أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
1816
التاريخ: 25-10-2014
674
التاريخ: 25-10-2014
797
التاريخ: 25-10-2014
801
|
التكلّم هو التحدّث ، والكلام هو القول كما في القاموس وغيره ، فهو في أصل اللغة عبارة عن أصوات متتابعة لمعنى مفهوم .
وإن شئت فقل : إنّه الحروف المنتظمة المسموعة ، فهو من الكيف المسموع .
قال المحدّث المجلسي رحمه الله (1) : فالإمامية قالوا بحدوث كلامه تعالى ، وأنّه مؤلّف من أصوات وحروف ، وهو قائم بغيره ، ومعنى كونه تعالى متكلّماً عندهم ، أنّه موجِد تلك الحروف والأصوات في الجسم ، كاللوح المحفوظ ، أو جبرئيل ، أو النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، أو غيره كشجرة موسى ، وبه قالت المعتزلة أيضاً ... إلخ .
أقول : إن أراد من الحروف تلفّظها فهو متين ، وإن أراد نقشها كما يشهد له ذكر اللوح المحفوظ ، أو إلهامها كما يشعر به ذكر النبي ، فيردّه أنّ النقش والإلهام ليسا بكلام ، وفاعلهما ليس بمتكلّم ، بل هو ملهَم ومنقش أو كاتب .
وبالجملة ، الذي هو من فعله ليس إلاّ مثل كلام الآدميين بلا فرق أصلاً ، غير أنّ إصداره عنا بجارحة مفقودة في حقه تعالى .
ثمّ إنّ الفاضل المقداد (2) ذكر ، أنّ طريق إثبات تكلّمه تعالى عند الأشاعرة عقلي ، وعند المعتزلة نقلي ، لكن فيه نظر بل منع ...
نعم ، ربّما استدلّ عليه من جهة العقل جماعة من غير الأشعرية ، وإليك بيان الوجوه العقلية المذكورة وغيرها :
1 ـ قاعدة الملازمة المتقدّمة ، استدلّ بها اللاهيجي (3) ، وابنه قدّس سرهما (4) ، لكنّك عرفت ... اختصاص القاعدة بالصفات الذاتية ، وأنّه لا مجرى لها في أفعاله تعالى التي هي ممكنة بالإمكان الخاصّ .
وأمّا ما صنعه المستدلّ ، من تفسير كلامه تعالى بالقدرة على إيجاد الألفاظ لا نفس الألفاظ ، فإنّها كلام بمعنى ما يتكلم به ؛ وذلك لأنّ الكلام من صفاته تعالى ، وصفاته لا تكون حادثةً (5) ، فهو تعسّف بلا جهة ، ولا فرق في كلام الله وغيره ...
وأمّا دليله فهو خلط بين صفاته الذاتية والفعلية ، فإنّا وإن نصفه بالتكلّم وأنّه متكلّم ، إلاّ أنّه من صفات أفعاله كغيره من الأفعال ، وهذا واضح جداً .
ومثله في الضعف ما يظهر من المحقّق الطوسي قدّس سره في التجريد ، من أنّ عموم قدرته يدلّ على ثبوت الكلام ، فإنّ الكلام وإن كان مقدوراً له ، إلاّ أنّه ليس كلّ مقدور بواقع وموجود خارجاً بالضرورة .
2 ـ عدم التكلّم ممّن يصحّ اتّصافه به نقصٍ واتّصاف بأضداد الكلام ، وهو محال على الله تعالى ، فإن نوقش في كونه نقصاً سيما إذا كان مع قدرته على الكلام ـ كما في السكوت ـ فلا خفاء في أنّ المتكلّم أكمل من غيره ، ويمتنع أن يكون المخلوق أكمل من خالقه . ذكره القوشجي (6) دليلاً لقول المحقّق الطوسي في تجريده .
أقول : بعد تخصيصه بما لا يزال وإلاّ فهو واضح الفساد ، يرد عليه منع النقص قطعاً ، وعدم اتّصافه بأضداده جزماً ؛ إذ تكلّمه إيجاد الصوت ونقيضه عدم الإيجاد ، وهذا ليس بضدّ .
وأمّا الخرس فهو في المخلوق دون الخالق المنزّه عن الجوارح ، بل ضدّ التكلّم فيه إيجاد شيء آخر غير الصوت ، وهو كمال له ومنع أكملية المتكلّم من غيره ، وإلاّ لزم استمرار إيجاده الأصوات إلى الأبد ! أو أكملية مخلوقه منه من هذه الجهة ، حين عدم إيجاده الصوت وتكلّمهم .
وبالجملة ، هذا الوجه ضعيف جداً لمنع جميع مقدماته ، ومنه انقدح بطلان ما استدلّ به الفاضل الطبرسي (7) من أنّ التكلّم كمال لفعله فعدمه نقص له ، والنقص بجميع أنحائه محال عليه ؛ إذ فيه أنّ إيجاد الصوت ممّا لا كمال فيه بحيث يعدّ عدمه نقصاً ، أي قبيحاً كما هو الظاهر .
3 ـ اللطف واجب على الله الحكيم سواء فسّر ببيان المصلحة والمفسدة ، أو بتقريب المكلّف إلى الطاعة وإبعاده عن المعصية ، وهو لا يمكن إلاّ بإنزال الكتب وإرسال الرسل ، وإنزال الكتب موقوف على التكلّم بما يعرفه المخاطب من الكلام ، فوجب عليه التكلّم عقلاً (8) . وفيه : أَوّلاً : منع وجوب اللطف ...
وثانياً : أنّ إنزال الكتاب غير موقوف على التكلّم ، بل يمكن بنقش الحروف في اللوح ليطالعه المَلَك المبلِّغ إلى النبي أو الرسول ، بل اللطف غير موقوف على إنزال الكتاب أصلاً ؛ لإمكان إلهام الله نبيه في النوم أو اليقظة الأحكام والمعارف النافعة للناس ؛ ولذا لم يكن لكلّ نبي كتاب ...
4 ـ إنّ الله قادر على كلّ ممكن ، فالتكلّم ـ بما أنّه ممكن ـ مقدور ، والداعي والغرض من إيجاده متحقّق ، والصارف والمانع مفقود ، فوجب تحقّق التكلّم ؛ لاستحالة تخلّف المعلول عن علّته . ذكره وسابقه في كفاية الموحّدين (9) .
أقول : تحقّق الداعي غير بيّن ولا بمبيّن ، ولعلّه أراد به إنزال الكتب ...
5 ـ إجماع الأنبياء وتواتر أخبارهم ( سلام الله عليهم ) بذلك ، ذكره جمع . ولكنّه محتاج إلى علم الغيب ؛ إذ لم يصل إلينا من نبي ـ غير خاتمهم ( صلى الله عليه وآله ) ـ أنّه تعالى متكلّم ، وقد عرفت أنّ إنزال الكتب والوحي لا يدلاّن على تكلّمه ؛ لاحتمال استنادهما إلى إيجاد الحروف المنقوشة دون المسموعة .
6 ـ إجماع الملّيين واتّفاق المسلمين .
7 ـ الكتاب والسُنة ، فمن الأَوّل قوله تعالى : {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } [النساء: 164] وقوله : {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143] وقوله تعالى : {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ} [البقرة: 75] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على قوله ... وهذا الوجه هو العمدة في المقام ، فتحصّل أنّ إثبات تكلّمه نقلي لا عقلي .
___________________
(1) بحار الأنوار 4 / 150.
(2) شرح الباب الحادي عشر / 19.
(3) سرمايه إيمان / 31.
(4) شمع اليقين / 17.
(5) كما في الشوارق وسرمايه إيمان .
(6) شرح التجريد / 356.
(7) كفاية الموحّدين 1 / 328.
(8) المصدر نفسه / 327.
(9) المصدر نفسه / 328.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|