أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2016
274
التاريخ: 16-10-2016
260
التاريخ: 16-10-2016
245
التاريخ: 16-10-2016
519
|
(الثورة) المدنية:
يتميز الألف الرابع ق.م بسلسلة من الكشوف الهامة التي أثرت كثيرا في مجرى تطور المجتمعات البشرية، وهي في المراحل الأولى من الاستقرار. ومن هذه الكشوف دولاب الخزاف الذي ساعد على تصنيع الفخار بوفرة وبأنماط متشابهة، وقالب اللبن، والتعدين. وقد نجم عن تطور التقنيات زيادة في كميات الانتاج وضعف في اصالة الصنعة. فبعد الخزف اللامع الذي يتميز به انتاج تل خلف في أعالي الجزيرة، في سورية، طهر الفخار القاتم لموقع تل العُبيد وهو يختص بتزيينات هندسية ضعيفة ويوضح انتشار هذا النموذج في مناطق وديان الخابور والبليخ والعاصي الأدنى مدى انتشار حضارة عصر العُبيد التي عقبت حضارة تل خلف. ولا يعود نجاح هذه الحضارة في ما حققته إلى ما تملكه من صفات ذاتية، ولكن على الأرجح إلى انتشار حضارة جديدة تعتمد على أسس جديدة في الانتاج وبناء المتجمع قوامها الانتاج الوفير للأدوات بنموذج متكرر وتحسين أساليب تنظيم الري.
وقد شجع التقدم في الأساليب الزراعية على تشييد مخازن لحفظ الغذاء، وكانت له نتائج هامة جدا على حياة الناس، منها تزايد عدد السكان وتأسيس المدن. وتبعاً لذلك حدث تغيير ملموس في بنيات المجتمعات. ويبدو أنه بدئ حينئذ بتخطيط نماذج دول – المدن التي عرفنا بعض أخبارها من المصادر السومرية.
وكلما أوغلنا في البحث وجدنا أنفسنا امام اسئلة هامة تطرح مشكلات كبيرة قد يصعب حلها ومنها أسئلة حول هوية هؤلاء السكان الذين وضعوا اسس الحضارة في بلاد الرافدين قبيل العصر السومري. إنه ليس من الدقة في شيء ان نتحدث عن السومريين قبل عصر أوروك 4 . وقد يكون تشكل مجتمعات عصر العٌبيد من تلاقي السكان المحليين في مناطق الخليج العربي بعناصر وفدت إلى إريدو من مناطق سامرّا وتل حلف (إريدو 19).
إن ما تؤكده الكشوف والدراسات التي نعرض نتائجها المتداولة تؤكد حقيقة مفادها وجود اتصال حضاري في بلاد الرافدين والشرق العربي كله منذ أقدم العصور. وبالنسبة إلى التاريخ القدي فإن هذا التواصل موجود ما بين العصر الحجري الحديث ومطلع العصور الكلاسيكية. ولكن ليس معنى هذا ان كل شيء أضحى واضحا ومفهوماً. فما يزال من الضروري بذل مزيد من الجهود لمعالجتها. إلا أن لحمة متصلة ومتينة تربط الآن ما بين المجتمعات الزراعية الأولى في كل الشرق الأدنى والمجتمعات المدنية الأولى في حوض البحر المتوسط. وتحتل بلاد الرافدين في هذه المراحل التأسيسية من تاريخ الحضارة موقعا مرموقا ومتصلا وما ظهور الكتابة في مرحلة ما عند هذه المجتمعات الزراعية إلا علامة من علامات التطور الفكري والمادي وليس خاتمة له، بل إنه دفع نحو تطورات نوعية اخرى اكبر وأوسع مدى، دون ان يغير كثيرا من مجرى الأحداث ومن حياة الناس المعاصرين.
إنه ليس صحيحا ان ظهور الوثائق الأولى المكتوبة قد شكل فاصلا قاطعة بين ما قبل التاريخ والتاريخ. وليس من الصحيح أيضاً ان نتصور ان التسجيل والتاريخ مناقضات لما قبل التاريخ كالتناقض بين النور والظلام. فالألواح الأولى التي كتبت بكتابة تصويرية في الألف الرابع ق.م تكاد ان تكون غير مفهومة. وحتى عندما نتوصل إلى فك طلاسمها فإنه من المحتمل الا نجد فيها الا مجرد جداول حسابات مشابهة لتلك التي تتضمنها بعض الألواح التي عثر عليها في السويات العتيقة من مواقع المدن السومرية. وهي تزودنا بأسماء بعض الاشخاص. ويمكن ان نستنتج من بعض الدلائل اللغوية وجود عناصر سومرية منذ ذلك العصر الباكر إلى جانب عناصر اخرى. ونستطيع كذلك ان نوضح من خلال تلك الوثائق بعض المعطيات الاقتصادية. ولكن الآثار هي أكثر بلاغة من تلك الاسماء الصمّاء.
فالمنشآت والمعمارية من الألف الرابع، وهي منشآت دينية ومدنية وعسكرية دفاعية ترتبط بعصر البطولة والملاحم التي حفظت وسجلت بعدئذ. وقد مرت على البلاد تطورات هامة لم تكن هناك وسيلة لتسجيلها لأن الكتابة لم تكن قد اخترعت بعد. ولم توجد الكتابة الا بعد تطورات اقتصادية، زراعية، وصناعية حرفية، وتجارية، وإدارية، تطلبت التسجيل والتوثيق.
وهكذا فإن فجر تاريخ بلاد الرافدين يرقى إلى الألف الثامن قبل الميلاد، اي إلى ما قبل العصر السومري بآلاف السنين.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|