أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-11-2016
793
التاريخ: 5-7-2019
658
التاريخ: 12-11-2016
633
التاريخ: 12-11-2016
1683
|
دولة المناذرة- الحيرة والأنبار-اللخميون في العراق:
كان اللخميون عمال الفرس على أطراف العراق، كما كان الغساسنة عمال الروم على مشارف الشام. وتسمى هذه الدولة: دولة آل نصر، وآل لخم، وآل عمرو بن عدي، أو ملوك الحيرة، أو المناذرة على السواء.
وتاريخ هذه الدولة أوضح من تاريخ آل غسان؛ لأنه كان مدونا في كتب الحيرة ومثبتا في كنائسهم.
وكانت الحيرة على ثلاثة أميال من مكان الكوفة في موضع يقال له: النجف على ضفة الفرات الغربية، في حدود البادية بينها وبين العراق، وتقع الآن في الجنوب الشرقي من مشهد علي. وبعض المؤرخين يذهب إلى أن لفظها سرياني، والبعض الآخر يذهب إلى أنه عربي.
أهل الحيرة عرب يقسمهم الإخباريون إلى طبقات ثلاث:
"تنوخ، العباد، الأحلاف".
تنوخ:
وهؤلاء في نظرهم من قبائل متعددة فيها القحطانيون والعدنانيون، والتنوخيون وغيرهم. قبائل سكنت بيوت "الشعر والوبر" غرب الفرات بين الحيرة والأنبار"، وهي قبائل عرب من الجنوب، التي تركت اليمن على أثر تصدع "سد مأرب".
وأما العباد: فهم الذين سكنوا رقعة الحيرة فابتنوا بها، فهم إذن حضر مستقرون، ويقول أغلب الإخباريين عنهم: إنهم كانوا من النصارى، وأصل كلمة العبادة على ما يقولون: مختلف فيها فبعضهم يرى: أنهم سُموا بالعباد؛ لأن وفدا منهم وفد على كسرى، ولما سألهم عن أسمائهم وجد أنها كلها تبتدئ لكلمة "عبد" فقال لهم: أنتم عباد كلكم، فسموا بالعباد.
ويقول آخرون: إنهم إنما سموا بهذا الاسم؛ لأنهم: كانوا يعبدون الله(1).
ويقول جواد علي: إن هذا الاسم لم يكن يعني قبيلة أو بطنا، وإنما يعني جماعة من القبائل شتى جمعت بينها وحدة الدين ووحدة الوطن، لذلك لا يطلق إلى على النصارى من أهل الحيرة؛ أما غيرهم من نصارى العرب فلم يشملهم اسم العباديين، ويمكن أن نقول استنادا إلى روايات الإخباريين في تحديد مدلول الكلمة، واقتصارها على نصارى الحيرة دون غيرهم من نصارى العرب: "إن هذه الكلمة أطلقت في الأصل على من تنصر من أهل الحيرة؛ لتميزهم عن غيرهم من سكان المدينة "أي مدينة الحيرة" من الوثنيين، ولم يكن أولئك النصارى في بادئ أمرهم بالطبع إلا فئة قليلة، ثم توسعت من بعد، فلما انتشرت النصرانية في الحيرة لازمت هذه التسمية جميع نصاراها كائنا من كانوا، وصارت علما لهم لم تميزهم عن الوثنين فحسب؛ وإنما ميزتهم أيضا عن بقية النصارى العرب من غير أهل الحيرة(2).
وأما الأحلاف: فهم بقية سكان الحيرة ومن نزل فيها من العرب ولم يكن في الأصل لا تنوخيًّا ولا من العباد، وكان بين سكان الحيرة جماعات من: "النبط، والفرس، واليهود".
أما الأنبار: فقد زعم الإخباريون أنها بنيت أيام "بختنصر"، وقد لعبت دورا هاما في المعارك التي جرت بين "فارس، وبيزنطة" زمن الإمبراطور "جوليان" سنة 363.
من ملوك المناذرة والنصرانية:
يكاد ينعقد إجماع المؤرخين العرب على أن أول من حكم من بني تنوخ كان: "مالك بن فهم" وهو في نظرهم من الأزديين، ثم انتقل الحكم إلى: "جذيمة الأبرش" المعروف "بجذمة الوضاح"، وتولى "عمرو بن عدي" الإمارة على العرب؛ عرب الحيرة والأنبار بعد "جذيمة". وقد اتبع سياسة خاله "جذيمة" في التحالف مع الفرس فساعده هذا على تقوية نفوذه على القبائل النازلة في العراق.
ولم يزل "عمرو بن عدي" ملكا على الحيرة حتى مات؛ وتولى الملك بعد وفاة "عمرو" ابنه "امرؤ القيس" وكان عاملا للفرس على "فرج العرب" أي موضع المخالفة من العدو المجاور من ربيعة ومضر، وبادية العراق والحجاز، والجزيرة.
وفي نهاية القرن الرابع ومطلع القرن الخامس يطلع علينا اسم ملك لخمي هو: "النعمان الأول بن امرئ القيس 390-418". وهناك روايات تنسب تنصره، منها: أنه تنصر بتأثير القديس "سمعان العمودي" الذي كان يقوم بالتبشير للمسيحية بين أهل الحيرة؛ وإن "سمعان" هذا شفاه من مرض كان به فتنصر(3).
وفي أيام "المنذر بن امرئ القيس" المعروف "بماء السماء" وقع الاحتلال الحبشي لليمن فاتسع بذلك نفوذ الروم في بلاد العرب؛ وذلك لما يربط الأحباش بالبيزنطيين من روابط، وأساسها تدينهما بدين واحد.
وكما يذهب المؤرخون: أن ملوك الحيرة تولوا الملك 364 سنة وكلهم من نسل "عمرو بن عدي" من آل "نصر" أو "لخم" إلا ستة من الدخلاء وهم: "أوس بن قلان، والحارث بن عمرو بن حجر الكندي، وعلقمة بن يعفر، وإياس بن قبيصة، وفيشهرت، وزادية الفارسي" وقصبة ملكهم جميعا: الحيرة".
حضارة الحيرة:
كانت الحيرة في عهد "المناذرة اللخميين" من المراكز الحضارية الهامة في مختلف الميادين، فقد كان لموقعها بين العراق والشام وبلاد العرب أثر كبير في احتكاك أهلها بغيرهم من الشعوب؛ فتأثروا بالثقافات العالمية آنذاك كالفارسية واليونانية والسريانية، وكان لمعرفة أهلها باللغة الفارسية أثر كبير في نقل آداب الفرس إليهم؛ وساهم بعض أسرى الروم الذين وقعوا في قبضتهم في نقل علوم اليونان وآدابهم إليهم؛ وكان ملوك الحيرة يشجعون الشعراء ويغدقون الهبات والعطايا عليهم، وغدا بلاطهم مقصد مشاهير شعراء الجاهلية "كالمرقش الأصغر والمتلمس وطرفة بن العبد والمرقش الأكبر وحسان بن ثابت وعمرو بن كلثوم وغيرهم" وكانت الحيرة تزخر بمعاهد العلم ومدارسه؛ فقد تلقى "إيليا" الحيرى مؤسس "دير مار إيليا" في الموصل دراسته الدينية في مدرسة بالحيرة، كما تلقى "مار عبد الكبير" دراسته في إحدى المدارس فيها.
ويذكر ياقوت أن الصبيان في الحيرة كانوا يتعلمون القراءة والكتابة في كنيسة قرية من قراها اسمها "النقيرة"(4).
وأما الأديرة والكنائس: فقد كانت كثيرة أيضا في الحيرة والمنطقة المجاورة لها، وكان لتنصر المناذرة أثر كبير في دفعهم لبناء العديد منها. وتحفظ لنا كتب الديارات وتقاويم البلدان أسماء عدد كبير منها، ويعتبر دير "هند الكبرى" من أشهر الأبنية التابعة لهذه الزمرة، وقد بنت هذا الدير "هد أم عمرو بن هند" وهناك دير "هند الصغرى" الذي بنته "هند ابنة النعمان بن المنذر" وأقامت فيه حتى ماتت ودفنت فيه. وعدد كبير آخر غيرها. وقد وصفت الحيرة عند الإخباريين بالبياض فقالوا عنها: الحيرة البيضاء تعبيرا عن حسن عمارتها وطغيان هذا اللون على سائر أبنيتها، وكان أهل الحيرة مللا ونحلا دينية كثيرا فقد كان بينهم الوثنيون الذين يعبدون الأصنام، والصابئة الذين يعبدون الكواكب، والمجوس الذين يعبدون النار، وهذا فضلا عن أتباع النصرانية واليهودية، وكان معظم نصارى الحيرة نساطرة، ومنهم قلة من اليعاقبة، وكان بدء التبشير بالمسيحية فيها ببطء أو الأمر، ولكنها ما لبثت أن وجدت الكثير من الأنصار.
ويدعي الطبري: أن امرأ القيس كان أول من تنصر من ملوك الحيرة، وقد يكون هذا الخبر غير مؤكد، وكل ما يمكننا الجزم به: "أن المنذر بن ماء السماء" كان نصرانيًّا وتزوج "بهند" وهي نصرانية؛ أيضًا، وقد بنت الدير المعروف، باسم "دير هند الكبرى" وقد حدث صراع بين النساطرة واليعاقبة حول اجتذاب الحيريين إلى مذهبيهما، وقد تفوق النساطرة في هذا الصراع واجتذبوا عدد كبيرا من نصارى الحيرة إلى مذهبهم(5).
ديانة مناذرة الحيرة:
واختلفوا في ديانة ملوك الحيرة فمن قائل: إنهم تنصروا على عهد "امرئ القيس" الأول ابن عمرو في أوائل القرن الرابع. وقائل: إن أول من تنصر "النعمان بن المنذر" في آخر القرن السادس. وبينهما أقوال كثيرة لا سبيل إلى تحقيقها؛ لاختلاف القائلين فيها مثل اختلافهم في عدد ملوكهم وفي تعاقبهم وسني حكمهم(6).
ويبدو أن ملوك الحيرة لم يتنصروا عقيدة؛ إنما تنصروا سياسة أي تبعا لولائهم السياسي للرومان لما غلب الرومان على الفرس ودارت الحيرة في فلكهم فترى في سجل الكنيسة الشرقية أن الحيرة كان عليها أسقف لسنة 410م، وأن ملكها حمى النصرانية سنة 420، وترى في الجهة الأخرى: أن النساطرة واليعاقبة اشتد جدالهم في أوائل القرن السادس للميلاد، وتنافسوا في الرئاسة ففاز النساطرة، وملوك الحيرة كانوا إلى أواسط القرن الاد على الوثنية؛ وإن المنذر امرئ القيس بن ماء السماء" كان يقدم ذبائح من البشر إلى العزى، وكان بين نسائه امرأة من غسان اسمها "هند الكبرى" أم عمرو بن هند" كانت مسيحية فبثت مبادئ النصرانية في ابنها فنشأ نصرانيا، يؤيد ذلك ما نقشته على ديرها. ولما ماتت رجع خليفته "قابوس أو المنذر بن المنذر" إلى الوثنية، ونشأ ابنه النعمان فيها يذبح للأصنام حتى تنصر الجاثليق" على يد "حبر يشوع" وفي التاريخ العربي أنه: "تنصر على يد عدى بن زيد".
وقد اتفق القولان: بأن يكون عدي رغبه في النصرانية والجاثليق عمده.
_______
(1) تاريخ العرب القديم ص171 نبيه عاقل.
(2) تاريخ العرب قبل الإسلام جـ4 ص14، 15 جواد علي.
(3) تاريخ العرب قبل الإسلام جـ4 ص41.
(4) تاريخ العرب القديم وعصر الرسول ص201.
(5) تاريخ العرب القديم ص203، 204.
(6) العرب قبل الإسلام.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|