انهيار النظام الدولي وسقوط بابل:

كان النجاح الذي حققه حمورابي نجاحا شخصيا للعاهل الذكي الذي استطاع العمل على بعث نهضة البلاد وتجديد حضارتها التي أرسيت قواعدها في عصر أكد ثم أور الثالثة. اما الوحدة السياسية فقد تحققت بصعوبة وبعد سلسلة طويلة من المؤامرات والحروب ولم تؤد إلى نتائج ملموسة الا في السنوات الأخيرة من حكمه. وهي ان حققت للبلاد عظمتها فقد أنهكت قواها بمقدار ما امتدت واتسعت.

وعلى الرغم من الجهود الرائعة التي بذلها حمورابي في تنظيم الاقتصاد بتشجيع التجارة والعمل وحفظ حقوق الافراد بقوة القانون العام، فان الازمة الاقتصادية والمشكلات الاجتماعية بقيت حادة. وقد اضطر خلفه سمسو – إيلونا إلى استصدار مرسوم ثان بإلغاء الديون. وبدأ انحدار القبائل الكاشية من الفرسان الجبليين والرعاة من أطراف سلسلة جبال زاغروس نحو السهول بحثا عن المراعي والعمل في الحقول. وقد اضطرب حبل الأمن في بعض المناطق وتكررت حوادث قطع الطرق والسلب والنهب. وقد قامت ثورات في بعض المدن مثل لارسا واستمرت سنتين. وكان الخطر القادم متوقعا من جهة البحر، اي من المناطق الجنوبية الواقعة على الخليج. ولذا فقد لجأت بابل إلى انشاء التحصينات الدفاعية على خطوط طويلة تمتد بين سيبار وبابل ثم واتت الفرصة أشور التي خرجت عن سلطة الحكومة المركزية لتكون مركز ثقل سياسي – عسكري في شمال بلاد الرافدين.

اما في داخل البلاد فقد انهار النظام الزراعي ولم تعد للإقطاعة الممنوحة للجنود صفة شخصية، واضحى لبعضهم موارد عمل اخرى سوى الوظيفة، وتملك بعضهم ممتلكات شخصية وصاروا يستأجرون أراضي من ممتلكات الدولة. واقتصرت خدمة الملك على تأدية غلال قطعة من الأرض. وتتضح هذه التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في بابل والمناطق المجاورة في حوض الفرات من دراسات عدد من كبار الباحثين (1) : (سولبرجر وشلحتر ولاند سبرجر وإيفانس) في دراساتهم المتتابعة للنصوص التي نشرت من عهد الملك إبي – إيتوه (1711 – 1684). وكانت هذه من المؤشرات التي أنذرت اخيرا بسقوط النظام البابلي من الداخل قبل ان تجهز عليه غزوات الشعوب الغربية التي اجتاحت المنطقة في النصف الثاني من الألف الثاني ق.م.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)     ......... E Sollberger, thirty two datel Tablets in the reign abi Eshuh, JCS, 5, (14517, 17 – 97

L. Schechter, ICS, (1953) 81 – 99, B Landsberger

JCS, 9 (1955) 121 – 131, G Evans J C S, 14 (14 (1960) 34-42