أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2018
2652
التاريخ: 14-1-2017
1888
التاريخ: 16-1-2017
2164
التاريخ: 27-2-2021
2644
|
عندما رفع (إبراهيم الخيل) لواء التوحيد في البيئة الحجازية، وأعاد بناء الكعبة المعظمة ورفع قواعدها بمعونة ابنه إسماعيل)، تبعه في ذلك طائفة من الناس ممن أنار الله به قلوبهم، إلا أنه من غير المعلوم إلى أي مدى استطاع ذلك النبي العظيم أن يعمم دين التوحيد ويبسط لواءه على الجميع، ويؤلف صفوفاً متراصة، وجبهة عريضة قوية من الموحدين، غير ن من المعلوم أنه أصبحت تلك المنطقة مسرحاً للوثنية ولعبادة الأشياء المختلفة مع الأيام فقد كانت الطبقة المثقفة من العرب تعبد الكواكب والقمر، فهذا هو المؤرخ العربي الشهير الكلبي الذي توفي عام 206 هجرية يكتب في هذا الصدد قائلاً كن (بنو مليح) من خزاعة يعبدون الجن وكان (حمير) تعبد الشمس، و(كنانة) تعبد القمر، و(تميم) الدبران، و(لخم) و(جذام) المشتري، و(طي) سهيلاً و(قيس) الشعرى، و(اسد) عطارداً.
أما الدهماء والذين كانوا يشكلون أغلبية سكان الجزيرة فقد كانوا يعبدون ـ مضافاً إلى الصنم الخاص بالقبيل أو العائلة ـ ثلاثمائة وستين صنماً، وكانوا ينسبون أحداث كل يوم من أيام السنة إلى واحد منها.
وقد دخلت عبادة الأصنام والأوثان في مكة بعد (إبراهيم الخليل (ع)) على يد (عمرو بن لحي)، ولكنها لم تكن في بداية أمرها بتلك الصورة التي وصلت إليها في ما بعد فقد كانوا يعتبرونها في بداية الأمر شفعاء إلى الله ووسطاء بيه وبينهم، ولكنهم تجاوزوا هذا الحد في ما بعد حتى صاروا يعتقدون شيئاً فشيئاً بأنها أصحاب قدرة ذاتية مستقلة، وأنها بالتالي آلهة وأرباب.
وكانت الأصنام المنصوبة حول الكعبة تحظى باحترام جميع الطوائف العربية، ولكن الأصنام الخاصة بالقبائل فقد كانت موضع احترام جماعة خاصة فقط، ولأجل أن تبقى حرمة هذه الأصنام والأوثان الخاصة محفوظة لا يمسها أحد بسوء كانوا ينشؤون لها أماكن وبيوت خاصة، وكانت سدانة هذه البيوت والمعابد تنتقل من جيل إلى آخر بالوراثة.
اما الأصنام العائلية فقد كانت لعوائل تقتنيها للعبادة كل يوم وليلة، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنعه في منزله هو أن يتمسح به أيضاً.
وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلاً أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها، واتخذه رباً وجعل ثلاثة أثافي لقدره، وإذا ارتحل تركه.
وكان من شغف أهل مكة وحبهم للكعبة والحرم أنه كان لا يسافر منهم أحد إلا حمل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً للحرم، وحباً له فحيثما حلو نصبوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة صبابة بها، ويمكن أن تكون هذه هي (الأنصاب) التي فسرت بالأحجار العادية غير المنحوتة وتقابلها الأوثان، وهي الأحجار المنحوتة، وعلى هيئة خاصة، وأما (الأصنام) فهي المعمولة من خشب أو ذهب أو فضة على صورة إنسان.
لقد بلغ خضوع العرب أمام الأصنام والأوثان حداً عجيباً جداً، فقد كانوا يعتقدون بأنهم يستطيعون كسب رضاها بتقديم القرابين إليها، وكانوا بعد نحر الهدايا يلطخون وجوه الأصنام ورؤوسها بدماء تلك الهدايا، وكانوا يستشيرونها في مهام أمورهم، وجلائل شؤونهم، فإذا أرادوا الوقوف على مستقبل الأمر الذي تصدوا له ومعرفة عاقبت أخيرٌ هو أم شر استقسم لهم أمين القداح بقدحي (الأمر والنهي) وهي قطع كتب على بعضها (إفعل) وعلى بعضها الآخر (لا تفعل) فيمدُ أمين القداح يده ويجيل القداح ويخرج واحداً فإن طلع الآمر فعل أو الناهي ترك.
وخلاصة القول، إن الوثنية كانت العقيدة الرائجة في الجزيرة العربية، وقد تفشت فيم في مظاهر متنوعة ومتعددة، وكانت الكعبة المعظمة ـ في الحقيقة ـ محط أصنام العرب الجاهلية وآلهتهم المنحوتة، فقد كان لكل قبيلة في هذا البيت صنم، وبلغ عدد الأصنام الموضوع في ذلك المكان المقدس (360) صنماً في مختلف الأشكال والهيئات والصور، بل كان النصارى أيضاً قد نقشوا على جدران البيت وأعمده صوراً لمريم والمسيخ والملائكة، وقصة إبراهيم.
وكان من جملة تلك الأصنام: (اللات) والعزى) و(مناة) التي كانت تعتبرها قريش بنات الله ويختص عبادتها بقريش.
وكانت (اللات) تعتبر أم الآلهة، وكان موضعها بالقرب من (الطائف) وكانت من الحجر الأبيض، وأما (مناة) فكانت في عقيدتهم إله المصير وربة الموت والأجل وكان موضعها بين (مكة) و(المدينة).
ولقد اصطحب (ابو سفيان) معه يوم (أحد): (اللات) و(العزى)(1).
ويروى أنه مرض ذات يوم (أبو أحيحة) وهو رجل من بني أمية، مرضه الذي مات فيه؛ فدخل عليه أبو لهب يعوده، فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا أحيحة؟ أمن الموت تبكي ولابد منه؟ قال: لا ولكني أخاف أن لا تعبد العزى بعدي! قال أبو لهب: واله ما عبدت حياتك (أي لأجلك) ولا تترك عبادتها بعدك لموتك!! فقل أبو أحيحة: الآن علمت أن لي خليفة(2).
ولم تكن هذه هي كل الأصنام التي كانت تعظمها وتعبدها العرب بل كانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها وكان أعظمها (هبل)، كما أنه لم يكن لكل قبيلة صنم خاص فحسب بل كانت كل عائلة تعبد صنماً خاصاً بها مضافاً إلى صنم القبيلة وكانت المعبودات تتراوح بين الكواكب، والشمس، والقمر والحجر، والخشب، والتراب، والتمر، والتماثيل المنحوتة المختلفة في الشكل، والهيكل، والاسم، المنصوبة في الكعبة أو في سائر المعابد.، لقد كانت الأصنام جميعها أو أغلبها معظمة عند العرب، يتقربون عندها بالذبائح ويقربون لها القرابين، وجرت عادة بعض القبائل آنذاك أن تختار من بين أفرادها كل سنة شخصاً في مراسيم خاصة ثم تذبحه عند أقادم أصنامها، وتقبر جسده على مقربة من المذبح.
هذا العرض المختصر يكشف لنا كيف أن أرض الجزيرة العربية برمتها كانت قد أصبحت مسرحاً للأصنام ومستودعاً ضخماً للأوثان، وكيف تحولت هذه البقع من العالم ببيوتها وأزقتها وصحاريها وحتى بيت الله المحرم كانت قد تحولت إلى مخزن للنصب المؤلهة، والتماثيل المعبودة، يتجلى هذا الأمر من قول شاعرهم الذي أسلم وراح يستنكر ما كان عليه من عبادة الأصنام المتعددة الخارجة عن الإحصاء والعد، إذ قال:
أرباً واحداً أم ألف رب
أدين إذا تقسمت الأمورُ
عزلت اللات والعزى جميعاً
كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا عزى أدين ولا ابنتيها
ولا صنمي بني عمرو وأزورُ
ولا غنماً أزور وكان رباً
لنا في الدهر إذ حلمي يسيرُ
ولكن أعبدُ الرحمان ربي
ليغر ذنبي الربُّ الغفورُ(3)
وقد حدثت بسبب الاختلاف والتعددية في عبادة الأصنام والأوثان المؤلهة السخيفة الباطلة، تناقضات، وصراعات، وحروب ومناحرات، قد جرت بالتالي ـ ويلات ومآس وخسائر مادية ومعنوية كبرى على تلك الجماعة المتوحشة، الضالة.
عقيدة العرب حول حالة الإنسان بعد الموت:
وعن مصير الإنسان وحالته ما بعد الموت هذه المشكلة الفلسفية العويضة كانت رؤية العرب ونظرتهم تتلخص في ما يلي:
عندما يموت الإنسان تخرج روحه من جسده على هيئة طائرة شبيه بالبوم يمسى عندهم بـ(الهامة والصدى) ثم يبقى هذا الطائر قريباً من جسد الميت ينوح نوحاً مقرحاً وموحشاً، وعندما يوارى الميت يبقى هذا الطائر مقيماً عند قبه إلى الأبد!.
وربما وقف على جدار منزل الميت أحياناً لتسقط أخبار عائلته والاطلاع على أحوالهم!!.
قال شاعرهم في ذلك:
سلط الموت والمنون عليهم
فلهم في صدى المقابر هامُ
وإذا كان المرء قد مات بموتة غير طبيعية كما لو قتل ـ مثلاً ـ فإن ذلك الحيوان ينادي باستمرار: (اسقوني .. اسقوني) أي اسقوني بسفك دم القاتل وإراقته؛ ولا يسكن عن هذا النواح والنداء الخاص إلا بعد الانتقام والثأر من قاتله.
قال أحدهم في ذلك:
فيا رب إن أهلك ولم ترو هامي
بليلي أمت لا قبر أعطش من قبري(4)
من هنا بالضبط تتجلى الحقيقة للقارئ ويعلم جيداً كيف ن تاريخ العرب ما قبل الإسلام وتاريخهم ما بعد الإسلام ما هو إلا تاريخان على طرفي نقيض:
فذلك تاريخ جاهلية، ووثنية وإجرام، وهذا تاريخ علم ووحدانية وإنسانية وإيمان، وشتان ما بين وأد البنات، وبين رعاية الأيتام، وبين السلب والنهب والإغارة وبين المواساة والإيثار، وبين عبادة الأوثان والأصنام الصماء العمياء والتقرب إلى الله تعالى.
الأخلاق العامة في المجتمع الجاهلي العربي:
ومما يكن من أمر فإن عوامل مختلفة كالجهل وضيق ذات اليد، وجشوبة العيش، وعدم وجود قانون صحيح يحكم الحياة الاجتماعية، وحالة البداوة الموجبة للتوحش، والكسل والبطالة وغير ذلك من الرذائل الأخلاقية كانت قد حولت جو الجزيرة العربية إلى جو فاسد قاتم، حتى أن أموراً يندى لها الجبين قد أخذت طريقها إلى حياة تلك الجماعة وراحت تتخذ شيئاً فشيئاً صفة العادات المتعارفة!!.
لقد كانت الغارات وعمليات النهب، والقمار، والربا، والأسر، والسبي من الأعمال والممارسات الرائجة في حياة العرب الجاهلية، وكان شرب الخمر ومعاقرتها بلا حدود هو الآخر من الأعمال القبيحة الشائعة لديهم، ولقد ترسخت هذه العادة القبيحة في حياتهم إلى درجة أنها صارت جزء من طبيعتهم، وحتى أن شعراءهم خصصوا مساحات كبيرة في قصائدهم لامتداح الخمرة ووصفها وكانت الحانات مفتوحة في وجه الناس طيلة الوقت تستقبل الزبائن، وقد نصبت عليها رايات.
فها هو شاعرهم يقول:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة
تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني ي الفلاة فإنني
أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها(5)
لقد بلغت معاقرة الخمر من الرواج في الحياة العربية الجاهلية بحيث أصبحت لفظة (التجارة) تعادل في عرفهم بيع الخمور، والإتجار بها.
ولقد كانت الأخلاق تفسر عند العرب الجاهلية بنحو آخر عجيب، فإنهم مثلاً كانوا يمدحون الشجاعة والمروءة والغيرة، ولكنهم كانوا يقصدون من (الشجاعة) القدرة على الإغارة وسفك الدماء، وكثرة عدد القتلى في الحروب!! كما ن الغيرة كانت تعني عندهم وأد البنات حتى أن هذا العمل الوحشي كان يعد عندهم من أعلى مظاهر الغيرة، وكانوا يرون الوفاء والوحدة في نصرة الحليف حقاً أو باطلاً، وهكذا فإن أكثر القص التي نقلت عن شجاعتهم وشغفهم بالحرية كانت الشجاعة والشغف بالحرية فيها تتلخص وتتجسد في الإغارة والانتقام, إنهم كانوا يعشقون ـ في حياتهم ـ المرأة والخمرة والحرب ليس غير.
النزع إلى الخرافة والأساطير في المجتمع الجاهلي:
ولقد بين القرآن الكريم أهداف البعثة المحمدية المقدسة بعبارات موجزة، ومما لفت النظر ـ أكثر من أي شيء ـ ما ذكره تعالى في الكتاب العزيز حول أهم هذه الأهداف والغايات العليا إذ قال: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } [الأعراف: 157] (6).
فلابد أن نعرف ماذا كانت تلك الأغلال والسلاسل التي كانت عرب الجاهلية ترزح تحتها حتى قبيل بزوغ فجر الإسلام؟.
لا ريب أنها لم تكن من جنس الأغلال والسلاسل الحديدية، ولم يكن المقصود منها ذلك أبداً، فماذا كانت إذن يا ترى؟.
أجل إن المقصود من هذه الأغلال هي الأوهام والخرافات التي كانت تقيد العقل العربي عن الحركة، وتعيقه عن النمو والتقدم، ولا شك أن مثل هذه السلاسل والغلال التي تقيد الفكر البشري وتمنعه من التحليق والتسامي، أثقل بكثير من الأغلال والقيود الحديدية وأضر على الإنسان منها بدرجات ومراتب، لأن الأغلال الحديدية توضع عن الأيدي والأرجل بعد مضي زمان، ويتحرر الإنسان منها، بعد حين، ليدخل معترك الحياة بعقلية سليمة مبرأة من الأوهام والخرافات، وقد زالت عنه ما تركته تلك الحدائد من جروح وآلام.
أما السلاسل والأغلال الفكرية (ونعني بها الأوهام والأباطيل والخرافات) التي قد تهيمن على عقل الإنسان وتكبل شعوره فإنها طالما رافقت الإنسان إلى لحظة وفاته، وأعاقته عن المسير والانطلاق، دون أن يستطيع التحرر منها، والتخلص من آثارها وتبعاتها، اللهم إذا استعان على ذلك بالتفكير السليم، والهداية الصحيحة.
فبالتفكير السليم وفي ضوء العقل البعيد عن أي وهم وخيال يمكنه التخلص من تلك الأغلال والقيود الثقيلة، وأما بدون ذلك فإن أي سعي للإنسان في هذا السبيل سيبوء بالفشل.
إن من أكبر مفاخر نبي الإسلام أنه كافح الخرافات، وأعلن حرباً شعواء على الأساطير، ودعا إلى تطهير العقل من أدران الأوهام والتخيلات، وقال: لقد جئت لآخذ بساعد العقل البشري، وأشد عضده، وأحارب الخرافة مهما كان مصدرها. وكيفما كان لونها وأياً كانت غاياتها، حتى لو خدمت أهدافي، وساعدت على تحقيق مقاصدي المقدسة.
إن ساسة العالم الذي لا تهمم إلا إرساء قواعد حكمهم وسلطانهم على الشعوب لا يتورعون عن التوسل بأية وسيلة، والاستفادة من أية واقعة في سبيل تحقيق مآربهم حتى أنهم يتأخرون عن التذرع بترويج الخرافات والأساطير القديمة بي الشعوب للوصول إلى سدة الحكم، أو البقاء فيها ما أمكنهم ذلك. ولو اتفق أن كانوا رجالاً موضوعيين ومنطقيين فإنهم في هذه الحالة دافعوا عن تلك الخرافات والأوهام والأساطير التي لا تنسجم مع أي مقياس عقلي بحجة الحفاظ على التراث القومي، أو احترام رأي أكثرية الشعب أو ما شبه ذلك من الحجج المرفوضة.
ولكن رسول الإسلام لم يكتف بإبطال المعتقدات الخرافية التي كانت تلحق الضرر به، وبمجتمعه، بل كان يكافح ويحارب بجميع قواه كل أسطورة أو خرافة شعبية أو فكرة فاسدة باطلة، تخدم غرضه، وتساعد على تحقيق التقدم في دعوته ويسعى إلى أن يجعل الناس يعشقون الحقيقة لا أن يعبدوا الخرافات، ويكونوا ضحايا الأساطير والأوهام، وإليك واحداً من هذه المواقف العظيمة على سبيل المثال لا الحصر:
لما مات إبراهيم ابن رسول الله[صلى الله عليه وآله] وهو ابنه الوحيد، حزن عليه النبي حزناً شديداً فكانت تنحدر الدموع منه على غير اختيار، واتفق أن انكسفت الشمس في ذلك اليوم أيضاً، فذهب المولعون بالخرافة في ذلك المجتمع (العربي) على عادتهم إلى ربط تلك الظاهرة بموت إبراهيم واعتبار ذلك دليلاً على عظمة المصاب به فقالوا: انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله، فصعد رسول الله[صلى الله عليه وآله] المنبر وقال: (أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بمر، ومطيعان له، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا انكسفا، أو أحدهما صلوا).
ثم نزل من المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف وهي ما تسمى بصلاة الآيات(7).
إن فكرة انكساف الشمس لموت ابن صاحب الرسالة وإن كان من شأنها أن تقوي من موقع النبي في قلوب الناس، وتخدم بالتالي غرضه، وتساعد على انتشار دعوته، وتقدمها، إلا أنه صلى الله عليه وآله رفض أن يحصل على المزيد من النفوذ في قلوب الناس من هذا الطريق.
على أن محاربة النبي[صلى الله عليه وآله] للخرافات والأساطير التي كانت نموذجاً بارزاً من محاربته للوثنية، وتأليه المخلوقات وعبادتها، لم تكن من سيرته في عهد الرسالة بل كان ذلك دأبه في جميع أدوار حيات، حتى يوم كان صبياً يدرج، فإنه كان يحارب الأوهام والخرافات، ويعارضها في ذلك السن أيضاً.
تقول حليمة السعدية مرضعة النبي[صلى الله عليه وآله]: لما تم له (أي لمحمد) [صلى الله عليه وآله] ثلاث سنين قال في يوماً: (يا أماه مالي لا أرى أخوي بالنهار)؟ قلت له: يا بني إنهما يرعيان غنيمات، قال: (فما لي لا أخرج معهما)؟ قلت له: تحب ذلك؟ قال: نعم.
فلما أصبح دهنته وكحلته وعلقت في عنقه خيطاً فيه جزع يمانية (وهي من التمائم الباطلة كانت تعلق على الشخص في أيام الجاهلية لدفع الآفات عنه)، فنزعها، وقال لي: (مهلاً يا أمهاه فإن معي من يحفظني)(8).
___________
(1) بحار الأنوار: ج19 ص8 و9، أعلام الورى: ص35 ـ 40.
(2) الأصنام للكلبي: ص23.
(3) بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب: ج2 ص249 وجاء البصير.
(4) بلوغ الأرب: ج2 ص311 و312.
(5) تفسير مفاتيح الغيب: ج2 ص262 طبعة مصر 1305.
(6) الأعراف: 157.
(7) بحار الأنوار: ج91 ص155.
(8) بحار الأنوار: ج15 ص392.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثاني والعشرين من سلسلة كتاب العميد
|
|
|