أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016
858
التاريخ: 5-9-2016
1058
التاريخ: 6-9-2016
1189
التاريخ: 2-10-2019
1279
|
(المطلوب فيها أوّلا عمل الجوانح من الاعتقاد والانقياد خلافاً للفروع العمليّة، المطلوب فيها أوّلا عمل الجوارح) فهل تجري مقدّمات الانسداد في اُصول الدين على فرض انسداد باب العلم فيها فيكون الظنّ بها حجّة أو لا تجري فلا يكفي الاعتقاد الظنّي؟
قد أنكر الشيخ الأعظم والمحقّق الخراساني (رحمهما الله) جريان مقدّمات الانسداد في اُصول الدين، وعصارة بيانهما (ببيان منّا): أنّ الاُمور الاعتقاديّة على أقسام ثلاثة:
القسم الأول: بعدم وجوب تحصيل العلم واليقين به على المكلّف لا عقلا ولا شرعاً إلاّ إذا حصل له العلم به أحياناً، (فيجب بحكم العقل والشرع الاعتقاد به وعقد القلب له ولا يجوز له الإنكار والجحود، أو الوقف والتأمّل فيه) كما هو الحال في تفاصيل البرزخ والمعاد من سؤال القبر والصراط والحساب والكتاب والميزان والجنّة والنار وغيرها، وكذلك في تفاصيل صفات الباري تعالى وصفات الإمام (عليه السلام)كعلم الباري وعلم النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) بعالم الغيب وإنّهم عالمون بجميع ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فعلا (أو «إذا أرادوا علموا» أو «إذا أرادوا يعلّمهم الله تعالى» أو غير ذلك من الاحتمالات) ففي هذا القسم من الاُمور لا تجري مقدّمات الانسداد ولا يكون الظنّ فيها حجّة، لأنّه إذا انسدّ باب العلم فيها بتفاصيلها يمكن العلم بمطابقة عمل الجوانح مع الواقع بالاعتقاد الإجمالي بما هو واقعها وعقد القلب عليها من دون عسر ولا شيء آخر، ولا تقاس بالفروع العمليّة المطلوب فيها مطابقة عمل الجوارح مع الواقع لأنّ الفروع العمليّة إذا انسدّ باب العلم فيها لا يمكن العلم بمطابقة عمل الجوارح مع الواقع إلاّ بالاحتياط التامّ في الشبهات، وهذا ما يوجب العسر، فلا يجب شرعاً، أو يوجب الإخلال بالنظام فيحرم عقلا، وحينئذ لا شيء أقرب إلى الواقع من العمل على وفق الظنّ.
القسم الثاني: ما يعلم بوجوب تحصيل العلم به تفصيلا على المكلّف بحكم العقل ثمّ الاعتقاد به وعقد القلب عليه وهو كما في التوحيد والنبوّة والإمامة والمعاد.
ففي هذا القسم لا ينبغي التأمّل في عدم جواز الاكتفاء بالظنّ، لأنّ الواجب عقلا وشرعاً إنّما هو المعرفة، والظنّ ليس بمعرفة قطعاً، فلا بدّ من تحصيل العلم لو أمكن، ومع العجز عنه يصير معذوراً، ولا دليل حينئذ على جريان مقدّمات الانسداد، أي لا استقلال للعقل بوجوب تحصيل الظنّ مع اليأس عن تحصيل العلم في المقام، لو لم نقل باستقلاله بعدم وجوبه بل بعدم جوازه.
القسم الثالث: ما يشكّ في وجوب المعرفة التفصيلية به وعدمه، فأصالة البراءة من وجوبها محكّمة (ولا تختصّ أصالة البراءة بالفروع العمليّة لعموم أدلّتها)، وحينئذ لا معنى لجريان مقدّمات الانسداد.
إن قلت: المرجع عند الشكّ هو عموم وجوب المعرفة المستفاد من قوله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] الذي فسّرت العبادة فيه بالمعرفة، وقوله (صلى الله عليه وآله): «ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة»(2) وعمومات وجوب التفقّه وطلب العلم من الآيات والرّوايات.
قلنا: لا دلالة لشيء ممّا ذكر من الآيات والرّوايات بالعموم على وجوب المعرفة في جميع المسائل الاعتقاديّة تفصيلا.
أمّا قوله تعالى: «وما خلقت» فلأنّ المستفاد منه هو خصوص معرفة الله لا معرفة من سواه، وأمّا النبوي المذكور فلأنّه في مقام بيان فضيلة الصّلاة وأهميّتها ولا يستفاد منه إطلاق ولا عموم لوجوب المعرفة.
وأمّا آية النفر فلأنّها في مقام بيان كيفية النفر للتفقّه لا في مقام بيان ما يجب فقهه ومعرفته كما لا يخفى.
وأمّا ما دلّ على وجوب طلب العلم فلأنّه في صدد الحثّ على طلب العلم لا في مقام بيان ما يجب علمه.
فظهر ممّا ذكر جميعاً عدم جريان مقدّمات الانسداد في الاُمور الاعتقاديّة بجميع أقسامها وصورها.
هذا ملخّص كلامهم ومحصّل استدلالهم.
أقول: لا كلام لنا في هذه المقالة إلاّ بالنسبة إلى القسم الثاني منها، حيث إنّهما أنكرا فيه استقلال العقل بحسن تحصيل الظنّ والاعتقاد بالمظنون في الاُمور الاعتقاديّة في فرض الانسداد، وبالنتيجة رجّحا عدم الاعتقاد مطلقاً بالمذهب المظنون مع أنّه من المستبعد جدّاً حكم العقل به بل العقل يحكم بعدم التوقّف والسكون واختيار أحد الطرق غير العلمي (وهو الظنّ لا محالة) لما يرى في التوقّف الاعتقادي من الضلالة والهلاكة القطعيّة.
ويشهد بذلك شهادة صاحب كلّ مسلك من المسالك وشارع كلّ شريعة من الشرائع بعدم جواز التوقّف مضافاً إلى حكمه بوجوب طيّ طريقه الخاصّ به، فهم متّفقون على الهلكة على فرض التوقّف.
وهذا نظير السالك الذي قدم إلى مفترق الطرق، على رأس كلّ منها إنسان يدعو إلى سلوك طريقه وينهى عن سلوك الطرق الاُخر مع اتّفاق الجميع على وجوب استمرار المشي ووجود الهلكة والضرر في التوقّف فلا إشكال حينئذ في حكم العقل بإدامة الحركة والسلوك في الطريق الذي يظنّ انتهائه إلى المقصود ونيل النجاح.
_____________________________
1. وسائل الشيعة: الباب 10، من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، ح 1.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|