هل توجد انواع عدة من الثقوب السوداء؟

إن الثقوب السوداء هي أشياء غاية في البساطة من الناحية النظرية . فمع ان الثقب الأسود هو في أصله شيء ذو بنية معقدة، إلا أن كل الأمور تغدو في منتهى اليسر والبساطة بعد تكون هذا الثقب. ذلك ان السمات المميزة للشيء الأولي (كالشكل أو وجود الحقل المغناطيسي أو غيرهما) تختفي من غير أن تترك وراءها أي أثر. هذه الخاصية نجدها ملخصة في جملة الباحث جون ويلر. هذه الخاصية نجدها ملخصة في جملة الباحث جون ويلر التي لا تخلو من لبس وغموض : "ليس للثقب الأسود شعر"، حيث يشير لفظ الشعر إشارة مجازبة غلى كل ما قد ينم عن خاصية يتميز ويتفرد بها الثقب الأسود. لنلاحظ أنه في ضوء ما تملكه من معارف في حقل الفيزياء الفلكية، يتبين أن محيط الثقب الأسود قمين بأن يخبرنا عن نمط تشكله. من ذلك مثلاً أن ثقباً أسود يساوي بضع كتل شمسية وينتمي إلى نظام ثنائي هو على الأرجح ثقب أسود نجمي.

وسواء صرفنا اهتمامنا إلى نمط تشكل الثقب الأسود أم لم نصرفه، فإن هذا الثقب تحدده تحديداً مطلقاً في لحظة معينة مقادير ثلاثة أو غير.

1- إن كتلة الثقب الأسود هي التي تحدد حجمه ، الذي يقاس بشعاع شوارز شيلد الخاص به. لنذكر بأن الأمر لا يتعلق بكتلة الفرادة المركزية، التي هي كتلة منعدمة أصلاً، بل بكتلة المنطقة التي يحجبها أفق الأحداث. وكلما زاد الثقب الأسود ابتلاعاً للمادة، زادت هذه المنطقة تضخماً واتساعاً.

2- إن اللحظة الحركية ترتبط بسرعة دوران الثقب الأسود حول نفسه. وهذا مقدار يستمر ويبقى في مجال الفيزياء . ومن ثم فإذا تكون الثقب الأسود انطلاقاً من مادة في حالة دوران، فإنه سيدور لزاماً هو الآخر حول نفسه.

3- اما الشحنة الكهربائية ، فهي تشكل مقداراً ذا أهمية أقل وادنى على صعيد الممارسة الفعلية، ذلك أن حظوظ العثور على ثقب أسد مشون كهربائياً هي حظوظ ضئيلة لأن هذه الشحنة سرعان ما سينال منها الوسط المحيط بالثقب ويبطل مفعولها. لذا ارتضينا أن ندع جانبياً السمات الخاصة بالثقوب السوداء المشحونة.

يخلف دوران ثقب أسود حول نفسه نتائج مهمة تؤثر في هندسة الزمكان المجاور له. لقد تناولنا بالوصف آنفاً هندسة شوارزشيلد التي تخبرنا عن الثقوب السوداء القارة. لكن إذا كان الثقب الأسود في حال دوران، فإن هندسة الزمكان التي تنطبق عليه آنئذ هي هندسة كير، نسبة إلى عالم الرياضيات النيوزيلندي روي كير Roy Kerr⁽¹⁾، الذي وضع حسابها في الستينات من القرن العشرين . مدار الأمر هنا أن أفق هذا الثقب (الذي يكون كروي الشكل في الحالة القارة) يتخذ تحت تأثير القوة النباذة شكلاً ممتداً متطاولاً، تماماً كما تصير الأرض مبطحة في القطبين بفعل حركة الدوران التي تخضع لها. ومميز يثير الدهشة أكثر أن الثقب الأسود يجر معه الفضاء جراً في خصم دورانه مثل دوامة عاتية. وعلى صعيد  الأفق، يضظر الفضاء غلى الدوران بالسرعة ذاتها التي يدور بها الثقب ، بينما يصير دورانه بطيئاً اكثر فأكثر كلما نأى عن الأفق.

_________________________________

(1) روي كير (1934) : عالم رياضيات نيوربلندي ذاع صيته ابتداء من سنة 1963 ، حين توصل إلى إيجاد حل دقيق لمعادلات النسبية العامة التي نصف الثقب الأسود الدوار.