أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
8094
التاريخ: 24-09-2014
9454
التاريخ: 13-12-2015
7827
التاريخ: 19-07-2015
9573
|
قال تعالى : {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة : 113] .
تكلم الناس كثيرا حول إسلام أبي طالب عم النبي (صلى الله عليه واله) ، واختلفت فيه الأقوال ، ووضعت فيه الكتب قديما وحديثا ، وأثير هذا الموضوع على صفحات مجلة العربي في العدد 108 و 110 .
واستدل القائلون بإسلامه بما لاقاه في سبيل الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله)من سراة قومه وصناديدهم ، وبأقواله في مدح الرسول شعرا ونثرا . أما القائلون بأنه مات على الشرك فقد استدلوا بروايات تقول : ان هاتين الآيتين نزلتا في شأن أبي طالب .
وحين بلغت في التفسير إلى هنا تتبعت الروايات والأقوال في صفحات الماضي والحاضر حول السبب لنزول الآيتين فخرجت بأن الرواة والمفسرين افترقوا في سبب نزول الآيتين إلى ثلاثة أقوال .
القول الأول :
ان جماعة من المؤمنين قالوا : نستغفر لموتانا المشركين ، كما استغفر إبراهيم (عليه السلام) لأبيه . فنزلت الآيتان . ذكر هذا القول الطبري والرازي وأبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط ، وصاحب تفسير المنار وغيرهم . وهذا القول أرجح من قول الآخرين ، لأن في الآيتين كلمات تشعر به ، منها قوله تعالى : ( . . والَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى ) فنهي المؤمنين عن الاستغفار لأقربائهم المشركين يشعر بأنهم كانوا يستغفرون لهم ، أو حاولوا ذلك ومنها قوله :
{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} [التوبة : 114] فإنه يحسن جوابا عن قول المؤمنين : كما استغفر إبراهيم لأبيه .
القول الثاني :
ان النبي (صلى الله عليه واله) أتى قبر أمه ، وبكى عنده ، واستأذن ربه أن يستغفر لها ، فنزلت الآيتان ، ذكر هذا القول الذين نقلنا عنهم القول الأول . وهذا القول أي ان الآيتين نزلتا حين بكى النبي عند قبر أمه أرجح من القول انهما نزلتا حين وفاة عمه أبي طالب ، لأن أبا طالب مات في مكة عام الحزن ، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات ، وسورة التوبة التي جاءت فيها الآيتان نزلت بالمدينة سنة تسع للهجرة أي بعد وفاة أبي طالب بحوالي 12 سنة .
القول الثالث :
ان الآيتين نزلتا في أبي طالب بدعوى ان النبي قال لعمه أبي طالب ، وهو يحتضر : أي عم قل لا إله إلا اللَّه فامتنع . . . فقال النبي : لأستغفرن اللَّه لك ما لم أنه عنك .
وردّ هذا القول جماعة من العلماء أولا بأن الآيتين - كما أشرنا - نزلتا بعد وفاة أبي طالب . ثانيا : بأن أبا طالب مات بعد أن اسلم وأخلص في إسلامه ( انظر الغدير للأميني ج 7 ص 369 وما بعدها طبعة سنة 1967 ) .
ولو صرفنا النظر عن أقوال المفسرين والرواة ، وعللنا عقيدة أبي طالب تعليلا يستمد مقوماته من طبيعة الحال ، لو فعلنا ذلك لجاءت النتيجة ان أبا طالب كان يؤمن بصدق محمد (صلى الله عليه واله) في جميع أقواله وأفعاله . . . وهذا هو الإسلام بالذات .
نشأ النبي (صلى الله عليه واله) يتيم الأبوين . . . مات أبوه ، وهو حمل ، وقيل : كان في المهد فكفله جده عبد المطلب ، وماتت أمه : وله من العمر ست سنوات ، وبقي في كنف جده ثماني سنوات ، ولما حضرته الوفاة أو كل الجد أمر حفيده إلى عمه أبي طالب ، ولم يكن أبو طالب أكبر أولاد عبد المطلب ، ولا أكثرهم مالا ، وانما كان أعظم إخوته قدرا ، وأكرمهم خلقا ، وأنداهم يدا ، فقام أبو طالب برعايته أحسن قيام ، وأحبه حبا شديدا ، وآثره على نفسه وأولاده ، ونظم في مدحه القصائد الطوال والقصار ، وكان يتبرك به ، ويلجأ إليه في الملمات ، لما ظهر على يده من الكرامات . فعن ابن عساكر ان أهل مكة قحطوا ، فخرج أبو طالب ، ومعه محمد ، وهو غلام ، فاستسقى بوجهه ، فأغدقت السماء واختصبت الأرض ، فقال أبو طالب :
وابيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل.
قال إسماعيل حقي في « روح البيان » عند تفسير الآية 54 من سورة يوسف :
« لقد آسى أبو طالب رسول اللَّه (صلى الله عليه واله) وذب عنه ما دام حيا » ، فالأصح انه ممن أحياه اللَّه للأيمان كما سبق في المجلد الأول .
ما هو السر ؟.
وإذا كان أبو طالب يحب محمدا ، ويؤثره على نفسه ، ويستميت في نصرته ، ويثق بصدقه واستقامته ، وقد رأى ما رأى من كراماته قبل النبوة وبعدها ، إذا كان ذلك كله فلما ذا - يا ترى - لم يؤمن بنبوته ؟ فإن صح الزعم بأن أبا طالب غير مسلم فينبغي أن يكون هناك سر منعه من الإسلام . . . وما هو هذا السر ؟.
هل رأى أبو طالب من محمد ، وهو يعرف سره وحقيقته ، هل رأى منه ما يتنافى مع النبوة ؟ حاشا خاتم النبيين وسيد المرسلين ، ومن ادعى هذا فما هو من الإسلام في شيء . . ثم كيف استطاع محمد (صلى الله عليه واله) أن يقنع رعاة الإبل بنبوته ، ومن لا يعرف عنه شيئا من قبل ، وعجز عن إقناع عمه أبي طالب الذي يعرف مصدره ومخبره ؟ هل كان أبو طالب أقل ذكاء من أعراب البادية ، أو كان في نفسه هوى يمنعه من الإسلام ، كما منع أصحاب الأغراض والأهواء ؟ .
والهوى الذي يمنع أبا طالب من اعتناق الإسلام - على فرض وجوده - لا يخلو أن يكون واحدا من اثنين : إما الخوف على ماله وثروته ، والمفروض ان أبا طالب عاش فقيرا ، ومات فقيرا ، وإما الخوف أن تذهب الرئاسة من بيت هاشم إلى غيره ، والمفروض العكس . . وإذا انتفى هذا وذاك انتفى المانع من اسلام أبي طالب ، وإذا عطفنا انتفاء المانع على وجود المقتضي لإسلامه ، وهو حبه لمحمد وعلمه بحقيقته ، كانت النتيجة ان أبا طالب من السابقين إلى الإسلام لا من المسلمين فحسب .
وإذا بطل القول بأن الآيتين نزلتا في أبي طالب ، ولم تثبت صحة الرواية بأنهما نزلتا في أم النبي (صلى الله عليه واله)تعين القول الأول ، أي انهما نزلتا في قوم من المؤمنين كانوا يستغفرون أو يحاولون الاستغفار لموتاهم المشركين . وظاهر الآيتين صريح في ذلك .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|