المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8091 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

توصيل إلكتروني electron conduction
18-12-2018
معامل الانضغاط coefficient of compressibility
8-5-2018
خلاد بن زيد الجعفي
30-7-2017
اكثار البيكان
23-8-2020
أساليب شراء إعلانات التسويق المباشر
4/9/2022
عناصر تقويم الخبر- عنصر الايحاء
2023-05-17


قاعدة « الغرور »  
  
1303   10:02 صباحاً   التاريخ: 18-9-2016
المؤلف : آية اللَّه العظمى الشيخ محمد الفاضل اللنكراني
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ص219 - 239.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / الغرور - المغرور يرجع الى من غره /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-1-2022 1723
التاريخ: 10-2-2022 1507
التاريخ: 18-9-2016 1304
التاريخ: 2024-07-31 368

وهي من القواعد المعروفة المشهورة في باب الضمانات، والمستند إليها في الأبواب المختلفة في الكتب الفقهيّة، والكلام فيها يقع في مقامات :

المقام الأوّل: في مدركها ومستندها، وما قيل أو يمكن أن يقال في هذا المجال امور:

الأوّل: الرواية النبوية المشهورة بين الفريقين؛ وهي قوله صلى الله عليه و آله: المغرور يرجع إلى من غرّه، وقد حكي إسنادها إلى النبيّ صلى الله عليه و آله عن المحقّق الثاني في حاشية الإرشاد (1) ، ويظهر أيضاً من صاحب الجواهر في كتاب الغصب، حيث قال: بل لعلّ قوله صلى الله عليه و آله: المغرور يرجع إلى من غرّه، ظاهر في ذلك‏ (2) ، وحكي‏ (3) عن ابن الأثير في نهايته ذلك أيضاً، ولكنّي لم أجده فيها.

وكيف كان، فقد ادّعى بعض المتتبعين في كتب الأحاديث‏ (4) أنّه لا يوجد هذا الحديث في شي‏ء منها، ومن البعيد أن يكون المحقق الثاني، وكذا صاحب الجواهر وجداها فيها، بل كان الإسناد مستنداً إلى ما هو المعروف، وعليه: فيشكل الاعتماد عليها؛ لأنّ الشهرة الجابرة لضعف الحديث إنّما يكون موردها صورة وجود الحديث والنقل عن المعصوم عليه السلام. غاية الأمر أنّ ضعفه بالإرسال أو بغيره يكون مجبوراً بموافقة الشهرة معه، واستناد المشهور إليه.

وأمّا لو كان أصل وجود الحديث مشكوكاً، ولم يعلم وجود النقل وعدمه، فلا معنى للانجبار، بل يرجع الكلام إلى حجية نفس تلك الشهرة أو الإجماع وعدمها، كما لا يخفى، إلّا أن يقال: إنّ إسناد مثل صاحب الجواهر يكفي في تحقّق النقل ووجود الحديث، غاية الأمر كونه بنحو الإرسال، ولكنّه يبّعده أنّه لو كان المرسِل مثل الصدوق قدس سره من قدماء أصحابنا الإماميّة (رضوان اللَّه تعالى عليهم) وقريب الزّمن إلى المعصوم عليه السلام لكان ذلك كافياً في تحقق الحديث ووجود النقل، وأمّا مع بعد العهد وانحصار الطريق بكتب الحديث، فلا مجال للاكتفاء به، فالظاهر أنّ إسناده كما عرفت كان مستنداً إلى ما هو المعروف، لا إلى الوجدان في بعض كتب الحديث.

الأمر الثاني: الرّوايات الواردة في الموارد الخاصّة الدالّة على رجوع المغرور فيما غرمه وتضرّر به إلى الغارّ، مثل ما ورد في التدليس في باب النكاح، وقد عقد صاحب الوسائل باباً لذلك، عنوانه: أنّ المهر يلزم بالدخول إن كان بالمرأة عيب، ويرجع به الزوج على وليّها إن كان دلّسها، وإن لم يدخل بها فلا مهر لها، وكذا إن كانت دلّست نفسها، وحكم العدّة (5) .

ومن رواياته رواية أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال في رجل تزوّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها، قال: فقال: إذا دلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق، ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها، فإن لم يكن وليّها علم بشي‏ء من ذلك فلا شي‏ء عليه وتردّ على أهلها. قال: وإن أصاب الزوج شيئاً ممّا أخذت منه فهو له، وإن لم يصب شيئاً فلا شي‏ء له‏ (6) ، الحديث. وتوصيف الوليّ بأنّه دلّسها ظاهر في عموم الحكم وجواز الرجوع في جميع موارد التدليس.

ويظهر من الرّواية بقرينة المقابلة أنّ التدليس يتحقّق بمجرّد العلم بالعيب وعدم إظهاره وبيانه، فلو لم يكن عالماً بالعيب أصلًا لا يتحقق هناك تدليس، كما أنّه في صورة العلم لا يتوقّف تحقق عنوانه على إراءتها بنحو لا يكون عيب فيها، بل يكفى مجرّد السكوت وعدم البيان، كما لا يخفى.

ومنها: رواية رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبداللَّه عليه السلام- إلى أن قال:- وسألته عن البرصاء؟ فقال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة زوّجها وليّها وهي برصاء أنّ لها المهر بما استحلّ من فرجها، وأنّ المهر على الذي زوّجها، وإنّما صار عليه المهر لأنّه دلّسها، ولو أنّ رجلا تزوّج امرأة وزوّجه إيّاها رجل لا يعرف دخيلة أمرها لم يكن عليه شي‏ء، وكان المهر يأخذه منها (7) .

وهذه الرواية أظهر من السّابقة؛ لصراحتها في أنّ استقرار المهر على الوليّ إنّما لأجل التدليس الواقع منه، كما أنّ عدم التفصيل في الوليّ من جهة التدليس وعدمه إنّما هو لكون موردها البرصاء، وهي عيب لا يكاد يخفى على الوليّ، بخلاف الرواية السّابقة المشتملة على بعض العيوب التي يمكن عدم علم الوليّ بها؛ كالإفضاء ونحوه.

ومنها: صحيحة الحلبي، عن أبي عبداللَّه عليه السلام- في حديث- قال: إنّما يردّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل، قلت: أرأيت إن كان قد دخل بها كيف يصنع بمهرها؟ قال: المهر لها بما استحلّ من فرجها، ويغرم وليّها الذي أنكحها مثل ما ساق إليها (8) . والمراد من إنكاح الوليّ إيّاها- ولو بقرينة سائر الروايات- صورة التدليس لا مجرّد الإنكاح ولو كان بدونه.

ومنها: صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في كتاب عليّ عليه السلام:

من زوّج امرأة فيها عيب دلّسه ولم يبيّن ذلك لزوجها، فإنّه يكون لها الصداق بما استحلّ من فرجها، ويكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوّجها ولم يبيّن‏ (9) .

وهذه أيضاً تدلّ على الرجوع في صورة التدليس، وتدلّ أيضاً على أ نّ المراد بالتدليس مجرّد العلم وعدم البيان، ولم يفرّق في الرواية بين الوليّ وغيره.

ويؤيّد هذه الروايات ما رواه في قرب الإسناد عن عبداللَّه بن الحسن، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن امرأة دلّست نفسها لرجل وهي رتقاء؟ قال: يفرّق بينهما ولا مهر لها (10) ؛ فإنّ عدم ثبوت المهر مع سببية الدخول له‏ إنّما هو للتدليس الحاصل من ناحية الزوجة نفسها.

ومثل الروايات الواردة في شاهد الزور، الدالّة على رجوع المحكوم عليه به إذا رجع عن شهادته وكذّب نفسه، مثل:

صحيحة جميل، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في شهادة الزور إن كان الشي‏ء قائماً بعينه ردّ على صاحبه، وإلّا ضمن بقدر ما أتلف من مال الرّجل‏ (11) .

ورواية محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في شاهد الزور ما توبته؟ قال:

يؤدّي من المال الذي شهد عليه بقدر ما ذهب من ماله، إن كان النصف أو الثلث، إن كان شهد هذا وآخر معه‏ (12) .

ومرسلة جميل، عن أحدهما عليهما السلام قال في الشهود إذا رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل: ضمنوا ما شهدوا به وغرموا، وإن لم يكن قضي طرحت شهادتهم ولم يغرّموا الشهود شيئاً (13) .

ومرسلة ابن محبوب، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزّنا، ثمّ رجع أحدهم بعد ما قتل الرجل، قال: إن قال الرابع‏(14) أو همت ضرب الحدّ واغرم الدّية، وإن قال: تعمّدت قتل‏ (15) .

ورواية أبي بصير، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في امرأة شهد عندها شاهدان بأنّ زوجها مات فتزوّجت، ثمّ جاء زوجها الأوّل، قال: لها المهر بما استحلّ من فرجها الأخير، ويضرب الشاهدان الحدّ، ويضمنان المهر لها عن (16) الرجل، ثمّ تعتدّ وترجع إلى زوجها الأوّل (17).

ورواية محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل شهد عليه رجلان بأنّه سرق فقطع يده، حتى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر فقالا: هذا السّارق، وليس الذي قطعت يده، إنّما شبّهنا ذلك بهذا، فقضى عليهما أن غرّمهما نصف الدية، ولم يجز شهادتهما على الآخر (18) .

وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال، ولكنّ الظاهر أنّ استفادة القاعدة الكلية منها في غاية الإشكال وإن كان لا يخلو بعضها عن الإشعار بها، كما لا يخفى.

ومثل ما ورد في الأمة المبتاعة أو المزوّجة، مثل:

رواية جميل بن دراج، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في الرجل يشتري الجارية من السّوق فيولدها، ثمّ يجي‏ء مستحق الجارية، قال: يأخذ الجارية المستحقّ، ويدفع إليه المبتاع قيمة الولد، ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد التي اخذت منه‏ (19) .

ورواية الوليد بن صبيح، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في رجل تزوّج امرأة حرّة فوجدها أمة قد دلّست نفسها له؟ قال: إن كان الذي زوّجها إيّاه من غير مواليها فالنكاح فاسد، قلت: فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال: إن وجد ممّا أعطاها شيئاً فليأخذه، وإن لم يجد شيئاً فلا شي‏ء له، وإن كان زوّجها إيّاه وليّ لها، ارتجع على وليّها بما أخذت منه، ولمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت بكراً، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحلّ من فرجها، الحديث‏ (20).

الأمر الثالث: الإجماع المحصّل من تتبّع كلامهم على رجوع المغرور إلى الغارّ بمقدار الضرر الذي أوقعه الغارّ فيه، فضلًا عن الإجماعات المحكية (21) ، بل يظهر من كلماتهم أنّهم أرسلوه إرسال المسلّمات، ويظهر ذلك بملاحظة فتاويهم وتعابيرهم‏ (22) ، خصوصاً في مسألة تعاقب الأيادي في باب الغصب؛ حيث يصرّحون برجوع الضامن الذي اخذ المثل أو القيمة منه إلى من قبله إذا كان غارّاً له في ذلك، ولا خلاف بينهم في ذلك، وإن كان ربما يقع الخلاف في بعض موارد تطبيق القاعدة، كما إذا كان الغارّ جاهلًا ومشتبهاً.

مثلًا: إذا اعتقد أنّ امرأة جميلة ولها ثروة كثيرة، فمدحها بذلك، فتزوّج بها لأجل ذلك رجل له طمع في مالها وجمالها، فبذل لها مهراً كثيراً، ثمّ انكشف الخلاف وعدم كونها كذلك، فإنّه في مثله وقع الخلاف في رجوع الزوج إلى المادح وعدمه، ولكنّه لا خلاف بينهم في الكبرى بوجه. هذا، ولكن احتمال استناد المجمعين في‏ إجماعهم إلى النبويّ المعروف‏ أو إلى بعض الأدلّة الاخر يمنع عن جعل الإجماع حجّة برأسه ودليلًا مستقلّاً في مقابل سائر الأدلّة، كما أشرنا إليه مراراً.

الأمر الرابع: استقرار سيرة العقلاء وبنائهم على رجوع المغرور المتضرّر إلى الغارّ فيما تضرّر به وخسره، ولا مجال لإنكار هذا البناء؛ لثبوته قطعاً بينهم؛ فإنّ من قدّم إلى ضيفه طعاماً لغيره فأكله، لا إشكال عند العقلاء في أنّه يرجع الآكل بقيمة الطعام الذي كان في الواقع ملكاً لغير المقدِّم إليه؛ لتغريره إيّاه وجعله في غرور من جهة ظهور عمله في كون الطعام ملكاً لنفسه لا للغير، ولا شبهة في الرجوع في مثله.

ومن جملة موارده موارد الروايات الخاصّة المتقدّمة من تزويج الوليّ المعيوبة، وكون الأمة المبيعة ملكاً للغير، وموارد شهادة الزّور.

وعليه: فيمكن أن يقال بأنّ هذه الروايات إمضاء لما عليه العقلاء، كما أنّه يمكن أن يقال بصلاحية الإجماع المتقدّم لأن يكون إمضاءً للسيرة العقلائية إذا لم نقل بكفاية مجرّد عدم الرّدع.

وبالجملة: لا إشكال في تمامية هذا الأمر في مقام الاستدلال على القاعدة، ولكنّ الظاهر عدم التساوي بين مورد بناء العقلاء، وبين مورد القاعدة؛ فإنّه لم يعلم تحقّق بناء العقلاء في صورة جهل الغارّ وعدم علمه، كما أنّ الظاهر أنّ العقلاء يحكمون بضمان الغارّ ابتداءً من باب قوّة السبب على المباشر في بعض الموارد، كما لا يبعد في مثال الطعام المتقدّم، مع أنّ مورد القاعدة ما إذا كان توجّه الضمان ابتداءً على المغرور المباشر واستقراره على الغارّ، ومع ذلك فهذا الدليل قويّ جدّاً.

الأمر الخامس: ما يظهر من كلمة الأصحاب من أنّ الغارّ سبب في الإتلاف‏ والمغرور مباشر ضعيف، والمباشر متى ضعف يصير الضمان على السبب‏ (23) ، وقد اختار الشيخ الأعظم قدس سره هذا الوجه مدركاً لرجوع المغرور إلى الغارّ فيما إذا كان المشتري عن الفضولي جاهلًا بأنّ البائع فضولي وليس بمالك فتضرّر (24) .

واورد عليه بوجهين:

الأوّل: أنّ هذا لو تمّ لزم عدم تحقّق الضمان على المغرور أصلًا؛ لعدم كونه متلفاً ومتصرّفاً في الحقيقة، مع أنّهم يقولون: إنّ المغرور يضمن ويرجع بما اغترمه على الغارّ، وهذا ينافي ضعف المباشريّة. وبعبارة اخرى: لو كان السبب هو الإتلاف، فسبب الضمان هنا شي‏ء واحد، فإن كان على الغارّ فلا وجه لضمان المغرور، وإن كان على المغرور فلا وجه للرجوع إلى الغارّ، وإن كانا مشتركين فلابدّ من التبعيض، فتعدّد الضمان مع وحدة السبب لا وجه له.

الثاني: أنّ ضعف المباشر الموجب لضمان السبب إنّما هو فيما إذا كان المباشر كالآلة- كالصبيّ غير المميّز، والمجنون، والحيوان، والمكره (بالفتح) الخالي عن الاختيار، ونحو ذلك- حتى يصدق الإتلاف على السبب، والمغرور في المقام بالغ عاقل شاعر مختار قاصد، فكيف يعقل جعله كالآلة؟ فلابدّ من إثبات سبب آخر غير الإتلاف يوجب ضمان الغارّ (25) .

واجيب عن هذا الوجه بأنّ هذا فيما إذا لم يكن الفاعل المختار جاهلًا بالضرر المترتّب على فعله، أمّا لو كان جاهلًا بالمفسدة والضرر المترتب على ذلك الفعل؛ كما أنّه لو وصف شخص دواءً سامّة بأنّها نافعة ولها آثار كذا وكذا، وغرّره على شرب تلك الدواء، فالسبب ههنا أقوى من المباشر وإن كان الفعل صادراً عن‏ الفاعل المختار. ولعلّه من هذه الجهة يقال بأنّ الطبيب ضامن وإن كان حاذقاً، بل يمكن أن يقال بأنّه يقاد لو كان عالماً بانّها سامّة، ومع ذلك غرّر المريض لشربها (26) .

أقول: إنّ هذا الدليل- على فرض تماميّته- لا ينطبق على جميع موارد القاعدة؛ فإنّ الأقوائية إنّما تتمّ مع علم الغارّ، وأمّا مع جهله فلا مجال لها أصلًا، كما لا يخفى.

المقام الثاني: في مفادّ القاعدة ومعناها.

فنقول: لا شبهة في أنّ الغارّ والمغرور إذا كان كلاهما عالمين بترتّب الضرر على الفعل الصادر من المغرور، لا يكون هناك رجوع، كما أنّه لا يكون غرور أصلًا؛ فإنّه مع علم المغرور بأنّ المأخوذ مغصوب مثلًا، ومع ذلك أخذه وتصرّف فيه، لا مجال لتحقّق الغرور. كما لا شبهة في أنّه إذا كان الغارّ جاهلًا والمغرور عالماً، لا يكون في البين رجوع ولا غرور بطريق أولى من الصورة المتقدّمة.

وأمّا في صورة العكس؛ بأن كان الغارّ عالماً والمغرور جاهلًا، فهو القدر المتيقّن من القاعدة على تقدير اعتبارها؛ لوضوح تحقّق الغرور وعنواني الغارّ والمغرور.

إنّما الإشكال والارتياب في صورة جهل كليهما، ومنشأ الإشكال أنّ الجاهل بترتّب ضرر على فعل، إذا أوقع شخصاً في ارتكاب ذلك الفعل بتشويقه إليه وتوصيفه بترتّب النفع عليه، هل يصدق عليه عنوان الغارّ، أم لا يصدق عليه؟

خصوصاً إذا كان معتقداً بترتّب النفع عليه، كالطبيب الحاذق الذي يصف الدواء للمريض باعتقاد تأثيره في العلاج وقطع المرض، فاستعمله المريض فتبيّن الخلاف وأنّ الدواء كان مضرّاً، وأنّ الطبيب قد اشتبه عليه ذلك.

ربما يقال بأنّه حيث لا يكون التغرير من العناوين القصدية التي يتوقّف تحققها على قصد عنوانها كالتعظيم مثلًا، بل من العناوين المتحققة بنفس الفعل، كعنوان الضرب؛ حيث لا يتوقّف تحقّقه على قصد عنوانه، فالظاهر حينئذ تحققه وإن كان الغارّ جاهلًا، ولازمه عدم قصد إيقاعه في الضرر المترتّب على ذلك الفعل؛ لكونه جاهلًا بالترتّب، بل معتقداً بثبوت نفع له مكان الضّرر (27) .

أقول: الظاهر أنّ صدق الغرور الذي هو بمعنى الخدعة في صورة الجهل مشكل؛ فإنّه كيف تتحقّق الخدعة من الرجل مع فرض جهله؟ فهل يكون الطبيب الحاذق في المثال المتقدّم خادعاً ومدلّساً؟ وقد عرفت نفي عنوان التدليس عن الوليّ الجاهل بعيب المرأة في بعض الروايات المتقدّمة الواردة في عيوبها. نعم، لا يلزم أن يكون العالم في مقام إراءَة غير الواقع وإخفائه، بل يكفي مجرّد العلم والسكوت وعدم البيان.

ومنه يظهر أنّ دعوى مدخليّة العلم في معنى الغرور والتدليس لا تكون مستلزمة لكون هذا العنوان من العناوين القصديّة؛ فإنّ دخالة العلم في المعنى أمر، ولزوم قصد العنوان أمر آخر، وعليه: فيظهر الخلل في ما أفاده المحقّق البجنوردي في هذا المقام، فتدبّر.

هذا بالإضافة إلى معنى كلمة «الغرور» المأخوذة في القاعدة، وأمّا كلمة «يرجع» فظاهرها أنّ المغرور أيضاً ضامن، وللمضمون له الرجوع إليه؛ سواء كان له الرجوع إلى الغارّ أيضاً، كما في مورد تعاقب الأيدي في العين المغصوبة، أو لم يكن له الرجوع إليه، كما في مورد المرأة المعيوبة المدلّسة المدخول بها؛ فإنّ الظاهر أنّه لا يكون لها الرجوع ابتداءً إلى وليّها الذي أنكحها، بل كان لها الرجوع إلى الزوج‏ فقط، وعلى أيّ حال فيستفاد من هذه الكلمة أمران:

أحدهما: كون المغرور ضامناً يجب عليه تدارك الضرر والخسارة التي أوقعه بالغير.

ثانيهما: أنّ رجوعه إلى الغارّ إنّما هو بعد تدارك الضرر؛ لعدم صدق الرجوع بدونه. هذا كلّه بالنسبة إلى الكلمات المأخوذة في القاعدة.

وأمّا بلحاظ الحكم؛ وهو جواز الرجوع، فالظاهر أنّه يختلف باختلاف الامور المتقدّمة المذكورة في مدرك القاعدة ومستندها؛ فإنّه إن كان المستند هي الرواية النبويّة المعروفة ، فإن قلنا بعموم لفظ الغرور لصورة الجهل، فمقتضى عموم الرواية وإطلاقها الشمول لهذه الصّورة أيضاً، فالمغرور يرجع حينئذ إلى الغارّ مطلقاً؛ سواء كان عالماً أو جاهلًا، وإن قلنا باختصاص الغرور بخصوص صورة العلم، فلا مجال حينئذ للحكم بجواز الرجوع إلى الغارّ بمقتضى الرواية الواردة، كما لا يخفى.

وإن كان المستند هو الإجماع، فالقدر المتيقّن من معقده خصوص صورة العلم، من دون فرق بين القول بعموم لفظ الغرور لصورة جهل الغارّ، وبين القول باختصاصه بصورة العلم؛ وذلك لأنّ الإجماع دليل لبيّ يقتصر في مورده على القدر المتيقّن، خصوصاً مع وجود الخلاف في صورة الجهل.

وإن كان المستند هو بناء العقلاء، فالظاهر اختصاص مورده بصورة العلم؛ فإنّهم لا يرون الجاهل ضامناً بوجه، كما يظهر من مثال الطبيب الحاذق، بل لا يرون مثله غارّاً ومدلّساً وخادعاً أصلًا.

وإن كان المستند هي الروايات الخاصّة الواردة في موارد مختلفة التي قد تقدّم بعضها؛ مثل ما ورد في باب تدليس المرأة المعيوبة، ورجوع شاهد الزور عن‏ شهادته‏ ، فالظاهر بل المصرّح به في بعضها أنّ موردها صورة العلم، وقد صرّح في رواية أبي عبيدة المتقدّمة بأنّه إن لم يكن وليّها علم بشي‏ء من ذلك فلا شي‏ء عليه‏.

وكذا رواية رفاعة وبعض الروايات الاخر .

وهكذا الروايات الواردة في شاهد الزور ؛ فإنّ موردها صورة العلم بالكذب باعتبار لفظ التوبة الواقع في بعضها، وباعتبار طرح شهادتهم وعدم الحكم على طبقها في ما إذا لم يكن قضي على وفقها، وكذا باعتبار الحكم بأنّه يضرب الشاهدان الحدّ، مع أنّه لا حدّ في صورة الجهل.

وفي مرسلة ابن محبوب‏ ثبوت الحدّ؛ أي حدّ القذف في صورة الوهم وعدم التعمّد، وكذا لزوم غرامة الدية، ولكنّها من جهة الحدّ معارضة ببعض الروايات الاخر الدالّ على عدم الثبوت، ومن جهة غرامة الدية يكون للمورد خصوصية؛ وهي خصوصية القتل؛ حيث تثبت الدّية بسببه في قتل الخطأ، مع أنّ مورد هذه الروايات لا يكون من مصاديق قاعدة الغرور؛ لما عرفت من أنّ موردها ما إذا كان الرجوع أوّلًا إلى المغرور، غاية الأمر أنّ المغرور يرجع إلى الغارّ، ومورد هذه الروايات من مصاديق قوّة السبب بالإضافة إلى المباشر، حيث يكون الضمان ثابتاً بالإضافة إلى السبب فقط، كما لا يخفى.

وأمّا رواية جميل بن درّاج المتقدّمة الواردة في الأمة المبيعة المستحقة للغير، فظاهرها وإن كان هو الإطلاق من جهة علم البائع باستحقاق الغير إيّاها وجهله، خصوصاً مع كونه سوقيّاً، إلّا أنّه باعتبار كون البائع عالماً بخصوصيات الأمة نوعاً لا مجال للاتّكال على هذا الإطلاق، فتدبّر.

وإن كان المستند هو أقوائية السبب من المباشر، فالظاهر أنّه لا فرق بين صورة علم الغارّ وجهله، ويدلّ عليه الروايات الواردة في شهود الزور الدالّة على الضمان مع الجهل أيضاً كما عرفت. نعم، قد مرّ منّا المناقشة في صدق الأقوائيّة في صورة الجهل‏ .

ثمّ إنّه ربما يقال بأنّ الأدلّة الواردة في باب ضمان الطبيب تدلّ على ضمان الغارّ وإن كان جاهلًا (28) ، ولكنّا حقّقنا في كتاب الإجارة أنّ المستفاد من مجموع الروايات الواردة فيه هو ثبوت الضمان في ما إذا كان استناد الإتلاف والإفساد إلى الطبيب وإن لم يتحقّق منه المباشرة، كما في التطبيب على النحو المتعارف، فإنّ الإسناد إلى الطبيب فيه أمر عرفيّ. نعم، لا يتحقق الاستناد في توصيف الدواء ومثله، فلا يكون فيه ضمان‏ (29) ، كما صرّح به سيّدنا الاستاذ الإمام- مدّ ظلّه العالي- في كتاب الإجارة (30) ، وعليه: فترتبط مسألة الطبيب أيضاً بمسألة أقوائيّة السبب من المباشر، ولا ترتبط بالقاعدة.

المقام الثالث: أنّه كما يتحقق في باب «اليد» الموجبة للضمان التركّب والاشتراك؛ كما إذا اشتركا في غصب عين بحيث لو لم يكن اشتراك لما كان يتحقّق الغصب، وقد عبّرنا عنه في «قاعدة ضمان اليد» باليد المركّبة ، كذلك يتحقّق الاشتراك في باب الغرور أيضاً؛ كما إذا شهدا على مال بأنّه ماله فأخذه وأتلفه، ثمّ بان أنّه ملك للغير، وأنّ إتلافه إتلاف لمال الغير؛ فإنّ شهادة كلّ واحد جزء سبب‏ في الغرور، وهو قد تحقّق بمجموع الشهادتين.

ضرورة عدم كفاية شهادة واحدة في جواز التصرّف في مال، وفي هذه الصّورة يتحقق الاشتراك في الضمان، ويمكن فرض الإجتماع على أن يكون فعل كلّ منهما علّة تامّة في الغرور؛ كما لو فرض صدور السبب من كلّ منهما دفعة، بحيث لو لم يكن أحدهما لكفى الآخر، فيكون كلّ منهما علّة مستقلّة بهذا المعنى، ولازم ذلك أيضاً الاشتراك في الضّمان.

المقام الرّابع: ظاهر كلام الفقهاء في مسألة تعاقب الأيدي في باب ضمان اليد أنّ الأيدي وإن كانت كلّها ضامنة، ويجوز للمالك الرجوع إلى أيّة واحدة منها شاء، إلّا أنّ قرار الضمان واستقراره على من تحقّق التلف بيده بإتلافه أو بسبب آخر، فاستقرار ضمان الغصب على الغاصب المتلف‏ (31) مثلًا، وظاهر كلماتهم في هذا المقام- أي: قاعدة الغرور- أنّ قرار الضمان على الغارّ، وأنّ المغرور يرجع إليه.

وحينئذ لو فرض غارّ ومغرور ومتلف لم يكن مغروراً، كما إذا أخذ العين المغصوبة من يد المغرور قهراً عليه ثمّ أتلفها؛ فإنّه يجوز للمالك الرجوع إلى كلّ واحد منهم، فإذا رجع إلى المتلف وأخذ المثل أو القيمة منه، فلا يجوز له الرجوع إلى واحد من الأوّلين؛ لأنّ المفروض عدم كونه مغروراً من واحد منهما، وكون الثاني مغروراً من قبل الأوّل لا يستلزم كون الثالث مغروراً بوجه، بعد فرض أخذ العين من يده قهراً عليه.

ودعوى أنّه لو كان يعلم بأنّ المال لغيره ربما لا يقدم على الأخذ كذلك، مدفوعة بأنّ مثل ذلك لا يوجب تحقق الغرور، مع أنّ لازمه كون الثاني غارّاً بالإضافة إلى الثالث، ولا مجال للالتزام به بوجه.

وإذا رجع المالك إلى المغرور الذي هو الثاني، فالظاهر أنّ له الخيار، فيمكن له الرجوع إلى الغارّ باعتبار قاعدة الغرور، ويجوز له الرجوع إلى المتلف؛ لأنّه أيضاً يستقرّ الضّمان عليه.

وإذا رجع المالك إلى الغارّ وأخذ المثل أو القيمة، فالظاهر أنّه لا يجوز له الرجوع إلى الآخرين. أمّا المغرور فواضح. وأمّا المتلف، فلأنّه لا وجه للرّجوع إليه، وعدم كونه غارّاً بالإضافة إليه لا يوجب جواز الرجوع، ولكنّه يحتمل الجواز بملاحظة ما ذكرنا في مسألة ضمان الأيدي المتعاقبة؛ من أنّه إذا رجع المالك إلى السابق يجوز له الرجوع إلى اللاحق ما لم يكن غارّاً له، والمفروض في المقام عدم كونه غارّاً بالنسبة إلى اللّاحق المتلف، ومع ذلك فجواز الرجوع في هذه الصورة محلّ تأمّل وإشكال.

المقام الخامس: أنّه لو كان المدرك للقاعدة غير الروايات المتقدّمة الواردة في موارد خاصّة، لكانت القاعدة جارية في جميع أبواب الفقه ممّا له ارتباط بها، خصوصاً باب المعاملات والمعاوضات والضمانات. وأمّا لو كان المدرك هي الروايات السّابقة، فقد عرفت‏ الإشكال في استفادة العموم منها لغير مواردها، وإن كان فيها إشعار به. ويستفاد من كلماتهم إجراء القاعدة في غير تلك الموارد، ولا بأس بالإشارة إلى بعض الموارد، فنقول:

منها: ما ذكره الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سره في باب بيع الفضولي؛ من أنّ المشتري إذا لم يخبره الفضولي بأنّ هذا مال الغير موهماً أنّه ماله، ثمّ بعد ذلك تبيّن للمشتري أنّه مال الغير، وأنّ المالك الأصيل أخذ العين من يده وغرّمه أيضاً، بأن أخذ اجرة سكنى الدّار سنين مثلًا، وقد يتّفق في بعض الصّور ذهاب العين مع الثمن‏ الذي بذله للبائع الفضولي لهذه الدار مثلًا، وهذه الخسارة حصلت له من ناحية البائع الفضولي، وتغريره إيّاه؛ بعدم ذكره أنّ المبيع ليس له.

وقد قال: إنّ رجوع المشتري إلى الفضولي في خساراته التي لم يحصل له نفع في مقابلها إجماعيّ للغرور، فإنّ البائع مغرّر للمشتري وموقع إيّاه في خطرات الضمان ومتلف عليه ما يغرمه، فهو كشاهد الزور؛ أي يضمن كما يضمن شاهد الزّور (32) .

ومنها: ما ذكروه في باب الغصب من أنّه لو قدم الغاصب طعاماً إلى شخص بعنوان ضيافته له، فتبيّن أنّه ملك الغير، فالمالك الأصلي إذا رجع إلى الآكل نظراً إلى أنّه مباشر للإتلاف أو إلى وقوع يده على ماله والمفروض كونها يد ضمان، فيجوز للآكل الرجوع إلى الغاصب لقاعدة الغرور، بل ذكروا أنّ الغاصب لو قدّم مال المالك إليه بعنوان أنّه مال الغاصب لا المالك، وكان المالك جاهلًا بذلك، يكون الغاصب ضامناً؛ لهذه القاعدة (33) .

ومنها: ما ذكروه في باب الإجارة من أنّه لو قال للخياط مثلًا: إن كان يكفي هذا قباءً فاقطعه، فقال: يكفي، وقطعه فلم يكف، فسقط عن القيمة أو قلّت قيمته، فيرجع صاحب الثوب إلى الخياط بما نقص؛ لأنّه غرّه وقال: يكفي‏ (34) .

ومنها: ما ذكروه في باب العارية من أنّه لو أعاره مال الغير بعنوان أنّه مال نفسه، ثمّ تبيّن أنّه مال الغير، ورجع ذلك الغير الذي هو المالك الى المستعير ببدل ما انتفع من ماله بعنوان العارية، فللمستعير الرجوع إلى المعير؛ لأنّه غرّه‏ (35) .

ومنها: غير ذلك من الموارد التي تظهر للمتتبع في أبواب الفقه‏ (36) .

هذا تمام الكلام في قاعدة الغرور.

_______________

(1) راجع حاشية المكاسب للسيّد اليزدي: 2/ 286 وحاشية الإرشاد للمحقق الثاني: 338.

(2) جواهر الكلام: 37/ 145.

(3) الحاكي هو المحقق البجنوردي في القواعد الفقهيّة: 1/ 270.

(4) كالمحقّق البجنوردي في القواعد الفقهيّة: 1/ 271.

(5) وسائل الشيعة: 21/ 211.

(6) الكافي: 5/ 408 ح 14، تهذيب الأحكام: 7/ 425 ح 1699، الاستبصار: 3/ 247 ح 885، وعنها وسائل ‏الشيعة: 21/ 211، كتاب النكاح، أبواب العيوب والتدليس ب 2 ح 1.

(7) الكافي: 5/ 407 ح 9، تهذيب الأحكام: 7/ 424 ح 1697، الاستبصار: 3/ 245 ح 878، مستطرفات السرائر: 36 ح 53، وعنها وسائل الشيعة: 21/ 212، كتاب النكاح، أبواب العيوب والتدليس ب 2 ح 2، وفي البحار: 103/ 361 ح 1 عن مستطرفات السرائر.

(8) الفقيه: 3/ 273 ح 1299، تهذيب الأحكام: 7/ 426 ح 1701، الاستبصار: 3/ 247 ح 886، وعنها وسائل الشيعة: 21/ 213، كتاب النكاح، أبواب العيوب والتدليس ب 2 ح 5، وفي البحار: 103/ 364 ح 18، ومستدرك الوسائل: 15/ 45، كتاب النكاح، أبواب العيوب والتدليس ب 1 ح 1 عن نوادر ابن عيسى: 78 ذ ح 171.

(9) تهذيب الأحكام: 7/ 432 ح 1723، وعنه وسائل الشيعة: 21/ 214، كتاب النكاح، أبواب العيوب والتدليس ب 2 ح 7، وأخرجه في البحار: 103/ 365 ح 21 عن نوادر ابن عيسى: 79 ح 174.

(10) قرب الإسناد: 249 ح 984، وعنه وسائل الشيعة: 21/ 214، كتاب النكاح، أبواب العيوب والتدليس ب 2 ح 8 والبحار: 103/ 362 ح 8.

(11) الكافي 7: 384 ح 6، تهذيب الأحكام: 6/ 260 ح 688، وعنهما وسائل الشيعة: 27/ 328، كتاب الشهادات ب 11 ح 3.

(12) الكافي: 7/ 383 ح 2، تهذيب الأحكام: 6/ 260 ح 687، عقاب الأعمال: 269 ح 5، وعنها وسائل الشيعة: 27/ 327، كتاب الشهادات ب 11 ح 1.

(13) الكافي: 7/ 383 ح 1، تهذيب الأحكام: 6/ 259 ح 685، الفقيه: 3/ 37 ح 124، وعنها وسائل الشيعة: 27/ 326، كتاب الشهادات ب 10 ح 1.

(14) في التهذيب: الراجع.

(15) الكافي: 7/ 384 ح 4، تهذيب الأحكام: 6/ 260 ح 691 و ج 10/ 311 ح 1162، وعنهما وسائل الشيعة: 27/ 328، كتاب الشهادات ب 12 ح 1.

(16) في الفقيه: بما غرّا لها الرجل، وفي التهذيب: بما غرّا الرجل.

(17) الفقيه: 3/ 36 ح 119، تهذيب الأحكام: 6/ 286 ح 791، وعنهما وسائل الشيعة: 27/ 330، كتاب الشهادات ب 13 ح 2.

(18) الكافي: 7/ 384 ح 8، تهذيب الأحكام: 6/ 261 ح 692، وعنهما وسائل الشيعة: 27/ 332، كتاب الشهادات ب 14 ح 1.

(19) تهذيب الأحكام: 7/ 82 ح 353، الاستبصار: 3/ 84 ح 285، وعنهما وسائل الشيعة: 21/ 205، كتاب النكاح، أبواب نكاح العبيد والإماء ب 88 ح 5.

(20) الكافي: 5/ 404 ح 1، تهذيب الأحكام: 7/ 349 ح 1426، وص 422 ح 1690، الاستبصار: 3/ 216 ح 787، وعنها وسائل الشيعة: 21/ 185، كتاب النكاح، أبواب نكاح العبيد والإماء ب 67 ح 1.

(21) المكاسب( تراث الشيخ الأعظم): 3/ 494 و 498- 501، حاشية المكاسب للمحقق الخراساني: 80، القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 1/ 272.

(22) كالمحقق في شرائع الإسلام: 3/ 242 والعلّامة في تذكرة الفقهاء: 2/ 378- 382( ط. ق) والعاملي في ‏مفتاح الكرامة: 6/ 227- 230.

( 23) شرائع الإسلام: 3/ 242، العناوين: 2/ 442، جواهر الكلام: 37/ 144- 145 و 183.

(24) المكاسب( تراث الشيخ الأعظم): 3/ 493- 501.

(25) العناوين: 2/ 442.

(26) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 1/ 273.

(27) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 1/ 278- 279.

(28) قاله المحقق البجنوردي في قواعد الفقهيّة: 1/ 280.

(29) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الإجارة: 629- 630.

(30) تحرير الوسيلة: 1/ 556 مسألة 41.

(31) شرائع الإسلام: 3/ 236- 245- 246، قواعد الأحكام: 2/ 224- 245، مسالك الأفهام: 12/ 155- 156 و 223- 228.

(32) المكاسب( تراث الشيخ الأعظم): 3/ 493- 494.

(33) شرائع الإسلام: 3/ 242، مسالك الأفهام: 12/ 205- 206، جواهر الكلام: 37/ 142- 145.

(34) المبسوط: 2/ 383، الخلاف: 3/ 506- 507 مسألة 34، المهذّب: 1/ 493، السرائر: 2/ 474- 475.

(35) شرائع الإسلام: 2/ 172، مسالك الأفهام: 5/ 141- 142، رياض المسائل: 9/ 182- 183.

(36) كالاستناد بهذه القاعدة في كتاب الجعالة من الجواهر: 35/ 200 وكتاب الغصب من الجامع المقاصد: 6/ 226- 228.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.