أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2016
666
التاريخ: 9-8-2016
654
التاريخ: 9-8-2016
736
التاريخ: 9-8-2016
342
|
اختلفت المدرستان ـ مدرسة المحدثين ومدرسة الاصوليين ـ في قيمة علم الأصول عند علماء الإمامية ومدى اهتمامهم به على مدى التاريخ الفقهي ، ونحن لا نريد الخوض في هذا البحث بتمام فصوله ، لعدم ارتباطه بهدفنا وهو تقديم أطروحتنا العامة في علم الأصول ، ولكن من باب التمهيد للدخول في صميم البحوث الأصولية نستعرض بعض الجوانب المفيدة في تجلية واقع علم الأصول وأهميته التاريخية والفعلية بالنسبة للفقيه ، ونبدأ ذلك بعرض عبارات من كتاب هداية الأبرار للكركي نقلاً عن القطيفي (1) ـ أحد مشائخ صاحب الوسائل ـ قال : «فاعلم أن علم الأصول ملفق من علوم عدة ومسائل متفرقة بعضها حق وبعضها باطل ، وضعه العامة لقلة السنن عندهم الدالة على الأحكام » ، وقال : «ولم يكن للشيعة في أصول الفقه تأليف لعدم احتياجهم إليه ، لوجود كل ما لا بد منه من ضروريات الدين ونظرياته في الأصول المنقولة عن أئمة الهدى، إلى أن جاء ابن الجنيد فنظر في أصول العامة وأخذ عنهم وألف الكتب على ذلك المنوال حتى أنه عمل بالقياس » . وهذا الكلام ينحل لثلاث دعاوى:
1 ـ إنكار استقلالية علم الأصول ، بل هو بنظره مجموعة من المسائل الملفقة.
2 ـ إن الواضع الأول لعلم الأصول هم العامة ، وأول من ألف فيه من الشيعة ابن الجنيد حتى أنه عمل بالقياس .
3 ـ الإستغناء عن علم الأصول ، لوجود ضروريات الدين ونظرياته في أحاديث الأئمة عليهم السلام.
الدعوى الأولى ونقاشها :
من الواضح ان كثيراً من المسائل المطروحة في علم الأصول لا مناسبة بينها وبين علم آخر، فبحث تعارض الأدلة الشرعية وطرق علاجه ، وبحوث حجية الطرق والأمارات كخبر الواحد والشهرة والإجماع ، وبحث الظن الإنسدادي ، وموارد الأصول اللفظية كبحث تعارض العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ ، كل هذه البحوث لا علاقة لها بعلم اللغة ولا بعلم الفقه ولا بعلم الرجال ولا غيرها من العلوم ، لأنها تتعلق بحجية الدليل الفقهي الذي هو مناط أصولية المسالة، فالمناسب لها هو علم الأصول . ومجرد وجود بعض المسائل اللغوية في علم الأصول كبحث الوضع والاستعمال وعلامات الحقيقة والمجاز مما ذكر تمهيداً لبعض البحوث الأصولية ، وكذلك بعض البحوث الكلامية والفلسفية كبحث اتحاد الطلب والإرادة وبحث اعتبارات الماهية في المطلق والمقيد مما ذكر تمهيداً لبعض البحوث الأصولية أو استطراداً ، فهذه لا تخرج تلك المسائل السابقة عن كونها مسائل أصولية وكون العلم المشتمل عليها علماً مستقلاً برأسه ، ما دام مناط المسالة الأصولية موجوداً فيها ...
الدعوى الثانية وجوابها :
ونذكر هنا أمرين :
1 ـ إن أول مؤلف لمدرسة أهل السنة في علم الأصول هو رسالة الشافعي ، وفي تلك الفترة كَتَبَ الشيعة رسائل مختلفة في علم الأصول أيضاً ، فقد كتب ابن أبي عمير ـ المتوفى عام 217 هـ ـ ويونس بن عبدالرحمن ـ المتوفى عام 208 هـ ـ في علاج الحديثين المختلفين ، وكتبا أيضاً في العام والخاص والناسخ والمنسوخ كما يلاحظ عند مراجعة تراجمهم في كتب الرجال ، وليس الشافعي أقدم منهما زماناً، فقد ولد عام 150 هـ بعد وفاة الصادق عليه السلام بينما يونس بن عبدالرحمن ادرك الصادق عليه السلام وتوفي الشافعي عام 502 هـ مقارباً لوقت وفاة يونس بن عبدالرحمن ، فلم يثبت أن الواضع الأول لعلم الأصول هو مدرسة أهل السنة، بل الشيعة كتبت في علم الأصول في نفس الفترة الزمنية لولادته عند أهل السنة، ثم جاء أبو سهل النوبختي وكتب رسالتين : احداهما في بطلان القياس والعمل بخبر الواحد ، والأخرى في مناقشة رسالة الشافعي ، ثم توسع علم الأصول على يد ابن الجنيد والمفيد والمرتضى في الذريعة والطوسي في العدة، وبذلك يتبين لنا أيضاً عدم كون ابن الجنيد هو أول مؤلف شيعي في علم الأصول .
2 ـ إن نسبة العمل بالقياس لابن الجنيد وردت في عدة كتب ولكننا نحتمل أن تكون النسبة في غير محلها بمقتضى تتبعنا لاستعمال كلمة القياس ، فلعل المراد بهذه الكلمة هو ما نعبر عنه بالموافقة الروحية للكتاب والسنة .
بيان ذلك : إن معظم الأصوليين المتأخرين فسروا الأحاديث الآمرة بعرض الخبر على الكتاب والسنة نحو: «ما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف فذروه» (2) بالموافقة والمخالفة النصية، بمعنى أن يعرض الخبر على آية قرآنية معينة فإن كانت النسبة بينهما هي التباين أو العموم من وجه طرح الخبر، وإن كانت النسبة هي التساوي أو العموم المطلق أخذ، ولكننا نفهم أن المراد بالموافقة الموافقة الروحية أي توافق مضمون الحديث مع الأصول الإسلامية العامة المستفادة من الكتاب والسنة، فإذا كان الخبر مثلاً ظاهره الجبر فهو مرفوض لمخالفته قاعدة الأمر بين الأمرين المستفادة من الكتاب والسنة بدون مقارنته مع آية معينة، وهذا المفهوم الذي نطرحه هو الذي يعبر عنه علماء الحديث المتأخرون بالنقد الداخلي للخبر، أي مقارنة مضمونه مع الأصول العامة والأهداف الإسلامية، وهو المعبر عنه في النصوص بالقياس ، نحو: « فقسه على كتاب الله»(3)، إذن فمن المحتمل كون المراد من عمل ابن الجنيد بالقياس هو كونه من المدرسة المتشددة في قبول الحديث التي تلتزم بنظرية النقد الداخلي للحديث والموافقة الروحية فيه للكتاب والسنة، في مقابل مدرسة المحدثين التي تعتقد بقطعية صدور أكثر الأحاديث دون مقارنتها مع الأصول الإسلامية، ومما يؤيد ما ذكرناه نسبة العمل بالقياس لأعاظم الإمامية كما في رجال السيد بحر العلوم (4)،قال : « فقد ذكر السيد المرتضى في رسالة له في أخبار الأحاد أنه قد كان في رواتنا ونقلة أحاديثنا من يقول بالقياس ، كالفضل بن شاذان ويونس بن عبدالرحمن وجماعة معروفين» . وقال في كشف القناع (5): «وحكى ـ الصدوق ـ في مواضع متفرقة عن جماعة من اساطينهم العمل بالقياس ، وفيهم من الأوائل مثل زرارة بن اعين وجميل بن دراج وعبدالله بن بكير». ولا يتصور في حق هؤلاء الأعاظم العمل بالقياس الفقهي مما يشير إلى أن المقصود بالقياس هو التشدد في قبول الحديث بالعمل بنظرية النقد الداخلي ، ويؤيده ما حكاه المحقق (6) في المعارج ،قال : « المسالة السادسة : قال شيخنا المفيد : خبر الواحد القاطع للعذر هو الذي يقرن بدليل يفضي بالنظر فيه إلى العلم ، وربما يكون ذلك إجماعاً أو شاهداً من عقل او حاكماً من قياس».
الدعوى الثالثة وجوابها :
ونقدم هنا ملاحظتين :
أ ـ إن وجود القواعد الشرعية في روايات أهل بيت العصمة عليهم السلام لا يلغي علم الأصول، فإن استفادة القاعدة والحكم من الحديث يتوقف على عدة عناصر أصولية، منها تحقيق الظهور من خلال مباحث الألفاظ المطروحة في علم الأصول كالبحث في الأوامر والنواهي والمفاهيم والعام والخاص والمطلق والمقيد، ومنها الإعتراف بكبرى حجية الظهور، ومنها الاعتراف بحجية خبر الثقة ، ومنها إجراء قواعد التعارض لو كان للنص معارض ، وهذه العناصر كلها مدونة في علم واحد هو علم الأصول ، فمجرد وجود القواعد والأحكام في النصوص المعصومية لا يلغي الحاجة لعلم الأصول .
ب ـ إن وجود القواعد الأصولية نفسها في النصوص والروايات ، كالروايات الدالة على حجية خبر الثقة ، وعدم حجية القياس ، وحجية أصالة البراءة والإستصحاب ، وقواعد التعارض ، لا يلغي قيمة علم الأصول بل يؤكد لنا انبثاق هذا العلم من منبعه الصافي وهم أهل البيت عليهم السلام لا من المدارس الأخرى كما ذكر بعض المحدثين . فوجود هذه المسائل الأصولية في النصوص كوجود بعض البحوث الأصولية في ضمن البحوث الفقهية، نحو ما ذكره الكليني في الكافي في كتاب الطلاق عن الفضل بن شاذان انه استدل على بطلان بعض صور الطلاق بان النهي يقتضي الفساد(7)، وهي قاعدة أصولية، كذلك ما صنعه صاحب الحدائق عندما بحث حجية الإجماع ضمن حديثه عن صلاة الجمعة(8)، كل ذلك لا يلغي أهمية علم الأصول واستقلاليته عن غيره من العلوم ، فإن ميزان المسألة الأصولية كونها باحثة عن حجية الدليل الفقهي ، سواءاً ذكرت بصورة مستقلة، ام في ضمن كتب الحديث ، او ضمن كتب الفقه ، ومن طبيعة كل علم تكامله على نحو التدريج لا الدفعة الواحدة، كما في علم المنطق حيث ذكر الشيخ الرئيس في الشفاء بان أرسطو ما وضع علم المنطق وإنما اكمل ما وصل إليه من هذا العلم (9) فكون بعض مسائل علم الأصول كانت متفرقة في علوم أخرى ثم اجتمعت بصورة تدريجية لاشتراكها في هدف واحد تحت علم واحد يسمى بعلم الأصول لا يضر بأهمية العلم واستقلاليته.
____________
(1) هداية الابرار 233 و 234.
(2) البحار 2 : 235| 20، الوسائل 27 : 118 | 33362.
(3) الوسائل 27 : 123 | 33381 ، البحار 2 : 244 | 52.
(4) رجال السيد بحر العلوم 3 : 215.
(5) كشف القناع : 83.
(6) معارج الاصول : 187.
(7) الكافي 6 : 93| 5 4 9 .
(8) الحدائق الناضرة 9 : 361.
(9) الشفاء 1 : المقولات : 6.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|