أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-5-2022
1940
التاريخ: 2024-08-05
359
التاريخ: 10-5-2022
1768
التاريخ: 18-9-2016
2389
|
ويقع البحث فيها من جهات :
[جهات البحث] :
الجهة الأولى: في المراد من اليد ، والظاهر أن المراد منها الاستيلاء الخارجي وهذا المعنى يختلف بحسب إختلاف الموارد، ولا وجه لإطالة البحث في هذه الجهة إذ الاستيلاء أمر عرفي ولا يكون أمرا مجهولا فتارة محرز فيترتب عليه الأثر وأخرى يكون مشكوكا فيه فلا يترتب الأثر عليه بل في مورد الشك يمكن إحراز عدمه بالاستصحاب إذ ذكرنا كرارا أنه لا مانع من جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية.
الجهة الثانية : في الوجوه التي يمكن الاستدلال بها على المدعى :
الوجه الأول : السيرة الجارية بين العقلاء والمتشرعة فإنه لا إشكال في أن العقلاء في جميع العالم يرون اليد أمارة على كون ذيها مالكا لما فيها ومن الظاهر الواضح أنه لم يردع عن هذه السيرة من قبل الشارع.
الوجه الثاني: الإجماع، وفيه الإشكال الساري في جميع الإجماعات المنقولة وأنه لا اعتبار بها ولا اعتبار بمحصله وإنما الاعتبار بالإجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليه السّلام وأنّى لنا بذلك.
الوجه الثالث: جملة من النصوص منها ما رواه عثمان بن عيسى وحماد بن عثمان جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث فدك أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال لأبي بكر : أتحكم فينا بخلاف حكم اللّه في المسلمين؟ قال: لا قال: فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ادعيت أنا فيه من تسأل البيّنة؟ قال: إياك كنت أسأل البينة على ما تدّعيه على المسلمين، قال: فإذا كان في يدي شيء فادّعى فيه المسلمين تسألني البيّنة على ما في يدي وقد ملكته في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وبعده ولم تسأل المؤمنين البيّنة على ما ادّعوا عليّ كما سألتني البيّنة على ما ادّعيت عليهم، إلى أن قال: وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر «1».
ومنها ما رواه جميل بن صالح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل وجد في منزله دينارا، قال: يدخل منزله غيره؟ قلت: نعم كثير، قال: هذا لقطة ، قلت:
فرجل وجد في صندوقه دينارا، قال: يدخل أحد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئا؟ قلت: لا قال: فهو له «2».
ومنها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الدار يوجد فيها الورق فقال: إن كانت معمورة فيها أهلها فهي لهم وإن كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالذي وجد المال أحق به «3».
فإنّه يستفاد من هذه النصوص اعتبار اليد والعرف ببابك.
وأما حديث حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال له رجل: إذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي أن أشهد أنه له، قال: نعم قال الرجل : أشهد أنه في يده ولا أشهد أنه له فلعلّه لغيره، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ فيحل الشراء منه؟ قال: نعم فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: فلعله لغيره.
فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه ولا يجوز أن تنسبه الى من صار ملكه من قبله إليك، ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق «4».
فلا يعتد به سندا فلا تصل النوبة الى ملاحظة دلالته وفي باب ميراث الأزواج نصوص توهم بعض دلالتها على المدعى منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألني: هل يقضي ابن أبي ليلى بالقضاء ثم يرجع عنه فقلت له: بلغني أنه قضى في متاع الرجل والمرأة إذا مات أحدهما فادّعاه ورثة الحي وورثة الميت أو طلقها فادّعاه الرجل وادّعته المرأة المرأة بأربع قضايا فقال: وما ذاك؟ قلت: أما أوّلهن فقضى فيه بقول إبراهيم النخعي كان يجعل متاع المرأة الذي لا يصلح للرجل للمرأة ومتاع الرجل الذي لا يكون للمرأة للرجل وما كان للرجال والنساء بينهما نصفان ثم بلغني أنه قال أنهما مدعيان جميعا فالذي بأيديهما جميعا (يدعيان جميعا) بينهما نصفان ثم قال: الرجل صاحب البيت والمرأة الداخلة عليه وهي المدعية فالمتاع كله للرجل الّا متاع النساء الذي لا يكون للرجال فهو للمرأة ثم قضى بقضاء بعد ذلك لولا أني شهدته (لم أروه عنه) ماتت امرأة منا ولها زوج وتركت متاعا فرفعته إليه فقال: اكتبوا المتاع فلما قرأه قال للزوج: هذا يكون للرجال والمرأة فقد جعلناه للمرأة الا الميزان فإنه من متاع الرجل فهو لك فقال عليه السّلام لي: فعلى أي شيء هو اليوم؟ فقلت: رجع الى أن قال بقول إبراهيم النخعي أن جعل البيت للرجل ثم سألته عليه السّلام عن ذلك فقلت: ما تقول أنت فيه فقال: القول الذي أخبرتني إنك شهدته وإن كان قد رجع عنه فقلت: يكون المتاع للمرأة؟ فقال: أرأيت إن أقامت بيّنة إلى كم كانت تحتاج فقلت شاهدين فقال: لو سألت من بين لابتيها يعني الجبلين ونحن يومئذ بمكة لأخبروك أن الجهاز والمتاع يهدى علانية من بيت المرأة الى بيت زوجها فهي التي جاءت به وهذا المدّعي فإن زعم أنه أحدث فيه شيئا فليأت عليه البيّنة «5».
ومنها ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في امرأة تموت قبل الرجل أو رجل قبل المرأة قال: ما كان من متاع النساء فهو للمرأة وما كان من متاع الرجال والنساء فهو بينهما ومن استولى على شيء منه فهو له «6».
ومنها ما رواه رفاعة النخاس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إذا طلق الرجل امرأته وفي بيتها متاع فلها ما يكون للنساء وما يكون للرجال والنساء قسّم بينهما قال: وإذا أطلق الرجل المرأة فادّعت أن المتاع لها وادعى الرجل أن المتاع له كان له ما للرجال ولها ما يكون للنساء وما يكون للرجال والنساء قسّم بينهما «7».
ولكن هذه الروايات لا تدل على المدعى أما الرواية الأولى فتدل على أن الدليل قائم على أن ما في البيت مملوك للمرأة ولا تدلّ على اعتبار اليد.
وأما الحديث الثالث والرابع فمضافا إلى ضعف سند الثالث لا يدلان على اعتبار اليد بل يدلان على مطلب آخر كما هو واضح عند المراجع.
أضف الى ذلك الحديث الثاني من الباب وهو ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل يموت ماله من متاع البيت ؟
قال: السيف والسلاح والرحل وثياب جلده «8».
فإنّه يدل على خلاف مدلول الحديثين فلاحظ.
ثم أن اليد إذا كانت يد المسلم هل تكون إمارة على التذكية؟ الظاهر أن الأمر كذلك ويمكن الاستدلال على المدعى بوجوه :
الوجه الأول: السيرة القطعية الجارية بين أهل الإسلام بلا نكير وهذه السيرة متصلة الى زمان مخازن الوحي أرواحنا فداهم.
الوجه الثاني: الإجماع المدعى في المقام وعدم الخلاف.
الوجه الثالث: الارتكاز المتشرعي .
الوجه الرابع: إنه لو لم يكن كذلك لشاع وذاع والحال أن خلافه كذلك.
الوجه الخامس: أنه لو لم تكن يد المسلم إمارة على التذكية يلزم العسر والحرج.
الوجه السادس: النصوص لاحظ ما رواه إسماعيل بن عيسى قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الجلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل أ يسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلما غير عارف؟ قال: عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك وإذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا عنه «9».
الوجه السابع: أن النصوص الدالة على إمارية سوق المسلمين على التذكية تدل على المدعى إذ السوق لا موضوعية له بل هو طريق الى الإسلام من يكون فيه فتلك النصوص تدل على المدعى بالأولوية.
الجهة الثالثة: أن الظاهر أن اليد إمارة في قبال بقية الإمارات والوجه فيه أنه لا يكون تعبد من قبل العقلاء على جعل اليد إمارة على الملكية بل حيث أن الطبع الأولي يقتضي أن ما في اليد مملوك لذيها وخلافه خلاف الأصل الأولي بنوا على العمل على طبقها ومن الظاهر أن هذا كاشف عن الواقع.
وإن شئت فقل: إن اليد إما موجبة للاعتقاد بكون ما في اليد مملوكا لذيها وإما موجبة للظن بالملكية ولو نوعا وعلى كلا التقديرين تكون كاشفة عن الواقع وهذا ظاهر واضح.
الجهة الرابعة : في موارد التعارض بين أمارية اليد والأدلة الاخر فنقول :
لا إشكال في تقدّمها على الاستصحاب لوجهين :
الوجه الأول : أن القاعدة أمارة وكاشفة عن الواقع والاستصحاب قد أخذ في موضوعه الجهل والشك فتكون القاعدة حاكمة عليه.
الوجه الثاني : أن الاستصحاب لو كان مانعا عن الأخذ بالقاعدة تكون القاعدة لغوا أو كاللغو إذ ما من مورد إلا القليل الّا وكان الاستصحاب خلاف مقتضاها.
وأما مع الإقرار فلا إشكال في تقديمه عليها فإن دليل اعتبار القاعدة السيرة ومن الظاهر أن السيرة لا لسان لها فلا مجال لتوهم الإطلاق.
وأما مع البينة فلا إشكال أيضا في تأخر القاعدة عنها أما أولا فلما تقدم آنفا، وأما ثانيا، فلأن الحاكم يحكم بمقتضى البينة فيعلم أنّها مقدّمة على اليد في الشرع الأقدس.
وأما في مورد تنافيها مع قول العدل الواحد أو الثقة كذلك فلا يمكن الجزم بتقدّم القاعدة عليهما.
إذ يرد على القول بالتقديم أنّه قد تقدم أن دليل اعتبارها السيرة والجزم بتحققها عند معارضتها معهما مشكل ومقتضى الأصل عدمها.
بل لقائل أن يقول لا بد من تقديم قول العدل الواحد والثقة الواحد لاحظ ما عن الامام العسكري «10».
لكن يشكل الاستدلال على المدعى بالحديث المشار إليه فإن المذكور في الحديث عنوان شاهدين ولا يشمل العدل الواحد.
وأما الثقة فلم يذكر فيه.
إذا عرفت ما تقدم نقول: يقدم الاستصحاب على القاعدة في موردين :
المورد الأول: ما لو أقرّ ذو اليد بعدم ما فيها مملوكا له سابقا وكان ملكا للمدعي لكن يدعي بعد ذلك أنه صار مملوكا له فإن الاستصحاب يقتضي عدم انتقال العين إليه والوجه فيه القصور في دليل اعتبار اليد.
المورد الثاني: ما لو كانت اليد عادية سابقا وادّعى ذو اليد أن ما في يده صار ملكا له فإن الاستصحاب يقدم عليه لما تقدم آنفا من قصور دليل أمارية اليد فلا يمكن أن يستدل بها على صحة دعواه.
وفي المقام فروع :
الفرع الأوّل: أن اليد على شيء والاستيلاء عليه [هل تدل على زوجية امرأة تكون تحت استيلائه] :
كما تدل على كون ذلك الشيء ملكا لذيها هل تدل على زوجية امرأة تكون تحت استيلائه وفي داره أم لا ؟
وإن شئت فقل: اليد على العرض هل تكون دالة على الزوجية بحيث لا يحتاج الى الإثبات بل من يدعي الخلاف عليه إقامة البيّنة أم لا ؟
الذي يختلج بالبال في هذه العجالة أن يقال لا بد من التفصيل بأن يقال: تارة يكون المنكر للزوجية نفس المرأة وأخرى شخص آخر أجنبي يدعي زوجيّتها وعلى الثاني قد تكون الزوجة مصدّقة للمدعي وأخرى منكرة لدعواه وثالثة تكون ساكتة فهنا صور:
الصورة الأولى : أن يكون المنكر نفس الزوجة، وفي هذه الصورة لا يبعد أن يكون القول قول المنكر أي المرأة والوجه فيه أن غاية ما يمكن أن يقال في اعتبار اليد والاستيلاء في المقام وغيره، السيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع ولا سيرة في هذه الصورة ولا أقل من الشك فيها ومع الشك يكون مقتضى القاعدة عدم الاعتبار فيكون المرجع أصالة عدم الزوجية.
الصورة الثانية : أن يكون المدعي شخصا أجنبيا وفي هذه الصورة إن كانت المرأة مكذبة إيّاه أو كانت ساكتة فالظاهر أن اليد والاستيلاء دليل على الزوجية والمدعي للخلاف يحتاج الى إقامة البيّنة وإن كانت مصدقة إيّاه فالظاهر عدم الاعتبار باليد لعدم الدليل على اعتبارها فالذي تكون المرأة في داره يحتاج الى إقامة البيّنة ولا يبعد أن يحكم بزوجية المرأة للأجنبي إذ الحق لا يعدوهما.
الفرع الثاني: إن إخبار ذي اليد بنجاسة ما في يده أو طهارته هل يكون معتبرا أم لا؟
ما يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال على الاعتبار أو ذكر وجوه :
الوجه الأول: اتّفاق الأصحاب، قال في الحدائق : (ظاهر الأصحاب الاتفاق على قبول قول المالك في طهارة ثوبه وإنائه ونحوهما ونجاستهما) .
الوجه الثاني: السيرة بدعوى أنّها جارية على معرفة الأشياء من إخبار المتولي عليها لأنه أعرف من غيره بحال ما في يده وهذه السيرة ممضاة من قبل الشارع الأقدس وقال سيدنا الأستاذ في هذا المقام في شرحه على العروة الوثقى:
«لقيام السيرة القطعية على المعاملة مع الأشياء المعلومة نجاستها السابقة معاملة الأشياء الطاهرة لدى الشك إذا أخبر ذو اليد بطهارتها ويؤكد السيرة المدعاة أن الإنسان بحسب فطرته وجبلّته يسأل المتولّي على شيء اذا كان جاهلا بما يتعلق به والظاهر أن هذه العادة الجارية بين العقلاء غير قابلة للإنكار».
الوجه الثالث: جملة من النصوص، منها ما رواه أبو بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفأرة تقع في السمن أو في الزيت فتموت فيه فقال: إن كان جامدا فتطرحها وما حولها ويؤكل ما بقي وإن كان ذائبا فأسرج به وأعلمهم إذا بعته «11».
ومنها ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في جرذ مات في زيت ما تقول في بيع ذلك؟
فقال: بعه وبيّنه لمن اشتراه ليستصبح به «12».
ومنها ما رواه إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله سعيد الأعرج السمان وأنا حاضر عن الزيت والسمن والعسل تقع فيه الفأرة فتموت كيف يصنع به؟ قال: أما الزيت فلاتبعه الّا لمن تبيّن له فيبتاع للسراج وأما الأكل فلا وأما السمن فإن كان ذائبا فهو كذلك وإن كان جامدا والفأرة في أعلاه فيؤخذ ما تحتها وما حولها ثم لا بأس به والعسل كذلك إن كان جامدا «13».
بتقريب إن العرف يفهم أن الأمر بالإخبار لزوم قبول قول المخبر.
وفيه: إن الوارد في هذه النصوص عنوان الإعلام والتبيين ومن الواضح أن مجرد الإخبار لا يكون إعلاما وتبيينا بل العنوانان إنما يتحققان عند حصول العلم بالمخبر به فلا تكون دليلا على اعتبار الإخبار بما هو إخبار.
اللهم إلا أن يقال: أن العرف يفهم أن المراد بالإعلام والتبيين، الاخبار عن الواقع وهذا العرف ببابك.
وإن شئت قلت: إذا أخبر شخص عن شيء يصحّ أن يقال أنه أعلم أو بيّن .
الوجه الرابع : ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلى فيه وهو لا يصلي فيه قال: لا يعلمه، قلت: فإن أعلمه، قال: يعيد «14».
وفيه أنه لا يمكن الأخذ بمفاد الخبر فإنه خلاف ما استفيد من الشرع من صحة الصلاة مع الجهل بالنجاسة.
الوجه الخامس: ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج ويقول: قد طبخ على الثلث وأنا أعرفه أنه يشربه على النصف فقال: خمر لا تشربه، قلت: فرجل من غير أهل المعرفة ممّن لا نعرفه يشربه على الثلث ولا يستحلّه على النصف يخبرنا أن عنده بختجا على الثلث قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه يشرب منه؟ قال: نعم «15».
وما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحقّ يأتيني بالبختج ويقول: قد طبخ على الثلث وأنا أعرف أنّه يشربه على النصف أ فأشربه بقوله وهو يشربه على النصف؟
فقال: لا تشربه.
قلت: فرجل من غير أهل المعرفة ممّن لا نعرفه يشربه على الثلث ولا يستحلّه على النصف يخبرنا أن عنده بختجا على الثلث قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه يشرب منه؟ قال: نعم «16».
الفرع الثالث: أنه هل يجوز الشهادة مستندة الى اليد أم لا ؟
جاء في بعض الكلمات في هذا المقام أنها جائزة إذ القطع في مورد الشهادة لازم لكن على نحو الطريقية ومن ناحية أخرى قد حقق في محله قيام الأمارات مقام القطع الطريقي أو الموضوعي الذي أخذ على الطريقية ومن ناحية ثالثة أن اليد من الأمارات فعلى طبق القاعدة تجوز الشهادة على طبق اليد.
أقول: يقع الكلام هنا في مقامين :
المقام الأول: في مقتضى القاعدة الأولية.
المقام الثاني: فيما يستفاد من النصوص الخاصة.
أما المقام الأول فنقول: مقتضى القاعدة الأولية عدم الجواز والوجه فيه: أن الشهادة من الحضور {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام: 73] وبعبارة اخرى : كون الشيء معلوما غير كونه مشهودا ولذا نحن بحمد اللّه قائلون وعالمون بوجود الإمام الغائب سلام اللّه عليه ومع ذلك لا يكون حاضرا.
وبعبارة واضحة مع القطع الوجداني بالواقعة لا تجوز الشهادة فكيف بغيره ولذا لا تجوز الشهادة بالزنا ولو مع القطع به ولا بدّ فيها من رؤيته كالميل في المكحلة.
ولتوضيح المقام أزيد مما تقدم، نقول: تارة يريد الشخص الإخبار عن ملكية ما في يد أحد بأنه لذيها فإنه جائز بلا إشكال إذ حقق في محله قيام الأمارات مقام القطع وأما الشهادة فلا فإن الشهادة إخبار خاص في إطار مخصوص ولا يتحقق مفهوم الشهود الّا بالحضور والعرف واللغة ببابك.
بل التبادر يقتضي هذا المعنى، وإن شئت قلت: مجرد كون الشخص عالما بشيء لا يكون شاهدا عليه ولو شك في سعة المفهوم وضيقه يكون مقتضى الصناعة والأصل عدم التوسعة فإن أصالة عدم كون اللفظ موضوعا للأعم يقتضي عدم الصدق الّا مع الحضور وأصالة عدم كونه موضوعا للخاصّ لا يقتضي كونه موضوعا للعام الّا على القول بالمثبت الذي لا نقول به.
إن قلت : على هذا كيف يشهد الموحدون في العالم بقولهم «أشهد أن لا إله الّا اللّه» مع عدم حضور ذاته سبحانه.
قلت: يمكن أن يكون الوجه فيه أن جميع الموجودات الكونية برمّتها أدلة وجوده وكاشفة عن تلك الذات الحقيقية والشاهد لما نقول ما صدر عن مخزن الوحي خامس أصحاب الكساء في يوم عرفة فإن من جملة دعائه عليه السّلام : (عميت عين لا تراك).
وإن أبيت عمّا قلنا، نقول: لا بد من الحمل على المجاز فلاحظ، ويؤكد المدعى بل يدلّ عليه أنه لو كانت الشهادة عند الحاكم جائزة، لا يبقى أثر لإقامة البينة على صدق ذي اليد إذ لو كانت اليد سببا لجواز الشهادة على واقع الأمر يكون الشهود كثيرا فالنتيجة عدم الجواز نعم تجوز الشهادة بالملكية الظاهرية.
وأما المقام الثاني فقد وردت في المقام عدة نصوص، منها: ما رواه حفص ابن غياث .
بتقريب أنه يستفاد من الحديث جواز الشهادة على طبق اليد.
ويرد عليه أن السند ضعيف بقاسم بن يحيى وكون الرجل في أسناد كامل الزيارات لا أثر له كما بيّناه في محله.
مضافا الى أنّه لا يبعد أن يكون المراد بالشهادة، الشهادة بالملكية الظاهرية والدليل عليه ذيل الحديث إذ من الظاهر أن الشهادة بالملكية الظاهرية كافية لقيام الأسواق للمسلمين.
ثم أنه هل تجوز الشهادة بمقتضى الاستصحاب؟
الكلام فيه هو الكلام بل ما ذكرناه في مقام التأكيد يدل على عدم الجواز بالاستصحاب بطريق أولى .
وأما حديث معاوية بن وهب قال: قلت له: إن ابن أبي ليلى يسألني الشهادة عن هذه الدار مات فلان وتركها ميراثا وأنّه ليس له وارث غير الذي شهدنا له فقال اشهد بما هو علمك، قلت: إن ابن أبي ليلى يحلفنا الغموس فقال: احلف إنما هو على علمك «17» وحديثه الآخر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام :
الرجل يكون له العبد والأمة قد عرف ذلك فيقول أبق غلامي أو أمتي فيكلّفونه القضاة شاهدين بأن هذا غلامه أو أمته لم يبع ولم يهب أ نشهد على هذا إذا كلّفناه، قال: نعم «18».
فربما يتوهم دلالتهما على جواز الشهادة ببركة الاستصحاب لكن يمكن أن يكون الإمام عليه السّلام ناظرا الى جواز الشهادة في المقام بما يكون معلوما في الظاهر ومن الواضح أن هذا المقدار جائز على طبق القاعدة وبعبارة أخرى في الحديث الأول قد صرح بجواز الشهادة بالمقدار المعلوم وكذلك يجوز الحلف بهذا المقدار والمستفاد العرفي من كلامه عليه السّلام أن المقدار المعلوم للسائل وهو كون زيد وارثا وكون الدار كانت ملكا بحسب الموازين لمن مات وأما الشهادة على عدم وارث آخر وبقاء الدار في ملك الميت الى آخر زمان حياته بحيث تكون الشهادة على الواقع، فلا يستفاد من الحديث.
ويفهم من الجملة الواقعة في الذيل أي قوله عليه السّلام: (إنما هو على علمك) أن الميزان في الجواز في الشهادة المقدار المعلوم بحسب الظاهر ولا يكون الإمام عليه السّلام في مقام بيان اعتبار الاستصحاب وأنّه تجوز الشهادة بالاستصحاب وإلّا لم يكن مورد لحصر الجواز في المقدار المعلوم إذ بالاستصحاب ينكشف بقاء الدار في ملكه إلى آخر زمان حياته وينكشف أيضا عدم وارث آخر.
وأما الحديث الثاني فإن قلنا بأن المستفاد منه ما هو المستفاد من الحديث الأول فهو وإلا نقيده بالحديث الأول وان أبيت عما قلنا وقلت بأنهما متعارضان نقول:
يسقطان عن الاعتبار إذ الأحدث منهما غير معلوم فلاحظ.
الفرع الرابع: أن اليد على العين إذا كانت متعددة فهل يقع التعارض بحيث ينفي كل واحد منهما الملكية للآخر أم لا؟
الحق هو الثاني ولتوضيح المدعى وما هو الحق لا بدّ من بيان الشركة في عين واحدة بين متعدد فنقول:
ربما يقال: أن الشركة في عين واحدة لا تنافي الاستقلال أي يمكن أن يكون كل من الشريكين مالكا للعين بالاستقلال.
وهذا الذي أفيد بمراحل عن الواقع إذ تارة نقول: الاعتبار خفيف المئونة في كل أمر ولو كان من المحالات كاجتماع النقيضين وقابل للاعتبار وأخرى نقول: لا بد في الاعتبار من القصر على موارد قابلة لترتب الأحكام والآثار وتكون قابلة للعرض الى السوق العقلائي ومن الظاهر أن المتيقن الشق الثاني وعليه نقول:
الاستقلال ينافي الاشتراك وكل منهما يطارد الآخر وهذا ظاهر عند اللبيب.
وربما يقال: أن العين المشتركة مملوكة لكلا الشريكين أي يكون المالك مجموعهما.
وهذا القول ملحق بالأول في البطلان فإن الاشتراك أشرب في مفهومه إن كل واحد من الشريكين أو الشركاء مالكا لمقدار من العين.
وصفوة القول: إن القول المذكور مردود عند العقلاء وأهل الشرع.
وربما يقال: إن كل واحد من الشريكين مالك لمقدار معين في الخارج وهذا القول مضافا الى عدم كونه مقبولا عند العرف وأهل الشرع لا دليل عليه فهو أيضا ملحق بالقولين السابقين في البطلان.
والقول الصحيح الموافق لآراء العقلاء وأهل الشرع إن كل واحد من الشريكين مالك لمقدار من العين على نحو الإشاعة أي مالك للكسر المشاع.
إذا عرفت ما تقدم نقول: إذا فرضنا استيلاء أكثر من واحد على عين فهل تكون يد كل واحد منهما أمارة على مملوكية جزء معين خارجي أو أمارة على كونه مالكا للكسر المشاع، أما الأول فقد قلنا أنه غير تام ويكون تصرف أحدهما في المعين جورا وعدوانا في نظر العقلاء.
وأما الثاني فالمفروض أنه لا يدل للشريك على الكسر المشاع فما الحيلة وما الوسيلة؟
إلا أن يقال: ان اليد في مثله لا تكون أمارة وهو كما ترى، والذي يهون الخطب أنّ العرف يراهما ذا اليد على مجموع الدار مثلا فتكون أمارة لكون الدار لهما.
ومن ناحية اخرى أن الاشتراك في نظر العقلاء عبارة عن كون كل منهما مالكا للكسر المشاع فالنتيجة أن يد المتعدد على عين تدل على كون كليهما مالكين على نحو الاشتراك الصحيح.
هذا فيما يكون مجموع العين في يدهما وأما إذا فرضنا أن الطبقة الأولى تحت يد أحدهما والطبقة الثانية تحت يد الآخر تكون اليد أمارة مملوكية كل طبقة لمن يكون مستوليا عليها.
ولما انجر الكلام إلى هنا نقول :
قد أشير في بعض الكلمات إلى أن مملوكية الأخماس والزكوات التي لأربابها على أي نحو وهل تكون الأخماس مثلا مملوكة للمذكورين في الآية على نحو الإشاعة أو يكون المذكورون مصرفا لها ؟
أقول: الظاهر من قوله تعالى في آية الخمس، أن الخمس مملوك للمذكورين على نحو الإشاعة لكن لا يمكن الالتزام به اذ لازم التقريب المذكور أن دينارا من الخمس مملوكا لملايين من فقراء السادة ولا يمكن الالتزام به فيدور الأمر بين رفع اليد عن ظهور اللام في الملكية وجعلها للمصرف وبين رفع اليد عن ظهور الجمع المحلى في العموم والالتزام بأن المالك هو الكلي فيكون الكلام مجملا.
ولكن يمكن أن يقال: بأن صدر الآية يدل على كون سهم الإمام ملكا له تعالى وللرسول وللإمام عليهما السّلام ووحدة السياق تقتضي وحدة المراد.
ومن ناحية أخرى يمكن أن يقال: أن ظهور اللام في الملكية في الصدر يكون قرينة على كون المراد من الذيل هو الكلي لا كل شخص نظير قول القائل لا تضرب أحدا فإن ظهور الضرب في المؤلم يكون قرينة على كون المراد من لفظ أحد الإنسان الحي.
أضف إلى ذلك أنّه كيف يمكن أن يكون كل واحد من المذكورين مالكا والحال أن القضية لا تكون خارجية بل تكون حقيقية ومن الظاهر أن أفراد الكلي ومصاديقه تختلف بحسب مرور الزمان فهل المال مملوك لأفراد عصر واحد أو جميع الأعصار؟
وكيف يتصور فلا إشكال في أن الأفراد لا يكونون مالكين وفي بعض الكلمات نسب الى بعض أنه مال الى القول بكون الخمس والزكاة مملوكين للحكومة الإسلامية وهذا القول مخالف مع نص الكتاب والروايات الصريحة الواردة في الباب والإجماع والسيرة والارتكاز وضرورة المذهب بل ضرورة الدين.
الفرع الخامس : أن اليد والاستيلاء [هل تكون في مقام الثبوت سببا لحصولها أم لا] كما أنها تكون في مقام الإثبات والكشف أمارة وكاشفة عن الملكية هل تكون في مقام الثبوت سببا لحصولها أم لا؟
ما يمكن أن يقال في تقريب السببية وجوه :
الوجه الأول : أن الحيازة موجبة لحصول الملكية للحائز بالنسبة الى المحوز .
وفيه أن دليل الحيازة الموجبة لحصول الملكية إما السيرة وإما قوله: «من حاز شيئا ملك»، أما السيرة فحيث إنها لا لسان لها لا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقن من موردها وهو ما لو قصد الحائز التملك.
وأما الحديث فيحتمل أن يكون المراد ما ورد في حديث السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام أنه سئل عن رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل آخر فأخذه قال: للعين ما رأت ولليد ما أخذت «19» لكنه ضعيف.
الوجه الثاني: ما دلّ على أحقية السابق لاحظ ما رواه محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: نكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع التي يرجى فيها الفضل فربما خرج الرجل يتوضأ فيجيء آخر فيصير مكانه قال: من سبق إلى موضع فهو أحقّ به يومه وليلته «20».
وحديث طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:
سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الى مكان فهو أحق به الى الليل وكان لا يأخذ على بيوت السوق كراء «21».
والحديثان لا يرتبطان بالمقام أصلا كما هو ظاهر عند من له خبرة بالصناعة.
الوجه الثالث: حديث يونس بن يعقوب بتقريب أن المستفاد منه أن الاستيلاء سبب لكون المستولى عليه مملوكا للمستولي وفيه أولا :
أن الحديث ضعيف بضعف إسناد الشيخ الى علي بن الحسن.
وثانيا: أن المستفاد من الخبر أنه لو شك في المالك وأنّه من هو؟ يكون الاستيلاء كاشفا فيكون الحديث ناظرا إلى مقام الإثبات والكلام في مقام الثبوت فلاحظ.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|