أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-10-2016
4330
التاريخ: 23-10-2016
2309
التاريخ: 18-10-2016
1293
التاريخ: 1-7-2017
3959
|
لوكال زاكيزي ونهاية عصر فجر السلالات:
انتهى حكم المصلح "أوروكاجينا" بالعنف ليس من داخل دولته بل على أثر هجوم مفاجئ قام به "لوكال زاكيزي"، حاكم دولة المدينة المجاورة "اوما"، عدوّة دولة لجش المأثورة. وكان لوكال زاكيزي هذا يتحلى بصفات عالية ولا سيما مقدرته العسكرية التي مكنته من القضاء على "أوروكاجينا" بضربة خاطفة، وبذلك أنهى النزاع الطويل بين هاتين الدويلتين، وهو نزاع استغرق قرن واحد، منذ قياس سلالة "أور ــ نانشة" في لجش، وكانت الضربة ماحقة حيث دمرت المدينة وأعمل فيها وفي أهلها النار والسيف. ولعل مما سهل على "لوكال زاكيري" انتصاره الخاطف، بالإضافة إلى مقدرته الحربية، أحوال دولة لجش الداخلية، فإن الإصلاحات التي فرضها "أوروكاجينا" لم يتح لها الوقت الكافي لتؤتي ثمارها في استتباب الأحوال، بل إنها، شأنها في ذلك شأن أي إصلاحات أخرى، لاقت مقاومة من جانب الطبقات المتنفذة واحدثت البلبلة وعدم الاستقرار. ومهما كان الأمر فإن التدمير الشامل الذي أحدثه الفاتح في دولة لجش قد بلغ من العظم والشمول بحيث إنه ترك صدى في نفوس الكتاب والادباء، فخلف لنا أحدهم رثاء مؤثراً يندب فيه ما حل بلجش ومعابدها وأهلها ويستنزل العقاب الإلهي على "لوكال زاكيزي"(1) والجدير بالذكر في هذا الصدد أن رثاء سقوط المدن والسلالات الحاكمة كان من بين المواضيع الأدبية الشائعة لدى أدباء العراق القديم. وقد خلف لنا احدهم رثاء عن سقوط مدينة "أور" على أيدي العيلاميين والأموريين.
نشأ "لوكال زاكيزي" من عائلة تنتمي إلى طبقة الكهنة، فقد كان أبوه كاهن الإلهة "نصابا" (Nisaba) في مدينة "اوما"، وإنه كان على ما يرجح من اصل سامي (آكدي)، كما يشير إلى ذلك اسمه "بوبو" (Bubu)، وعمل معه ابنه في منصب الكهنوتية، ولكن قابلياته العسكرية مكّنته من تبوأ الحكم في دولة مدينة "اوما".
وبعد القضاء على دولة لجش وتوطيد السلطة في هذه المنطقة وفي "اور" استولى على دولة مدينة الوركاء الشهيرة، فاتخذ لقب "ملك أوروك"، وذكرته أثبات الملوك بصفته مؤسس سلالة في هذه المدينة هي سلالتها الثالثة. واستعمل "لوكال زاكيزي" إلى ذلك لقباً جديداً استحدثه، هو "ملك الإقليم" (أي ملك البلاد) (Lugal Kalamma)، وملك "سومر". وما أن استولى على معظم بلاد سومر وآكد وبضمنها مدينة "كيش" والمدينة المقدسة "نفر" اتخذ لقب "ملك كيش". ولم يقتصر هذا الفاتح على إخضاعه دول المدن في بلاد وادي الرافدين بل إنه، كما جاء في نصوصه المدونة، مد فتوحه من "البحر الاسفل إلى البحر الأعلى"، أي من الخليج العربي إلى البحر المتوسط. وبهد نصه التأريخي الذي وصل إلينا أقدم وأطول كتابة ملكية من نوعها وأكثرها تفصيلاً في سرد أعماله العسكرية والعمرانية في المدن المختلفة(2). وخصصت له أثبات الملوك حكماً دام 25عاماً، وهو أمد طويل مكنه من التمتع بثمرات فتوحه وتوحيد البلاد، وإقامته دولة القطر الموحدة ، وإنشاء أولى امبراطورية شملت أجزاء من الشرق الادنى، مثل بلاد الشام، ولعله بلاد عيلام.
وإذا صدقنا بنبوءة ذلك الشاعر الذي رثى تدمير لجش واستنزل عقوبة الآلهة على "لوكال زاكيزي" وجدناها تتحقق، حيث ظهر في حدود ذلك الزمن على مسرح التأريخ شخص آخر استطاع أن يغلب لوكال زاكيزي وينتزع منه السلطة والزعامة، ذلك هو سرجون الآكدي الشهير الذي يصح أن نضعه في مقدمة الفاتحين القدامى في تأريخ العالم، وستكون سيرة هذا الفاتح وأعماله موضوع الفصل الآتي. ولم تقتصر نهاية "لوكال زاكيري" على أنها كانت نهاية حكم ملك أو حكم سلالة مثل الفترات التي مرت بنا، بل إنها كانت خاتمة عصر تأريخي أو حضاري وفاتحه عصر جديد في تاريخ حضارة وادي الرافدين: انتهاء العصر الذي أطلقنا عليه اسم عصر فجر السلالات أو عصر دول المن، وبداية العصر الآكدي وانتقال السلطة السياسية إلى الآكديين الساميين، وظهور دولة القطر الكبيرة التي استعت بالفتوح الخارجية إلى امبراطورية.
ويمكن القول إن فتوح لوكال زاكيزي ومن بعده سرجون الآكدي كانت تمثل اتجاهاً تأريخياً كان قد ظهر أثره في عصر فجر السلالات وتغلب على يد هذين الفاتحين على اتجاه آخر معاكس له. ونعني بالاتجاه الأول فرض نظام دولة القطر أو المملكة الواحدة على الاتجاه الثاني المتمثل بنظام دولة المدينة (City state) وهو النظام الذي ساد عصر فجر السلالات الذي اطلقنا عليه بناء على ذلك عصر دول المدن. وإن ما انجزه لوكال زاكيزي في تحقيق الاتجاه الأول كان من العوامل الرئيسية التي مهدت الطريق أمام سرجون الآكدي في إقامته دولة القطر الموحدة.
________________
(1) راجع نص الرثاء في:
Thereau – Dangin, SAK, 90ff.; Barton, RISA,; Kramer, The Sumerians, 323ff.
(2) حول نص "لوكال زاكيزي" انظر:
SAK, 218ff. RISA, 9ff. Karmer, OP. CIT, 323ff.
Jacobsen in ZA, (1959), 135ff.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|