل بعضهم في الصناعة وحذقوا عدد من الصناعات.
3) الاحلاف:
وهم من القبائل الذين نزلوا في الحيرة ولم يكونوا من التنوخيين او العباد. وهؤلاء كانوا متحالفين مع المناذرة واعترفوا بسيادتهم عليهم.
4) فئات اخرى:
والى جانب العرب كان يعيش في الخيرة من النبط ويقصد بهم بقايا سكان العراق الاصليين من الكلدانيين والبابليين والاراميين وكانوا يشتغلون بالزراعة وكان بعضهم يتكلم العربية بلكنة واضحة. كما كان يسكن في الحيرة وما حولها من اليهود الذين استقروا بالمنطقة بعد (السبي البابلي) وهاجر اليها من فلسطين مجموعة اخرى من اليهود على اثر اضطهاد الرومان لهم وكان رئيس جاليتهم يعرف باسم (راس جالوتا) وكانت لهم مدراس خاصة.
كذلك كان يعيش في الحيرة جماعة من الفرس. ونتيجة لاختلاط هذه المجموعات بعرب الحيرة شابت لهجتهم العربية لكنة نبطية.
الحياة الاقتصادية:
ازدهرت الحياة الاقتصادية في الحيرة بسبب وقوعها في ارض السواد ذات المياه الوفيرة ولقربها من نهر الفرات ووقوعها على طريق القوافل التجارية.
الزراعة:
كانت الزراعة والرعي من اهم مهن اهل الحيرة بسبب قربها من نهر الفرات وخصوبة ارض المنطقة التي تقع بينها ووفرة مياهها مزارع النخيل والبساتين تمتد في نواحيها من النجف حتى نهر الفرات.
التجارة:
اشتغل اهل الحيرة بالتجارة وعن طريقها تدفقت الثروات عليهم وارتفع مستوى معيشتهم . وكان للحيرة سوق شهيرة يقصده الاعراب وتجار الجزيرة العربية لبيع سلعهم او شراء ما فيها من سلع نفيسة يرغبها العرب.
وكانت القوافل التجارية تتجه من الحيرة الى تدمر وحوران بالشام وهي تحمل منتجات الهند والصين والبحرين وعمان. وكان ملوك الحيرة وخاصة النعمان بن المنذر يرسلون الى سوق عكاظ بالجزيرة العربية قافلة تجارية تسمى (اللطيمة) لبيع منتجات الحيرة وتعود محملة بسلع اليمن والحجاز.
وبسبب قرب الحيرة من نهر الفرات فقد تشجع اهلها على ركوب السفن في الفرات حتى الابلة، ومن الخليج انطلقوا الى البحار الكبرى حتى الهند والصين شرقا وعمان غربا للمتاجرة مع هذه البلدان.
بلغت الصناعة في الحيرة درجة كبيرة من التقدم والجودة والاتقان.
وقد اشتهرت الحيرة بكثير من الصناعات ومن اهمها صناعة النسيج وخاصة نسيج الحرير والكتان والصوف التي تميز بجودتها وبرع صناعها في تطريز اثواب النسيج بالقصب وخيوط الذهب والزمرد وغيرهما وامتدت شهرة الحيرة في ذلك حتى العهد الاسلامي .
ومن نماذج ازياء واكسية الحيرة التي نالت شهرة كبيرة، الساج، والطيلسان، واليلمق، والشرعية، والسيراء، والطوع الحارية، والمرفل. ومن اهم هذه النماذج (اثواب الرضا) التي كانت يخلعها ملوك الحيرة على الشعراء وغيرهم من المقربين اليهم وكانت عبارة عن جباب مطرزة اطواقها بالقصب وخيوط الذهب وقضبان الزمرد.
وقد اشاد بعض الشعراء في قصائدهم بنساجي الحيرة وانماط الاثواب الراقية ومن ذلك قول عمر بن كلثوم:
واذ لا ترجى سلمى ان يكون لها ... من بالخورنق من ثين ونساج
وقال النابغة الذبياني :
والادم قد خيست فتلا مرافقها ... مشدوجة برجال الحيرة الجدد
وقال امرؤ القيس:
فلما دخلنا اضفنا ظهورنا ... الى كل حاري جديد مشطب
كما اشتهرت الحيرة بصناعة الاسلحة من سيوف ونصال ورماح وقد اشتهرت الحيرة بنوع خاص من السيوف عرف باسم (السيوف الحادية) وكانت لها سمعة عريضة بين العرب .
كذلك برع اهل الحيرة في صناعة ادوات الزينة والحلى التي كانت نطعم بالذهب والفضة والياقوت والجواهر الاخرى. وقد ذاعت شهرت خزف الحيرة واواني الفخار المصنوعة بها.
وعرفوا ايضا صناعة الجلود والدباغة والتحف المعدنية والتحف المصنوعة من العاج.
فن البناء والعمارة:
تقدم فن البناء والعمارة في الحيرة بشكل ملموس وفي هذه الميدان تجلت عبقرية اهل الحيرة وفنهم.
وقد تأثر اهل الحيرة في فن العمارة بجيرانهم الفرس، وخاصة في بناء القصور ثم طوروا في هذه الميدان وادخلوا عليه اضافات كبيرة من اذواقهم المحيلة حتى اصبح فنا خاصا، ونموذجا قائما ذاته عرف عن الحيرة وصار مثالا يحتذى به في مجال البناء .
وكان فن البناء فس مدينة سامراء متأثرا بأسلوب اهل الحيرة في البناء كما شيد قصر المتوكل على نظام قصور الحيرة وعرف باسم (الحيري)، وقد استمر هذا التأثير حتى في العصور الاسلامية المتأخرة.
وكانت براعة اهل الحيرة في البناء تتحلى في ميدانيين في تشييد القصور وبناء الاديرة والكنائس.
وبوجه عام كان فن بناء القصور في الحيرة لملوك اللخميين والمناذرة متأثرا بالفن الساساني اذ كان القصر يتكون من رواق في الوسط هو مجلس الملك ويمثل الصدر وفي طرفي الرواق على اليمين واليسار، يوجد جناحان او كمان. وكان هذا الطراز سمة مميزة لفن بناء القصور في الحيرة.
كما تأثر اسلوب زخرفة ونقش جدران القصور والبيوت في الحيرة بطريقة الفن الساساني. وقد تجلى فن بناء القصور بهذا الطراز في القصور العظيمة التي بناها ملوك الحيرة واهمها قصر الخورنق والسدير وهما من تشييد النعمان الاول.
ومن القصور الاخرى الاقل شهرة قصر الفرس وقصر الزوراء والقصر الابيض وتقع في الحيرة ومنها قصر سنداد وكان يقع بين الحيرة والأيلة، وقصري العذيب والصنبر وقد بناهما امرؤ القيس بن النعمان بالقرب من الفرات. ومنها قصر مقاتل وقصر العدسيين الذي بناه في طرف الحيرة بنور عمار بن عبد المسيح بن قيس بن حرمله بن علقمة بن عشير الكلبي، وسمي بهذا الاسم نسبة الى جدتهم عدسة بنت مالك بن عوف الكلبي.
اما الاديرة والكنائس فقد بنى الكثير منها في الحيرة وما جاورها وخاصة بعد ان تنصر المناذرة وازداد عدد سكانها من النصارى وبعد ان اصبحت الحيرة اسقفية تابعة لكرسي (جاث ليق) المدائن. ومن اشهر الاديرة التي شيدت في الحيرة دير هند الكبرى.
الحياة الدينية:
كان سكان الحيرة يشكلون عدة طوائف مختلفة دينيا فمنهم الوثنيون، والصائبة، والمجوس، والنصارى، واليهود.
وكان الوثنيون يمثلون غالبية اهل الحيرة في اول الامر ومن اهم الاصنام التي عبدوها (الضيزنين) اللذين ادخلهما جذيمة الابرشي وكان يستسقى ويستنصر بهما على اعدائه وظلا في مكانهما حتى عهد المنذر بن ماء السماء حيث نقلهما الى باب المدينة لكي ينحني لهما الداخلون اليها .
ومن الاصنام الاخرى التي عبدوها الوثنيون في الحيرة ضم كان يطلق عليه (سبد) كانوا يقسمون به، بقولهم (وحق سبد) وعبدوا ايضا (العزى) مثل العرب الاخرين في البادية.
وقد انتشرت في الحيرة ديانات الفرس مثل الزرادشتية، والمجوسية، الصابئية، وكان كسرى قباذ يحاول نشر هذا المذاهب الدينية بين اهل الحيرة. كما انتشرت المسيحية في الحيرة وعلى الاخص المذهب النسطوري، وازداد عدد النصارى واخصه بعد ان اعتنقها امرؤ القيس والنعمان بن المنذر.
وكان النصارى في الحيرة يطلقون عليهم اسم (العباد) وكانوا يتمتعون بممارسة شعائرهم الدينية في حرية تامة، وبنوا كثير من الاديرة والكنائس وخاصة اثناء فترة حكم اللخميين النصارى. وكان الاسقف (جابر بن شمعون) من الاساقفة المعروفين وهو صاحب القصر الابيض في الحيرة وكان له نفوذ واسع بين قومه.
وكانت مدينة (فيروز سابور) وهي الانبار مركزا هاما للثقافة اليهودية في العراق والتي كانت تخضع لحكم ملوك الحيرة وذلك بعد انتقال اليهود في مدينتي (سورا)و (بومبيدثا) اليها بعد ان اغلق كسرى هرمز الرابع مدارس اليهود في تلك المدينتين وكان يضطهد اليهود.
وقد اسهم كبار اخبار اليهود الذين تخرجوا من المراكز العلمية اليهودية في الانبار فومبدثا في تدوين التلمود البابلي وفي جمع التراث اليهودي القديم. ومن اهم علماء اليهود الذين شاركوا في هذا المجال (ماردابة الفاؤون).
الحالة العلمية والثقافية:
نتيجة لمعرفة اهل الحيرة بالفارسية ، فقد تمكنوا من نقل آداب الفرس اليهم.
كما ساهم بعض اسرى الروم في نقل علوم اليونانيين وآدابهم وكانوا قد اسروا اثناء الاشتباكات التي وقعت بيم ملوك الحيرة والروم.
ومن العلوم التي احرزت تقدم كبير في الحيرة علم الطب وقد استمرت شهرة الحيرة كمركز طبي بعد ظهور الاسلام وقيام الدولة الاسلامية ومن مشاهير اطباء المسلمين الذين ينتمون للحيرة جبر بن اسحاق وكان ابوه يعمل صيدلاني في الحيرة.
وكانت الحيرة تزخر بمعاهد ومدارس العلم ويذكر ياقوت الحموي ان الصبيان في الحيرة كانوا يتعلمون القرأة والكتابة في كنيسة من قراها اسمها النقيرة.
ومن مدارس الحيرة تخرج (ايليا الحميري) مؤسس (دير مار ايليا) في الموصل كما تلقى (مار عبد الكبير) دراسته في احد مدارسها.
كذلك كانت الحيرة مركزا للثقافة العربية اذ كان يتوافد عليها الشعراء مثل المرقش الصغير والتلمس وطرفة بن العبد وعمرو بن كلثوم وغيرهم من مشاهير شعراء الجاهلية.
وهؤلاء الشعراء كانوا يقصدون بلاط ملوك الحيرة الذين كانوا يشجعونهم ويغدقون عليهم الهبات والعطايا. وفي مجلس الملك كانوا هؤلاء الشعراء يتبارون في مدحه وينقد بعضهم اشعار الاخرين.
الكتابة:
يرى البعض ان الخط الحيري هو اساس الخط العربي، ومن المعروف ان الخط العربي هو تطور للخط الحيري.
وفي رأي البعض الاخر ان بلاد الحجاز قد عرفت الكتابة عن طريق البتراء وان الكتابة النبطية كانت تستخدم في الاعمال التجارية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|