أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-4-2022
1993
التاريخ: 18-2-2022
1905
التاريخ: 29-9-2016
1657
التاريخ: 18-2-2022
2008
|
الانسان ما دام يحبّ ما يوافقه و يحتاج إليه و يكره ما يخالفه و يتاذى منه فلا يخلو عن الغيظ و الغضب بجبلة طبعه فانه مهما اخذ منه محبوبه أو قصد بمكروه غضب لا محالة ، و هذا يختلف باختلاف الأشخاص و إنما المحبوب الضروري لكل أحد ما أشار إليه رسول اللّه (صلى الله عليه واله) بقوله : «من أصبح آمنا في سر به معافا في بدنه ، و له قوت يومه ، فكأنما خيّرت له الدنيا بحذافيرها»(1).
فمن كان بصيرا بحقايق الامور و سلمت له هذه الثلاث و كل ما كان ضروريا له خاصّة يتصور أن لا يغضب في غيرها أعني يقدر على أن لا يطيع الغضب و لا يستعمله في الظاهر إلا على حد يستحبه الشرع و يستحسنه العقل ، و ذلك بالمجاهدة و تكلف التحلم و الاحتمال مدّة حتّى يصير الحلم و الاحتمال خلقا راسخا فاما قمع أصل الغيظ من القلب و ذلك مقتضى الطبع فهو غير ممكن ، نعم يمكن كسر سورته و تضعيفه حتّى لا يشتد هيجان الغيظ في الباطن و ينتهي ضعفه إلى أن لا يظهر أثره في الوجه و لكن ذلك شديد جدّا.
إن قيل : إنما الواجب التألم بفوات المحتاج اليه دون الغضب ، فمن له شاة مثلا و هي قوته فماتت فلا يغضب على أحد و إن كان يحصل فيه كراهة و ليس من ضرورة كل كراهة غضب فان الانسان يتألم بالفصد و الحجامة و لا يغضب على الفصاد و الحجام ، فمن غلب عليه التوحيد حتّى يرى الأشياء كلها من اللّه تعالى فلا يغضب على أحد من خلقه ، إذ يراهم مسخرين في قبضة قدرته كالقلم في يد الكاتب ، و من وقع عليه ملك يضرب رقبته لم يغضب على القلم فيندفع الغضب بغلبة التوحيد و يندفع أيضا بحسن الظن باللّه ، و هو أن يرى أن الكل من اللّه تعالى و أن اللّه لا يقدر له إلا بما فيه الخيرة، و ربّما تكون الخيرة في جوعه و مرضه و جرحه و قتله فلا يغضب كما لا يغضب على الفساد ، لانه يرى أن الخيرة فيه.
فنقول : إنّ هذا على هذا الوجه غير محال ، و لكن غلبة التوحيد على هذا الوجه إنما يكون كالبرق الخاطف لا يدوم و يرجع القلب إلى الالتفات إلى الوسايط رجوعا طبيعيا لا يندفع عنه ، و لو تصور ذلك على الدّوام لبشر لتصور رسول اللّه (صلى الله عليه واله).
و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : «كان النبي (صلى الله عليه واله) لا يغضب للدنيا فاذا أغضبه الحق لم يعرفه أحد و لم يقم على غضبه شيء حتّى ينتصر له»(2) ، فكان يغضب على الحق و إن كان غضبه للّه فهو التفات إلى الوسايط على الجملة بل كل من غضب على من يأخذه ضرورة قوته و حاجته التي لا بد له في دينه منها، فانما غضب للّه فلا يمكن الانفكاك عنه نعم قد يفقد أصل الغيظ فيما هو ضروري إذا كان القلب مشغولا بضروري أهم منه ، فلا يكون في القلب متّسع للغضب ، لاشتغاله بغيره ، فان اشتغل القلب ببعض المهمّات يمنع الاحساس بما عداه.
و هذا كما أن سلمان (رضي الله عنه) لما شتم قال : إن خفت موازيني فأنا شرّ ممّا تقول ، و إن ثقلت موازيني لم يضرّني ما تقول ، فقد كان همه مصروفا إلى الآخرة فلم يتأثر قلبه بالشتم ، فاذا يتصور فقد الغيظ إما باشتغال القلب بمهمّ ، أو بغلبة نظر التوحيد ، أو بسبب ثالث و هو أن يعلم أن اللّه يحب منه أن لا يغتاظ فيطفي شدة حبّه للّه غيظه و ذلك غير محال في أحوال نادرة.
__________________
1- احياء علوم الدين : ج 3 , ص 161 , و امالي الطوسي : ص 599.
2- أخرجه الترمذي في الشمائل.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|