أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-10-2016
6756
التاريخ: 1-12-2016
1925
التاريخ: 15-1-2019
8082
التاريخ: 1-12-2016
2005
|
من السلالات التي قامت في منتصف العصر البابلي القديم سلالة بابل الاولى (1595 – 1894ق.م) التي اشتهرت بالملك السادس حمورابي (1750 – 1792 ق.م) وقد تكررت الإشارة إليه بأنه هو الذي استطاع ان يوحد القطر في مملكة واحدة بعد ان كان يحكم فيها جملة سلالات متعاصرة متنازعة منذ بداية هذا العصر. ففي السنة الأولى التي حكم "سوموايل" سابع ملوك سلالة "لارسة" (في حدود 1894 ق.م) استطاع أحد زعماء القبائل الآمورية المسمى "سومو آيم" أن يستقبل في مدينة بابل في ظروف غير معروفة، وأسس فيها السلالة التي عرفت في أثبات الملوك البابلية باسم سلالة بابل الاولى، من بعد نحو (130) عاماً على قيام سلالة "لارسة" وزهاء (123) عاماً من بعد قيام سلالة "أيسن" وقد سبق أن ذكرنا أن هذه السلالة الجديدة قامت على أثر الموجة الثانية من هجرات الآموريين إلى وادي الرافدين. وقد ساعدت الأحوال التاريخية التي سادت البلاد من الحروب ما بين الدويلات المتعاصر وسياسة ملوك هذه السلالة في الإفادة من ذلك النزاع لصالح دولتهم على تمهيد الطريق لأن تكون أطول السلالات الحاكمة عمراً وأشدها بأساً بحيث إنها ورثت زعامة البلاد في النهاية من بعد تصفية السلالات الحاكمة بعضها بعضاً. فقد سبق أن رأينا كيف انتهى النزاع ما بين أقوى سلالتين من هذه السلالات بتغلب آخر ملوك لارسة المسمى "ريم ــ سين" على السلالة المجاورة "أيسن" وبذلك انحصر الصراع بين بابل ولارسة. وسنرى من كلامنا على حمورابي كيف استطاع هذا العاهل العظيم القضاء على خصمه "ريم ــ سين" (عام 1763 ق.م) وتفرد بذلك في زعامة البلاد.
وبالنظر إلى أهمية سلالة بابل الأولى في تاريخ هذه الحقبة في حضارة وادي الرافدين فيستحسن أن نتتبع تدرجها في البأس والقوة بعرض موجز عن مجموع حكمهم زهاء الثلاثة قرون (1595 – 1894 ق.م):
سومو ــ آبم:
وأول ما نذكر عن هذه السلالة وأول ملوكها المسمى "سومو ــ آيم" أن أخبارها المدونة عنها لم تأت إلينا من مدينة بابل نفسها على الرغم من التنقيبات الواسعة التي أجراها الآثاريون في المدينة (1917 – 1899)، ذلك لأن ارتفاع مناسيب المياه الجوفية الناشئة من ارتفاع مستوى نهر الفرات القريب قد سبب طمس بقايا هذه السلالة ولا سيما من أدوارها القديمة، فلم يستطع المنقبون التعمق في حفرهم إلى طبقات أثرية أقدم من العصر الكشي وأواخر عهد هذه السلالة(1). ولكن مع ذلك وصلت إلينا وثائق متنوعة وكثيرة عن أخبار هذه السلالة من المدن الاخرى، من بين ذلك الألوف الكثيرة من العقود التجارية والقانونية والمعاملات المختلفة الخاص بشؤون الحياة العامة، ورسائل ملوك السلالة، ولا سيما رسائل حمورابي إلى ولاته وحكامه، ورسائل هؤلاء إليه، وشريعته المشهورة، وكذلك أثبات ملوك هذه السلالة، وأثبات الحوادث المؤرخ بها، والأخبار الخاصة بالعلاقات التي نشأت ما بين ملوك هذه السلالة وبين ملوك السلالات الأخرى بالعلاقات لها، ولا سيما سلالتي "أيسن" و "لارسة" ورسائل مدينة ماري الشهيرة التي سبقت الإشارة إليها في كلامنا على سلالة ماري(2).حكم مؤسس السلالة "سومر ــ آبم" السالف الذكر أربعة عشر عاماً، ولا يعلم أصله ومنشؤه باستثناء ما قلناه من إنه كان أحد مشايخ القبائل الآمورية في هجراتها الثانية إلى العراق، كما لا يمكن البت هل كان في مبدأ أمره تابعاً إلى ملك إحدى الدويلات المعاصرة أو أنه حل رأساً مع أتباعه المحاربين في منطقة بابل وأقام فيها دويلته. ومما لا ريب فيه أن بعد مدينة بابل عن مركز حكم السلالتين القويتين "أيسن" ولإرسه" كان من بين العوامل المهمة التي ساعدت مؤسس هذه السلالة. أما صلته بملوك بابل الذي خلفوه في الحكم فهي صلة غامضة، والمرجح كثيراً أنه لم يعقبه في الحكم أحد من أبنائه. فإن الملك "حمورابي" مثلاً لا يذكره في مقدمة شريعته ضمن أجداده الذين عددهم بل إنه يقف عند جده الأعلى المسمى "سومولئيل" الذي أعقب "سومو آبم" في الحكم، كذلك لم يذكره تاسع ملوك السلالة المسمى "عمى ــ ديتانا" في معرض تعداد نسبه. ومهما كان الامر فإن "سومو آبم" شغل معظم سني حكمه البالغة أربعة عشر عاماً في توطيد سلطته فلي مدينة بابل وتقوية وسائل دفاعها وحصونها. وقد أرخ عام حكمه الأول في حادثة بناء سور المدينة(3)، واستطاع بالتدريج أن يضم إلى دويلته بعض المدن المجاورة مثل "دلبات"(4)، ويرجح أن سلطته أمتدت إلى مدينة كيش القريبة من بابل، كما تدل على ذلك الألواح المكتشفة في كيش والمؤرخة بأعوام حكمه الثالث والعاشر والثالث عشر، وكذلك امتد نفوذه إلى مدينة "سبار".
سومولئيل:
خلف "سوموآبم" الملك الثاني من هذه السلالة المسمى "سومولئيل" الذي يمت إليه بصلة قربى، كما نوهنا، وعلى هذا فتكون سلالة بابل الأولى بمعنى الأسرة قد بدأت منذ عهد هذا الملك الذي دام حكمه 36 عاماً، وقد صرف جزءاً كبيراً منه في حروب مع دول المدن المجاورة، وبوجه خاص مع كيش القريبة من بابل، وحارب أيضاً ملك إقليم "كزالو" المسمى "يحزرئيل" أو "يحزرئيل" وكان يعاصر "سين ــ ادنام"، ملك لارسة، كما سجلت له جملة أعمال في داخل مدينة بابل، مثل تقوية تحصيناتها وسورها، ودخلت مدينة "كوثي" (تل إبراهيم)(5) ضمن مملكته كما يشير إلى ذلك الحادث المؤرخ به عام حكمه السابع والعشرون. ومد نفوذه إلى قرب مدينة "نفر" ومدينة "أيسن"، وإلى مدينة "مرد" (ويعرف موقعها الآن باسم ونة والصدوم، في الطريق ما بين الحلة والديوانية). على أن هذه التوسعات لم تكن دائمة بل كان عليه وعلى خلفائه أن يعيدوا فرض سلطتهم على مثل هذه المدن المجاورة. وشغل "سومولئيل" أيضاً بأعمال البناء، في إقامة المعابد كما قام بجملة مشاريع للري، فقد سجلت ثلاثة أعوام من حكمه بحوادث حفر ثلاثة أنهر للري.
سابيئم:
قبل أن يتولى "سابيثم" الحكم في بابل من بعد أبيه "سومولئيل" كان حاكماً على مدينة "سبار" من قبل أبيه. وقد حكم 14 عاماً، وظلت سبار تابعة إلى بابل كما تدل على ذلك الألواح التي اكتشفت فيها وهي مؤرخة بأعوام حكمه، وكذلك يقال بالنسبة إلى كيش و "دلبات". وقد أرخ عام حكمه التاسع بحادثة تشييده المعبد الخاص بإله مدينة "دلبات" المسمى "أوراش"، وأرخ عام حكمه العاشر بأنه شيد معبد بابل الشهير "ايساكلا" المخصص للإله مردوخ.
آبل ــ سين:
خلف "آبل سين" أباه "سابيئم" في الحكم، ودام حكمه 18 عاماً، وكان يعاصر ملك "لارسة" "ورد ــ سين"، ثم اخاه "ريم ــ سين". وسجلت له الحوادث المؤرخ بها عدة أعمال عمرانية، ولا سيما في العاصمة بابل وفي المدن التابعة لها، مثل السور الذي أقامه في بابل وسماه "السور الجديد العظيم" (Bad – Makh-Gibil) في عام حكمه الثاني، وأقام معبداً للآلهة عشتار في بابل (في عام حكمه السادس عشر)، وجدد معبد الإله "نرجال" في مدينة "كوثي"، كما شيد سور مدينة "بورسبا"(6)، وقام كذلك بجملة مشاريع للري، ففي عام حكمه الرابع عشر مثلاً حفر النهر الذي دعاه "نهر آبل ــ سين حيكال" أي "نهر آبل ــ سين الجالب للخير"، وأرخ عام حكمه السادس بحفر النهر الذي سمي "نهر ــ الشوندر" (Id-Sumun – Dar). وأقام في عام حكمه الثامن حصناً سماه "قلعة آبل ــ سين" لحماية الطريق من بابل إلى مدينة "سبار"، ومنها إلى مدينة آشور(7).
سين ــ مبلط:
خلف "سين ــ مبلط" أباه "آبل ــ سين" على عرش بابل، وهو الملك الخامس من ملوك سلالة بابل الاولى وأبو حمورابي الشهير. وحكم عشرين عاماً تعاظمت في أثنائها مملكة بابل، وكان يعاصر "ريم ــ سين" ملك "لارسة"، وشغل نفسه في أعمال البناء وتوطيد العاصمة، كما عمل على تقوية سلطانه في المدن التابعة. وبالإمكان الوقوف على تفاصيل أعماله ومشاريعه وتسلسلها الزمني بالرجوع إلى الحوادث المؤرخة بها أعوام حكمه. ويستنتج من هذه الحوادث انتقال مدينة بابل من موقف التربص والدفاع إلى موقف الهجوم، كما يدل على ذلك الحادث المؤرخ به عام حكمه الرابع عشر، حيث استطاع أن يدحر جيش "لارسة"، كما هاجم مدينة "اور" و"أيسن"، ولكن هذا لم يكن فتحاً دائماً(8)، على أنه مهد الطريق للمشاريع الجسيمة التي اضطلع بها ابنه حمورابي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: O. Reuther, Die Innenstadt von Bobylon.
(2) أحدث وأوجز مصدر عن الموضوع البحث الذي رمزنا له بــ ZZB, 4ff.
(3) حول اثبات الحوادث المؤرخ بها من عهد سلالة بابل الاولى انظر:
Ungnad in RLA, II, ANET
(4) دلبات وتعرف بقاياها الآن باسم تل "دليهم" على بعد نحو 40 كم جنوب بابل. حول أخبار هذه المدينة انظر: Unger in PLA, II, 218ff.
(5) كوثي في المصادر العربية و " كوتم" بالبابلية وبالسومرية (Gu-du-a) وتعرف أطلالها الواسعة باسم تل إبراهيم أو جبل إبراهيم على بعد نحو 50 كم شمال شرقي بابل، ويمر عندها مجرى النهر القديم المسمى نهر كوثي. واشتهرت كوثي بكونها مركز عيادة الإله "نرجال"، إله العالم الأسفل المذكور في التوراة ومعبده فيها يسمى "اي ــ سيسلام"، وكوثي أيضاً من أسماء العالم الأسفل أو عالم الأموات ولم يتجر فيها تحريات لحال التاريخ.
(6) تقع بقايا بروسبا أو بارسبا على بعد نحو 20 كم جنوب بابل، وذكرت في مقدمة شريعة حمورابي من جملة المدن التي عمرها حمورابي واشتهرت بكونها مركز عبادة الإله "نابو" أو "انبو" ابن الإله مردوخ، ومعبده فيها يسمى "أي ــ زيدا". وورد ذكر المدينة في نصوص سلالة آور الثالثة ، كما ذكرنا "اشبي ــ ايرا" أول ملوك سلالة "أيسن".
(7) انظر: Goetze in, VII, 51
(8) حول حكم "سين ــ مبلط" راجع:
B. Landsberger in JNES. Vol. XIV, 14ff.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|