تعتبر حضارات العصور التاريخية في بلاد الشام مزيجا من العناصر الحضارية للشعوب السامية وغير السامية التي توافدت عليها على شكل هجرات وغزوات متتالية في فترات مختلفة. وكان لهذا الشعوب دور هام في تاريخ بلاد الشام في المراحل المختلفة.

الشعوب السامية التي توافدت على بلاد الشام في العصور القديمة:

انطلقت من شبه الجزيرة العربية هجرات ضخمة تدفقت على شكل موجات متتابعة وشقت طريقها الى الاراضي الخصبة في خارجها . ويذكر ان الفترة بين الموجة والتي تليها من هذه الهجرات بلغت نحو الف عام.

وكان بدء انطلاق اولى الهجرات السامية في نحو عام 5000ق.م، ويحتمل حدوث هجرات سامية بأعداد اقل قبل هذا التاريخ ومنهم الساميون الذين دخلوا مصر عن طريق وادي سيناء والدلتا واستقروا بها واختلطوا بسكان مصر الاصليين. وفي نهاية الالف الرابع واوائل الالف الثالث قبل الميلاد اخذت الهجرات السامية التي خرجت من الجزيرة العربية صورة منتظمة وبدات تطغى على منطقة الشرق الادنى وتؤثر فيها.

وكانت بلاد الشام مقرا لهذه الهجرات السامية حيث تعرضت لخمس هجرات منها على الاقل وذلك اكثر من الجهات الاخرى. ولم يكن انتشار هذه الشعوب السامية في اقاليم بلاد الشام بدرجة واحدة ولم تتمكن احداها من السيطرة على اقاليم بالكامل .وكانت الموجه الاولى التي نزلت بالإقليم السوري موجة الاموريين وذلك في منتصف الالف الثالث قبل الميلاد.

وفي نفس الوقت تقريبا انطلقت موجة الكنعانيين او الفينيقيين ونزلوا على السواحل في سوريا ولبنان وفلسطين وهي الموجة الثانية .

وكانت الموجة الثالثة في منتصف الالف الثاني قبل الميلاد وهي موجة الاراميين الذين توغلوا في شمال ووسط سوريا.

وفي نفس الوقت تقريبا انطلقت الموجه الرابعة وهي موجة العبرانيين الذين نزلوا في الاقليم السوري وتركزوا حول منطقة البحر الميت.

  وفي حوالي القرن الخامس قبل الميلاد انطلقت الموجه الخامس التي تمثلت في هجرة الانباط الى شمال شرق خليج العقبة في مواقع شرق الاردن حاليا.

ولم تكن بلاد الشام خالية من السكان عند قدوم هذه الهجرات السامية.

الكبرى اليها، بل كلن يسكنها اقوام من عناصر مختلفة وكان ينتمي قسم كبير منهم الى جنس البحر المتوسط وهو فرع من الساميين.

وقد اندمج الساميين في الهجرات المتتالية مع السكان الاصليين الذين كانوا اقلية واصبح الساميون يشكلون غالبية السكان وسرعان ما طفت العناصر الحضارية السامية على العناصر الاخرى.