المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8091 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



علائم الحقيقة والمجاز  
  
2015   10:46 صباحاً   التاريخ: 31-8-2016
المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : أنوَار الاُصُول
الجزء والصفحة : ج 1 ص 82.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

ذكروا لتشخيص الحقيقة عن المجاز علائم يحتاج الفقيه إليها في معرفة ظواهر الألفاظ، وهذا البحث من أهمّ مباحث الألفاظ وأكثرها فائدة وأتمّها آثاراً في الفقه والتفسير والحديث وغيرها ومن المباحث التي تسمّى بالمباحث الرئيسيّة، فإنّها المدار في فهم معاني الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة، وهي اُمور:

1 ـ التبادر:

وقد قيل في تعريفه إنّه انسباق المعنى إلى الذهن من حاق اللفظ، ويراد من حاق اللفظ ما يقابل الانسباق الحاصل من وجود القرينة.

وقيل أيضاً إنّه خطور المعنى في الذهن من حاق اللفظ. كما قيل: إنّه انفهام المعنى، لكن العبارات شتّى والمقصود واحد.

وقبل الشروع في البحث لا بدّ من ذكر مقدّمة، وهي أنّ التبادر علامة يعوّل عليها كلّ مستعلم في اللّغة صغيراً كان أو كبيراً، بل أهل اللّغة أيضاً في كثير من الموارد حتّى الصبي عند تعلّمه من اُمّه وأبيه، فإنّ الصبي إذا رأى انسباق معنى إلى أذهان والديه ومن هو أكبر منه سنّاً فيما إذا أطلق لفظ يستنتج أنّ هذا اللفظ وضع لذلك المعنى، مثلا إذا سمع لفظ الماء من واحد منهم ثمّ رأى إتيانه هذه المادّة السيّالة وتكرّر هذا منهم يعلم الصبي أنّ معنى الماء ليس إلاّ هذا، وعلى هذا الطريق يعتمد في فهم معاني الألفاظ غالباً، بل يكون هذا هو السبيل للذين يتعلّمون لغة جديدة بالمعاشرة مع أهلها، فالتبادر من أهمّ علائم الحقيقة والمجاز وله مكانة عظيمة بينها، فإنّه المدرك الوحيد في الغالب لفهم اللغات من أهلها.

إذا عرفت هذا.

فنقول: إنّ هيهنا اُموراً تنبغي الإشارة إليها:

الأمر الأوّل : في منشأ دلالة التبادر على الوضع.

وهو أمر واضح، لأنّ منشأ ظهور لفظ في معنى ومنشأ تبادر ذلك المعنى من ذلك اللفظ لا يخلو من أحد الأمرين: إمّا الوضع أو القرينة، فإذا انتفت القرينة وعلم أنّ المعنى فهم من حاق اللفظ كما هو المفروض في المقام يستكشف منه وضع ذلك اللفظ لذلك المعنى.

الأمر الثاني : فيما قد يقال من أنّ كون التبادر علامة للحقيقة يستلزم الدور المحال، لأنّ التبادر يتوقّف على العلم بالوضع، والمفروض أنّ العلم بالوضع أيضاً يتوقّف على التبادر وهذا دور واضح.

واُجيب عن هذا بوجوه عديدة:

أوّلها: قضيّة الإجمال والتفصيل. وتوضيحها: إنّ العلم الذي يتوقّف عليه التبادر هو العلم الإجمالي الارتكازي، والعلم المتوقّف على التبادر هو العلم التفصيلي، وبعبارة اُخرى: يوجد في حاق ذهن الإنسان ومرتكز أهل اللّغة معنى إجمالي يتبدّل إلى العلم التفصيلي بالتبادر.

ثمّ إنّ هذه القضيّة (الإجمال والتفصيل) قضيّة ينحلّ بها كثير من المعضلات، منها إشكال الدور المعروف الذي أُورد على الشكل الأوّل في المنطق من ناحية منكري الاستدلال والبرهان، وهو أنّه (القياس والبرهان) لا يوجب لنا علماً جديداً لأنّ جميع اشكاله ترجع إلى الشكل الأوّل، وهو دوري، لأنّ من شرائطه كلّية الكبرى، وهي تتوقّف على شمول الكبرى للنتيجة وكونها معلومة ضمن الكبرى، والحال أنّ العلم بالنتيجة أيضاً يتوقّف على كلّية الكبرى، وهذا دور ظاهر.

وقد أجاب عنه الشّيخ الرئيس بعين ما ذكرناه في التبادر وبيانه: إنّ كلّية الكبرى تتوقّف على العلم الإجمالي بالنتيجة، وأمّا ما يتوقّف على القياس فهو عبارة عن العلم التفصيلي بالنتيجة.

ثانيها: سلّمنا، ولكنّه مختصّ بما إذا اتحد العالم والمستعلم ولا يتصوّر بالنسبة إلى الجاهل باللغة المستعلم من التبادر عند أهلها، لأنّه يصير عالماً بالوضع بتبادر المعنى من اللفظ إلى ذهن العالم بالوضع، فعلمه بالوضع يتوقّف على التبادر إلى ذهن العالم، وأمّا التبادر إلى ذهن العالم فلا يتوقّف على علم الجاهل بل يتوقّف على علم نفسه، وقد عرفت أنّ موارد التبادر في الغالب هو من هذا القبيل أي تعدّد العالم والمستعلم.

ثالثها: ما حكي عن بعض المحقّقين، وحاصله إنّه لا مانع من كون كلا العلمين (المتوقّف على التبادر والمتوقّف عليه التبادر) تفصيلياً، ولا دور في البين، لأنّهما فردان متشخّصان من العلم لحصولهما في زمانين، ويكفي في ارتفاع الدور تغاير العلمين في التشخّص(1).

ولنعم ما اُجيب عنه من أنّه مع وجود العلم التفصيلي بالوضع قبل التبادر يكون تحصيل علم تفصيلي آخر تحصيلا للحاصل، إلاّ أن يعرض عليه النسيان ومع عروض النسيان يصير العلم مجملا ومرتكزاً ونحتاج في تبديله بالعلم التفصيلي إلى التبادر.

الأمر الثالث: أنّه يفهم استناد التبادر إلى حاق اللفظ من كثرة استعمال اللفظ في المعنى وكثرة تبادره منه (وإن لم يبلغ حدّ الاطّراد) حتّى يعلم إنّه لا تعتمد الدلالة على القرينة، ولا يمكن الاعتماد على أصل عدم القرينة لكونه من الاُصول العقلائيّة التي تجري لتعيين مراد المتكلّم بعد العلم بالوضع وبعد العلم بالمعنى الحقيقي والمجازي، لا عند الشكّ في الموضوع له.

الأمر الرابع: قال المحقّق العراقي (رحمه الله) في المقام ما حاصله: إنّ هذا البحث إنّما يكون منتجاً بناءً على كون مدار حجّية اللفظ على أصالة الحقيقة أو أصالة عدم القرينة تعبّداً وأنّ اللفظ حجّة في المعنى الحقيقي ولو لم ينعقد للفظ ظهور فيه، لأصالة الحقيقة أو لأصالة عدم القرينة، إذ حينئذ نحتاج إلى معرفة الموضوع له والمعنى الحقيقي بالتبادر وأمثاله، وأمّا إذا قلنا أنّ اللفظ حجّة في المعنى الظاهر ولو كان ظهوره من جهة القرينة الحافّة به كما هو التحقيق فلا نحتاج إلى معرفة المعنى الموضوع له والحقيقي بالتبادر وأمثاله، ولا فائدة لهذا البحث(2).

أقول: يمكن الجواب عنه بأنّه كثيراً ما يكون منشأ الظهور العرفي هو الوضع. أي ينعقد عند العرف للفظ ظهور في معناه الحقيقي، فإنّا وإن قلنا بكون مدار حجّية اللفظ هو أصالة الظهور لكن حيث إنّ سبب الظهور هو العلم بالوضع فنحتاج في معرفته إلى التبادر وأمثاله، وبعبارة اُخرى: الظهور العرفي لا يكون بلا سبب بل إمّا أن ينشأ من الوضع أو من القرائن، ومعرفة الموضوع له أحد أسباب الظهور، فإذا علم الفقيه بالموضوع له يحصل له العلم بما هو الظاهر عند العرف.

الأمر الخامس: «إنّ التبادر ـ كما ذكره بعض الأعلام ـ يثبت كون المعنى حقيقيّاً للفظ وكونه موضوعاً له في زمان تبادره منه، وأمّا وضع اللفظ لذلك المعنى في زمان نزول الوحي فلا يثبت بالتبادر المتأخّر، فلابدّ في إثبات ذلك من التشبّث بالاستصحاب القهقري الثابت حجّيته في خصوص باب الظهورات بقيام سيرة العقلاء وبناء أهل المحاورة عليه، فإنّهم يتمسّكون بذلك في موارد الحاجة ما لم تقم حجّة أقوى على خلافه، بل على ذلك الأصل يدور استنباط الأحكام الشرعيّة من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة، ضرورة إنّه لولا اعتباره لا يثبت لنا أنّ هذه الألفاظ كانت ظاهرة في تلك الأزمنة في المعاني التي هي ظاهرة فيها في زماننا» وهكذا الكلام في استنباط المسائل من جميع الكتب العمليّة أو التاريخية أو الأشعار أو أسناد الأوقاف والوصايا.

هذا كلّه في العلامة الاُولى للحقيقة والمجاز، وهي التبادر.

2 ـ عدم صحّة السلب وصحّته (صحّة الحمل وعدم صحّته):

والمراد منهما أنّ صحّة سلب لفظ بما له من المعنى من لفظ آخر بما له من المعنى تكون علامة لكونه مجازاً فيه، وبالعكس فإن صحّة حمل لفظ بما له من المعنى على لفظ آخر بما له من المعنى تكون علامة لكونه حقيقة فيه، فإذا قلنا «الغيث هو المطر» مثلا واستحسنه الطبع (إذا كان معنى المطر معلوماً لنا وواضحاً ولم يكن معنى الغيث معلوماً إلاّ إجمالا) فنحكم حينئذ أنّ الغيث وضع لمعنى المطر وأنّ معناهما واحد، كما أنّه إذا قلنا «الرجل الشجاع ليس بأسد حقيقة» واستحسنه الطبع أيضاً، نعلم أنّ استعمال الرجل الشجاع في الأسد يكون مجازاً.

ولكن المحقّق الخراساني(رحمه الله) وغيره ممّن تبعه ذكروا هنا تفصيلا حاصله: إنّ الحمل على قسمين حمل أولى ذاتي وحمل شائع صناعي، والملاك في الحمل الاُولى هو اتّحاد المفهوم فقط، وأمّا الملاك في الحمل الشائع فهو الاتّحاد في الوجود والافتراق في المفهوم (ويسمّى شائعاً لكونه هو الشائع بين الناس، وصناعياً لكونه هو المستعمل في الصناعات) ثمّ إنّ صحّة الحمل الاُولى الذاتي يدلّ على كون الموضوع له في الموضوع والمحمول واحداً، وأمّا الصناعي فيستفاد منه كون الموضوع أحد مصاديق المحمول الحقيقية في قبال المصاديق المجازيّة، ولا يدلّ على الوضع، فالعلامة على المعنى الموضوع له هي الحمل الاولي لا الحمل الشائع، بل إنّه علامة على كون الموضوع مصداقاً حقيقيّاً للموضوع له في قبال المصداق المجازي.

أقول: إنّ كلامه جيّد مقبول عندنا، ولكن هيهنا اُمور تجب الإشارة إليها لتتميم هذا البحث:

الأمر الأوّل: ما هو السرّ في كون صحّة الحمل علامة للمعنى الحقيقي؟ وجوابه ما مرّ نظيره في التبادر (من أنّ صحّة الحمل تنشأ إمّا من القرينة أو من ناحية الوضع وحيث إنّ المفروض عدم وجود القرينة يعلم أنّها ناشئة من الوضع) فصحّة سلب معنى عن لفظ علامة عدم وضعه له وإلاّ لم يكن السلب صحيحاً.

الأمر الثاني: أنّ إشكال الدور الذي مرّ في مبحث التبادر يأتي هنا أيضاً، وبيانه: إنّ صحّة الحمل يتوقّف على العلم بالموضوع له في موضوع القضيّة ومحمولها (لأنّ صحّة الحمل فرع تصوّر الموضوع والمحمول وهو فرع العلم بهما) بينما العلم بالوضع أيضاً يتوقّف على صحّة الحمل وهذا دور واضح.

ولكن يأتي هنا أيضاً الجوابان المذكوران في التبادر:

أحدهما: إن علمنا بالوضع يكون بالإجمال والارتكاز، وأمّا العلم المتوقّف على صحّة الحمل علم تفصيلي، فالمتوقّف غير المتوقّف عليه بالإجمال والتفصيل.

ثانيهما: سلّمنا، ولكنّه يختصّ بما إذا كان المستعلم من أهل اللسان، أمّا إذا كان أجنبياً عنه فإنّه يحصل له العلم بالوضع بصحّة الحمل في استعمالات أهل اللسان فلا دور.

الأمر الثالث: أنّ لبعض الأعلام هنا اشكالا وحاصله: إنّ صحّة الحمل وصحّة السلب يكونان مسبوقين بالتبادر، فالعلامة في الحقيقة هو التبادر، وتوضيحه: إذا قلنا «الغيث هو المطر» فحيث إنّ الحمل هذا يحتاج إلى تصوّر «الغيث» و «المطر» وتصوّرهما يحتاج إلى العلم بمعناهما واتّحادهما في الخارج، والعلم هذا لا طريق لنا إليه إلاّ التبادر، فنحن عالمون بالوضع بالتبادر قبل تحقّق الحمل، فالعلامة منحصرة في التبادر هذا كلّه إذا كان المستعلم من أهل اللسان، أي كان المراد من صحّة الحمل والسلب صحّتهما عند نفسه، وأمّا إذا كان المستعلم من غيره وكان جاهلا باللسان وأراد أن يصل إلى الوضع من طريق استعمال أهل اللسان، فإنّ هذا الحمل بالنسبة إليه يرجع إلى تنصيص أهل اللّغة، والتنصيص غير صحّة الحمل، فتلخّص أنّ صحّة الحمل إمّا أن يرجع إلى التبادر أو إلى تنصيص أهل اللّغة، وليست هي نفسها من علائم الحقيقة والمجاز(3).

أقول: يمكن دفع هذا الإشكال بأنّه يكفي في صحّة الحمل قضيّة الإجمال والتفصيل، فما يتوقّف عليه صحّة الحمل هو العلم الإجمالي والارتكازي بالوضع، فلا حاجة إلى التبادر لمعرفة الوضع تفصيلا. هذا مضافاً إلى أنّ الحمل هنا ليس حملا خارجيّاً لفظيّاً بل المراد منه تقريب المحمول إلى الموضوع في الذهن، فقبل تحقيق الحمل في التلفّظ والخارج نقرّب «الغيث» مثلا بما له من المعنى الارتكازي إلى «المطر» بما له من المعنى التفصيلي، ونمارس حمله عليه حتّى نرى أيستحسنه الطبع أم لا؟ من دون أن يكون تبادر في البين، فإن استحسنه الطبع ورأى تلائم المعنيين وتناسبهما فيعلم أنّ الموضوع له فيهما واحد.

هذا كلّه في الحمل الاُولى الذاتي، وكذلك في الحمل الشائع (حمل الكلّي على المصداق) فنحتاج في معرفة المصداق الحقيقي أيضاً إلى التقريب الذهني.

وإن شئت قلت: إنّ التبادر هو الرجوع إلى الارتكاز من طريق التصوّر، وأمّا صحّة الحمل فهي الرجوع إلى الارتكاز من طريق أخذ الجملة والتصديق بمفادها فأحد الطريقين في عرض الآخر، ولا يتوقّف أحدهما على الآخر.

الأمر الرابع: في بيان الإشكال الذي ذكره بعض الأعلام في المسألة، وحاصله: إنّ الحمل الذاتي لا يكشف إلاّ عن اتّحاد الموضوع والمحمول ذاتاً ومغايرتهما اعتباراً، ولا نظر في ذلك إلى حال الاستعمال وإنّه حقيقي أو مجازي، وبكلمة اُخرى: إنّ صحّة الحمل وعدم صحّته يرجعان إلى عالم المعنى والمدلول، فمع اتّحاد المفهومين ذاتاً يصحّ الحمل وإلاّ فلا، وأمّا الحقيقة والمجاز فهما يرجعان إلى عالم اللفظ والدالّ، وبين الأمرين مسافة بعيدة، نعم لو فرض في القضيّة الحمليّة أنّ المعنى قد اُستفيد من نفس اللفظ من دون قرينة كان ذلك علامة الحقيقة، إلاّ أنّه مستند إلى التبادر لا إلى صحّة الحمل، نعم بناءً على أنّ الأصل في كلّ استعمال أن يكون حقيقيّاً كما نسب إلى السيّد المرتضى(رحمه الله) يمكن إثبات الحقيقة، إلاّ أنّه لم يثبت في نفسه، مضافاً إلى أنّه لو ثبت فهو أجنبي عن صحّة الحمل وعدمها(4).

أقول: قد مرّ أنّ صحّة الحمل والاستعمال إمّا أن تكون حاصلة من القرينة أو تنشأ من حاقّ اللفظ والوضع، فإذا لم تكن قرينة في البين وكانت القضيّة عارية من أيّة قرينة نعلم بأنّ صحّة الاستعمال نشأت من الوضع ومن حاقّ اللفظ (والعلم بكونه من حاق اللفظ يحصل من تكراره في مواضع متعدّدة وإن لم يبلغ حدّ الاطّراد) فلا يرد على هذه العلامة ما ذكره فتدبّر جيّداً.

الأمر الخامس: هناك فرق بين المراد من الحمل الاُولى والحمل الشائع في ما نحن فيه، وبين ما يكون مصطلحاً في المعقول، لأنّ الحمل الاُولى في المعقول ملاكه الاتّحاد الماهوي، سواء اتّحدا في المفهوم أيضاً ولم يتّحدا، ولكن المراد منه في ما نحن فيه حمل أحد المترادفين على الآخر، فملاكه الاتّحاد مفهوماً من دون نظر إلى الماهية والاتّحاد فيها، لأنّ عالم اللّغة عالم المفاهيم والألفاظ لا الحقائق والماهيات، نعم الاتّحاد المفهومي ملازم للإتّحاد الماهوي لا العكس كما لا يخفى. وكذلك الحمل الشائع، لأنّه في المعقول هو اتّحاد المفهومين في الوجود مع عدم ملاحظة الاتّحاد في الماهية، ولكنّه هنا بمعنى حمل الكلّي على المصداق، وملاكه كون الموضوع أحد مصاديق المحمول.

نعم، الفرد مع النظر إلى تشخّصاته الفرديّة يفترق عن الكلّي في الماهية، فيكون الفرد متّحداً للكلّي في الوجود ومفترقاً عنه في الماهية. لكن الحمل الشائع في المعقول يكون أعمّ ممّا ذكر، لأنّه أعمّ من حمل الكلّي على أفراده كما في قولنا «الإنسان كاتب» حيث لا إشكال في أنّه ليس من قبيل حمل الكلّي على أفراده.

هذا كلّه في العلامة الثانيّة من علائم الحقيقة والمجاز.

3 ـ الاطّراد وعدمه:

المعروف أنّ الاّطراد علامة للحقيقة وعدمه علامة للمجاز، واستشكل فيه المحقّق الخراساني(رحمه الله) بما حاصله: إنّ ما ذكروه من كون الاّطراد علامة للحقيقة وعدمه علامة للمجاز لعلّه بملاحظة نوع العلائق المذكورة في المجازات حيث إنّه لا يطرد صحّة استعمال اللفظ في نوع العلائق وإلاّ ففي خصوص العلاقة التي يصحّ معها الاستعمال يكون المجاز مطرداً كالحقيقة، مثلا استعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع مطرد، ولكن في نوع الحيوانات المشابهة له ليس مطرداً، فلا يستعمل في الرجل الأبخر، مع أنّ كلاّ من الرجل الأبخر والرجل الشجاع مشابه له، وهكذا إسناد السؤال إلى قرية ذوي العقول مطرد، ولكن إلى نوع المحلّ والمقرّ لهم ليس مطرداً،

فيصحّ أن يقال: «واسأل القرية» ولا يصحّ أن يقال «واسأل الشارع أو البساط» مع كون كلّ من القرية والشارع محلا لذوي العقول أو معبّراً لهم، فكلام المشهور إذا كان بملاحظة الصنف الخاص من العلاقة الذي يصحّ معه الاستعمال كالشجاعة من بين أصناف الشباهة أو المسكن من بين أصناف المحلّ والمقرّ فهو ليس بصحيح، لأنّ استعمال اللفظ في المعنى المجازي أيضاً مطرد كالحقيقة، ويكون الاّطراد مشتركاً بين الحقيقة والمجاز لا مختصّاً بالمعنى الحقيقي، وإذا كان كلامهم بملاحظة نوع العلائق فهو تامّ في محلّه.

هذا حاصل ما ذكره في المقام.

ولكن هيهنا قول آخر ذهب إليه المحقّق النائيني(رحمه الله) ونقله في تهذيب الاُصول وفي المحاضرات، وهو كون الاطّراد من علائم الحقيقة في خصوص الكلّي بالنسبة إلى أفراده، وحاصل بيانه: إنّه إذا صحّ استعمال كلّي في عدّة من أفراده بحيث أطرد استعماله فيها نستنتج من مجموع هذه الاستعمالات إنّ معنى هذا الكلّي هو المعنى الجامع بين تلك الأفراد، وهو الموضوع لذلك المعنى، فإذا استعمل مثلا لفظ الرجل في زيد، ثمّ استعمل أيضاً في عمرو، وثالثاً في بكر، ورابعاً في خالد نستكشف من هذا الاطّراد أنّ معنى الرجل حقيقة هو المفرد المذكّر، وإذا لم يكن استعمال الكلّي مطرداً في الأفراد كما أنّ استعمال الأسد لا يكون مطرداً بالنسبة إلى كلّ فرد شجاع نستكشف من عدم الاطّراد هذا كون استعمال الأسد في الشجاع مجازاً(5).

واُجيب عنه بأمرين:

الأمر الأوّل: إنّ استعمال الكلّي في فرده مع الخصوصيّات الفرديّة مجاز قطعاً لأنّ التشخصّات الفرديّة لا تكون جزءاً لما وضع له الكلّي، فاستعماله فيه حينئذ يكون استعمالا في غير الموضوع له:

إن قلت: إنّه يكون من باب التطبيق الكلّي على فرده أو تطبيق العامّ على الخاصّ بلا إرادة الخصوصيّة.

قلنا: فالعلامة حينئذ صحّة التطبيق لا اطّراد استعمال الكلّي في الأفراد، لأنّه لم يلاحظ الخصوصيّات الفرديّة، فلم يلاحظ تعدّد الأفراد لأنّ تعدّدها يتحقّق بتشخّصها، فلا يكون الاطّراد علامة بل العلامة صحّة التطبيق، وهي ليست إلاّ صحّة الحمل، وقد مرّ أنّ صحّة

الحمل ترجع إلى التبادر فانحصرت العلامة في التبادر.

الأمر الثاني: إنّ تطبيق الكلّي على فرده أمر عقلي لا يرتبط بعالم الاستعمال والألفاظ، فلا يمكن أن يكون علامة لكون الاستعمال حقيقة (6).

أقول: ليت شعري كيف نسوا ما يسلكونه عملا في الفقه في مقام كشف المعاني الحقيقية للألفاظ المستعملة في الأبواب المختلفة من الفقه؟ أو لسنا هناك فيما إذا أردنا فهم معنى

الغنيمة مثلا في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ...ٌ} [الأنفال: 41] وإنّه هل يعمّ كلّ فائدة، ولو كانت في غير حروب أو تختصّ بما تؤخذ في معركة الحرب؟ نتمسّك بذيل الاستعمالات المختلفة للفظ الغنيمة في الآيات والرّوايات ونهج البلاغة وأشعار العرب ونستدلّ بها على الخصم، ونقول إنّ اطّراد استعمالها في الرّوايات وغيرها في مطلق الفوائد أو في غير غنائم الحرب يدلّنا على كونها موضوعة لمطلق الفائدة ولو لم تحصل من ناحية القتال، أو إذا أردنا أن نعيّن معنى في «الكنز» في كتاب الزّكاة وإنّه هل يختصّ بما يخرج من تحت الأرض أو يعمّ كلّ مال مذخور مستور ذي قيمة؟ نتمسّك بمثل قوله تعالى: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا} [الكهف: 82] (في قضيّة خضر وموسى) وأشباهه ونظائره ثمّ نستدلّ باطراده في هذا المعنى في استعمالات العرب على كونه حقيقة في مطلق الأشياء الغالية المستورة عن النظر ولو لم يكن تحت الأرض، وهذا هو المحقّق النحرير الطبرسي(رحمه الله)في مجمع بيانه وغيره من المفسرين لا يزالون يتمسّكون لفهم معاني الألفاظ الواردة في القرآن بأشعار العرب وسائر موارد استعمالاتها كما لا يخفى على من راجع كلماتهم، كما إنّك ترى أيضاً رجوع كثير من أرباب اللّغة إلى استعمالات العرب في نظمهم ونثرهم، ولذلك كانوا يستأنسون بأهل البوادي ويعاشرونهم، فإذا رأوا اطّراد استعمال لفظ في معنى في محاوراتهم يحكمون بأنّه وضع لذلك المعنى، كما أنّ هذا أيضاً منهج العلماء في مناظراتهم فهم يقنعون بأبيات من أشعار العرب وغيرها إذا عرض عليهم في موارد مختلفة لإثبات معاني الألفاظ فيما إذا أطرد استعمال لفظ في معنى، وسيأتي الفرق بين هذه العلامة وبين ما هو منقول عن علم الهدى(رحمه الله).

ثمّ إنّ هيهنا اُموراً لا بدّ من الإشارة إليها:

الأمر الأوّل: إنّه كيف يدلّ الاطّراد على الحقيقة؟

وجوابه: إنّ كثرة استعمال لفظ في معنى وصحّة ذلك الاستعمال مع كثرته دليل على أنّ هذا الاستعمال لا يعتمد على القرينة ولا يضرّ احتمال وجود بعض القرائن الحاليّة وغيرها أحياناً لأنّه يتصوّر في استعمال واحد أو بالنسبة إلى موارد معدودة من الاستعمال لا بالنسبة إلى الكثير منه، فإذا ثبت أنّ صحّة الاستعمال في هذه الموارد لم يعتمد على القرينة نعلم بأنّها نشأت من الوضع.

فالإنصاف أنّ الاطّراد وعدمه من أحسن علائم الحقيقة والمجاز، وعليه العمل في كشف معاني الألفاظ، واعراض جمع من الأعلام عنه هنا قولا، مع التزامهم به في الكتب الفقهيّة عملا، غير ضارّ.

الأمر الثاني: أنّه لا يجري في الاطّراد أيضاً ما مرّ من إشكال الدور، لأنّ المستعلم هنا يستعلم الوضع من كثرة استعمالات أهل اللسان ويكون جاهلا بالوضع ولا يكون المستعلم والعالم واحداً.

الأمر الثالث: أنكر المحقّق العراقي(رحمه الله) كون الاطّراد من العلائم وحاصل كلامه: إنّه إمّا أن يكون المراد من الاطّراد الاطّراد في التبادر، أو الاطّراد في الاستعمال، فإن كان المراد هو الاطّراد في التبادر فمعناه تبادر معنى خاصّ من لفظ خاصّ في موارد كثيرة، ومرجع هذا إنّه يعتبر في دلالة التبادر على الوضع عدم إتّكائه على القرينة، وهو يحرز باطراد التبادر، فيكون الاطّراد حينئذ شرطاً من شرائط كون التبادر علامة وليس علامة مستقلّة، وإن كان المراد هو الثاني فهو ليس منحصراً بالمعنى الحقيقي لوجوده في المجازات أيضاً فلا يمكن أن يكون علامة(7).

أقول: نختار الشقّ الثاني من كلامه. وأنّ المراد من الاطّراد هو الاطّراد في الاستعمال، لكّنا نقول في جوابه: إنّ أدنى تأمّل في محاوراتنا اليوميّة يدلّنا على أنّ الاستعمالات الحقيقيّة أكثر من الاستعمالات المجازيّة بمراتب، وما قيل من أنّ أكثر كلمات العرب مجازات قول زور، ولا أساس له، نعم يمكن أن يقال: إنّ المجاز في الأشعار والخطب كثير مطّرد، ولكنّه أيضاً لا يكون بمرتبة كثرة الحقيقة فيهما، وحينئذ يكون اطّراد الاستعمال سبباً للاطمئنان بأنّه مستعمل في المعنى الحقيقي، وأمّا في الكلمات المتعارفة فالأمر أوضح، وإن شئت اختبر نفسك في يوم واحد

وما تتكلّم به من الكلمات، فترى أنّ أكثرها استعمالات حقيقيّة، والمجاز فيها قليل جدّاً.

الأمر الرابع: قال المحقّق الحائري (رحمه الله) ما نصّه: «إنّ المراد من الاطّراد حُسن استعمال اللفظ في كلّ موقع من غير اختصاص له بمواقع خاصّة كالخطب والأشعار ممّا يطلب فيها أعمال محاسن الكلام ورعاية الفصاحة والبلاغة، بخلاف المجاز فإنّه إنّما يحسن في تلك المواقع خاصّة»(8) انتهى.

وفيه: أنّه مشعر بأنّ الاطّراد في الخطب والأشعار ليس دليلا على الوضع، ولكنّك قد عرفت أنّ المجاز فيهما أيضاً ليس مطرداً وإن كان فيهما أكثر من الكلمات اليوميّة، فالاطراد فيهما أيضاً دليل على الحقيقة (فتأمّل).

الأمر الخامس: قد ظهر ممّا ذكرناه أنّه فرق بين مختارنا في المقام وما نسب إلى السيّد المرتضى (رحمه الله) من أنّ الاستعمال علامة الحقيقة وأنّ الأصل في الاستعمال هو الحقيقة، لأنّا لا نقول بأنّ احتمال القرينة واحتمال المجاز ينتفي بمجرّد الاستعمال ولو في كلام واحد، بل نقول إنّ اطّراد الاستعمال يكون نافياً ورادّاً للمجاز ووجود القرينة، وفرق بين اطّراد الاستعمال ومجرّد الاستعمال، وما ذكره ممّا لا دليل عليه كما أشار إليه المحقّقون من الأصحاب.

4 ـ من علائم الحقيقة والمجاز نصّ أهل اللّغة:

قد ذكر من العلامات نصّ أهل اللّغة، ولكن ليس هنا محلّ البحث عنه بل يبحث عنه في باب حجّية ظواهر الألفاظ وحجّية قول اللغوي، فسوف يأتي إن شاء الله تعالى في محلّه أنّه هل يكون تنصيص أهل اللّغة حجّة أو لا؟ فانتظر.

وفيه: بحث كبروي وأنّه هل يكون تنصيصهم حجّة وإن لم يحصل منه العلم بل حصل الظنّ من قول الخبرة؟ وبحث صغروي وهو أنّ كلمات اللغويين من هذا الباب، أو بيان لموارد الاستعمال؟.

_________________
1. حكاه في تهذيب الاُصول: ج1، ص40، طبع مهر.

2. راجع المقالات: ص31.

3. راجع تهذيب الاُصول: ج1، ص41، طبع مهر.

4. راجع المحاضرات: ج1، ص117.

5. راجع المحاضرات: ج1، ص121.

6. راجع المحاضرات: ص122.

7. راجع بدائع الأفكار: ج1، ص97 ـ 98.

8. درر الفوائد: ج1، ص44 طبع جماعة المدرّسين.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.