المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8186 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

طبيعة نظام الحكم في سوريا
2023-07-04
الوقاية من الكذب
29-12-2022
نقول عن المطمح
2024-04-13
آثار الدفع بعدم التنفيذ في مواجهة الغير
7-8-2021
إشارة تنبيه alarm signal
16-10-2017
الإثبات أمام القضاء الإداري
7-6-2016


جملة من المباحث اللغوية  
  
1807   08:17 صباحاً   التاريخ: 31-8-2016
المؤلف : أبو القاسم الموسوي الخوئي
الكتاب أو المصدر : أجود التقريرات
الجزء والصفحة : ص 11 – 86.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-6-2020 1334
التاريخ: 9-8-2016 2575
التاريخ: 29-8-2016 1823
التاريخ: 25-8-2016 1888

اختلف العلماء في ان دلالة الالفاظ هل هي ذاتية محضة ام جعلية صرفة أو بهما معا (1).(والحق) هو (الثالث) فانا نقطع بحسب التواريخ التي بأيدينا انه ليس هناك شخص أو جماعة وضعوا الالفاظ المتكثرة في لغة واحدة لمعانيها التي تدل عليها فضلا عن سائر اللغات كما انا نرى وجدانا عدم الدلالة الذاتية بحيث يفهم كل شخص من كل لفظ معناه المختص به بل الله تبارك وتعالى هو الواضع الحكيم جعل لكل معنى لفظا مخصوصا باعتبار مناسبة بينهما مجهولة عندنا وجعله تبارك وتعالى هذا واسطة بين جعل الاحكام الشرعية المحتاج ايصالها إلى ارسال رسل وانزال كتب وجعل الامور التكوينية التي جبل الإنسان على ادراكها كحدوث العطش عند احتياج المعدة إلى الماء ونحو ذلك فالوضع جعل متوسط بينهما لا تكويني محض حتى لا يحتاج إلى أمر آخر ولا تشريعي صرف حتى يحتاج إلى تبليغ نبى أو وصى بل يلهم الله تبارك وتعالى عباده على اختلافهم كل طائفة بالتكلم بلفظ مخصوص عند ارادة معنى خاص. ومما يؤكد المطلب انا لو فرضنا جماعة أرادوا احداث الفاظ جديدة بقدر الفاظ أي لغة لما قدروا عليه فما ظنك بشخص واحد (مضافا) إلى كثرة المعاني التي يتعذر تصورها من شخص أو أشخاص متعددة (ومنه) ظهر أن حقيقة الوضع هو التخصيص والجعل الإلهي والتعبير عنه بالتعهد والالتزام مما لا محصل له.

(فائدة استطرادية) الفرق بين المعنى والمفهوم والمدلول (هو) أن المعنى (2) يطلق على نفس المعاني المجردة في العقل التي جرد عنها جميع ما يلازمها من المادة ولوازمها فزيد الخارجي الذى يجرد عنه جميع ما يلازمه يعبر عنه بالمعنى سواء وضع له لفظ أم لا استعمل فيه اللفظ ام لا وعند الاستعمال يتنزل هذا المعنى المجرد إلى عالم الوجود الخارجي ايضا بتوسط اللفظ فكأن المتكلم يلقى المعنى في الخارج (ولذا قيل) بأن للشيء انحاء من الوجود وعدمنها الوجود اللفظي فزيد له قوس صعودي من الخارج إلى الحس المشترك ومنه إلى الخيال ومنه إلى عالم العقل قبل الاستعمال وله قوس نزولي حين الاستعمال (وأما المفهوم أو المدلول فيطلقان) عليه باعتبار إنفهامه من اللفظ أو دلالة اللفظ عليه ثم ان المعنى المتصور في مقام الوضع اما ان يكون عاما أو خاصا (وعلى الاول) اما ان يوضع اللفظ له أو لمصاديقه (وعلى الثاني) فلا سبيل الا لوضع اللفظ له بخصوصه دون العام (بداهة) ان الخاص بما هو لا يكون حاكيا لا عن العام ولاعن الافراد الاخر (نعم) قد يكون تصور الخاص موجبا وعلة لتصور العام بنفسه وهذا غير كون الفرد مرآتا وحاكيا عنه كما في عكسه فالأقسام المعقولة ثلاثة فقط تبصرة ينقسم الوضع العام والموضوع له الخاص إلى قسمين فان الخصوصية المأخوذة في الموضوع له (تارة) لا توجد من قبل اللفظ بل هي خصوصية خارجية كما إذا وضع لفظ على مثلا لكل من يتولد ليلة الجمعة فان الخصوصية المأخوذة في المعنى لم تنشأ من قبل اللفظ الموضوع له (واخرى) توجد من قبله كوضع اسماء الاشارة فانها موضوعة للمعنى المشار إليه بنفس الفاظ الاشارة (3) فعند الاستعمال يوجد فرد من افراد الاشارة وكذلك الخطاب والنداء وهذه الخصوصيات كلها ناشئة من قبل نفس تلك الالفاظ لا من الخارج فتدبره لعلك تنتفع به فيما بعد ان شاء الله تعالى. ثم انه لا اشكال في وقوع الوضع الخاص والموضوع له الخاص كالأعلام الشخصية وكذا الوضع العام والموضوع له كذلك كوضع اسماء الاجناس (انما الخلاف) في وقوع الوضع العام والموضوع له الخاص فاختار بعض ان وضع الحروف وتوابعها من الاسماء من هذا القبيل وانكره آخرون وقبل الخوض في ذلك لابد من بيان ما به يمتاز الحرف عن الاسم فهنا مقامان.

المقام الاول في بيان ما به يمتاز الحرف عن الاسم.

(والمقام الثاني) في بيان ان الموضوع له خاص أو عام.

اما المقام الاول: فتحقيق الحال فيه يتوقف على بيان الاقوال اولا ثم بيان المختار منها (فاعلم) ان الاقوال في المسألة ثلاثة:

(الاول) انه لا فرق بين المفهوم الحرفي والاسمى في عالم المفهومية وان الاستقلالية وعدمها خارجتان عن حريم المعنى فالمعنى في حد ذاته لا يتصف بالاستقلال ولا بعدمه وانما نشئا من اشتراط الواضع وهذا القول الذى هو في حد الافراط منسوب إلى المحقق (الرضى قدس سره) واختاره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)

(والقول الثاني) الذى هو في حد التفريط (ان الحروف) لم توضع لمعنى اصلا بل وضعت لان تكون قرينة على كيفية ارادة مدخولها نظير الاعراب مثلا معنى كلمة الدار يلاحظ بنحوين (احدهما) بما انه موجود عيني خارجي فيقال دار زيد كذا (واخرى) بما انه موجود اينى أي ظرف مكان لشيء آخر فكلمة في في قولك ضربت في الدار تدل على ان الدار لوحظت بنحو الأينية لا العينية وهذا القول منسوب إلى المحقق الرضى ايضا

(والقول الثالث) هوان الحروف لها معان في قبال المعاني الاسمية وهى في حد كونها معاني أي في عالم التجرد العقلاني معان غير مستقلة بخلاف المعاني الاسمية فانها معان استقلالية فكما ان الجوهر لا يحتاج في وجوده إلى موضوع بخلاف الاعراض فانها في وجودها لا في حد ذاتها وكونها معاني تحتاج إلى موضوع فكذلك المفاهيم الاسمية في عالم التجرد العقلاني بجواهرها واعراضها معان مستقله عكس المعاني الحرفية

(والصواب) هو القول الثالث وقبل الشروع في توضيحه لابد من ابطال القولين الاولين

 (فنقول) اما (القول الاول) فيرد عليه ان لازمه جواز استعمال الحروف في موضع الاسماء وبالعكس مع انه من افحش الاغلاط (واما حديث) اشتراط الواضع (فمما لا محصل) له فان الاشتراط المذكور هل هو اشتراط في ضمن الوضع أو في خارجه وما الدليل عليه أو على لزوم اتباعه في اشتراطه ما لم يرجع إلى الجهات الراجعة إلى الموضوع أو الموضوع له ثم على تقدير لزوم الاتباع فليكن كأحد الاحكام الشرعية التي توجد مخالفته استحقاق العقاب فلم لا يصح الاستعمال بحيث يعد من الاغلاط (وغاية) ما افيد في تقريبه ما ذكره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من ارجاع القيد يعنى الاشتراط إلى ناحية الاستعمال بان يكون ذات الموضوع له فيهما واحدة والاختلاف في كيفية الوضع فان الاسم وضع ليستعمل مستقلا بخلاف الحرف فانه وضع لان يستعمل آلة ومرآتا فالاستقلال وعدمه خارجان عن الموضوع له مأخوذ ان في مقام الاستعمال (ويرد عليه) ان المعنى يستحيل ان يكون في حد ذاته لا مستقلا ولا غير مستقل وليس هذا الا ارتفاع النقيضين (مضافا) إلى ان تقييد الاستعمال في مقام الوضع لا يزيد على تقييد الموضوع له فكما انه يصح الاستعمال في غير الموضوع له مجازا فليكن استعمال الاسم في موضع استعمال الحرف وبالعكس كذلك ثم ان الاستقلال وعدمه (4) هل هما من الفصول أو المنوعة من قبيل الاعراض وعلى الاول يلزم تركب المعاني وقد بينا تجردها وبساطتها (مع انه) لا معنى  لأخذ الجنس في مقام الوضع والفضل في مقام الاستعمال وعلى الثاني فما السبب في وجود هذا العرض

 (وعلى كل تقدير) فلا معنى لاشتراط الواضع ما لم يكن سنخ المعاني مختلفة كما سنبين انشاء الله تعالى

(واما القول الثاني) فيرد عليه ان الظرفية أو غيرها اما ان تؤخذ في مفهوم الدار بحسب الوضع أو يدل عليها كلمة في مثلا والاول باطل على الفرض فيثبت الثاني ومنه يظهر الحال في المقيس عليه وهو الاعراب فانا نلتزم فيه بما نلتزمه في الحروف من دلالتها على معان قائمة بمدخولها واما توضيح المختار فيحتاج إلى بيان مقدمات:

(الاولى) ان المعاني تنقسم إلى إخطارية وغير إخطارية فان الاسماء بجواهرها واعراضها عند التكلم بها يخطر معانيها في الذهن سواء كانت في ضمن تركيب كلامي ام لم تكن بخلاف الحروف فانها بنفسها لا توجب خطور معانيها في نفس سامعها ما لم تكن في ضمن كلام تركيبي

(الثانية) ان المعاني غير الاخطارية تنقسم إلى قسمين ايجادية ونسبية (اما الاولى) فكحروف التشبيه والنداء والتمني وغيرها فان الحروف الموضوعة لها في مقام الاستعمال يوجد فردا منها في الخارج بحيث يصدق على الموجود خارجا انه فرد من التشبيه أو النداء أو التمني أو غير ذلك (واما الثانية) فكالنسب الخاصة  التي بين الاعراض ومعروضاتها فان الاعراض حيث ان وجودها في نفسها عين وجودها لموضوعاتها والا لم يكن وجودها لموضوعاتها وجودا رابطيا بل استقلاليا يحتاج إلى رابط آخر وحينئذ فبينها وبين موضوعاتها نسب خاصة على اختلافها والحكيم كما لا بدله من وضع الالفاظ للمفاهيم الاستقلالية كذلك لابد له من وضع الالفاظ لإفادة هذه المعاني ايضا (5)

 (الثالثة) ان الموضوع للنسب تارة يكون في مقام لفظه مستقلا كلفظة من واخرى غير مستقل حتى في هذا المقام ايضا كما في وضع الهيئات الخاصة (6) فيكون الموضوع كالموضوع له في حد ذاته أمرا غير مستقل وقوام ذاته بأمر آخر ثم ان الهيئات (تارة) تكون في الجملة الاسمية واخرى في الجملة الفعلية اما الجملة الاسمية فالحمل فيها قد يكون ذاتيا كزيد إنسان وقد يكون غير ذاتي كزيد قائم.

 (اما القسم الثاني) فوجود النسبة فيه (واضح).

 (واما القسم الاول) فالنسبة فيه تنزيلية بمعنى انه يلحظ الموضوع عاريا عن ذاته لا بمعنى بشرط لابل بمعنى عدم لحاظ ذاته معه في مقام الفرض ويحمل نفس الذات عليه واما الجملة الفعلية ( فهي) تنقسم إلى قسمين (فمنها ما) يدل على النسبة الاولية أي النسبة  التي لا تزيد على قيام العرض بمعروضه كما في الفعل المبنى للفاعل (ومنها ما) يدل على النسبة  التي بين الفعل وملابساته كالفعل المبنى للمفعول (ومنه) يظهر ان الاصل في المرفوعات هو الفاعل فان الجملة الاسمية كزيد قائم منتزعة من نسبة القيام إلى فاعله المستتبعة لعنوان اشتقاقي محمول على الذات والدال على تلك النسبة الاولية اللازمة لوجود العرض جملة فعلية مشتملة على فعل وفاعل

 (الرابعة) قد عرفت ان الهيئات منها ما هي مختصة بالنسبة الاولية وما هي مختصة بالنسبة الثانوية (واما) الكلمات الاستقلالية (فمنها) ما هو مشترك بينهما كلفظة في فانها تستعمل (تارة) لإفادة قيام العرض اعني مقولة الاين أو متى بموضوعه كزيد في الدار أو في زمان كذا ويسمى بالظرف المستقر فانها لا تدل على از يدمن النسبة الاولية وهو قيام العرض بموضوعه ومنها ما هي مختصة لإفادة النسبة الثانوية كما في قولك ضربت في الدار فانها تدل على نسبة الضرب إلى الدار زيادة على نسبته إلى موضوعه ويسمى بالظرف اللغو والوجه في التسمية في كلتيهما ظاهر (ومنها)

ما هو مختص بالقسم الثاني فقط كبقية الحروف ولم نجد فيها ما يختص بالقسم الاول كما كان في الهيئات (الخامسة) ان الحروف بأجمعها معانيها ايجادية نسبية كانت أو غيرها فانها لم توضع الا لأجل الربط (7) بين مفهومين لا ربط بينهما كلفظ زيد والدار فكلمة في هي الرابطة بينهما في الكلام في مقام الاستعمال فالموج للربط الكلامي هو الحرف ولا منافات بين كون للنسبة الحقيقية واقعية وخارجية قد تطابق النسبة الكلامية وقد تخالفها فان المطابقة بينهما ليس كمطابقة الكلى مع فرده بل كمطابقة فرد مع فرد آخر بحيث يكون النسبة بينهما كنسبة الظل مع ذى الظل فالمفهوم  الحرفي هو النسبة الظلية الكلامية  التي تطابق النسبة الخارجية (تارة) وتخالفها (اخرى فما في كلام المحقق) صاحب الحاشية (قدس سره) من اختصاص الإيجادية ببعض الحروف انما نشأ من لحاظ النسب الخارجية والغفلة عن انها لم توضع لها الحروف بل الموضوع له فيها هي النسب الكلامية وهى ايجادية مطلقا فظهر ان المعاني الحرفية والمفاهيم الادوية معان غير مستقلة في انفسها ومتدليه في حد ذواتها بالمفاهيم الاسمية الاستقلالية لا انها اشياء لها الربط (ولقد اجاد) اهل العربية حيث عبروا في مقام التعبير عن مفاهيمها بان في للظرفية ولم يقولوا بان في هو الظرفية كما هو ديدنهم في مقام التعبير عن المعاني الاسمية وان تسامحوا من جهة عدم التصريح بالنسبة بان يقولوا في للنسبة الظرفية. ثم ان الفرق بين المفهوم من لفظ النسبة والربط وغيرهما من المفاهيم الاسمية والمفهوم من الحروف (هو الفرق) بين المفهوم والحقيقة (فكما) ان الإنسان قد يحتاج إلى حقيقة الماء مثلا فلا يفيده تصور المفهوم (كذلك) قد يحتاج إلى مفهوم الماء فلا يفيده الحقيقة كما إذا سئل عن الماء الخارجي بما هو فانه لا يفيد السائل اتيان ماء اخر في الخارج (بل لابد) من الجواب بانه ماء فالمفهوم لا يغنى عن الحقيقة (وكذلك) العكس وفيما نحن فيه ايضا قد نحتاج إلى حقيقة الربط بين كلمتين فلا يفيد قولنا زيد الربط الدار وكذلك قد نحتاج إلى مفهوم الربط كقولنا الربط متقوم بطرفين فلا يفيد قولنا من متقومة بطرفين ولأجل غاية البينونة بينهما لا يصح استعمال احدهما في موضع الاخر ويكون المستعمل خارجا عن طريق المحاورة وحاصل الفرق بين المعاني الاسمية والحرفية مبتن على اركان اربعة:

 (الركن الاول) ان المعاني الحرفية بأجمعها ايجادية (8) والا لكانت إخطارية فتكون هناك معان متعددة إخطارية كمفهوم زيد ودار ومفهوم النسبة الظرفية لا حقيقتها فما الرابط لهذه المفاهيم غير المربوط بعضها ببعض ولا فرق في هذا المعنى بين الهيئات الاخبارية والانشائية فان الربط الكلامي في كليهما وجد بالهيئة (غاية الامر) ان المادة في الانشاء (مع كونها) إخطارية بحيث لا يفرق بين انحاء استعمالاته (لها) نحو ايجاد (ايضا) كما يظهر لك في الركن الثالث ان شاء الله تعالى

(الركن الثاني) ان لازم كون المعاني الحرفية ايجادية ان لا واقع لها بما هي معان حرفية في غير التراكيب الكلامية (9) بخلاف المفاهيم الاسمية فانها مفاهيم متقررة في عالم مفهوميتها سواء استعمل اللفظ فيه أم لا (نعم) المفاهيم الامتناعية لها تقرر في مرحلة انتزاع العقل لا في مرحلة المفهومية فانه كما يمتنع حقيقة اجتماع النقيضين كذلك يمتنع حضور مفهومه في الذهن ايضا (بداهة) عدم امكان تصور الوجود والعدم في ان واحد بل ينتزع العقل مفهوم الاجتماع من اجتماع زيد وعمر ومثلا ثم يتصور كلا من الوجود والعدم ويضيف مفهوم الاجتماع اليهما (وكذلك) الكلام في مفهوم شريك الباري كما عن الشيخ الرئيس من انه كما يمتنع الممتنعات بحسب الوجود الخارجي كذلك بحسب الوجود الذهني ايضا.

(الركن الثالث) قد عرفت عدم الفرق بين الهيئات في الاخبار والانشاء في ان معانيها ايجادية (فمنه ظهر) ان الفرق بينها ليس بحسب الوضع (10) (بداهة) عدم وضع لفظ بالخصوص لإفادتها بل هما من المدلولات السياقية  التي يدل عليها سياق كلام المتكلم (واما) من حيث المادة فهي في كليهما مفهوم اخطاري بمعنى ان لفظ البيع مثلا متى اطلق يفهم منه ذاك المعنى المجرد العقلاني الصادق على كثيرين (غاية الامر) ان في الانشاء يكون دخول الهيئة عليها موجدا لها في ضمن فرده لان الكلى عين الفرد (والفرق) بين هذا النحو من الايجاد والايجاد في الحروف (هو ان) الحروف موجدة لمعان غير استقلالية ربطية بين مفهومين في مقام الاستعمال ولا واقع لبا غير هذا المقام (كما عرفت) بخلاف البيع فان ايجاده بمعونة الهيئة ليس في عالم الاستعمال بل بتوسط الاستعمال يوجد المعنى في نفس الامر في الافق المناسب لوجوده وهو عالم الاعتبار فكم فرق بين ايجاد معنى ربطي في الكلام بما هو كلام وبين ايجاد معنى استقلالي في موطنه المناسب له.

(الركن الرابع) ان المعنى  الحرفي حاله حال الالفاظ حين استعمالاتها فكما ان المستعمل حين الاستعمال لا يرى الا المعنى وغير ملتفت إلى الالفاظ نظير القطع للقاطع فانها هي المرأة دون المرئي فالملتفت إليه هو الواقع دونها (كذلك) المعنى  الحرفي غير متلفت إليه حال الاستعمال (11) بل الملتفت إليه هي المعاني الاسمية الاستقلالية. توضيح ذلك انك (تارة) تخبر عن نفس السير الخاص فتقول سرت من البصرة فالنسبة الابتدائية في هذا المقام مغفول عنها (وأخرى) عن نفس النسبة فتقول النسبة الابتدائية كذا  فهي الملتفت إليها (وهذا) الركن هو الركن الوطيد وبانهدامه ينهدم الاركان كلها فان المعاني الحرفية لو كان ملتفتا إليها لكانت إخطارية ولكان لها واقعية سوى التراكيب الكلامية (وبهذا) يفرق بين المعاني النسبية ومواد العقود فانها ملتفت إليها وان كانت النسبة انشائية كسائر النسب الكلامية لا مغفولا عنها (ومنه) ظهر وجه التشبيه في كلمات القوم لكل امر غير ملتفت إليه بالمعاني الحرفية والا فمن حيث الالفاظ فالجميع كذلك.

تنبيه: لا يخفي ان التعاريف المذكورة في كلمات القوم لم نجد فيها ما يشتمل على الاركان الاربعة  التي ذكرناها الا التعريف المذكور في الرواية  التي نسبت إلى مولى الكونين امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وهو ان الحرف ما اوجد معنى في غيره فانه من حيث اشتماله على الايجاد وعلى ان الموجد معنى قائم في غيره لافي نفسه قد جمع الاركان كلها واما تبديل بعضهم لكلمة اوجد بكلمه دل فهو خطأ نشأ من توهم كون المعاني الحرفية إخطارية.

ثم ان الرواية نقلت بوجهين (احدهما) ما ذكرنا (والثاني) ان الحرف ما انبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ولا يبعد ان يكون هذا التعريف اشتباها من الراوي فان اصل الرواية ليست من طرقنا بل من العامة وانما اخذها الخاصة منهم (مضافا) إلى ان علو المضمون من جملة المرجحات المذكورة في بابها ولاريب في علو مضمون الرواية الاولى ودقته بحيث لم يلتفت إليه الا المحققون من المتأخرين. تذييل وكشف قناع الروية مشتملة على اجزاء ثلاثة تعريف الاسم والفعل والحرف (اما تعريف الاسم) وهو قوله -(عليه السلام)  - الاسم ما انبأ عن المسمى فقد (ظهر) من مطاوي ما ذكرنا من ان المعاني الاسمية بجواهرها واعراضها معان إخطارية فالاسم هو الذى يوجب خطور معناه في ذهن السامع (واما تعريف الحرف) (فقد بيناه) انفا (انما الاشكال) في الفعل من جهتين (الاولى) في اصل جعل الفعل من اقسام الكلمة مع انه ليس الامر كبا من الاسم وهو جزئه المادي والحرف وهو جزئه الصوري كما ان جملة من الاسماء مشتملة على المعاني الحرفية كأسماء الاشارة والموصولات واسماء الافعال والفرق بوحدة الوضع وتعدده بحسب المادة والهيئة غير مجد في الجهة المذكورة مع ان الوضع متعدد في المشتقات الاسمية ايضا فما هو الفارق بينها وبين الافعال (الثانية) في اخذ الحركة في التعريف وانها باى معنى اخذت فأنها ظاهرة في المعنى المقابل للسكون (وعليه) يخرج غالب الافعال عن التعريف. اما الكلام من الجهة الاولى فتحقيقه ان الحروف وضعت بإزاء نسب خاصة كلامية ولذا لا تقع محكوما عليها ولا محكوما بها بخلاف الاسماء فانها من جهة استقلالها بالمفهومية قابلة لكليهما والفعل واسطة بينهما بشهادة انه لا يقع مسندا إليه بل يقع مسندا دائما فهو متوسط حقيقة بين الاسم والحرف لا محالة.

وتوضيح ذلك يتوقف على بيان (مقدمة) وهى ان مادة المشتقات ليست بمصادر ولا اسمائها (بداهة) ان كلا منهما اخذت فيه خصوصية خاصة وهى ملاحظة العرض بما هو عرض في المصادر وبما هو شيء من الاشياء في اسمائها وكل من الخصوصيتين بالإضافة إلى الاخرى والى بقية الخصوصيات المأخوذة في باقي المشتقات مباينة فلا يعقل ان يكون بعضها مادة لبعض آخر بل المواد هى المأخوذة لا بشرط من جميع الخصوصيات كما في الهيولى المبهمة بالإضافة إلى صورها فالمادة في حد ذاتها غير متحصلة بتحصيل بل يعرضها التحصل من اضافة الهيئات إليها (فتارة) تلحظ عند عروض الهيئة لها بما هي شيء فتسمى باسم المصدر ويخبر عنه وبه فيكون مفهوما استقلاليا (واخرى) مع خصوصية كونها عرضا فيكون مصدرا (وثالثة) بما هي متحدة مع الذات فيكون مشتقا اسميا بأنحاء الاشتقاق وفي كل ذلك قابل لان يكون طرفا للنسبة بالحكم عليه أو به (ورابعة) بما هي متحصلة من جهة الاسناد فقط وبهذه الملاحظة تكون مادة الافعال فهي بالدقة تكون في التحصل واسطة بين الحروف والاسماء فان المعاني الحرفية من جهة عدم استقلالها غير قابلة للتحصل في نفسها والاسماء قابلة له مطلقا واما الافعال فهي قابلة له من جهة الاسناد فقط فالحروف لا تقبل التحصل اصلا والاسماء قابلة (مطلقا) والافعال من جهة الاسناد فقط. وأما الكلام من الجهة الثانية فتحقيقه (12) ان المراد من الحركة هو الخروج من العدم إلى الفعلية (وبيانه) ان الاسماء كما ان معانيها معان إخطارية (كذلك) هي بنفسها الفاظ استقلاليه (والحروف) وان لم تكن معانيها مستقلة في حد ذاتها ولا قابلة لعروض الاستقلال لها (الا انها) في غير الهيئات كلمات استقلالية والافعال هيئاتها من جملة الحروف كما بينا واما بحسب المادة فهي كما عرفت لا تحصل له في حد ذاته لا لفظا ولا معنى الا انها قابلة للتحصل بعروض الهيئة عليها فهي من جهة كونها في حد ذاتها غير مستقلة تشبه بالحرف بل هي اردء من الحرف لان الحرف مستقل من جهة اللفظ دونها واما من جهة كونها قابلة للتحصل ولو بعروض الهيئة النسبية عليها بالاسم (غاية الامر) ان الاسماء مستقلات في حد انفسها سواء كانت في ضمن التراكيب الكلامية أم لا والافعال لا تكون مستقلة الا بعروض الهيئة النسبية الموضوعة بوضع على حدة (وبهذا) تفترق عن المشتقات فان هيئاتها وان كانت موضوعة بوضع آخر الا ان تلك الهيئات تفيد معاني اسمية غير نسبية فالهيئة مع المادة لا تفيد الا معنى واحدا بسيطا مجردا في عالم العقل فيصح ان يقال ان الافعال تخطر معاني مستقلة بلحاظ حركتها وخروجها عن قابلية الاستقلال إلى الفعلية من جهة عروض الهيئة عليها بخلاف الاسماء  التي اشرب فيها معاني الحروف كأسماء الاشارة واسماء الافعال لانها غير مشتملة على مادة وهيئة موضوعتين بوضعين حتى تخرج المادة إلى الفعلية بعروض الهيئة عليها (واما) المشتقات (فقد عرفت) حالها (وهذا) الذى ذكرناه هو الصحيح (لا ما يقال) من ان الحركة وان كانت بمعنى الخروج من القوة الا ان المراد منها فيما نحن فيه هو الخروج من قوة الوجود إلى الفعلية (فالأفعال) تنبيء عن خروج المادة من العدم إلى الوجود فان لازمه ان يكون المراد من المسمى في تعريف الاسم هو المعنى الإخطاري وفي تعريف الفعل هو المعنى الحدثي القابل للخروج من العدم إلى الوجود والسياق ينافي ذلك (ولكن) ما ذكرنا من التحقيق ايضا (مبنى) على ان يكون ذلك المعنى للحركة معنى عرفيا كما هو ليس ببعيد بل يمكن ان يكون اطلاق الحركة على ما يقابل السكون من جهة كونها احد مصاديق المفهوم العام ولذا يطلق على الامور غير القابلة للحركة الأينية ايضا كالغضب وامثاله واما المقام الثاني فقد اختلف فيه كلمات القوم على وجوه ثلاثة :

(الاول) كون كل من الوضع والموضوع له والمستعمل فيه عاما .

لثاني) كون الوضع عاما مع كون كل من الموضوع له والمستعمل فيه خاصا .

لثالث) كون المستعمل فيه فقط خاصا.

 (اما القول الاول) فقد اختاره المحقق صاحب الحاشية تبعا للمحقق الرضى قدس سرهما ووجدناه في بعض تقريرات أستاذ الاساتيذ الأنصاري (قدس سره) ولم يعرف المقرر بشخصه (واما القول الثاني) للمحقق الشريف وتبعه صاحب الفصول وجماعة (واما القول الثالث) فقد رفضه المحققون فان وقع اللفظ لمعنى يستحيل استعمال اللفظ فيه ولا بد من استعماله ابدا في معنى آخر غير معقول وحديث اشتراط الواضع قد عرفت ما فيه (فالمهم في المقام (بيان) الوجهين الاولين فنقول ليس المراد من الكلية والجزئية في المقام ما هو المتبادر منها في المفاهيم الاسمية من قابلية الصدق على الكثيرين وعدمها كما توهمه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) فأورد على القائلين بكون الموضوع له خاصا بأن ما يستعمل فيه الحروف غالبا لا يكون خاصا كما في مثل سر من البصرة إلى الكوفة فان ما يستعمل فيه الحروف كما عرفت في المقام الاول ليس الا النسب الرابطة في الكلام بحيث إذا اعيد الكلام مرة ثانية تكون النسبة مغايرة للأولى وهذه النسبة يستحيل صدقها على الخارج حتى تتصف بالكلية والجزئية باعتبار الصدق وعدمه. وبعبارة واضحة المفهوم الاسمى والحرفي متعاكسان فان المفهوم الاسمى له خارج يطابقه ولو فرضا فأما ان يكون الوضع لنفس المفهوم أو لمصاديقه بخلاف المفهوم  الحرفي فانه متقوم بطرفي الكلام ويستحيل صدقه على موطن آخر غير موطنه الكلامي بل هو من جملة ما ينطبق عليه المفهوم الاسمى كمفهوم النسبة الصادق على النسبة الخارجية والكلامية فالمفاهيم الاسمية مفاهيم منطبقة والمفاهيم الحرفية مما ينطبق غيرها عليها لا هي على غيرها بل المراد من الكلية والجزئية في المعاني الحرفية هو ان ما يتقوم به النسبة الكلامية وهى اطراف الكلام كما انها خارجة عن حريم المعنى  الحرفي فهل التقيدات ايضا خارجة حتى يكون الموضوع له واحدا وكليا ام هي داخلة في الموضوع له حتى يكون المعنى متعددا والموضوع له خاصا (وبعبارة اخرى) المفاهيم الحرفية كما عرفت لا محالة معان غير استقلالية بل ايجادية فلا بد في مقام الوضع لها من تصور مفاهيم اسمية عامة كمفهوم النسبة الابتدائية فيكون الوضع لا محالة عاما (ثم ان) الموضوع له (اما ان) يكون تلك المفاهيم الربطية الكلامية بخصوصياتها فيكون الموضوع له خاصا (اولا فيكون عاما وهذا معنى كلام الفصول حيث قال ويحتمل خروج القيد والتقيد (ثم ان) اطلاق الجزئي الا ضافي على المفاهيم الحرفية بلحاظ انها بالإضافة إلى المفهوم الاسمى جزئية واما بالإضافة إلى موارد استعمالاتها فلا محالة تكون كلية (ولكنه) مع ذلك ايضا مما لا محصل له فان المعنى  الحرفي كما عرفت ليس بصدقي بل يوجد في مورد الاستعمال بنفس الاستعمال وان كان التقيد خارجا ايضا إذا عرفت ذلك (فالحق) ان الموضوع له فيها كالوضع عام (13) فكما ان المفاهيم العرضية لا تحتاج في مقام ماهياتها إلى موضوع بل في مقام وجودها (فكذلك) المفاهيم الحرفية لا تحتاج في مقام مفهوميتها إلى خصوصية الطرفين بل في مقام استعمالاتها فالموضوع له فيها هو المعنى الواحد بالهوية المشتركة بين جميع موارد الاستعمالات والخصوصية انما نشأت من ناحيتها. وتوضيح ذلك ان المفاهيم الحرفية كما عرفت قائمة بالمفاهيم الاسمية نظير قيام الاعراض بموضوعاتها (فكما) ان الخارجيات لها جواهر واعراض (فكذلك) المفاهيم فالمفاهيم الاسمية بأنواعها معان استقلالية جوهرية والمعان الحرفية معان عرضية قائمة (بها فكما) ان الاعراض في مقام تحصلها وقوامها لا تحتاج إلى موضوع وان ما به الاشتراك فيها عين ما به الامتياز لبساطتها  فهي في كل مرتبة بسيطة (فكذلك) المفاهيم الحرفية ايضا بسائط في مقام مفهوميتها ويحتاج في مقام وجوده في عالم الاستعمال إلى مفاهيم اسمية حتى تتحقق بها ففرق بين التحصل والتحقق (فما يقال) في ان المفاهيم الحرفية حيث انها معان عرضية والعرض لا يتقوم الا بموضوع فلا بد وان تكون الخصوصيات داخلة في حقيقته (قد ظهر جوابه من ان قوام العرض بموضوعه في الوجود لا في التحصل وفي مقام الماهية (واما الاستدلال) على جزئية المعاني الحرفية بأنها ايجادية والشيء ما لم يتشخص لم يوجد (14) (فهو مبتن) على عدم وجود الكلى الطبيعي في الخارج اصلا وان الموجود في الخارج هي الاشخاص أو على ان الكلى وان كان موجودا الا انه لابد وان يتشخص في رتبة سابقة على الوجود حتى يوجد في الخارج فان بناء عليهما حيث ان المعاني الحرفية ايجادية والايجاد يستحيل تعلقه بالكلى فيستحيل ان يكون الكلى موضوعا له (واما إذا) قلنا بان الكلى موجود في الخارج والتشخص مساوق الوجود في مرتبته كما هو التحقيق لان متعلق الوجود والتشخص شيء واحد فعليه يكون الموضوع له نفس الكلى وان كان عين وجوده متشخصا بخصوصيات الطرفين الا ان تلك الخصوصيات في لوازم الوجود لا الماهية (ومن الغريب) ان المحقق الرشتى (قدس سره) بنى في مسألة وجود الكلى الطبيعي على ما بنينا عليه ومع ذلك غفل في مسألة الحروف عن ذلك وقال ان ايجادية المعاني الحرفية تستدعى جزئية معانيها فان الشيء ما لم يتشخص لم يوجد.

 بقى هناك امور:

 (الاول) في بيان ان استعمال الالفاظ في المعاني المجازية تابع للوضع النوعي أم لا (فنقول) حقيقة الوضع كما عرفت سابقا ليس الا جعل اللفظ بالجعل المتوسط بين التكويني والتشريعي وجودا بالقوة للمعنى (ثم) انه (كما) ينقسم باعتبار الموضوع له إلى كلى وشخصي (فكذلك) ينقسم باعتبار اللفظ إلى كلى وشخصي فان الموضوع تارة يكون لفظا مستقلا بنفسه فيكون الوضع شخصيا (واخرى) لا يكون كذلك بل امرا لا تحصل له في حد ذاته كمواد المشتقات وهيئاتها على ما عرفت مفصلا فيكون الوضع نوعيا فالمشتقات وضعها عام من جهة الموضوع والموضوع له في المادة والهيئة (ثم) ان الاستعمال ليس الا ايجاد المعنى البسيط العقلاني في الخارج كما اشرنا إليه سابقا فكأنه القاء للمعنى في الخارج واللفظ غير ملتفت إليه الا تبعا نظير الوجوب المقدمي فهذا الالقاء (تارة) يستند إلى الجعل والمواضعة كما في الاستعمالات الحقيقية (واخرى) إلى حسنه بالطبع لأجل غاية المناسبة بين المستعمل فيه والمعنى الحقيقي بحيث يوجب صحة تنزيل احدهما منزلة الاخر في استعمال اللفظ فيه أو جعله فردا ادعائيا له كما ادعاه السكاكي وعلى كل تقدير فبعد وجود المناسبة المذكورة لا يحتاج إلى ترخيص من احد اصلا فالقول بان الاستعمالات المجازية تابعة للترخيص النوعي مما لا محصل له (ثم) ان استعمال اللفظ في نوعه أو صنفه أو مثله من هذا القبيل ايضا (15) بمعنى ان حسنه بالطبع والوجدان وحقيقة الاستعمال في الجميع على نحو واحد فان المتكلم يلتفت إلى طبيعة لفظ زيد اولا ثم حين الاستعمال يكون اللفظ الذى هو من افرادها حقيقة مغفولا عنه بحيث لا يرى الانفس الطبيعة ولا يلقى في الخارج الا اياها كالاستعمال في المعاني عينا (غاية) الامر ان المفني فيه في الاستعمال الحقيقي أو المجازي امور متغايرة لطبيعة الالفاظ وفيما نحن فيه من سنخها وحقيقة الاستعمال في الجميع واحدة والفرق ان مصحح الفناء في الاستعمال الحقيقي جعل الواضع وفي الاستعمال المجازي شدة مناسبة المعنى المجازي مع الحقيقي وفيما نحن فيه كون اللفظ الملقى بنفسه متحدا مع المفني فيه خارجا والارتباط بينهما اشد من الارتباط الجعلي (ومما ذكرنا) تعرف امتناع الاستعمال في شخص نفسه فانه لا اثنينية حينئذ حتى يمكن فناء شيء في شيء (واما ما ذكره صاحب الفصول) في مقام الامتناع من اتحاد الدال والمدلول من دون تأويل في البين أو تركب القضية من جزئين (فلا وجه له) فان التأويل أو اتحاد الدال والمدلول فرع امكان الاستعمال وهو منتف فيما نحن فيه رأسا (ومع قطع النظر عما ذكرنا) نمنع تركب القضية من جزئين بل هي مركبة من اجزاء ثلاثة غاية الامر ان موضوع القضية هو نفس الموضوع الواقعي (وبالجملة) صحة الاستعمال في مواردها تارة تكون معلولة (للاتحاد الجعلي) الناشئ من الوضع أو من المناسبة بين المستعمل فيه والموضوع له (أو للاتحاد الذاتي) والاخير اقوى من الاولين ووجهه واضح فلا يحتاج إلى جعل وتعيين (مضافا) إلى ان صحة الاستعمال كذلك موجودة في المهملات ايضا وكونها مجعولة وموضوعة ينافي كونها مهملة. (الامر الثاني) في ان الدلالة تابعة للإرادة أم لا (16) (ولبيان موضع النزاع (لابد) من ان يقال ان الدلالة اما تصورية واما تصديقية (اما الاولى)  فهي عبارة عن نفس خطور المعنى في الذهن عند تصور اللفظ وهذه مما لا شبهة في عدم كونها تابعة للإرادة بل الارادة تابعة للدلالة أي كون اللفظ بحيث إذا سمع ينتقل منه إلى المعنى (واما الثانية  فهي عبارة عن الدلالة على كون معاني الالفاظ مما تعلقت بها الارادة الجدية (وكلام العلمين (قدس سرهما) في التبعية (ناظر) إلى المقام الثاني فيخرج بذلك الاستعمال الكنائي من الدلالات الوضعية فانها تابعة لان تكون المعاني مرادة جدية وليس الامر في الكناية كذلك (و اما لو قلنا) بعدم التبعية (فلا فرق) بين الاستعمال الكنائي وغيره في كون الدلالة اللفظية على المعاني وضعية (غاية الامران) الارادة الجدية أي الغرض من استعمال اللفظ في المعنى (في احدهما) متعلقة بالمعاني الموضوع لها الالفاظ (وفي الاخر) متعلقة بلوازمها (فتدبر) حتى لا تتوهم ان مرادهما تبعية الدلالة التصورية للإرادة  التي لا يتفوه بها عاقل فضلا عن مثلهما

(الامر الثالث) في ان للمركبات وضعا أم لا (والمراد من وضع المركبات (هو) وضع الهيئات التركيبية الاسمية في الكلام العربي (17) كزيد قائم فانه وقع النزاع في ان الموضوع للربط الكلامي (هل هو الاعراب) كما ذهب إليه بعض واورد عليه بان الاعراب مشترك بين هذا النحو من التركيب وبقية التراكيب أو انه هو الضمير المقدر) أي لفظة هو كما اختاره جماعة من اهل الميزان (واورد عليه) بانه موضوع لمفهوم استقلالي اسمى فلا يكون مفيدا للمعنى  الحرفي أو انه الهيئة التركيبية كما هو المختار للمحققين واما الجمل الاخر كضرب زيد أو كان زيد قائما فالمفيد للريط فيها هي هيئة الفعل بأنواعها وقد يكون الدال على الربط احد الافعال الناقصة كلفظ كان مثلا ولو كان للهيئة التركيبية في الجمل الفعلية وضع على حدة لزم افادة المعنى الواحد مرتين وهو غير معقول (واما ما يتوهم) من ان المراد من وضع المركبات وضع المركب بما هو مركب (فغير صحيح ولا يمكن ان ينسب إلى احد من العقلاء فضلا عن العلماء (ومنه ظهر) انه لا معنى لكون المجاز في المركب بما هو مركب إذا المجازية فرع وجود الموضوع له وهو في المركب غير موجود (نعم) يجوز التشبيه فيه (اما) من حيث تشبيه المجموع بالمجموع أو من حيث تشبيه كل من اجزاء احدهما بما يقابله من اجزاء الاخر كما في قوله تعالى (مثلهم كمثل الذى استوقد نارا) إلى (آخر الاية) (واما توهم) ان الاية المباركة وما ماثلها من الآيات من قبيل المجاز في المركب (كتوهم) ذلك في قولهم اراك تقدم رجلا وتؤخر اخرى (فغير صحيح) لما عرفت من انه غير معقول (بل التحقيق) ان المستعمل فيه في جميع ما ذكر هي المعاني الحقيقية اما على سبيل التشبيه أو الكناية ويمكن ان يكون المثل المتقدم جاريا على نهج كل منهما وعلى كل حال فليس الاستعمال في مثل هذه التراكيب بنحو المجاز

( الامر الرابع )في الحقيقة الشرعية (لا يخفي) ان البحث في هذه المسألة لا يترتب عليه ثمرة اصلا فانه (وان) ذكر بعض ثمرة له وهو حمل الالفاظ المستعملة بلا قرينة على المعنى اللغوي بناء على عدمها وعلى المعنى الشرعي بناء على ثبوتها (الا) ان التحقيق انه ليس لنا مورد نشك فيه في المراد الاستعمالي اصلا (ثم ان) الكلام تارة يقع في الوضع التعييني واخرى في التعيني (اما الاول) فهو مقطوع بعدمه إذ لو كان الشارع المقدس قد وضع هذه الالفاظ لمعانيها الشرعية بنحو التعيين لبينه لأصحابه ولو بينه لهم لنقل الينا لتوفر الدواعي إلى نقله وعدم المانع منه فلا يقاس ذلك بالنص على الخلافة الذى اخفوه مع التصريح به وذلك لثبوت الداعي إلى الكتمان هناك دون المقام (وتوهم) امكان الوضع بنفس الاستعمال (18) كما افاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) (مدفوع) بان حقيقة الاستعمال كما بيناه القاء المعنى في الخارج بحيث يكون الالفاظ مغفولا عنها فالاستعمال يستدعى كون الالفاظ مغفولا عنها وتوجه النظر إليه بتبع المعنى بخلاف الوضع فانه يستدعى كون اللفظ منظورا إليه باستقلاله ومن الواضح انه لا يمكن الجمع بينهما في آن واحد (واما الوضع التعيني فهو بالنسبة إلى زمان الصادقين (عليهما السلام) (مقطوع به) الا انه لا طريق لنا إلى اثباته في زمان النبي (صلى الله عليه وآله)  حتى تثبت الحقيقة الشرعية وعليه تكون الالفاظ المستعملة في زمانه (صلى الله عليه وآله)  مجملات (واماما يقال) كما عن صاحب الكفاية (قدس سره) ان ثبوت الحقيقة الشرعية فرع كون هذه المعاني مستحدثة وهو خلاف التحقيق على ما يظهر من جملة من الآيات فيرده ان جملة من المعاني وان كانت ثابتة في الشرايع السابقة ايضا كالحج فانه كان في عصر الخليل (عليه السلام)  الا انها لم تكن يعبر عنها بهذه الالفاظ بل بألفاظ آخر قطعا واما لفظ الصلاة فانه وان كان مذكورا في انجيل –برنابا- الا ان المستعمل فيه في غير عصر نبينا (صلى الله عليه وآله)  كان هو المعنى اللغوي فان صلاة المسيح لم تكن الا مركبة من ادعية مخصوصة فالألفاظ المستعملة في الشرائع السابقة لم يكن المراد منها هذه المعاني الشرعية والمعاني الموجودة في الشرايع السابقة لم يكن يعبر عنها بهذه الالفاظ وعليه فلا يكون ثبوتها في الشرايع السابقة مانعا عن ثبوت الحقيقة الشرعية .

(الامر الخامس) في ان الفاظ العبادات (هل هي) اسام للصحيح (أو الاعم) ولنقدم لتحقيق الحال فيها مقدمات (الاولى) ان النزاع المذكور كما انه يجرى على القول بثبوت الحقيقة الشرعية كذلك يجرى على القول بعدمها (اما) على الاول فواضح (واما) على الثاني (فانه) يقع الكلام في ان المعاني الشرعية  التي استعمل فيها الالفاظ مجازا ولو حظ العلاقة بينها وبين المعاني اللغوية (هل هي) المعاني الصحيحة (أو) الاعم منها وبعبارة اخرى لا اشكال في ثبوت الحقيقة في لسان المتشرعة في زماننا هذا تبعا للاستعمالات الشرعية بنحو الحقيقة أو المجاز فيقع الكلام في ان المعاني  التي يستعمل الالفاظ فيها في عرفنا (هل هي) الصحيحة (أو) الاعم

(الثانية) ان الصحة (وان) فسرت بموافقة الشريعة تارة وبإسقاط الاعادة والقضاء اخرى (الا انهما) من باب التفسير باللوازم والا فمعنى الصحة واحد وهى التماميه  التي يعبر عنها بالفارسية بدرستى .

(الثالثة) ان التمامية المبحوثة عنها (تارة) تلاحظ بالإضافة إلى الاجزاء وحدها (واخرى)

بإضافة الشرائط المأخوذة في المأمور به إلى اجزاء العبادة (وثالثة) بإضافة عدم المزاحم الموجب لانتفاء الامر فيكون الصحيح هو المركب الجامع للأجزاء والشرائط مع عدم كونه مزاحما بواجب آخر

(ورابعة) بإضافة عدم النهى إلى ما ذكر.

 (وخامسة) من جهة اضافة قصد التقرب بالعبادة إلى جميع ما تقدم اعتباره في التسمية (والتحقيق) ان يقال انه لا وجه لاختصاص النزاع بالأجزاء قطعا بل يجرى النزاع في دخول الشرائط في المسمى وعدمه ايضا (واما) عدم المزاحم الموجب لعدم الامر (أو عدم) النهى (فكلاهما) خارجان عن محل النزاع (بداهة) انهما فرع المسمى حتى ينهى عنه أو يوجد له مزاحم فينتفي امره (واما) قصد التقرب (فهو) متأخر عن المسمى بمرتبتين فانه متأخر عن الامر المتأخر عن المسمى فلا يعقل اخذه في المسمى.

(الرابعة) قد عرفت ان الاستعمال هو ايجاد المعنى العقلاني البسيط المجرد الذى هو بأزاء الحقائق باللفظ المستعمل فيه فلابد من ان يوضع اللفظ بأزاء الحقيقة ولو كانت الحقيقة من الممتنعات فالقول بان لفظ الصلاة موضوع لمفهوم الصحيح أو فريضة الوقت أو المطلوب غير معقول (19) فان المفهوم لابد و ان يكون بأزاء الحقيقة لا بأزاء مفهوم آخر (مضافا) إلى ان عنوان المطلب منتزع من تعلق الطلب بشيء والطلب متأخر عن المسمى كما عرفت فلا يعقل كون المسمى هو نفس عنوان المطلوب ففيه محذور آخر غير عدم تعقل جعل المفهوم بأزاء المفهوم.

(الخامسة) انه لابد على كلا القولين من وجود حقيقة واحدة يشترك فيها جميع الافراد حتى يكون هو القدر المشترك الذى وضع اللفظ بأزائه أو استعمل فيه مجازا في لسان الشارع وعلى نحو الحقيقة في لساننا (وتوهم) عدم لزومه بناء على كون الموضوع له خاصا (مدفوع) بان الموضوع له وان كان خاصا الا انه لا بد من قدر جامع به يشار إلى الموضوع له (فالقدر) المشترك (لازم) على كل خال (مضافا) إلى ان كون الموضوع له خاصا مع عموم الوضع فرع الوضع التعييني وقد ابطلناه فيما مر اذا عرفت ذلك فنقول (الكلام) (تارة) يقع في العبادات واخرى في المعاملات (اما الاولى) فتصوير الجامع فيها في (غاية الاشكال) على الصحيح فضلا عن الاعم فان مراتب الصحة مراتب متعددة كالصلاة مثلا فان اقل مراتبها صلاة الغرقى واعلى مراتبها صلاة الحاضر المختار وبينهما وسائط كثيرة فتصوير جامع حقيقي يكون متعلق الامر ويجمع تمام تلك المراتب صعب جدا (واما) على الاعم (فاشكل) فان كل صلاة فرضت إذا بدل بعض اجزائه إلى اجزاء آخر فالصدق على حاله (ويمكن) دفع الاشكال عن كلا القولين بالتزام ان الموضوع له اولا هي المرتبة العليا الواجدة لتمام الاجزاء والشرائط (20) والاستعمال في غيرها من المراتب الصحيحة على قول الصحيحي أو الاعم منها على الاعم من باب الادعاء والتنزيل (والموضوع له) على كلا القولين (هي) المرتبة العليا وبقية المراتب الصحيحة أو الاعم يستعمل فيها الالفاظ ادعاء ومن باب تنزيل الفاقد منزلة الواجد مسامحة كما في جملة من الاستعمالات أو من باب اكتفاء الشارع به كما في صلاة الغرقى فانه لا يمكن فيه الالتزام بالتنزيل المذكور كما هو واضح (ثم) ان الاستعمال في فاسد صلاة الغرقى ايضا بتنزيل الفاقد منزلة الواجد المنزل منزلة تام الاجزاء والشرائط من باب الاجزاء والاكتفاء فبعد البناء على كون الصحيح فردا للطبيعة من جهة الاجزاء يصح تنزيل الفاقد منزلته ايضا ولا يلزم سبك مجاز عن مجاز (واما القصر والاتمام) فهما وان كانتا في عرض واحد بالقياس إلى المرتبة العليا الا انه يمكن تصوير الجامع بينهما فقط وعلى ما ذكرناه فيبطل نزاع الاعمى والصحيحي رأسا (فان ثمرة النزاع) كما سيجيئ ان شاء الله تعالى (هو التمسك)  بالإطلاق على تقدير تمامية مقدمات الحكمة على الاعمى (واجمال الخطاب) على الصحيحي (وهذا) لا يصح على ما ذكرناه لأنه لو بنينا على ان الصلاة لخصوص المرتبة العليا واطلاقها على غيرها من باب المسامحة والتنزيل فعلى تقديري وجود المطلق في العبادات ايضا فحيث ان اللفظ لم يوضع للجهة الجامعة المشتركة حتى تكون الاجزاء والشرائط المأخوذة في المأمور به من قبيل القيود فلا يمكن التمسك  بالإطلاق بل اللفظ يكون مجملا لعدم العلم بالتنزيل والمسامحة في مقام استعمال اللفظ حتى يتمسك بأطلاقه (ثم) ان هذا الاحتمال الذى ذكرناه (غير بعيد) في حد ذاته ويساعده الوجدان العرفي وليس في مقام فهم المفاهيم امر آخر اوضح منه (وعلى تقدير) الاغماض والاحتياج إلى تصوير الجامع (فيقع الكلام) (تارة) في الجامع بين الافراد الصحيحة فقط (واخرى) في الجامع بين افراد الاعم (اما الاول) فالتحقيق ان الجامع بحيث يوضع اللفظ له غير معقول إذ تصويره بأحد وجوه ثلاثة كلها باطلة (الاول) ان يكون الجامع هو الذى يسقط الاعادة أو ما يوجب ارتفاع اشتغال الذمة إلى غير ذلك مما يترتب على اتيان المأمور به ولم يكن غرضا منه وهذا الامر المترتب واحد وجهة جامعة بين تمام ما يترتب عليه وان كانت كثيرة (وفيه اولا) ان هذه المفاهيم كلها مترتبة على اتيان المأمور به في الخارج بقصد الامر المتأخر عن المسمى فكيف يعقل اخذها في المسمى (ولو سلمنا) ترتب هذه الامور على نفس الفعل الخارجي ولو بلا داعى الامر (الا انه) من اين يستكشف ترتب المعلول الواحد على جميع المراتب فلم لا يكون هناك اوامر متعددة متعلقة بأمور متعددة الامر الاول متعلق بحقيقة الصلاة ولكل من المراتب النازلة امر آخر اكتفي الشارع بامتثاله عن امتثال الامر الاول كما لا يبعد ان يكون الامر كذلك بل لا مناص عنه فيما كان الصحة ثابتة بمثل لا تعاد وامثالها (ولو سلمنا) اشتراك الجميع في معلول واحد لأجل تسليم كون الغرض من الجميع واحدا (فغاية ما هناك) انا نستكشف وجود جامع بين جميع المراتب في عالم من العوالم كما في موارد التخيير الشرعي والا فما وقع في حيز الخطاب ليس ذاك الجامع كما في موارد التخيير العقلي والمدعى تصور جامع يكون متعلقا للخطاب الشرعي ومسمى بلفظ الصلاة مثلا لا تصور جامع كيفما كان (وبعبارة اخرى) الكلام في تصور جامع قريب عرفي يقع تحت الخطاب كما في التخيير العقلي لافي الجامع العقلي الملاكي (وثانيا) ان من المسلم في محله ان اجزاء البراءة فرع ان يكون المأمور به هو نفس الاجزاء والشرائط لا مقيدا بأمر آخر يشك في حصوله والا لكان مقتضى القاعدة هو الاشتغال فيلزم على القائلين بوضع الالفاظ للصحيح ان لا يقولوا بالبراءة عند الشك في الاجزاء والشرائط لأجل تقيد المأمور به بمعلوله فيكون الشك شكا في المحصل لا محالة ومقتضى القاعدة فيه هو الاشتغال مع ان جلهم قائلون بالبراءة وعلى فرض عدم التقيد فلا يكون جامع في مقام الموضوعية للخطاب وان كان هناك جامع بلحاظ مقام ترتب الاثر (الثاني) ان يكون الجامع هو الذى يترتب عليه النهى عن الفحشاء الذى هو علة التشريع وغرض من المأمور به فان وحدة الغرض تكشف عن وحدة المؤثر (21) وهذا الوجه (اردء) من سابقه وبيانه يتوقف على تمهيد مقدمة شريفة يبتنى عليها مطالب مهمة (وهى) ان الفرق بين الاسباب التوليدية والعلل المعدة (هو) ان الاسباب التوليدية ما يترتب عليها مسبباتها بلا توسط امر آخر بينهما و (هي) على قسمين (فتارة) لا تكون محتاجة في ترتبها عليها إلى امور اخر اصلا كالعلة البسيطة واخرى تكون محتاجة إليها كما في العلل المركبة (نظير) رمى السهم فان الجزء الاخير من الفعل الاختياري وان لم يتوسط بينه وبين معلوله شيء آخر (الا انه) محتاج إلى سبق امور اخر ايضا كوجود القوة الدافعة في القوس مثلا (وعلى كل حال) فحيث لم يفرض التوسط بين المعلول والفعل الاختياري فيمكن تعلق الارادة التكوينية بكل منهما فيمكن تعلق الارادة التشريعية بهما ايضا لإمكان الانبعاث من المكلف (وحينئذ) فلا فرق في لسان الدليل بين تعلق الامر بالمسبب أو السبب فان المسبب يكون عنوانا لسببه في الفرض المزبور (فامر) المولى بالأحراق (عبارة) اخرى عن امره بألقاء المترتب عليه الاحراق فالألقاء هو الاحراق عنوانا وهذا هو ملاك الفعل التوليدي وهو الذى بنى صاحب المعالم (قدس سره) على عدم الجدوى في البحث عن وجوبه المقدمي لاتحادهما خارجا والسبب المبحوث عن وجوبه بمعنى المقتضى لا السبب التوليدي (واما العلل المعدة) ( فهي) ما يتوسط بينها وبين المعلول امر اخر سواء كان ذاك الامر اختياريا كصعود الدرج المترتبة أو غير اختياري كما في الزرع والسقي ونحوهما فانهما من العلل المعدة لكون البذر حنطة أو ثمرا (فان) ترتبهما على الزرع والسقي يحتاج إلى امور عديدة غير مقدورة للزراع والساقي (والفرق) بين القسمين هو ان الواسطة إذا كانت اختيارية فحالها حال الاسباب التوليدية في صحة تعلق التكليف بالمعلولات واما إذا كانت غير اختيارية فيستحيل تعلق الارادة التكوينية بها الا ارادة سفهائية فيستحيل تعلق الارادة التشريعية بها ايضا (والسر فيه) (هو) ان الارادة التشريعية بعث إلى ما يتعلق به الارادة التكوينية فلو لم يمكن الثانية يستحيل الاولى ايضا فالتكاليف في هذا القسم لا محالة تتعلق بنفس العلل المعدة لا بما يترتب عليها من الامور غير الاختيارية (وما يقال) من ان المقدور بالواسطة مقدور (انما يتم) فيما كان الواسطة امرا اختياريا لا غير اختياري كما هو واضح (ولذا) افتى الفقهاء بانه لو شرط في ضمن العقد جعل البسر رطبا كان المشروط كشرطه باطلا لعدم كونه تحت القدرة (ثم) ان هذا كله في مقام الثبوت واما في مقام الاثبات (فتارة) تكون المسببات من الامور العرفية التي يعلم كونها من الافعال التوليدية (فلا فرق) (حينئذ) بين تعلق التكليف بالمسببات أو الاسباب كالطهارات الخبثية إذ لا فرق بين امر المولى بالطهارة بقوله وثيابك فطهر (وبين) امره بالغسل بقوله اغسل ثوبك من ابوال ما لا يؤكل لحمه وعلى كلا التقديرين فيكون كل منهما مقيدا بالأخر (واخرى) لا يكون كذلك بل من الامور  التي لا يكون للعرف طريق إلى معرفة حقيقتها (وحينئذ) فيستكشف ذلك بطريق الان من تعلق الامر (فان) تعلق الامر بالمسبب (فنعلم) انه من قبيل الافعال التوليدية كما قيل ذلك في الطهارة الحدثية من جهة قوله تعالى (وان كنتم جنبا فاطهروا) (والا فلا) (إذا عرفت ذلك فنقول) ان العبادات كلها من قبيل العلل المعدة فان المأمور به فيها هي انفسها لاما يترتب عليها من الاغراض فيعلم ان نسبة العبادات إليها نسبة العلل المعدة إلى معاليلها لا نسبة الاسباب التوليدية إلى مسبباتها ويحتاج ترتب الاغراض عليها إلى توسط امور الهية غير اختيارية للمكلف والا لكان تعلق الامر بنفس الغرض مع عدم كونه امرا عرفيا معلوما نظير الطهارة الخبثية اولى من تعلقه بنفس الاجزاء والشرائط فلا يعقل ان يكون هناك جامع يكون عنوانا للمصاديق في مقام التسمية وتعلق الخطاب والغرض تصوير الجامع في هذا المقام (ولو تنزلنا وسلمنا) انها من قبيل الاسباب التوليدية (فلازمه) ان لا يمكن التمسك بالبراءة عند الشك في الاجزاء والشرائط لرجوع الشك إلى الشك في المحصل كما في الوجه السابق الوجه الثالث هو ان يكون الجامع هي المادة الصلاتية الحافظة للصورة الناهية عن الفحشاء والمنكر (والفرق) بين هذا الوجه وسابقه هو انه في الوجه السابق اعتبر النهى عن الفحشاء علة غائية وتصور الجامع من ناحية العلة وفي هذا الوجه اعتبر صورة نوعية حافظة للمادة الصلاتية (ويرد عليه) ان التقيد بهذا العنوان (ان) لم يعتبر (فما) هو الجامع في مقام تعلق  الخطاب والمسمى (وان) كان معتبرا (فمرجع) الامر إلى الشك في المحصل الذى لازمه القول بالاشتغال (22) الوجه الرابع ان يفرض الجامع في خصوص الصلاة  التي استكشفنا من ادلة القواطع وجود هيئة اتصالية معتبرة فيها كما افاده العلامة الأنصاري (قدس سره) فيكون لفظ الصلاة موضوعا لتلك المادة الحافظة لهذه الوحدة الاتصالية (والجواب) عنه (اولا) ان غاية ما نستفيد من ادلة القواطع ابطالها للصلاة ولو بنحو المانعية بأن يكون عدم هذه الامور من شرائط الصلاة (واما) اعتبار صفة وجودية (فلا) وعلى تقدير الاعتبار فمرجع الامر عند الشك هو الاشتغال لكونه شكا في المحصل (23) (فالتحقيق) عدم امكان تصوير الجامع اصلا على الصحيح (واما) على الاعم فقيل بتصوير الجامع من وجوه (الاول) ان يكون الموضوع له هي الاركان (24) كما ذهب إليها المحقق القمي (قدس سره) وتكون بقية الاجزاء دخيلة في المأمور به لا في المسمى فيرجع حاصل دعواه إلى دعويين (الاولى) كون الاركان هو الموضوع له (والثانية) خروج بقية الاجزاء عن المسمى والحق فساد كلتا الدعويين (اما الاولى) فلان المراد من الاركان أي مرتبة منها مع اختلافها بحسب الموارد من القادر والعاجز والغريق وامثال ذلك (فلابد) من تصور جامع آخر بين تلك المراتب (فيعود) الاشكال (والقول) بأن الموضوع له هو الاركان بحسب الجعل الاولى والبقية ابدال لها (فاسد) إذ الالتزام بالبدلية انما يمكن في مقام الاجزاء.

كما على الصحيح لا في المسمى بلا جهة عناية اصلا (واما) الدعوى (الثانية) فان التزم (قدس سره) بان بقية الاجزاء خارجة دائما (فهو) ينافي الوضع للأعم فان المفروض صدقها على الصحيحة ايضا (وان) اراد خروج بقية الاجزاء عند عدمها (فيلزم) دخول شيء في الماهية عند وجوده وخروجه عنها عند عدمه وهو محال (فان قلت) أ لستم تقولون بالتشكيك في الوجود وفي بعض الماهيات كالبياض والسواد وان المعنى الواحد يصدق على الواجد والفاقد فالوجود يصدق على وجود الواجد ووجود الممكن على اختلاف مراتبه (وكذا) السواد يصدق على القوى والضعيف وليكن الصلاة ايضا صادقة على التام من جميع الجهات وعلى الناقص ايضا (قلت اما) التشكيك في الوجود (فلا نفهم) ما معناه وهو امر فوق ادراك العقل وقد صرح اهله بانه لا يعلم الا بالكشف والمجاهدة (واما) التشكيك في الماهيات فهو امر معقول لكن لافي كل ماهية بل في الماهيات البسيطة  التي يكون ما به الاشتراك فيها عين ما به الافتراق ولا تكون مركبة من جنس وفصل ولا مادة وصورة نظير البياض والسواد فان المرتبة القوية من السواد لا يزيد على السواد بشيء والمرتبة الضعيفة لا تنقص عن حقيقة السواد بشيء بل الكل مشترك في حقيقة بسيطة واحدة (وهذا) بخلاف الصلاة (فانها) على الفرض (مركبة) من اركان واجزاء فكونها بحيث تدخل بقية الاجزاء  التي لها وجود مستقل في الخارج (مرة) و تخرج (اخرى) مما لا يعقل (ومنه) علم ان قياسها بالوجود على تقدير تعقل التشكيك فيه وامكان ادراكه افسد من قياسه بالماهيات التشكيكية فان الوجود اشد بساطة من الماهيات البسيطة كما حقق في محله (واما) ما ربما يقال من أخذ الاركان لا بشرط (فكلام) لا معنى له فان اللابشرطية توجب عدم اضرار بقية الاجزاء بالصدق لا انها توجب دخولها في الماهية. الثاني ان يكون الجامع هو معظم الاجزاء ونسبه شيخ الاساطين العلامة الأنصاري (قدس سره) إلى المشهور (ويرد عليه) بعد وضوح انه ليس المراد هو الوضع بأزاء مفهوم معظم الاجزاء يقينا والا لترادف اللفظان وصح استعمال كل واحد منهما في موضع الاخر ولا بأزاء مفهوم آخر يحكى عن مفهوم معظم الاجزاء لما بينا مرارا ان الوضع لابد وان يكون بأزاء مفهوم حاك عن الحقيقة ان الحقيقة متبدلة غاية التبدل فانه يمكننا تصوير حقيقة المعظم على الف وجه فيلزم التردد والتبدل في اجزاء الماهية وهو مستحيل ولا يمكن التصحيح بكون الموضوع له خاصا والوضع عاما لما ذكرنا من ان كون الموضوع له خاصا يبتنى على الوضع التعييني وهو باطل (مضافا) إلى انه يرجع بالأخرة إلى عدم الجامع في مقام تعلق الخطاب (ولكن التحقيق) امكان تصور الجامع من هذا الوجه بأن يكون الجامع هو الكلى في المعين نظير البيع الواقع على صاع من الاصواع المعينة فان المبيع كلى يمكن انطباقه على كل واحد من الاصواع على البدع فالمبيع واحد وانما الاختلاف في التشخص (فالموضوع) له (هو) الكلى المنطبق على اقل مراتب معظم الاجزاء فصاعدا ولم يؤخذ الجامع لا بشرط حتى يورد علينا باستلزام ذلك لدخول بقية الاجزاء في المسمى عند وجودها وخروجها عنه عند عدمها فيكون مبتنيا على جواز التشكيك في الماهيات المركبة  التي اوضحنا فساده آنفا (بل) المأخوذ في الموضوع له (هو) عدة من الاجزاء فصاعدا المبهمة من حيث التشخص فيكون كليا منطبقا على الفليل والكثير نظير لفظ الكلام فانه وضع بحسب اللغة لما يتركب من حرفين من الحروف الهجائية فصاعدا فيصدق على كلمة أب واحمد وغير ذلك من الكلمات المركبة من ثمانية وعشرين حرفا (فلفظ) الصلاة ايضا يكون موضوعا لعدة من الاجزاء بنحو الابهام فصاعدا فلا نحتاج إلى التشكيك اصلا (وهذا) بخلاف الاركان (فان) الموضوع له على تقدير الوضع لها (شخصي) فيلزم دخول بقية الاجزاء عند الوجود وخروجها عند العدم (وهذا هو) محذور التشكيك (لكن الانصاف) ان تصوير الجامع بهذا النحو خلاف الوجدان لما ذكرناه من ان الموضوع له هو خصوص المرتبة العليا (واطلاقها) على غيرها (بنحو) من العناية (وعليه فينبغي) ان يحرر النزاع بعد الفراغ عن الوضع لخصوص المرتبة العالية في ان العناية المصححة للتنزيل والاستعمال (هل هو) خصوص اجتزاء الشارع واكتفائه في مقام الامتثال حتى تثبت نتيجة الوضع للصحيح (أو هو) مع المشابهة في الصورة ايضا تنزيلا للفاقد منزلة الواجد حتى يثبت نتيجة الوضع للأعم (الوجه الثالث) ان يكون الجامع هو المعنى الذى يدور مداره التسمية عرفا (فمن صدق اللفظ عرفا (يستكشف) وجود المعنى (ومن) عدمه (عدمه وهذا) الوجه بظاهره ظاهر الفساد فان الصدق العرفي تابع لوجود المسمى ووضع اللفظ له فكيف يعقل ان يكون تصوير الجامع والوضع له من توابع الصدق العرفي الا انه يمكن ارجاع هذا الوجه إلى الوجه الثاني على النحو الذى صححناه ويكون التعبير بالصدق العرفي من باب المسامحة في التعبير وينبغى التنبيه على امور الاول ان كان ما يستدل به من الطرفين لكل من القولين باطل لا يمكن الركون إليه ولا يسع المجال للتعرض لها بخصوصياتها وابطالها فلا بد من الاشارة إليها والى ما يرد عليها اجمالا فنقول اما الاستدلال على الصحيح بمثل لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وامثاله فغير تام لان هذه التراكيب كلها في مقام بيان اجزاء المأمور به وشرائطه لافي مقام التسمية وكذا الاستدلال بمثل الصلاة معراج المومن أو تنهى عن الفحشاء والمنكر (فان) جميع هذه التراكيب (في مقام) بيان آثار المأمور به ترغيبا وتحريصا إلى امتثال امره لافي مقام بيان آثار المسمى بما هو (واما) الاستدلال على الاعم (بالاستعمال) في الفاسد في كثير من الموارد كقوله (عليه السلام)  دعي الصلاة ايام أقرائك وكقولهم عليهم السلام يعيد الصلاة أو بطلت صلاته إلى غير ذلك من الموارد (ففاسد ايضا) فان الاستعمال في الفاسد اعم من ان يكون على نحو الحقيقة والمجاز وكون الاصل في الاستعمال هي الحقيقة انما هو في مورد الشك في المراد لافي مورد الشك في كيفية الارادة بعد معلومية المراد (هذا) مع امكان منع الاستعمال في الفاسد (بدعوى) ان المستعمل فيه دائما هو الصحيح ولو باعتقاد المصلى أو بتنزيل الفاقد منزلة الواجد مسامحة (الثاني) ربما يذكر للنزاع المذكور ثمرات (الاولى) ما ذكر في القوانين وفي بعض عبارات الرياض ايضا من ان الصحيحي يتمسك بالاشتغال والاعمى بالبراءة واشكل عليه جملة من المحققين ومنهم استاد الاساطين العلامة الأنصاري (قدس سره) بان اجزاء البراءة والاشتغال فرع انحلال العلم الاجمالي وعدمه سواء قلنا بالصحيح أو بالأعم ولذا ذهب المشهور القائلون بالصحيح إلى البراءة (وفيه) ان الوضع للصحيح كما عرفت لا يمكن الا بتقييد المسمى (اما) من ناحية المعلولات (أو) من ناحية العلل (وحيث) انه يؤخذ امر آخر خارج عن المأتى به في المأمور به (فلابد) من القول بالاشتغال (وأما ذهاب المشهور القائلين بالصحيح إلى البراءة (فاما) ان يحمل منهم على الغفلة عن مبناهم أو على تخيلهم امكان تصوير الجامع بلا تقيد بأمر آخر (نعم) جريان البراءة على الاعم مبتن على الانحلال الذى هو مقتضى التحقيق في محله (فالتحقيق) ان النزاع في مسألة الانحلال وعدمه مبتن على الوضع للأعم حتى يكون المأمور به امرا خارجيا مركبا غير مقيد بامر بسيط آخر (فان) قلنا بالانحلال كما هو التحقيق (فنقول) بالبراءة والا فبالاشتغال وهذا بخلاف الوضع للصحيح لما عرفت من انه لا يمكن تصوير الجامع الا بتصور عنوان بسيط خارج عن نفس الاجزاء والشرائط سواء كان ذلك متعلق الامر أو قيده فلا محالة يكون الشك في الاجزاء والشرائط شكا في حصوله فيرجع إلى الشك في المحصل ولا اشكال حينئذ في الاشتغال على كل تقدير الثانية التمسك  بالإطلاق على القول بالوضع للأعم للقطع بصدق اللفظ على الفاقد فيكون الشك في اعتبار امر زائد عليه شكاً في التقييد فيرجع إلى اصالة الاطلاق بخلاف الوضع للصحيح فانه يشك في صدق اللفظ عند الشك في اعتبار امر شرطا أو شطرا ومن المعلوم ان التمسك  بالإطلاق فرع صدق اللفظ والشك في التقييد بأمر زائد على المسمى وقد اورد عليه بوجهين الاول ان عدم التمسك  بالإطلاقات الواردة في الكتاب والسنة لعدم كونها في مقام البيان إذ ليس فيها ما يكون في هذا المقام قطعا بل كلها في مقام التشريع فقط فكما ان الصحيحي لا يمكنه التمسك  بالإطلاق فكذلك الاعمى والا فلو فرضنا ان هناك دليلا واردا في مقام البيان كصحيحة حماد الواردة في مقام بيان الاجزاء والشرائط فالصحيحي ايضا يتمسك بعدم جزئية المشكوك للسكوت عنبا في مقام البيان وفيه ان مطلقات الكتاب والسنة وان لم يكن فيها ما يكون في مقام البيان فالأعمى كالصحيحي في عدم جواز التمسك بها في مقام الشك الا انه يكفي في الثمرة فرض وجود مطلق في مقام البيان فان ثمرة المسألة الاصولية هو ان يمكن وقوع نتيجتها في طريق الاستنباط ولا يلزم ان يكون ذلك فعليا واما توهم امكان تمسك الصحيحي ايضا  بالإطلاق إذا كان واردا في مقام البيان كصحيحة حماد ففيه ان الكلام متمحض في جواز التمسك  بالإطلاق في مقام البيان لافي جواز التمسك بقاعدة عدم الدليل دليل العدم فان التمسك بصحيحة حماد في نفي الاجزاء والشرائط المشكوكة ليس من جهة التمسك  بالإطلاق بل من جهة ان الامام (عليه السلام)  العالم بأجزاء المأمور به وشرائطه لو كان بصدد بيانها وان المؤثر في النهى عن الفحشاء والمنكر ما هو ومع ذلك لم يذكر غير ما ذكره من الاجزاء والشرائط فيستكشف منه عدم دخله (لان عدم الدليل) على دخل ما احتمل دخله دليل العدم إذا كان المتكلم في مقام البيان والا لكان مخلا بغرضه فالتمسك بالصحيحة خارج عما هو محل الكلام وهو التمسك  بالإطلاق لا بأمر آخر و لكن الانصاف عدم استقامة ذلك بل التمسك بها من قبيل التمسك  بالإطلاق ايضا غاية الامر ان الاطلاق قد يكون في المعاني البسيطة الافرادية واخرى في الجمل التركيبة كإطلاق القضية الشرطية المستتبع للمفهوم فاطلاق الصحيحة وان لم يكن من القسم الاول الا انه من قبيل الثاني فالتمسك بها تمسك  بالإطلاق فالتحقيق ان الصحيحي يتمسك  بالإطلاق كالأعمي في المطلقات التركيبية نعم تظهر الثمرة في المطلقات الافرادية على تقدير وجودها (ايقاظ) لا يخفي انه لا يجوز التمسك بالصحيحة في اثبات وجوب الاجزاء المذكورة فيها إذا شك في وجوب بعضها فانا نعلم اجمالا باشتمالها على اجزاء مستحبة ايضا فيسقط ظهور الصحيحة في بيان الاجزاء الواجبة (ومن) ذلك يظهر عدم صحة التمسك بقوله (صلى الله عليه وآله)  (صلوا كما رأيتموني اصلى) فانا نقطع بعدم اكتفاء النبي (صلى الله عليه وآله)  بالأجزاء الواجبة من الصلاة بل لا محالة كان يأتي بأجزاء مستحبة فيكون الامر مستعملا في مطلق الطلب جزم فلا يفيد في مقام اثبات الجزئية. (الوجه الثاني) ان الصحيحي (وان) لم يمكن له التمسك  بالإطلاقات لما ذكر (الا) ان الاعمى لا يمكنه ذلك ايضا فان المأمور به هو الصحيح قطعا فثبت تقييد المسمى بقيد يشك في تحققه عند الشك في الجزئية والشرطية فلا فرق في الشك في الصدق المانع من التمسك  بالإطلاق (بين) ان يكون منشأ دخل شيء في المسمى (أو دخله) في المأمور به قطعا مثلا إذا امر الشارع بعتق رقبة ثم ثبت من الخارج تقييده بالمؤمنة وشككنا في رقبة خاصة انها مؤمنة أو كافرة فلا يكمن التمسك  بالإطلاق قطعا (وفيه) ان المأمور به أو قيده البسيط على الصحيح مشكوك الصدق على الفاقد كما عرفت (فلا يمكن معه) التمسك  بالإطلاق بخلافه على الاعم فان المأمور به على هذا ليس الا نفس الاجزاء والشرائط والصحة ليست الا امرا منتزعا من كون الشيء موافقا للمأمور به فالصحة متأخرة عن تعلق الامر ويستحيل اخذها في المأمور به فصدق المأمور به على المأتي به في الخارج معلوم وجزئية الجزء المشكوك (تدفع)  بالإطلاق فيثبت ان المأتى به هو الصحيح وموافق للمأمور به وليس غرض القائل بالأعم ان الفاسد مأمور به بل غرضه ان الاطلاق يكشف عن ان الصحيح هو الاعم من فاقدة السورة  وواجدتها مثلا لان الامر لم يتعلق الا بهذا المقدار ولا نعنى بالصحيح الا ما كان موافقا للمأمور، به وهو المسقط للإعادة والقضاء فهذه المغالطة (واضحة) الفساد وان كان شيخ الاساطين العلامة الأنصاري قدس سره اطال الكلام في هذا المقام واتعب نفسه المقدسة واعتنى بالجواب عن هذه المغالطة فوق ما تستحق ولعله لاجل عدم وضوحه في ذلك الوقت فاراد قدس سره بيانه على وجه اوفي واتم ثم انك قد عرفت فيما مر انه على ما ذكرناه من كون الموضوع له هو خصوص المرتبة العالية التامة من حيث الاجزاء والشرائط وان بقية المراتب كلها افراد تنزيلية لا يمكن التمسك  بالإطلاق ايضا لعدم العلم بالتنزيل حين الاستعمال نعم تجرى البراءة لكون الشك في اجزاء نفس المأمور به أو شرائطه غير متقيد بأمر آخر فيكون القول المختار واسطة بين  الصحيحي والاعمى فان  الصحيحي لا يمكنه اجراء البراءة على ما حققناه كما لا يمكنه ان يتمسك  بالإطلاق والاعمى بخلافه فيهما و نحن نوافق الاعمى في الاول و الصحيحي في الثاني تذييل ربما يقال بأن الشرائط حيث انها في مرتبة متأخرة عن الاجزاء فانها في مرتبة المقتضى دون الشرائط فلا محالة لا تكون في عرضها فالألفاظ موضوعة للتامة من حيث الاجزاء فقط والشرائط دخيلة في مقام فعلية التأثير كما في تقريرات العلامة الأنصاري قدس سره ولكنه لا يخفي ان التأخر بحسب مقام لا يوجب التأخر في كل مقام فالتأخر في مقام العلية لا يوجب التأخر في مقام التسمية كما لا تأخر في مقام الامر ايضا

(المقام الثاني في المعاملات) :

لا يخفي ان جريان النزاع المذكور في المعاملات يتوقف على كون الفاظها اسامى للأسباب إذ لو كانت اسامى للمسببات فلا تتصف الا بالوجود والعدم دون الصحة والفساد والمتصف بهما هي الاسباب فقط ثم ان الشهيد قدس سره ذكر ان الماهيات الجعلية كالصلاة والصوم وسائر العقود حقيقة في الصحيح مجاز في الفاسد الا الحج لوجوب المضى فيه فلو نذران لا يصلى فصلى صحيحا ثم افسدها يحنث ويحتمل عدم الحنث بخلاف ما إذا اتى بها من الاول فاسدة فانه لا يحنث قطعا (واورد) عليه بانه كيف يمكن ان تكون العقود اسامى للصحيح مع انه (قدس سره) كغيره يتمسك بإطلاقات المعاملات و الصحيحي لا يمكنه التمسك  بالإطلاقات لإجمال المعاني ما عرفت سابقا (وتحقيق الجواب) يحتاج إلى بسط في المقال فنقول ان المعاملات حيث انها امور عرفية عقلائية  فهي ليست بمجعولة للشارع قطعا وانما الشارع قد امضاها وعليه فتارة يكون امضاؤه للأسباب  التي يتسبب بها الا ما ينشأ بها واخرى لمسبباتها فإذا كان الاطلاق الوارد في مقام البيان مسوقا لإمضاء الاسباب العرفية ومع ذلك لم يزد شيئا على ما هو سبب عندهم فلا محالة يتمسك بإطلاق كلامه في الغاء كل ما يحتمل دخله كما يتمسك بإطلاق اوفوا بالعقود في مقام الشك في اعتبار شيء زائد على الاسباب العرفية بخلاف ما إذا كان امضاؤه للمسببات أي للمعاملات  التي هي رائجة عند العرف كالزوجية والمبادلة مع قطع النظر عن الاسباب  التي يتوسل بها إليها كما في قوله تعالى (احل الله البيع وحرم الربا) فانه في مقام ان المعاملة الربوية من دون نظر إلى الاسباب غير ممضاة في الشريعة بخلاف المعاملة البيعية فالإطلاق لو كان واردا في هذا المقام فلا يدل على امضاء الاسباب العرفية اصلا إذا عرفت ذلك فنقول المطلقات الواردة في الكتاب والسنة كلها واردة في مقام امضاء المسببات دون الاسباب الا قوله تعالى (اوفوا بالعقود) فانه يحتمل ان يكون واردا في مقام امضاء الاسباب العرفية (ولكن) التأمل فيه يقتضى ان يكون هو ايضا في مقام امضاء المسببات (فان) لفظ العقود (وان كان) ظاهرا في الاسباب (الا انها) بقرينة تعلق وجوب الوفاء بها تكون ظاهرة في المسببات فان الاسباب آنية الحصول وغير قابلة للبقاء حتى تكون متعلقة لوجوب الوفاء (بل) القابل هي المسببات  التي لها نحو بقاء بعد انعدام اسبابها (فعليه) لا يمكن التمسك بمطلقات المعاملات اصلا (واما) ما في كلام صاحب التقريرات من ان العرف حيث يرى حصول المسبب بسبب معين عندهم فإمضاء المسبب يستلزم امضاء السبب (فغير تام) فان المتبع هو انظار العرف في تعيين المفاهيم لافي التطبيق فهم وان رأوا حصول المسبب عند وجود امر خاص الا ان امضاء المسبب لا دليل على كونه امضاء لنظره في التطبيق ايضا بل المتبع هو نظر الشارع فان ثبت والا فيتمسك بأصالة عدم حصول المسببات فانها تحدث عند وجود اسبابها فإذا شك في حدوثها من جهة الشك في شرطية شيء أو مانعيته لأسبابها فالأصل عدمها كما انه عند الشك في الاجزاء والشرائط في العبادات على الصحيح نتمسك بأصالة الاشتغال للشك في الفراغ (والحاصل) ان المسبب حيث انه موجود آخر في قبال السبب فلا دليل على ان يكون امضاؤه امضاء له فيما إذا كان له سبب متيقن (نعم) إذا لم يكن له سبب متيقن اصلا فلا بدو ان يكون امضاؤه امضاء لأسبابه ايضا والا لكان الامضاء لغوا محضا فان قلت ما الفارق بين ما نحن فيه وما إذا علق عكم على موضوع من الموضوعات فان المعيار في التطبيق هو نظر العرف في الثاني دون الاول قلت الفارق هو ان الموضوعات ليست الا امورا خارجية غير قابلة للجعل وليس للإمضاء وعدمه فيها مجال اصلا فيكون المتبع هو نظر العرف فقط بخلاف الاسباب فانها جعلية إمضائية فنحتاج إلى دليل الامضاء في اثبات سببيتها ولا يكفي فيه امضاء المسبب فقط والتحقيق (25) في حل الاشكال ان يقال ان نسبة صيغ العقود إلى المعاملات ليست نسبة الاسباب إلى مسبباتها حتى يكونا موجودين خارجيين يترتب احدهما على الاخر ترتبا قهريا والارادة تكون متعلقة بالمسبب بتبع تعلقها بالسبب حيث ان اختياريته باختياريته كما هو الحال في جميع الافعال التوليدية بل نسبتها إليها نسبة الالة إلى ديها والارادة متعلقة بنفس المعاملة ابتداء كما في سائر الإنشاءات (بداهة) ان قول بعت أو اضرب ليس بنفسه موجدا للملكية أو الطلب في الخارج نظير الالقاء الموجد للإحراق (بل) الموجد هو الارادة المتعلقة بإيجاده انشاء (فإذا) لم يكن من قبيل الاسباب والمسببات (فليس) هناك موجودان خارجيان حتى لا يكون امضاء احدهما امضاء للأخر بل الموجود واحد (غاية الامر) انه باختلاف الاله ينقسم إلى اقسام عديده (فالبيع) المنشأ باللفظ العربي (قسم) وبغير العربي (قسم آخر) فإذا كان المتكلم في مقام البيان ولم يقيده بنوع دون نوع فيستكشف منه عمومه لجميع الانواع والاصناف كما في سائر المطلقات طبق النعل بالنعل فان قلت حيث ان الفاظ المعاملات موضوعة لمعاني اسماء المصادر  التي لم تلحظ فيها نسبة اصلا و هي بهذا الاعتبار تباين معاني المصادر الملحوظة فيها النسبة الناقصة فالجهتان متباينتان وان كانت ذات المعنى فيهما واحدة (فإذا) كان الامضاء امضاء للمعاملة التي بمعنى اسم المصدر فلا ملازمة بينه وبين الامضاء للمعنى المصدري فلا يمكن التمسك  بالإطلاق لأثبات امضاء سبب المعاملة قلنا نعم وان كانت الجهتان متباينتين (الا ان) دليل الامضاء حيث انه مثل قوله تعالى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] أو {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وامثالهما (فهو) ظاهر في ان الممضاة هي الجهة الصدورية فان ظاهره ان المعاملات الصادرة في الخارج منكم يجب الوفاء بها أو احلها الله تبارك وتعالى في محلها لا نفس المعاملات بما هي (بل يمكن) ان يقال ان معاني اسماء المصادر (حيث) انها متحدة وجودا مع المعاني المصدرية (فيكون) امضاؤها ملازما لا مضائها عرفا (فتدبر) (فظهر) انه لا منافاة بين القول بوضع الفاظ المعاملات للصحيحة والتمسك  بالإطلاق اصلا وان كان المطلقات في مقام امضاء نفس المعاملات ايضا (ويمكن) توجيه عبارة الشهيد (قدس سره) بوجه آخر ايضا (وهو) انه (قدس سره) ليس في مقام بيان المفاهيم  التي وضع لها اسماء المعاملات وانها هي الصحيحة (حتى) يورد عليه بعدم صحة التمسك  بالإطلاق (حينئذ) بل في مقام بيان المصاديق  التي يتعلق بها قصد الناذر وان الناذر انما يقصد ان لا يصلى صلاة صحيحة وان لا ينقل ماله من آخر بقرينة التفريع الذى ذكره (وحاصله) انه بعد تبين تعلق النذر بالصحيح لا بمجرد مسمى الصلاة أو التلفظ بلفظ الصيغة (ان اتى) بالصلاة فاسدة من اول الامر (فلا اشكال) في عدم الحنث (وان اتى) بها صحيحة إلى آخرها (فلا اشكال) في الحنث (وانما) الاشكال فيما لو اتى بها صحيحة من اول الامر وافسدها في الاثناء فانه يشك  (حينئذ) في ان هذا المقدار من الصحة يحصل به الحنث أم لا الامر السادس لا اشكال في امكان الاشتراك والترادف ووقوعهما في لغة العرب وغيرها ولا يعتنى ببعض التسويلات والمغالطات التي فسادها غنى عن البيان (انما الاشكال) في منشأهما (فالمعروف) انه الوضع تعيينا (لكنه) يظهر من بعض المؤرخين انهما حدثا من خلط بعض اللغات ببعض مثلا كان يعبر عن معنى في لغة الحجاز بلفظ ويعبر عن ذلك المعنى في لغة العراق بلفظ آخر وبذلك اللفظ عن معنى آخر ومن جمعهما أخيرا وجعل الكل لغة واحدة حدث الاشتراك والترادف ولا فائدة مهمة في تحقيق ذلك الامر السابع الحق امتناع استعمال اللفظ في اكثر من معنى واحد على نحو الاستقلال بحيث يكون الاطلاق الواحد استعمالين حكما بل حقيقة وان كان ذات المستعمل واحدة فان الاستعمال كما عرفت سابقا ليس الا ايجاد المعنى في الخارج والقائه في العين والملحوظ اولا وبالذات هو المعنى واللفظ ملحوظ بتبعه فلازم الاستعمال في المعنيين تعلق اللحاظ الاستعمالي في آن واحد بمعنيين ولازمه الجمع بين اللحاظين في آن واحد وهو ممتنع (26) عقلا (ولا فرق) فيما ذكرنا (بين) الاستعمال في المعنيين الحقيقيين أو المجازيين أو معنى مجازى وحقيقي (ولا بين) المفرد وغيره (ولا بين) النفي والاثبات لان الملاك في المنع هو لزوم المحال وهو في الجميع موجود (نعم) إذا كان المستعمل فيه مجموع المعنيين أو الجامع بينهما لكان جائزا وان كان الاستعمال مجازيا الامر الثامن - في المشتق وقبل الخوض في المقصود ينبغى تقديم مقدمات (المقدمة الاولى) لا خلاف بينهم في صحة استعمال المشتق في المتلبس بالمبدء فعلا و المنقضي عنه وما لم يتلبس به بعد ولكنه يتلبس به في الاستقبال (وكذا) لا خلاف في كونه مجازا في الاخير (كما انه لا خلاف ايضا في عدم صحة استعمال الجوامد كالإنسان والحجر وغير ذلك الا في خصوص المتلبس وان استعماله في غيره يعد من الاغلاط ولو كان مما انقضى عنه المبدء كما سيظهر وجهه ان شاء الله تعالى (انما) الخلاف في كونه حقيقة في خصوص المتلبس أو الاعم منه ومن المنقضي عنه (المقدمة الثانية) المراد بالمشتق في محل الكلام ليس خصوص اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة أو هي مع اضافة بقية المشتقات المصطلحة كأسماء الامكنة والازمنة والآلات بل كل مفهوم جار على الذات ولم يكن ذاتيا أو منتزعا عن مقام الذات سواء كان مبدئه من المصادر الحقيقية المتصرفة أو من المصادر الجعيلة غير المتصرفة كالزوجية والرقية وامثالهما (بيان ذلك) ان المحمولات على اقسام (منها) ما يكون مبدء الاشتقاق فيه نفس الذات أو مقوما للذات كالإنسان والحيوان والناطق فان مباديها وهى الإنسانية والحيوانية والناطقية داخلة في مقام الذات (ومنها) ما يكون المبدء فيه منتزعا من مقام الذات ولا يحاذيه شيء في الخارج فيكون خارجا محمولا كعنوان العلة والمعلول والممكن وما يقابلانه فان مباديها لا يحاذيها شيء في الخارج وتكون العناوين المشتقة منها من قبيل الخارج المحمول (ومنها) ما يكون المبدء فيه احد الاعراض التسعة ويكون العنوان المشتق من قبيل المحمولات بالضميمة سواء كان المبدء من الاعراض المتأصلة كالكم والكيف والفعل والانفعال أو من الاعراض النسبية غير المتأصلة كبقية الاعراض الخمسة (ومنها) ما يكون المبدء عنوانا انتزاعيا من قيام عرض من الاعراض التسعة بموضوعاتها كالسابقية والمسبوقية أو الاشدية والاضعفية فانها منتزعة من قيام احد الاعراض التسعة بموضوعاتها مثلا بياض الجسم من الاعراض  التي لها وجود خارجي لكن اشديته بالإضافة إلى بياض آخر ليست الا امرا انتزاعيا لا يحاذيها شيء في الخارج فيكون من الخارج المحمول المنتزع من غير مقام الذات (لا اشكال) في خروج القسم الاول عن محل النزاع فان شيئية الشيء بصورته لا بمادته فإذا فرضنا تبدل الإنسان بالتراب فما هو ملاك الإنسانية هي الصورة النوعية وقد زالت (واما) المادة المشتركة الباقية  التي هو القوة الصرفة لإفاضة الصور  فهي غير متصفة بالإنسانية في حال من الاحوال (وبالجملة) فالمتصف زائل والباقي غير متصف و (هذا) بخلاف المشتقات العرضية كضارب مثلا فانه محمول على نفس الذات وهو المتصف بالضرب فإذا انتفي عنه الضرب فقد بقى ذات المتصف حقيقتا وان زال الاتصاف (فيقع) النزاع في ان الصدق حقيقة أو مجاز (وكذا) (27) القسم الثاني فان المحمولات فيه تتبع نفس العناوين الذاتية وقد عرفت خروجها عن محل الكلام و (اما القسم الثالث) فلا اشكال في دخوله في محل الكلام لما بينا آنفا من بقاء ذات المتصف حين زوال الاتصاف ومنه يعلم دخول القسم الرابع ايضا في محل الكلام لعدم الفرق اصلا بين المباديء الجعلية غير المتصرفة والحقيقية المتصرفة في ملاك الاشكال والخلاف إذا عرفت ذلك تعرف ان ما افاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من تعميم محل النزاع للعرض والعرضي لا يستقيم بظاهره فان محل الكلام هي المشتقات العرضية فقط ولعله اراد من العرضي نفس المباديء  التي لا يحاذيها شيء في الخارج ويكون ما يشتق منها من قبيل الخارج المحمول وهو مع كونه خلاف الاصطلاح لا ينطبق على الامثلة المذكورة فيها فان الظاهر ان الزوجية  وامثالها من مقولة الاضافة المعدودة من الاعراض التسعة فتكون العناوين المنتزعة منها من قبيل المحمولات بالضميمة لا الخارج المحمول ومما يدل على ما ذكرناه من دخول العناوين المنتزعة من المباديء الجعلية في محل النزاع ما ذكره جملة من الاعلام في جملة من المباحث الفقهية منها ما ذكره فخر المحققين قدس سره في مسألة الرضاع في احكما المصاهرة من ابتناء تحريم المرضعة الثانية على القول بكون المشتق حقيقة في الاعم فانه قدس سره ذكر فيمن كان له زوجتان ارضعتا زوجته الصغيرة مع الدخول بإحدييهما انه لا اشكال في تحريم المرضعة الاولى والصغيرة واما المرضعة الثانية ففي تحريمها اشكال واختار والدي المصنف (قدس سره) تحريمها فانه يصدق عليها انها ام زوجته لعدم اشتراط بقاء المبدء في صدق المشتق انتهى وتوضيح ما ذكره (انه تارة) لا يفرض هناك دخول اصلا (واخرى) يفرض الدخول بالمرضعة الاولى (وثالثة) بالثانية (اما في) الفرض الاول (فبمجرد) تحقق الرضاع تتحقق الامية والبنتية بينهما فتبطل زوجيتهما معا لعدم (28) امكان الجمع بين الام والبنت في الزوجية في زمان واحد ولو بقاء فلا محالة ترتفعان معا لعدم المرجح في البين (واما المرضعة) الثانية (فبطلان) زوجيتها يبتنى على النزاع في المشتق وعلى فرض البطلان تحرم مؤبدا كالمرضعة الاولى لصدق ام الزوجة عليها (واما) البنت (فلا تحرم) لاشتراط تحريم الربيبة بالدخول بأمها والمفروض في المقام عدم التحريم من غير جهة المصاهرة لفرض ان اللبن من غيره (فان قلت) أي دليل على حرمة ام الزوجة الرضاعية مع أن الدليل نزل الرضاع منزلة النسب لا منزلة المصاهرة فلا وجه لتسرية احكام المصاهرة إلى الرضاع كما ذكره المحقق الميرداماد (قدس سره) قلت نعم لكن بأدلة تنزيل الرضاع منزلة النسب يتحقق موضوع احكام المصاهرة فيترتب أحكامه قهرا مثلا ورد في الدليل حرمة ام الزوجة ودليل الرضاع يثبت كون المرأة ام الزوجة فتحرم بذلك الدليل لا أن دليل التنزيل يجرى في المصاهرة بلا واسطة (واما) في الفرض الثاني فلا اشكال في تحريم الرضيعة وامها وبطلان زوجيتهما لكون الرضيعة بنت الزوجة المدخول بها (29) وكون الام ام الزوجة وتحريم المرضعة لثانية مبتن على النزاع في المشتق (واما) في الفرض الثالث فالرضاع الاول يحرم الام لكونها ام الزوجة (واما) البنت (فلا) تحرم وان بطلت زوجيتها (نعم) بالرضاع التأني نحرم البنت ايضا (واما) الام (فيبتنى) بطلان زوجيتها وحرمتها مؤبدا على كون المشتق حقيقة في الاعم (ثم) أن فخر الدين (قدس سره) استدل على تحريم المرضعة الثانية بوجهين (وحاصل) أحدهما انه يكفي في الحرمة صدق المشتق و تحقق الزوجية في زمان ما فيدخل في عموم قوله تعالى (وامهات نسائكم) وهذا الوجه يمكن ان بريد به اختيار كون المشتق حقيقة في الاعم (ويمكن) ان يكون مراده (قدس سره) ان صدق الزوجة على البنت في زمان ما كاف في تحريم امها ابدا إذ لم تقيد حرمة ام الزوجة في الاية بكونها ام الزوجة الفعلية فيكفي في الحرمة كونها ام الزوجة السابقة فيكون نظير قوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين) حيث ان الظالم في زمان ما لا يناله العهد دائما فتحقق الزوجية في زمان موجب لتحريم امها ولو كانت الامية في زمان متأخر عن الزوجية (وحاصل) الدليل الاخر انه (لو فرضنا) زوال الزوجية في مقام ثم تزوجت المرأة من رجل آخر فولدت منه بنتا (فلا اشكال) في حرمة البنت على الزوج الاول مع دخوله بأمها فكذا إذ احدثت البنتية بالرضاع فان ما يحرم بالنسب يحرم من الرضاع (فإذا كان) هذا حال حدوث البنتية بعد زوال الزوجية (فكذلك) حال حدوث الامية  فهي ايضا توجب الحرمة وان كانت بعد زوال البنت.

(وبالجملة) فلا اشكال في عموم النزاع ولا وجه لاختصاصه ببعض المشتقات كما في كلام جماعة من المحققين بعد عموم الاملاك وهو بقاء الذات مع زوال الاتصاف (المقدمة الثالثة) ربما يتوهم خروج اسم الزمان عن حريم النزاع (بداهة) ان الذات فيه وهو الزمان بنفسه ينقضي ويتصرم وليس له بقاء بعد انقضاء عارضه (وقد عرفت) ان بقاء الذات معتبر في محل النزاع ولذا بنينا على خروج المشتقات المنتزعة عن مقام الذات عن محل الكلام (ولكن) هذا التوهم (انما يتم) إذا كان المعروض هو الشخص دون الكلى والا فبقاء الذات فيه اوضح من ان يخفي. بيان ذلك انه لا اشكال في ان لفظ السبت واول الشهر وغيرهما من اسماء الازمنة موضوعة لمعان كلية لها افراد تدريجية ولا يمكن اجتماع فردين منها في الوجود (فان كان) اسماء الازمنة المصطلحة كالمقتل والمضرب وغيرهما موضوعة لزمان كلى متصف بالقتل والضرب ككلى يوم العاشر من المحرم مثلا (فلا اشكال) في بقاء الذات ولو مع انقضاء العارض (واما) إذا كان الزمان المأخوذ فيها شخص ذاك اليوم بعينه لا كليه (فللتوهم) المذكور (محال) لكن كون المأخوذ فيها هو الشخص في حيز المنع. (بل الظاهر) انه الكلى (30) كما في بقية اسماء الازمنة غير المصطلحة كأسماء الايام والشهور والسنين (ولا يخفي) ان هذا الذى اخترناه اولى مما اخترناه في الدورة السابقة من ان المعروض هو الشخص ولكنه يجرد عن الخصوصية فيكون باقيا بعد زوال الوصف (وكذا) مما اختاره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من ان انصار الكلى في فرد وامتناع فرد آخر لا يوجب الوضع لخصومه كما في لفظ الواجب تعالى فتدبر جيدا. (المقدمة الرابعة) قد ذكرنا في المقدمة الاولى انه لا اشكال في كون المشتق حقيقة في المتلبس في الحال (وانما) الكلام في انه موضوع لخصوصه أو للأعم منه و من المقتضى عنه وحينئذ فيقع الكلام في انه ما المراد من الحال فهل هو زمان النطق أو معنى آخر (فنقول) لفظ الحال يطلق (تارة) ويراد منه الزمان الحاضر في قبال الماضي والمستقبل ولا اشكال في وجوده (ولا يصغى) إلى ما قيل من انحصار الزمان في الماضي والمستقبل وانكار الزمان الحاضر بتوهم ان الزمان حيث انه بنفسه ينقضي ويتصرم فالجزء المتحقق ماض وغير المتحقق مستقبل فاين الزمان الحاضر (بداهة) انه مغالطة محضة ومساوق لإنكار اصل وجود الزمان واستصحابه وسيجئ في باب الاستصحاب ان شاء الله تعالى ان الزمان وان كان بنفسه مما يتصرم الا ان له حافظ وحدة جامعة لتمام الآنات المتكثرة  التي توجد وتنعدم فكل جزء حين وجوده زمان حاضر وبعده ماض وقبله مستقبل (ويطلق اخرى) ويراد منه حال التلبس وليس المراد منه زمان التلبس كما في عبارة كثير من الاعلام ومنهم المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) (بداهة) ان لازمه اخذ الزمان في مدلول المشتقات ولا نلتزم بأخذ الزمان في مداليل الافعال كما سيجيء ان شاء الله تعالى فضلا عن الاسماء مضافا إلى انه مستلزم  لأخذ النسبة الناقصة في مدلولها المستلزم  لأخذ الذات فيه على ما سيجيء وهو خلاف مذهب التحقيق حتى عنده (قدس سره بل) المراد منه هي فعلية التلبس الملازمة لاحد الازمنة الثلاثة (وعليه) فلا يدخل الحال بالمعنى الثاني الذى هو زماني ملازم للزمان مع المعنى الاول تحت جامع واحد (بل) هما متباينان مفهوما فلا وجه لدعوى العموم من وجه بينهما بتوهم ان المراد منه هو زمان التلبس والعموم من وجه بين الزمانين ظاهر (إذا عرفت ذلك) فنقول المراد من الحال في كلام القوم هو المعنى الثاني لازمان النطق (بداهة) ان قولنا زيد كان ضاربا أو سيكون ضاربا حقيقة عند الكل مع انه لم يصرح احد بخصوص ارادة زمان النطق في محل الكلام (مضافا) إلى استبعاد الوضع لما هو قليل الفائدة إلى الغاية هذا (وربما) يشكل على ما ذكرنا من ان المراد بحال التلبس هو فعلية التلبس والزمان خارج عن مدلول المشتق بوجهين (الاول) انه ينافي ما ذكره علماء النحو من اشتراط عمل اسم الفاعل والمفعول بما إذا كانا بمعنى الحال أو الاستقبال فان ظاهره دلالة المشتقات على الزمان (الثاني) انه ينافي النزاع المعروف بين الشيخ والفار ابى في ان اللازم في اتصاف ذات الموضوع بوصفه هل هو كونه بالإمكان أو بالفعل وفسر الفعلية في كلام البعض بأحد الازمنة الثلاثة (وجه) المنافاة المتوهمة انه (إذا كان) شرط اطلاق المشتق هو فعلية التلبس وخروج الزمان عند مدلوله كما ذكرنا فيكون النزاع المعروف مما لا يترتب عليه ثمرة اصلا إذ بعد الفراغ عما ذكرناه فاى وقع لما اختاره الفارابى من كفاية الاتصاف بالإمكان ولابد من الالتزام بمقالة الشيخ بعد ارجاع تفسير كلام الشيخ بأحد الازمنة إلى ما ذكرنا بان يكون تفسيرا باللازم فان فعلية التلبس ملازمة للوقوع في احد الازمنة قهرا (بل ان) مختار الفارابي ينافي ما ذكرناه سابقا من خروج الاوصاف الذاتية عن حريم النزاع والاتفاق على اعتبار الفعلية فيها فان ما اختاره الفارابي لا يختص بالمشتقات العرضية ويشمل العناوين الذاتية المشتقة من المبادئ الجعلية (ولكن المتأمل) لا يخفي عليه فساد كلا الاشكالين (اما الاول) فلان الاشتراط المذكور ليس من جهة دلالة نفس اللفظ على الزمان كيف والمسلم عندهم عدم دلالة الاسم على الزمان بل من جهة القرينة الخارجية من لفظ امس أو غد وامثال (كما ان) الدلالة على الزمان الحاضر من جهة الانسباق من سياق الجملة (اجنبية) عما نحن بصدده من تعيين المفاهيم الافرادية (واما الثاني) فلان محل كلامنا هو المفاهيم الافرادية (والنزاع) المعروف (انما) هو في القضايا التركيبية بمعنى ان المحمولات فيها (هل) هي ثابتة على الافراد الفعلية (أو على) الافراد الممكنة ولا تنافي بين الالتزام باعتبار فعلية التلبس مع الالتزام بمقالة الفارابي وان معنى قولنا كل إنسان كاتب ان كلما يمكن ان يتصف بالإنسانية وان لم يتصف بها في احد الازمنة فهو متصف بالكتابة حين اتصافها بالإنسانية (وبالجملة) اعتبار فعلية التلبس في المفهوم الأفرادي اجنبي عن تعيين موضوعات الاحكام في القضايا التركيبية (نعم) اعتبار فعلية التلبس بالمعنى الاخر وهو كون الاتصاف في الزمان الحاضر ينافي كون الموضوع هو الافراد الممكنة غير المتصفة بالوصف العنواني في الزمان الحاضر (المقدمة الخامسة) ان النزاع في هذا المبحث كما ذكرنا انما هو في سعة المفهوم وضيقه بمعنى ان الموضوع له هل هو خصوص المتلبس بالمبدء أو الاعم منه ومن المنقضي عنه (وتخيل) بعض ان النزاع ليس في ناحية المفهوم بل في الصدق (وحاصله) ان مفهوم المشتقات مما لم يقع الاشكال لاحد فيه (وانما) النزاع في أن صدقه على المنقضي عنه المبدء (هل) هو باعتبار انه من الافراد التنزيلية (أو من) الافراد الحقيقية (واورد) على القوم بانهم لم يميزوا محل الكلام ومورد النقض والابرام (وكلامه) هذا مأخوذ من السكاكي المنكر للمجاز في الكملة القائل برجوعه إلى المجاز في الاسناد وان المصاديق المجازية أفراد ادعائية للمعنى الحقيقي والتصرف في امر عقلي (ولا بدلنا) اولا من ابطال كلام السكاكي حتى يظهر بطلان كلام التابع له ايضا (فنقول) ان مختاره على تقدير تماميته فانما يتم في القضايا الخارجية الصدقية سواء كان الصدق فيها ملحوظ استقلالا كقولنا زيد اسد أو ضمنا كقولنا رأيت اسدا يرمى (وأما) في القضايا  التي لم يلحظ فيها الصدق على موضوع خاص اصلا (بل) هي من القضايا الكلية الحقيقية  التي لم يلحظ فيها صدق الموضوع على شخص منقض عنه المبدء حتى يتكلم أن هذا من الافراد الحقيقية أو الادعائية كما في قولنا تحرم ام الزوجة فمثل هذه القضايا خارجة عن موضوع كلامه بالكلية وعمدة ما يكون محل الكلام ومورد النقض والابرام هي هذه القضايا  التي لم يلحظ فيها صدق الموضوع على شخص (فانه) إذا كان الصدق مفروضا (فلا اشكال) في شمول الحكم له (غاية الامر) يكون النزاع علميا في انه هل هو من الافراد الادعائية أو الحقيقية (واما) القضايا الصدقية ( فهي) على ثلاثة اقسام فان صدق المعنى (تارة) يكون على فرده بلا خفاء ولا عناية كصدق الماء على ماء الفرات مثلا (والحرى) على فرد مع الخفاء لكنه أيضا من افراد المعنى الحقيقي كصدق الماء على ماء الزاج والكبريت فانهما من افراد الماء بحسب المعنى الموضوع له وان كان صدقه عليهما يحتاج إلى تأمل و (ثالثة) يكون صدقه على فرد باعتبار التوسعة في المعنى واستعمال اللفظ في المعنى المجازي كما إذا استعمل لفظ الاسد في مطلق الحيوان الشجاع فيصدق على زيد ايضا وإذا لم يكن احد هذه الوجوه فلا يمكن الحمل قطعا ويكون دعوى الصدق والانطباق من الدعاوى الكاذبة الجزافية (وبعبارة اخرى) حيث أن زيدا ليس من أفراد الحيوان المفترس قطعا فلابد من الادعاء والتنزيل فهو (اما) في الموضوع (اوفي) المحمول (اوفي) النسبة (لا أشكال) في عدم الادعاء والتنزيل في الموضوع وهو زيد (فاما) أن يكون في المحمول بتوسعة في المفهوم (فهو) المطلوب وما اختاره المشهور في المجازات (واما) أن يكون في النسبة فيكون من الدعاوى الكاذبة الجزافية (ومنه) يعلم عدم الفرق بين ما إذا كان الصدق ملحوظا ابتداء أو ضمنا في انه لو لم يكن توسعة في ناحية المعنى لكان الدعوى كاذبة لا محالة (واذ ظهر لك) بطلان ما ذهب إليه السكاكي (فيظهر لك) بطلان كلام التابع له ايضا (وجه الظهور) أن مفهوم المشتق (ان كان) اعم من المنقضي عنه والمتلبس سواء كان هذا المعنى حقيقيا أو مجازيا (فلا اشكال) في الصدق (والا) فيستحيل صدقه على المنقضي عنه ويكون دعوى الفردية من الدعاوى الكاذبة ثم ان النزاع العلمي لابد وأن يكون في ناحية المعنى والا فالصدق من الامور التكوينية الخارجية ولا معنى للنزاع فيه بعد وضوح المفهوم وعدم الجهل بخصوصيات الفرد الخارجي فكيف يجعل الامر التكويني الخارجي محلا للنزاع بين الاعلام بل لابد وأن يكون نزاعهم في امر علمي نظري وهو ليس الا أعمية المعنى وأخصيته المقدمة السادسة في تعيين مبدء المشتقات ومفاد هيئاتها اما الاول فالمعروف بين المتقدمين انه المصدر وربما يورد عليه بأنه مشتمل على مادة وصورة من حيث لفظه وحدث ونسبة من حيث المعنى ويستحيل أن يكون مثله مبدء لبقية المشتقات إذ لابد وأن يكون المشتق مشتملا على المبدء والمصدر مباين مع بقية المشتقات لفظا ومعنى ولذلك عدل المتأخرون عنه وجعلوا المبدء اسم المصدر ولا يخفي انه كالمصدر في استحالة كونه مبدء لسائر المشتقات فانه مباين معها ايضا كما ستعرف فيستحيل كونه مبدء لها والتحقيق ان المبدء للجميع هي المادة الهيولاوية غير المشتملة على خصوصية من خصوصيات المشتقات من هيئاتها ونسبها الخاصة فاللفظ والمعنى الملحوظان بنحو اللابشرطية هما المبدئان لألفاظ المشتقات ومفاهيمها المشتملتين على خصوصية بها يمتاز بعضها عن بعض كما اشرنا إليه في مبحث المعاني الحرفية (نعم) لا بأس بالتعبير عن المبدء بالمصدر لكن مع الغاء الهيئة المصدرية لعدم امكان التعبير عنه الا في ضمن هيئة من الهيئات والتخصيص بالمصدرية لتقدم رتبته على سائر المشتقات كما ستعرف آنفا (واما الثاني) فتوضيحه (31) ان تلك المادة الهيولاوية  التي عرفت انها المبدء للمشتقات بالحقيقة (تارة) لا تلاحظ فيها الانفس نسبتها إلى محلها  التي هي ذاتية لها من جهة كونها عرضا له فتكون مدلولة للمصدر الدال على النسبة الناقصة بإضافته إلى فاعله كثيرا والى مفعوله احيانا (واخرى) تلاحظ بدون النسبة بما انها شيء من الاشياء (وبعبارة اخرى) نتيجة المصدر والحاصل عنه فيسمى الدال عليها باسم المصدر ورتبته بالقياس إلى المصدر كأنها رتبة الانفعال من الفعل فيكون متأخرا عنه لا محالة وحيث انه لم تلاحظ فيه النسبة بل لو حظ مدلوله بما هو شيء من الاشياء فلا يعمل عمل المصدر ولا يبعد ان يكون المفعول المطلق مأخوذا بمعنى اسم المصدر ولا ينافي ذلك اشتراط وقوعه مصدر لاشتراكه معه في الهيئة غالبا (وثالثة) تلاحظ بما هي مخبر بها تحققا فتكون النسبة التقييدية المصدرية تحت الحكاية من حيث التحقق كما في الفعل الماضي فانه متكفل لحكاية تحقق نسبة المبدء إلى موضوعه وبهذه الملاحظة يدل على الزمان الماضي بالملازمة فان تحقق نسبة شيء إلى محله لا يعقل الا سابقا على التكلم ولو بان ما والا فالزمان الماضي الذى هو معنى اسمى يستحيل لان يوضع له الهيئة قطعا فظهر) ان رتبة الفعل الماضي متأخرة عن رتبة المصدر ايضا (فان قلت) اليس من المسلم في محله أن الاوصاف  التي هي النسب التقييدية قبل العلم بها ولو فرضا اخباركما ان الاخبار  التي هي النسب التامة بعد العلم بها كذلك اوصاف فلا محالة تكون النسب التقييدية رتبتها متأخرة عن النسب التامة الخبرية ولازم ذلك أن يكون المصدر متأخرا رتبة عن الفعل الماضي كما ذهب إليه جماعة من النحويين (قلت) تأخر النسبة التقييدية في الوصاف عن النسبة التامة الخبرية لا يستلزم تأخر كل نسبة تقييدية عن كل نسبة تامة بل التقدم والتأخر لا بدوان يكونا بملاك وهو في الاوصاف يقتضى التأخر وفيما نحن فيه يقتضى التقدم كما عرفت وجهه (وبالجملة) حيث ان الفعل الماضي لوحظ فيه المادة منتسبة إلى الفاعل بالنسبة التامة التحقيقية فلا محالة يكون متأخرا عما لم يلاحظ فيه التحقق قطعا (ورابعة) تلاحظ المادة بما ان موضوعها منشأ لها كما في الفعل المضارع فانه يحكى عن منشأية الموضوع للحدث فهو وان شارك الفعل الماضي في ان المبدء لوحظ فيه عرضا غير محمول كما في المصدر واسم المصدر الا ان الملحوظ في الماضي الحكاية عن تحقق هذا الحديث المنتسب وفي المضارع الحكاية عن مبدئية الذات للحدث (ومن) يعلم فساد ما عليه المشهور من دلالة الفعل المضارع على الحال أو الاستقبال (لما عرفت) من انه لا يدل الا على خصوص مبدئية الذات للحدث فعلا فلا بد في دلالته على الاستقبال من الحاق كلمة سين أو سوف وبلحاظ دلالته على مبدئية الذات يكون مضارعا لاسم الفاعل فهو وسط بين الماضي واسم الفاعل (وخامسة) تلاحظ المادة بما هي عرضى محمول على الذات بخلاف المشتقات السابقة كما في اسم الفاعل وما يلحقه من الصفات ورتبة هذا القسم من المشتقات متأخرة عن جميع ما تقدم فما احسن تعبير هم بضرب يضرب فهو ضارب حيث انه للإشارة إلى ان مرتبة الفعل الماضي متقدمة على المضارع وهو متقدم على اسم الفاعل (ولذا) ذكرنا سابقا ان الاصل في المرفوعات هو الفاعل الذى هو في مرتبة الفعل الماضي دون المبتدأ الذى هو في مرتبة اسم الفاعل ثم لا يخفي ان ما ذكرناه ما ان المصدر يدل على النسبة الناقصة دون اسم المصدر ليس الغرض منه ان النسبة الناقصة مدلولة للهيئة والا لوجب ان تكون المصادر مبينة (32) لتضمنها للمعنى  الحرفي بل الغرض ان المصادر لوحظ فيها المادة بحيث تكون قابلة لو رود النسبة إليها فيضاف إلى الفاعل كثيرا وإلى المفعول نادرا بخلاف اسم المصدر فانه لم يلحظ فيه النسبة اصلا ولا يمكن اضافته إلى شيء فان الاضافة ملازمة للنسبة وقد بينا كونه معرى عنها (33) وملحوظا بما هي شيء من الاشياء (والحاصل) ان المصدر موضوع للحدث حال قيامه بالموضوع فيمكن اضافته إلى موضوعه بخلاف اسم المصدر فانه موضوع بأزاء الحدث بشرط عدم هذه الملاحظة ثم لا يخفي ان اسم الفاعل متقدم رتبة على سائر المشتقات  التي لوحظ المبدء فيها عرضيا محمولا كاسم المفعول واسمى الزمان والمكان وغير ذلك فانه ينتزع من قيام العرض ونسبته الاولية إلى موضوعه بخلاف بقية المشتقات فانها تنتزع من النسبة الثانوية إلى المفعول أو الزمان أو المكان أو غيرهما.

بقى الكلام في أن المفاهيم الاشتقاقية هل هي بسيطة لم تؤخذ فيها الذات والنسبة أولا (فتقول) وقع الخلاف بين الاعلام في أنها بسيطة أو مركبة وربما يفصل بين الذات والنسبة بالاعتراف بأخذ الثانية دون الاولى (ولا يخفي) على المتأمل غرابته فان اخذ كل منهما يلازم أخذ الاخر (اما الذات) فلانها لو اخذت في مفهومها والمبدء مأخوذ فيه لا محالة فلا بد من اخذ النسبة ايضا ادلا معنى لدلالة المشتق على الذات والمبدء بحيث يكون كل منها أجنبيا عن الاخر (وأما النسبة) فحيث انها متقومة بالطرفين فيلزم من أخذها فيه أخذ الذات ايضا والا كانت قائمة بطرف واحد وهو محال (34) وكيف كان فقبل الخوض في الاستدلال لابد لنا من تحرير محل النزاع (وبيانه) أنه لا اشكال في أن في الخارج امورا ثلاثة ذاتا ونسبة ومبدء متحدا معها نحوا من الاتحاد فوقع الكلام في أن الموضوع له (هل هو) المعنى البسيط أعنى خصوص المبدء الملحوظ متحدا مع الذات (أو) المركب منه ومن الذات المنتسب إليها المبدء والغرض من البساطة والتركب هي البساطة والتركب بحسب التحليل العقلي وألا فلا ريب في أن مفهوم المشتق ليس مركبا من مفاهيم تفصيلية وهى مفهوم ذات ثبت له المبدء والقائل بالتركب يسلم وحدة المفهوم (غاية الامر) يدعي إنحلاله إلى امور متعددة في العقل (بداهة) أن لازم التركب المفهومي (35) هو انقلاب الادراك التصوري اللازم في المحمول إلى ادراك تصديقي ولا يلتزم به احد من القائلين بالتركب. ثم انه يظهر من تقريرات أستاذ الاساطين العلامة الأنصاري (قدس سره) دخول الجوامد ايضا في محل الكلام حيث أنه استدل بعدم اخذ الذات في مفاهيم الجوامد على عدم ا لأخذ في مفاهيم المشتقات (واشكل عليه) بأن الجامد كالإنسان مثلا موضوع لنفس الذات فلا معنى  لأخذها فيه (ويرد عليه) أن مفهوم الإنسان مثلا وان لم يكن ذاتا يقوم بها مبدء الإنسانية الا أنه لا اشكال في تقدم مراتب سابقة عليه هي مواد للصورة الإنسانية كالجوهرية والجسمية ولذا أشرنا سابقا إلى أن الموضوع في زيد إنسان هو زيد المنخلع عنه الإنسانية الملحوظ فيه الجسمية فقط حتى لا يلزم حمل الشيء على نفسه فمرتبة الجسمية هي مرتبة الموضوع للصورة الإنسانية فيقع الكلام في أن لفظ الإنسان موضوع لما ينحل إلى جسم له الإنسانية أو لخصوص الصورة الإنسانية  التي هو الفصل الاخير (وبالجملة) الذات تختلف في الجوامد والمشتقات ( فهي في المشتقات) عبارة عن المعروض لكن لا بخصوصيته الخاصة كزيدية زيد وعمروية عمرو (وفي الجوامد) هي المواد السابقة على الصورة النوعية  التي بها يكون شيئية الاشياء (وتوضيح ذلك) أن ملاك الحمل في العناوين الذاتية كالجنس والفصل أوفي العناوين العرضية كالمشتقات الاصطلاحية هو اخذ المحمول لا بشرط بالإضافة إلى ما يحمل عليه كما سيتضح ذلك في المقدمة السابعة ان شاء الله تعالى (وحينئذ) فالذات  التي أخذ المحمول الاشتقاقي بالإضافة إليها لا بشرط هو المعروض والذات  التي اخذ المحمول الذاتي بالإضافة إليها كذلك هو الفضل (تارة) والجنس (أخرى) والنوع (ثالثة) على اختلاف القضايا باختلاف موضوعاتها (فلازم) تركب مفاهيم الجوامد (هو) اخذ الجنس والفصل والنوع كل منها في الاخر (36) لان كلا منها قائم بالأخر بحسب تركب القضية موضوعا ومحمولا فلقد أحاد (قدس سره) في التسوية بينهما إذ الملاك في الحمل هو اعتبار اللابشرطية المشترك بين المقامين (ان قلت) ان المشتقات لها وضعان من حيث المادة والهيئة فلا يلزم من بساطة المفاهيم غير الاشتقاقية  التي ليس لها الا وضع واحد شخصي بساطة المفاهيم الاشتقاقية (قلت) محل الكلام في المشتقات ليس هو وضع موادهها السارية في جميعها اسمية كانت أو فعلية بل خصوص وضع هيئاتها  التي بها تكون محمولات في القضايا وهى (وان) كانت تفارق الجوامد في أن وضعها نوعي بخلافها فان وضعها شخصي (الا انه) ليس بفارق في محل الكلام وهو البساطة والتركب فان  اللابشرطية المصصحة  لأخذ شيء محمولا ان كانت مستلزمة  لأخذ الذات فيشترك فيه الجميع والا فكذلك وكون الوضع شخصيا أو نوعيا اجنبي عن المقام.

(إذا عرفت) ذلك (فاعلم) أن التحقيق (37) وفاقا لأهله بساطة مفاهيم المشتقات وخروج الذات والنسبة عن مداليلها بالكلية فلا تدل الا على المبدء الملحوظ اتحاده مع الذات فقط والبرهان عليه من وجهين (الاول) من طريق الان فانه لو كان المشتق دالا على النسبة  التي هي معنى حرفي فلا محالة يكون متضمنا للمعنى  الحرفي فيلزم أن يكون مبنيا (38) فيستكشف من كونه معربا عدم أخذ النسبة فيه وبالملازمة يستكشف عدم أخذ الذات فيه أيضا (الثاني) أن المشتق كما عرفت سابقا ليس الا ما لوحظ المبدء فيه بحيث يتحد مع الذات وينطبق عليه (39) والمفروض ان المحمول ليس الانفس المشتق فليس هناك ما يكون منشأ لدعوى اخذ الذات في مفهومه فان مادته موضوعة للمادة الهيولاوية المشتركة بين جميع المشتقات وهيئة موضوعة لإفادة اتحاد المبدء مع موضوعه فلم يبق هناك ما يدل على النسبة والذات اصلا (وعدم) امكان وجود المبدء في الخارج الا بالذات (لا يقتضى) اخذها في المفهوم والا لكانت مأخوذة في المصادر ايضا (مع انه) لا اشكال في عدم اخذها فيها (ثم) الغرض من هذا البرهان اثبات عدم اخذ الذات فيه واقعا وان كان لا يفي بأثبات ما هو الصحيح من استحالة ذلك الا انه يمكن الاستدلال عليه بان المراد بالذات كما مر هي  التي اخذت في مرتبة سابقة على المبدء الحقيقي كما في المشتقات أو الجعلي كما في الجوامد والهيئة لم توضع الا لقلب المبدء عن البشرط لائية العاصية عن الحمل إلى اللابشرطية لما ذكرنا أن كل محمول جامدا أو مشتقا لابد وان يؤخذ لا بشرط حتى يكون قابلا للحمل فأخذ الذات فيه خلف لأنه ملازم  لأخذه بشرط شيء وهو ينافي المحمولية الصرفة (40) (مع أنه يلزم) من اخذ الذات فيه محاذير أخر (منها) ان الواضع الحكيم لابد وان يلاحظ في اوضاعه فائدة مترتبة عليها ولا يترتب فائدة على اخذ الذات اصلا (ومنها) انه يلزم منه أخذ المعروض في العرض وكل من الجنس والفصل في الاخر وهو خلف (بل يلزم) انقلاب كل منهما إلى النوع فان النوع ليس الا مركبا من الجنس والفصل وقد أخذ في كل منهما الاخر فيكون كل منهما نوعا (ومنها) أنه يلزم منه التكرار في القضية فلا بد من التجريد وهو خلاف الوجدان (ومنها) أنه يلزم من اخذ الذات فيه أخذ النسبة فيه ايضا فيلزم (اشتمال) الكلام الواحد على نسبتين في عرض واحد (وفرض) النسبة التقييدية مقدمة على التامة الخبرية (انقلاب الادراك التصوري إلى التصديقي إذ لابد من لحاظ النسبة تقييدية أولا (ثم) تامة خبرية في المحمول (ثانيا) ثم تامة خبرية في تمام القضية (ثالثا) وكل هذه الامور مما لا يمكن الالتزام به اصلا (هذا كله) إذا كان المراد بالذات (الذات) الكلية (وأما إذا) اريد منها الذوات الخاصة (فأخذها) فيه أفحش (إذ) يرد عليه (مضافا) إلى ما ذكرنا (أن) لازمه كون المشتقات من قبيل متكثر المعنى مع وضوح كون معانيها امرا واحدا صادقا على كثيرين (هذا حاصل) ما أفاده السيد المحقق العلامة الشيرازي (قدس سره) (واورد عليه) بعض من يغوص في بحار الغرور بأن هيئة المشتق موضوعة للربط بين المبدء و الذوات الخاصة وهو من قبيل المتحد المعنى (وتخيل) أن ما ذكره السيد قدس سره ناش من عدم تعقل المعنى  الحرفي وهو مع رعده وبرقه وجسارته لم يأت بمطلب معقول إذ مضافا إلى ما عرفت من أن لام أخذ النسبة في المشتق أن يكون الكلام الواحد مشتملا على نسبتين وأن يكون النسبة التقييدية متقدمة على التامة الخبرية يتوجه عليه سؤال أن العنوان المحمول على هذا ما هو فان المبدء بنفسه غير قابل للحمل وكذلك النسبة  التي هي معنى حرفي (فكلام) السيد العلامة قدس سره مبتن على أن لا يكون الهيئة موضوعة للنسبة بل كانت موضوعة لقلب المبدء المأخوذ بشرط لا إلى  اللابشرطية فقط (واما البرهان) الذى اقامه السيد الشريف على استحالة تركب المشتق (فتوضيحه) ان جماعة عرفوا الفكر بانه ترتيب امور معلومة لتحصيل امر مجهول (وأشكل عليه) بانه لا يتم في التعريف بالخاصة أو الفصل فانه ليس هناك ترتيب امور متعددة (واجاب عنه) شارح المطالع (قدس سره) بأنه ليس فيه كثير اشكال فان الخاصة أو الفصل وان كان واحدا بحسب النظر البدوي الا انهما ينحلان بالدقة إلى شيء له النطق أو الضحك فيكون في الحقيقة ترتيب امور معلومة (واشكل عليه) المحقق الشريف (قدس سره) في الهامش بأن الشيء لا يعقل أن يؤخذ في المفاهيم الاشتقاقية فان المراد به ان كان مفهوم الشيء فيلزم دخول العرض العام في الفصل وان كان المراد به ما صدق عليه الشيء فينقلب مادة الامكان الخاص ضرورة (بداهة) ان ما صدق عليه الشيء هو الإنسان وثبوت الشيء لنفسه ضروري (واجيب) عن الشق الاول بوجهين (الاول) ان الناطق انما اعتبر فصلا مقوما للإنسان مع التجريد عن معناه اللغوي فلا منافاة بين اخذ مفهوم الشيء فيه بحسب اللغة وتجريده عنه بحسب الاصطلاح (وفيه) ان المقطوع به عدم التصرف في معنى اللفظ بل جعل الناطق بماله من المعنى فصلا للإنسان (الثاني) ان الناطق ليس فصلا حقيقيا للإنسان بل هو لازم الفصل وجعل مكانه لتعذر معرفته غالبا فلا يلزم من اخذ مفهوم الشيء فيه الا اخذ العرض العام في الخاصة لا في الفصل (وفيه) ان الناطق بمعنى التكلم أو ادراك الكليات وان كان من عوارض الإنسان الا انه بمعنى صاحب النفس الناطقة يكون فصلا حقيقيا (41) فيلزم من اخذ مفهوم الشيء فيه اخذ العرض العام في الفصل والتحقيق (42) ان الشيء ليس من العرض العام في شيء فان العرض العام ما كان خاصة للجنس القريب أو البعيد كالماشي التحيز مثلا والشيئية تعرض لكل ماهية من الماهيات وهى جهة مشتركة بين جميعها وليس ورائبا امر آخر يكون هي الجهة المشتركة وجنس الاجناس حتى يكون الشيئية عارضة وخاصة له ان قلت اليست الشيئية مساوقة للوجود و من الواضح ان الوجود ليس بجنس للماهيات فكذلك الشيئية قلت نعم الا ان معنى المساوقة ليس هو الاتحاد بحسب المفهوم بل الملازمة بحسب الصدق فكل ما لم يتحقق فيه الشيئية فلا يتحقق الوجود لاستحالة وجود اللاشيء فالشيء هو الموجود لا محالة (واما) وحدتهما مفهوما (فمستحيلة) فان الشيئية من سنخ الماهيات المعروضة للوجود (بداهة) أن شيئية الشيء بماهيته لا بوجوده (ان قلت) اليست الشيئية من المفاهيم الانتزاعية ومعه كيف لا يكون من الاعراض العامة (قلت) قد ذكرنا سابقا ان المفاهيم الانتزاعية  التي لا وجود لها في الخارج الا بتبع منشأ انتزاعها لا حكم لها في حد انفسها بل تتبع حال منشأ الانتزاع فان كان عرضيا فلا محالة تكون هي عرضية أيضا كالسبق واللحوق المنتزعين من قيام العرض بمحله وان كان ذاتيا تكون المفاهيم الانتزاعية ايضا ذاتية كالعلية والمعلولية فبعض اقسام الخارج المحمول ملحق بالمحمولات الذاتية وبعضها الاخر بالعرضية (و(لهذا) قلنا ان إنسانية الإنسان ذاتية للإنسان وفيما نحن فيه حيث ان منشأ انتزاع الشيئية ليس من الامور العرضية فلا تكون هي عرضية ايضا.

(ان قلت) هب ان ما ذكرتم يتم على اصالة الماهية (واما) على اصالة الوجود واعتبارية الماهيات فلا محالة يكون مفهوم الشيء من المفاهيم العرضية (قلت) اعتبارية الماهية لا تستلزم عرضية مفهوم الشيء والا لكان تمام المفاهيم حتى مفهوم الجوهر من المفاهيم العرضية لان كل ممكن ومنها الجواهر لها ماهية ووجود (والمراد) منها ومن اصالة الوجود هو ان الاصل في التأثير والمفاض الأصلي والمجعول الاولى هو الوجود والماهية مجعولة بالتبع و ولذا قيل ما جعل الله المشمشة مشمشة بل اوجدها وهذا لا ينافي تقرر الماهية بنحو من التقرر في الوعاء المناسب له الذى هو مغاير للوجود الذهني والخارجي فان كلا من الوجودين لاحق لها بعد تقررها.

(ان قلت) اليس من المسلم عند اهله ان المقولات العشر من الجوهر والاعراض التسعة اجناس عالية لتمام الممكنات ولا جنس فوقها فكيف يكون الشيء جنسا عاليا لتمام الموجودات (قلت) المشهور وان كان ذلك الا انه ممنوع جدا (لما عرفت) ان الشيء جهة مشتركة بين تمام الموجودات فلا محالة يكون جنسا عاليا لها (ان قلت على ذلك يلزم تركب مفاهيم الاعراض من الجنس والفصل مع انه لا اشكال في بساطة مفاهيمها (قلت) ما هو المتسالم عليه في باب الاعراض بساطتها بمعنى ان ما به الاشتراك فيها عين ما به الامتياز لا انه ليس لها ما به الاشتراك اصلا حتى لا تكون هي داخلة تحت جنس واحد (فاتضح) من جميع ما ذكرناه أن اللازم على تقدير أخذ مفهوم الشيء في المشتق هو دخول الجنس في الفصل لا دخول العرض العام فيه (ولم يظهر) لنا بعد وجه تعبير المحقق الشريف عنه بالعرض العام وان ارتضاه كل من تأخر عنه (الا ان يقال) أن عروض مفهوم الشيء للماهيات ليس الا باعتبار تقررها في وعاء من الاوعية ومن الواضح أن التقرر عارض للماهيات بما هي هي وليس ذاتيا لها فيكون مفهوم الشيء ايضا عارضا للمهية وحيث أن المهية جنس لتمام الماهيات فيكون مفهوم الشيء خاصة للجنس وبهذا الاعتبار يكون عرضا عاما لتمام الموجودات (وكيف كان) فلا اشكال في تماميه مدعى المحقق الشريف وهو خروج مفهوم الشيء عن مفاهيم المشتقات سواء كان محذور دخوله فيها هو اخذ العرض العام في الفصل أو الجنس فيه و (مما ذكرنا) ظهر بطلان أخذ مفهوم الذات فيها ايضا وان محذوره ذاك المحذور بعينه (غاية الامر) أن محذور اخذ مفهوم الشيء فيها هو اخذ الجنس البعيد في الفصل ومحذور أخذ مفهوم الذات هو اخذ الجنس القريب فيه ولا فرق في الاستحالة بين الامرين اصلا (واجيب) عن الشق الثاني بان ثبوت مصداق الذات وهو الإنسان لنفسه وان كان ضروريا (الا أنه) إذا اخذ مطلقا (وأما) إذا أخذ مقيدا بالضحك (فلا يكون) ثبوته له ضروريا لجواز أن لا يكون القيد ضروريا (وفيه أن) المحمول على هذا يكون منحلا إلى شيئين (احدهما) ذات الإنسان (والثاني) كونه له الضحك وثبوت الجزء الاول للموضوع حيث أنه نفسه ضروري فيلزم الانقلاب ولو باعتبار ثبوت المحمول الاول له وان لم يكن ثبوت المحمول الثاني له ضروريا (وبيانه) أن كلا من الموضوع والمحمول (قد يعتبر) مطلقا وغير مقيد بشيء كالإنسان كاتب على البساطة (واخرى يعتبر) الموضوع مقيدا (وحينئذ) فاما أن يكون مقيدا بغير المحمول فحكمه حكم المطلق كالإنسان الكاتب شاعر أو يكون مقيدا بالمحمول فلا محالة ينقلب القضية إلى الضرورية كالإنسان الكاتب كاتب وثالثة يعتبر المحمول مقيدا (اما) بأمر خارج عن الموضوع فحكمه حكم البساطة كالإنسان كاتب ماهر (واما) بالموضوع فلا محالة تنقلب القضية إلى الضرورية (توضيح) ذلك أن المقيد بقيد في غير هما نحن فيه كالمبيع مثلا ان كان كليا فلا محالة يكون التقييد موجبا لتضييق دائرة المبيع بحيث لو أدى في الخارج غير المقيد لما كان منطبقا على المبيع (وان كان) شخصيا فلا يعقل فيه تضييق الدائرة نعم عند التخلف يكون موجبا للخيار لأجل تخلف الوصف (واما فيما نحن فيه فالمأخوذ في المشتق وان كان كليا كالإنسان الا انه في حكم الشخص في عدم التضيق لكونه عين الموضوع والشيء لا يتضيق بالقياس إلى نفسه فلا محالة يكون التقييد في حكم محمول آخر اجنبي عن المحمول الاول والمحمول الاول هو نفسه فيلزم الانقلاب المذكور والحاصل كما أن اعتبار المحمول في الموضوع موجب للانقلاب فكذلك اعتبار الموضوع في المحمول (واما) ما ذكره المجيب قدس سره في وجه الانقلاب من ان المحمول وان كان مقيدا بوصف امكاني الا أن الموضوع ان كان مقيدا به واقعا فيصدق الايجاب بالضرورة والا صدق السلب بالضرورة فغير مفيد فان الثبوت وعدمه في الواقع مناط الصدق والكذب لا الإنقلاب إلى ضرورية النسبة سلبا أو ايجابا الا أن يريد به الضرورة بشرط المحمول فيخرج عن محل الكلام بالكلية ومما ذكرنا ظهر أن (ما) أفاده ثانيا من كفاية برهان الانقلاب في ابطال أخذ مفهوم الذات أو الشيء غير صحيح ايضا فأن مفهوم الذات وان كان ضروري الثبوت بإطلاقه لكنه غير ضروري إذا اخذ مقيدا بغير ضروري وقد ذكرنا أن المفاهيم الكلية تتضيق بالتقييد وأن الانقلاب لا يكون الا عند اخذ المحمول في الموضوع أو بالعكس ثم ان البرهان المذكور وان كان صحيحا في حد ذاته الا أنه مختص بالقضايا الحملية وحينئذ فيمكن أن يلتزم بتجريد المحمول عن مفهوم الذات و مصداقة عند الحمل وان كان مأخوذا فيه بحسب الوضع فلا يلزم الانقلاب عند الحمل اصلا كما أن ما أفاده بعض المحققين من لزوم اخذ النوع في الفصل أو الخاصة في مقام الحمل يندفع بذلك ايضا (فالأولى) تقرير البرهان على الامتناع في المفاهيم الافرادية بان يقال لو كان) الذات مفهوما أو مصداقا مأخوذا في المشتقات لزم اخذ الجنس في الفصل والفصل في الجنس والنوع في الفصل أو الخاصة وغير ذلك من المحاذير  التي لا يمكن الالتزام بواحد منها فثبت من جميع ما ذكرنا بداهة بساطة المعاني الاشتقاقية وعدم تعقل التركب فيها اصلا المقدمة السابعة قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن مفهوم المشتق مأخوذ لا بشرط بخلاف المصدر واسم المصدر فانهما مأخوذان بشرط لا وان افترقا من وجه آخر تقدم الكلام فيه (وتوضيح الحال) في ذلك ان  اللابشرطية والبشرط لائية قد تلاحظان بالإضافة إلى الطواري والعوارض المنوعة أو المصنفة أو المشخصة ويقع البحث عن ذلك في مبحث المطلق والمقيد وليس المراد منها في المقام هو ذلك وان كان ظاهر كلام صاحب الفصول قدس سره) انه فهم هذا المعنى من كلام القوم فأورد عليهم بعدم استقامة الفرق بذلك (وأخرى) يكون المراد من البشرط لائية هو أخذ الماهية بشرط التعرية عن جميع ما سواها أي بشرط ان لا يكون معها شيء آخر وبشرط لا بهذا المعنى لا يوجد الا في عالم العقل (بداهة) أن كل ما فرض في الخارج من الاعراض فهو لا محالة يكون مقارنا لوجود موضوعه (وثالثة) يراد منها عدم اتحادها مع غيرها (وتوضيحه) أن وجودات الاعراض كما ثبت في محله في حد انفسها عين وجوداتها لموضوعاتها بمعنى أن العرض غير موجود بوجودين بل وجوده النفسي عين وجوده الرابطي فوجودها في الخارج هو الرابط بين ماهياتها ومضوعاتها والا فالموضوعات في حد ذواتها اجنبية عن ماهيات اعراضها ولا رابط بينهما الا الوجودات العرضية (وحينئذ) (فقد) يلاحظ العرض على واقعه بلا مؤنة اخرى (فحيث) ان وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه (فلا محالة) يكون مرآتا ومعرفا لموضوعه ونعتا له وفانيا فيه حيث أنه من اطواره وشؤونه وبهذا الإعتبار يكون عرضيا ومشتقا (43) (واخرى) يلاحظ لا كذلك بل بأسقاط حيثية كونه لموضوعه ويلاحظ بما هو شيء من الاشياء فيكون عرضا مباينا غير محمول حيث أنه بهذه الملاحظة غير موضوعه فكيف يكون عينه ويعبر عنه بالمصدر أو اسم المصدر مع ما ذكرنا من الفرق بينهما (ومما ذكرنا) علم عدم امكان البشرط شيئية في هذا المقام فانها انما تلحظ بالإضافة إلى الخارجيات (وأما) في غيرها كما فيها نحن فيه (فيكفي) في الاتحاد لحاظ الشيء على واقعه ولا بشرط (كما أنه ظهر) أن المبدء للمشتقات ليس المصدر ولا اسم المصدر فانهما مأخوذان بشرط لا (وما كان) كذلك (يستحيل) أن يكون مبدء لما أخذ لا بشرط بل المبدء شيء يعرضه الاعتبار ان كلاهما وهو المبهم حتى من حيث  اللابشرطية والبشرط لائية ولا فرق فيما ذكرنا بين أنحاء الاعراض فان الجهة المذكورة وهى كون وجوداتها في حد انفسها وجوداتها لموضوعاتها مشتركة بين الجميع سواء كان قيامها بنحو الصدور أو الحلول كما انه لا فرق في ذلك بين اقسام المشتقات من اسمى الفاعل والمفعول وأسماء الآلة و الازمنة والامكنة فان العرض منتسب إلى الذات وقائم بها في الجميع وان اختلفت النسبة فيها كما اوضحناه في المقدمة السادسة ثم انه يظهر مما ذكرنا حال الجنس والفصل والمادة والصورة فان الفرق بينهما ايضا ب اللابشرطية والبشرط لائية وان كان بينهما وبين العرض والعرضي فرق من جهة اخرى (حيث) ان العرض قائم بالموضوع وغير محصل له بخلاف الصورة فانها فعلية المادة ومحصلة لها وحالة فيها (والمادة) بالقياس إليها قوة واستعداد لكنهما مشتركان مع العرض والعرضي من تلك الحيثية فان اخذ ذات الصورة والمادة بشرط لا ولو حظ كل منهما على حياله من القوة والفعلية فلا اتحاد لاحدهما مع الاخر ولا يصح الحمل بينهما ويعبر عنهما بالصورة والمادة كالنفس والبدن للإنسان وان اخذت الا بشرط وبما هما عليه من الاتحاد حيث ان المادة مقومة للصورة والصورة محصلة لها فيصح الحمل بينهما ويتحد كل منهما مع الاخر إذا تمهدت هذه المقدمات (فنقول) الاقوال في المسألة وان كثرت الا أنها حدثت بين المتأخرين والاصل في المسألة قولان الوضع مطلقا لخصوص المتلبس أو (للأعم) منه ومن المنقضي عنه (ويشبه) ان يكون النزاع مبتنيا على البساطة والتركب في مفهوم المشتق (فان قلنا) بالتركب فحيث ان مفهوم المشتق اخذ فيه انتساب المبدء إلى الذات ويكفي في الانتساب التلبس في الجملة (فلا محالة) يكون موضوعا للأعم بخلاف ما إذا قلنا بالبساطة فانه عليها ليس المشتق الانفس المبدء المأخوذ لا بشرط فهو ملازم لصدق نفس المبدء ومع انتفائه ينتفي العنوان الاشتقاقي ايضا ويكون حاله (حينئذ) حال الجوامد بعينها في ان مدار صدق العنوان هو فعلية المبدء وان كان بينهما فرق من جهة (وهى) ان شيئية الشيء حيث انها بصورته والمادة غير متصفة بالعنوان اصلا فلا يصح الاستعمال في المنقضي عنه وما لم يتلبس بعد اصلا بخلاف المشتقات (فان) المتصف بالعناوين الاشتقاقية (هي) الذوات وهى باقية بعد زوال التلبس فيصح الاستعمال مجازا (وعليه) فبعدما عرفت بما لا مزيد عليه بساطة العناوين الاشتقاقية (يظهر لك) الحق من القولين وهو الوضع لخصوص المتلبس بالمبادئ على اختلافها ولا فرق في ذلك بين انحاء المشتقات اصلا (واما) الاقوال الاخر ( فهي) انما نشأت من اختلاف المبادئ تارة من جهة انقسامها إلى الاعراض كما هو الغالب أو الجواهر (والاعراض) تنقسم إلى مقولة الكيف كما هو الغالب وإلى غيرها (والكيف) إلى جسماني ونفساني (والنفساني) إلى حال وملكة باعتبار سرعة الزوال وعدمها (والجسماني) إلى ما كان من قبيل الافعال العرفية أي ما كان نسبتها إلى موضوعاتها نسبة صدورية كالضرب والقتل وامثالهما أو من قبيل الصفات  التي نسبتها إلى موضوعاتها نسبة الحلول كالسواد والبياض وامثالهما (والجواهر) تنقسم إلى ما كان النسبة بينها وبين الذات نسبة المبدئية كالحائض فان نسبة المرأة إلى الدم نسبة المبدئية أو غيرها كالمشمس واللابن وغيرهما (واخرى) من جهة الفعلية و الملكة والصناعة فاختلط ما كان مبدئه ملكة بما كان فعليا (ولذا استدل) على الاعم بصدق المجتهد والبزاز على من لا يشتغل بالبزازية والاستنباط فعلا مع الغفلة عن ان المبدء فيهما ملكة وصناعة فالتلبس بهما فعلى وانقضاء كل شيء بحسبه (أو من) جهة اختلاف المشتقات بحسب هيئاتها ففصل بين اسماء الفاعلين وما يتبعها وبين اسماء الامكنة والآلات ونحوهما (وقد ظهر مما ذكرنا) عدم الفرق اصلا فيما يهمنا باختلاف المباديء أو باختلاف النسب والاضافات (فنسبة العرض) إلى فاعله (وان) كانت اولية والى غيره ثانوية وفضلة (الا) انها لا تتفاوت فيما نحن فيه (واما التفصيل) بين ما إذا كان المشتق محكوما عليه أو به (أو بين) ما إذا كان الذات متصفة بضد المبدء وعدمه (فيظهر) بطلانهما) مما ذكرناه ايضا (فالذي) يليق لان يكون محل الكلام بين الاعلام هو الوضع مطلقا لخصوص المتلبس (أو للأعم وقد عرفت) ان المسألة مبتنية على مسألة البساطة والتركب وتوضيح ذلك انه ان قلنا بالوضع للمركب فلا محالة يكون الركن الوطيد هو الذات وانتساب المبدء إليها كانه جهة تعليلية لصدق المشتق عليها ومن المعلوم ان النسبة الناقصة التقييدية لم يؤخذ فيها زمان دون زمان (كيف) وقد بينا عدم دلالة الافعال على الزمان فالمشتقات لا تدل عليه بالأولوية (واما) من لم يتلبس به بعد فلا يصدق عليه المشتق الا بالعناية ولحاظ علاقة الاول أو المشارفة لعدم تحقق الانتساب فلا ملازمة بين عدم دلالتها على الزمان وصدقها على من لم يتلبس بعد على نحو الحقيقة (لما عرفت) من انها على تقدير التركب تدل على فعلية التلبس المفقودة فيمن لم يتلبس بعد بخلاف المنقضي عنه (فحيث) ان التلبس والانتساب صار فيه فعليا والذات  التي هي الركن في صدق المشتق باقية (فلا محالة) يصدق المشتق عليه بحسب اقتضاء طبع المعنى في نفسه ولابد في عدم الصدق من لحاظ عناية اخرى توجب التخصيص بأحد الفردين ولذا كان المشهور بين القدماء القائلين بالتركب هو الوضع للأعم وهذا بخلاف الوضع لمعنى بسيط فان الركن في صدق المشتق بناء على البساطة هو نفس المبدء غاية الامر انه ملحوظ بنحو يصح معه الحمل ولا يكون مبائنا للذات بحسب الوجود فتقوم الصدق بالمبدء فإذا انعدم وانقضى فلا محالة لا يصدق العنوان الاشتقاقي الا بالعناية بل اقول ان العناوين الاشتقاقية من هذه الجهة اسوء حالا من العناوين الذاتية بيان ذلك ان العناوين الذاتية وان كانت فعليتها بفعلية صورها والمادة غير متصفة بالعنوان ابدا (الا ان) المادة قبل الاتصاف وبعد موجودة (ولذا) قلنا ان الاستعمال فيها قبل الاتصاف وبعد انقضائه غلط وان العلائق المذكورة في علم البيان من الاول أو المشارفة أو علاقه ما كان كلها مختصة بخصوص المشتقات (وهذا) بخلاف العناوين الاشتقاقية فانها عين مباديها وهى بسيطة فإذا انعدمت المبادئ تنعدم العناوين بالكلية ولا يبقى شيء اصلا (فان قلت) فعلى ما ذكرت لابد وأن لا يصح الاستعمال في المنقضي عنه أو من لم يتلبس بعد في العناوين الاشتقاقية بطريق أولى فأنها كما ذكرت اسوء حالا من العناوين الذاتية (قلنا) نعم (الا ان) المتصف بالعناوين الاشتقاقية حين الاتصاف (هي) الذات (وحيث) أنها موجودة قبل الاتصاف وبعده (فيصح) الاستعمال بخلاف العناوين الذاتية (فانها) كما عرفت (عناوين) لنفس الصورة والمادة غير متصفة بها في حال من الحالات ابدا.

(وبالجملة) بقاء الموصوف في العناوين الاشتقاقية (هو المصحح) للاستعمال وان لم يكن مأخوذا في المعنى (وحاصل) ما ذكرنا ان البراهين الدالة على بساطة المعنى تدل على الوضع لخصوص المتلبس وفاقا لمتأخري الاصحاب والاشاعرة (ويدل عليها) زيادة على البراهين السابقة التبادر (فانه لا اشكال) ولاريب في أن أهل كل لغة يتبادر إلى اذهانهم من الهيئات الاشتقاقية ركنية المبدء ويلزمها بساطة المعنى وخروج الذات عن المفهوم (ويتفرع) عليه كون المعنى) هو خصوص المتلبس (فكما أن) البراهين العقلية تدلنا على بساطة المعنى (فكذلك) يدل عليها الفهم العرفي والتبادر في الاوضاع النوعية مما يسهل تحصيله في كل لغة لكثرة دوران ما كان موضوعا بهذا الوضع على الا لسنة بحيث لا يخفي معناه على من التفت إليه وان صعب تحصيله في الاوضاع الشخصية غاية الصعوبة (وبالجملة) فلو شككنا في كل تبادر فلا نشك في انفهام ركنية المبدء من المشتقات (44) ويلزمها الوضع لخصوص المتلبس ويتفرع على ذلك صحة السلب عما انقضى عنه المبدء (ودعوى) منافاة صحة السلب مع صحة الحمل مع أنها مفروضة فيما نحن فيه فكيف يعقل أن تكون علامة المجاز (مدفوعة) بأن صحة الحمل بالعناية لا تنافي صحة السلب بلا عناية كما هو واضح (وأما) ما اورد عليها بما حاصله (بأنه ان أردتم) صحة السلب المطلق ( فهي) ممنوعة (وان) اردتم صحته مقيدا بكون المبدء فعليا في الحال  فهي لا تدل على المجازية فان سلب المقيد اعم من سلب المطلق كما هو ظاهر (فمدفوع) بانه بناء على البساطة كما اثبتناها لا يعقل هناك معنى جامع بين المتلبس والمنقضي عنه فان لم يصح السلب عن المنقضي عنه (44) والحاصل انه بعد اثبات بساطة المعنى لا يعقل عدم صحة السلب عن المنقضي عنه بعد الفراغ عن عدم الاشتراك وعن عدم الوضع له بخصوصه فلا حاجة إلى ما أجاب به الشيخ الأنصاري (قدس سره) عن هذا الاشكال بان صحة السلب باعتبار المعنى الوجداني الإرتكازي من الفاظ المشتقات وان لم يمكن الزام الخصم بها بدعوى الوجدان كما في كل مقام (فلو ادعى) احدان صحة سلب الاسد عن الرجل الشجاع (ان كان) باعتبار المعنى الجامع (فممنوعة) والا فغير مفيدة (فلا يمكن جوابه) الا بما اجاب به الشيخ الأنصاري (قدس سره) وان لم يلزم به الخصم (بخلاف) ما نحن فيه فان الجامع بناء على البساطة غير معقول (حتى يقال) بأن صحة السلب باعتباره ممنوعة والا فغير مفيدة (بل اقول) أنه لا يمكن ان يتصور الجامع حتى بناء على التركيب (وبيانه) أن مفهوم المشتقات بناء على التركيب (ليس) مركبا من مفهوم المبدء ونسبة ناقصة تقييدية حتى يكون المفهوم مركبا من مفهوم اسمى وحرفي (إذ عليه) لا يمكن الحمل على الذات ابدا (ولا يمكن) استمالاتها (لما ذكرنا) سابقا من أن الحروف لا يصح استعمالها الا في طى الكلام حتى تكون رابطة بين المفاهيم الاستقلالية (مع انه) لا اشكال في حمل المشتقات على الذوات وجواز استعمالها منفردة وافادتها لمعانيها وان لم تكن في ضمن تركب كلامي (وتخصيص) الشيخ الأنصاري (قدس سره) محل الكلام (والنزاع) بخصوص المفاهيم الافرادية انما هو (للإشارة) إلى ذلك (ولئلا يدعي) الخصم بأن دلالتها على خصوص المتلبس أو الاعم من جهة وقوعها في ضمن التراكيب الكلامية (بل) القائل بالتركب انما يدعى التركب من الذات والمبدء (غاية الامر) ان المفهوم متضمن لمعنى حرفي كأسماء الاشارة والموصولات وغير ذلك (ولذا قلنا انه) بناء على التركب فالذات هي الركن لكنها لم تؤخذ مطلقة بحيث يكون المفهوم مركبا من المبدء والذات على اطلاقها بل بما هي متضمنة لمعنى حرفي وحينئذ فحيث ان فردية الفردين أي المنقضي عنه والمتلبس بلحاظ الزمان (فلابد) وان يكون هناك زمان جامع بينهما (ومن المعلوم) ان مفاهيم المشتقات عارية عن الزمان (فماذا) يكون جامعا بينهما مع قطع النظر عن الزمان (وبماذا) يكون الفردان فردين مع قطع النظر عنه (فلابد) مع عدم اعتبار الزمان في المفهوم وعدم تعقل جامع آخر بين المتلبس والمنقضي عنه ان يكون المشتق موضوعا لخصوص المتلبس وأن يكون سلبه عن المنقضي عنه صحيحا (بداهة) أن عدم صحة السلب (اما) باعتبار المعنى الجامع (أو من) جهة وضعه لخصوص المنقضي عنه (أوله) بوضع آخر بنحو الاشتراك (والاول) غير معقول والاخيران لا يلتزم بهما القائل بالأعم والحاصل ان الشبهة المذكورة في صحة السلب وان لم يمكن دفعها فيما أمكن تصور الجامع العرفي بين المعنيين الا بدعوى الوجدان غير المفيد في الزام الخصم الا أنه يمكن دفعها في خصوص ما لا يمكن فيه تصور الجامع أبدا بل التحقيق انه لو تنزلنا عن عدم اخذ النسبة في مفاهيم المشتقات وقلنا بوضع الهيئات للنسبة الناقصة التقييدية  التي هي من المعاني الحرفية (لما) أمكن تصور الجامع ايضا (فأن) حال النسبة التقييدية في المقام لا تزيد على ساير النسب التقييدية كغلام زيد أو التامة كزيد إنسان فكما لا يتوهم صدق النسبتين المذكورتين في غير المتلبس (كذلك) في المقام بل النسبة الناقصة التقييدية كما عرفت نتيجة النسبة التامة الخبرية فلو لم تكن التامة اعم من المنقضي عنه والمتلبس (فلابد) وأن تكون الناقصة (ايضا) كذلك (فظهر) من جميع ما ذكرناه ان ما بنينا عليه من ملازمة القول بالتركيب للوضع للأعم غير صحيحة (بل الحق) هو الوضع لخصوص المتلبس مطلقا (وربما) يستدل على المطلوب بتضاد المباديء بعضها مع بعض كالقيام والقعود فلا بد وأن يكون مشتقاتها ايضا متضادة وهو يدل على الوضع للمتلبس والا لم يكن بينهما مضادة بل مخالفة لصدقهما فيما إذا كان التلبس بأحدهما منقضيا وبالأخر فعليا فيجتمعان في الصدق فلا يكون بينهما مصادة (هذا) خلاف (واورد) عليه بما حاصله بتوضيح منا ان  المباديء وان كانت مضادة الا أنه لا يمتنع أن يحصل من ناحية الهيئات فيها خصوصية يرتفع التضاد بها فتضاد  المباديء لا يلازم تضاد المشتقات اصلا و (فيه) أن هيئات المشتقات بناء على كون مفادها بسيطا لا تفيد الا اخراج المبدء عن البشرط لائية إلى  اللابشرطية  فهي هي بعينها والاختلاف باعتبار (فلا محالة) يكون التضاد باقيا على حاله كما في مباديها (واما) بناء على التركيب فحيث انك عرفت عدم تعقل جامع بين المنقضي عنه والمتلبس (فلا محالة) يكون موضوعا لخصوص المتلبس فيبقى التضاد على حاله (فأن قلت) أن ما ذكرته من مضادة المعاني الاشتقاقية ينافي ما ذهب إليه علماء الميزان من أن نقيض المطلقة العامة الدائمة المطلقة وان لا تنافي بين قضيتي زيد قائم وزيد قاعد الا إذا قيد احدهما بالدوام فينا في صدق الاخر ولو في احد الازمنة بالضرورة (قلت) ان نظر المنطقي إلى البراهين المفيدة للقطع فلا محالة يكون نقيض زيد قائم زيد لبس بقائم دائما (واما) لو لم يقيد بالدوام (فيمكن) ان يكون مراد المتكلم من الاثبات الاثبات في زمان ومن النفي النفي في زمان آخر وان كان على خلاف الظاهر إذ ليس نظره إلى الظواهر اصلا بل إلى البراهين القطعية (وهذا) بخلاف الاصولي فان نظره إلى الظواهر وما يفهم من اللفظ بحسب الإنفهام العرفي فإذا فرضنا ان المشتق ظاهر في خصوص المتلبس دون الاعم لوضعه له بخصوصه فلا محالة يكون بين الاثبات والنفي تناف بحسب ظاهر الكلام والمتبع للأصولي ليس الا الظواهر (وبالجملة) المضادة بحسب الفهم العرفي لا تنافي عدمها بحسب الفهم الفلسفي (ونظير) ما نحن فيه (ما توهمه) بعض من ان مفهوم ادلة عدم انفعال الكر انفعال الماء القليل بشيء في الجملة فان نقيض السالبة الكلية الموجبة الجزئية لا الكلية مع الغفلة عن (أن) المنافاة القطعية بينهما (وعدم) امكان اجتماعها عقلا كما عليه نظر المنطقي (لا تنافي) أن يكون ظهور القضية في الموجبة الكلية كما عليه نظر الاصولي (فان) قولهم عليهم السلام إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شيء) ينحل بنظر العرف إلى قضايا متعددة كقولنا (لا) ينجسه بول (ولا) دم (ولا) و (لا) فيكون مفهومه بنظرهم إذا لم يكن الماء قدر كر ينجسه كذا وكذا وكذا والمدار في الاستنباط على الظهور العرفي (45) لا على الدقة الفلسفية فتدبر واستدل القائل بالاعم بوجوه الاول كثرة الاستعمال في موارد الانقضاء (فلو) كان حقيقة في خصوص المتلبس (لزم) كثرة الاستعمالات المجازية وهى منافية لحكمة الوضع (وفيه) أن الاستعمال في موارد الانقضاء وان كان كثيرا (الا) أنه لم يعلم ان الاستعمال بلحاظ حال الانقضاء حتى يكون مجازا بل الظاهر أنه بلحاظ حال التلبس ولا اشكال في كونه على هذا حقيقة وتوهم أن الاستعمال لو كان بلحاظ حال التلبس حتى يكون حقيقة فلا يكون فرق في هذا اللحاظ بين المشتقات والجوامد مع أن الاستعمال في الجوامد في حال الانقضاء ولو بلحاظ حال التلبس في غاية الندرة (مدفوع) بما ذكرناه سابقا من أن المتلبس بالأوصاف الذاتية هي الصور النوعية لا الهيولى المبهمة حتى في حال وجود الصور ايضا فإذا زالت الاوصاف الذاتية انعدمت موضوعاتها ايضا (وما) هو باق (ليس) الا الهيولى المبهمة غير المتصفة بالوصف العنواني اصلا بخلاف العناوين الاشتقاقية فأن الموصوف فيها وهى الذات باقية بعد انقضاء الوصف فيصح الاستعمال فيها بلحاظ حال التلبس بلا عناية فاتضح مما ذكرنا أنه لا ملازمة بين كثرة الاستعمال في موارد الانقضاء وبين كثرة المجاز بل الملازمة بينها وبين كثرة الاستعمال بلحاظ حال الانقضاء وكثرة الاستعمال بلحاظ هذا الحال ممنوعة جدا بل لم يعلم مورد لا يمكن الاستعمال فيه بلحاظ حال التلبس فضلا عن كثرته فان قلت أن آية السرقة والزنا من هذا القبيل فان الظاهر بل المتعين أن الاستعمال فيهما بلحاظ حال الانقضاء قلت كلا بل يمتنع أن لا يكون بلحاظ حال التلبس فان صدور السرقة هي العلة للحكم والسارق هو تمام الموضوع ويمتنع انفكاك الحكم عن موضوعه كانفكاك المعلول عن علته التامة فالسارق حين صدور السرقة منه محكوم بوجوب جلده غاية الامر أن الحكم المذكور لا يسقط مع عدم امتثاله وأين هذا من استعمال المشتق في المنقضي عنه بلحاظ حال الانقضاء بل ان كون الاستعمال في الاية المباركة في حال الانقضاء ممنوع فضلا عن كونه بلحاظ الانقضاء (بل) هي من قبيل القضايا الحقيقية  التي فعلية الحكم فيها بفعلية موضوعه فيدور فعلية الحكم مدار فعلية السرقة ويمتنع تخلفها عنها والا فما فرضناه موضوعا تاما للحكم يلزم أن لا يكون كذلك وهو خلف.

(وبالجملة) الحكم على قسمين قسم يدور مدار موضوعه وجودا وعدما فلا يبقى الحكم بعد انقضاء الوصف المأخوذ في الموضوع كحرمة شرب الخمر فانها تدور مدار الخمرية وجودا وعدما (وقسم آخر) يدور مدار وجود موضوعه في الخارج ولا يحتاج إلى بقاء الموضوع في بقائه فتكون العلة المحدثة علة مبقية ايضا ولا يسقط هذا الحكم الا بالامتثال كحكم السارق والزاني وفي كلا القسمين حدوث الحكم فرع التلبس بالوصف فلابد وأن يكون المشتق مستعملا في المتلبس والا يلزم تخلف الحكم عن موضوعه (ومما ذكرناه ظهر فساد الاستدلال للأعم باستدلال الامام (عليه السلام) على عدم لياقة من كان عابدا للوثن للخلافة بآية (لا ينال عهدي الظالمين) بأنه لو كان المشتق موضوعا للمتلبس لما صح الاستدلال بالآية قطعا لعدم اتصافهم بهذا الوصف ظاهرا حين التصدي للخلافة (وجه الفساد) أن هذه القضية من القضايا الحقيقية  التي عرفت أن فعلية الحكم فيها بفعلية موضوعه فمن اتصف بالظلم في زمان ما يشمله الحكم قطعا وهو ان عهد الله لا يناله ابدا غاية الامر أن استدلال الامام (عليه السلام)  بالآية مبتن على ان يكون حدوث الظلم ولو آنا ما علة لعدم نيل الخلافة حدوثا وبقاء واين هذا من استعمال المشتق في الاعم (تبصرة) لا يخفي أنه ليس لاحد ان يمنع عن كون الظلم وهو عبادة الاوثان في مورد الاية علة لامتناع نيل عهد الله ولو بعد زواله وانعدامه فانا وان لم نشترط العصمة بالمعنى المعتبر في الامام (عليه السلام)  حين امامته قبل اتصافه بالإمامة لا أنه لابد من اعتبار كونه خاليا عن الرذائل والاوصاف الذميمة حتى لا يكون مطعوفا فيه بعد امامته بما علم منه سابقا فمنصب الخلافة لعظم قدرها لابد وأن يكون المتلبس بها غير متلبس بما ينافي من الظلم لو في آن ما (فمن الغريب) ان الفخر الرازي لما تعرض لتفسير هذه الآية المباركة ذكر ما حاصله أن الشيعة استدلوا بهذه الآية على عدم لياقة الخلفاء الثلاثة للخلافة الالهية لانهم كانوا عابدين للونن مدة مديدة و (اجاب) عنه بأن استدلالهم انما يتم بناء على كون المشتق حقيقة في الاعم من المنقضي عنه والمتلبس وهو (ممنوع) بل الحق انه موضوع لخصوص المتلبس (ثم) اورد على نفسه بأنهم فيما كانوا متلبسين بالظلم شملهم قوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين (فدلت) الاية المباركة على عدم لياقتهم للخلافة ابدا ولقد اجاد فيما افاد وانصف (والحق ينطق منصفا وعنيدا) و (حاصل) ما ذكره يرجع إلى ما ذكرناه من كون القضية قضية حقيقية وأن الظلم ولو آنا ما علة لعدم نيل الخلافة حدوثا وبقاء وينبغي التنبيه على امور (الاول) ان المراد من الحال ظهر من مطاوي ما ذكرناه هو حال التلبس لا حال النطق لبداهة ان قضية كان زيد ضاربا أو يكون ضاربا حقيقة وان كان الضرب منقضيا في الاول ومما لم يتلبس به زيد في الثاني فاطلاق المشتق بلحاظ حال التلبس حقيقة وان كان الذات غير متصف بالمبدء حين الاستعمال (ثم ان) المشتق (اما) أن يؤخذ في ناحية الموضوع (أو) في ناحية المحمول وعلى تقدير اخذه في الموضوع فاما ان يكون تمام الموضوع أو جزئه كما انه على تقدير اخذه في المحمول اما ان يكون تمام المحمول (أو) جزئه (وما) اخذ في الموضوع (اما) ان يكون معرفا (أو) مما له دخل في الحكم (اما) ما كان من قبيل المعرف كالحكم بعدم جواز استصحاب اجزاء غير مأكول اللحم في الصلاة فان العنوان فيه معرف لما جعل موضوع الحكم حقيقة من الماهيات الخارجية كالأسد والارنب وغير ذلك (فهو) ليس قسما برأسه فان المعرف لا محالة يكون مرآة للموضوع الحقيقي والكلام في اقسامه (واما) ما كان بنفسه موضوعا حقيقة فهو على قسميه من كونه تمام الموضوع أو جزئه (اما) ان يكون علة للحكم حدوثا وبقاء أو يكون علة للحكم حدوثا فقط فبقائه ببقائه وارتفاعه بارتفاعه (وعلى كل تقدير) فلا محالة لا ينفك الحكم عن وجوده فلابد وان يكون مستعملا في خصوص المتلبس والا فيلزم ما ذكرناه سابقا من تخلف الحكم عن موضوعه وهو محال (واما) ما اخذ في المحمول بقسميه ولم يكن في القضية رابطة زمانية (فان) استعمل في المتلبس (فلا اشكال) في انه بلا عناية ولا تكلف (واما) إذا استعمل في المنقضي عنه (فحيث) ان المحمول انما حمل في ظرف الانقضاء وعدم التلبس (والحمل) يقتضى بظاهره التلبس الفعلي (فيقع) التنافي بينهما لا محالة فلابد من تكلف وعناية (اما) بأن يفرض المنقضي عنه متلبسا تنزيلا أو بأن يلحظ الحمل باعتبار تلبسه السابق حتى يكون مفاد القضية أن زيدا هو الذى تلبس بالضرب سابقا (وكلاهما) بعيدان عن الافهام العرفية (فظهر) ان المشتقات إذا كانت مأخوذة في عقد الوضع يستحيل استعمالها في المنقضي عنه (وان) كانت مأخوذة في عقد الحمل فيبعد ذلك (ويترتب) عليه ان الاستعمال في المنقضي مجازا في غاية الندرة بل ملحق بالمعدوم (ودعوى) الكثرة نشأت من خلط موارد الاستعمال في الانقضاء بالاستعمال بلحاظ حال الانقضاء فتدبر جيدا الامر الثاني أن العنوان المذكور في محل النزاع وان كان يعم جميع المشتقات لا انه لابد من تخصيصه (46) بغير اسم المفعول واسم الالة فان الاول موضوع لمن وقع عليه الفعل وهذا المعنى ممالا يعقل فيه الانقضاء ابدا بداهة ان الشيء بعد وقوعه لا ينقلب عما هو عليه فصدق المشتق حال تلبسه وانقضائه على نحو واحد واما اسم الالة فان الهيئة فيه موضوعه لإسناد المبدء إلى ما يقوم به بالتهيؤ والاستعداد بمعنى انها موضوعة لإفادة صلاحية الموضوع لقيام المبدء به فلا يشترط فيها التلبس بالمبدء اصلا (بداهة) صدق المفتاح مع عدم التلبس بالفتح في زمان من الازمنة (الامر الثالث) انه قد ظهر مما ذكرنا سابقا ان  المباديء مأخوذة (47) بشرط لا والمشتقات لا بشرط وهذا انما يتم فيما إذا كان المبدء غير الذات كما في صفات الممكن واما ما كان المبدء فيه عين الذات كما في صفات الواجب فيشكل الامر فيها فلابد من الالتزام بما ذهب إليه صاحب الفصول (قدس سره) من نقل الصفات فيه تبارك وتعالى عن المعاني اللغوية وهو ايضا مما لا يمكن أن يلتزم به لاستلزامه تعطيل العقول عن فهم الاوراد والاذكار بالكلية والتحقيق في الجواب أن يقال ان صفات الله تبارك وتعالى  التي مرجعها إلى العلم والقدرة على ما هو المعروف وان كانت عين ذاته وبعضها عين الاخر الا انها بحسب الخارج واما بحسب اللحاظ فقد تؤخذ لا بشرط ويصح حمل بعضها على بعض واخرى بشرط لا فلا يكون قابلة للحمل ونمثل لذلك مثالا عرفيا تقريبا للأذهان (فنقول) ان النفس الناطقة الإنسانية نسبتها إلى معلوماتها وتصوراتها نسبة الخلق والايجاد فقد تلاحظ التصورات بما انها تحت حيطتها بحيث تفنى بغفلة النفس عنها ولو آنا ما فيعبر عنها بالقدرة والاحاطة والاستيلاء (وأخرى) بما انها حاضرة للنفس بنفس ذواتها بحضور ذاتي فيعبر عنها بالعلم اذلا معنى للعلم الا الحضور والانكشاف فقدرة النفس إذا اخذت بشرط لا أي بشرط ان لا يلحظ جهة الحضور والانكشاف فلا يمكن حمل العلم عليها ولا حملها على العلم وإذا اخذت لا بشرط فيصح حمل احدهما على الاخر (هذا) حال النفس  التي هي مثال وظل له تبارك وتعالى ويعلم منها كيفية حمل صفاته تعالى بعضها على بعض (ومنه) ظهر وجه حمل صفاته على الذات ايضا (فان) العلم مثلا إذا اخذ بشرط لا (فكما) لا يصح حمله على القدرة (كذلك) لا يصح حمله على الذات المتحدة معها ايضا (واما البحث عن كيفية) اتحاد ذاته تعالى مع صفاته فهو خارج عن محل كلامنا ومن ادق المسائل الكلامية فلا وجه للخوص فيه اصلا (بل الكلام) متمحض في جهة  اللابشرطية والبشرط لائية (فان قلت) ان المفاهيم الاشتقاقية يتبادر منها مغايرة مباديها لما تحمل عليه فلا بد في حملها عليه تعالى من الالتزام بالتجوز أو النقل لفرض اتحاد مباديها مع الذات (قلت) لا شبهة ان المغايرة المذكورة لم تؤخذ في مفاهيم المشتقات (غاية) الامر ان المتعارف في صدق المشتقات (كذلك وعدم) فهم العرف صدقه على المتحد لخفائه (لا ربط له) بتعدد المفهوم اصلا فالمفهوم واحد غاية الامر ان التشكيك في صدقه والمتبع هو نظر العرف في فهم المعاني لافي كيفية الصدق على ما في الخارج (بقى هناك) تنبيهان آخر ان اشار اليهما صاحب الكفاية (قدس سره) احدهما انه توهم بعضهم انه لا يشترط في صدق المشتق على شيء المبدء به ومثل له بصدق الضارب والمؤلم مع قيام الضرب والالم بالمضروب والمؤلم (وليت شعرى) ما اراد هذا المتوهم فهل يعقل صدق المشتق الذى بينا انه عبارة عن نفس المبدء المأخوذ لا بشرط مع عدم قيام المبدء بالذات وكيف يعقل حمله عليها أو وصفها به (غاية الامر) انه يختلف كيفية التلبس فتارة يكون القيام حلوليا (واخرى) صدوريا كما في المثالين (وثالثة) غير ذلك (الامر الثاني) انه توهم بعض ان استعمال المشتق في معناه حقيقة أي في المتلبس يشترط فيه ان يكون الاسناد حقيقيا كما في الماء الجاري لا مجازيا كما في الميزاب الجاري (والذى يمكن) ان يقال انه لو بنينا على تركب المشتق (فحيث) انه مشتمل على النسبة الناقصة التقييدية وقد بينا سابقا انها نتيجة النسبة التامة الخبرية فان كانت نسبة حقيقية (كانت) الناقصة ايضا كذلك وان (كانت) مجازية كانت الناقصة مثلها (واما) إذا قلنا ببساطته فحيث انه عار من النسبة فيكون حاله حال المبدء بل هو هو (غاية الامر) ان الاختلاف بينهما ب اللابشرطية والبشرط لائية فكما يكون استعمال لفظ الجريان في معناه في قولنا جرى الميزاب حقيقيا كذلك يكون في قولنا الميزاب جار ولا ملازمة بين مجازية الاسناد ومجازية الكلمة اصلا (والتحقيق) ان الامر كذلك ولو بنينا على التركب فان المفهوم كما ذكرناه بسيط في مقام الادراك لا محالة (غاية الامر) انه عند التحليل ينحل إلى ذات ومبدء ملحوظين بنحو خاص أي بما أن احدهما قائم بالأخر فالنسبة بما هي نسبة غير ملحوظة في مفهومه اصلا فلا تكون ملازمة بين مجازية الاسناد في النسبة التامة بل الناقصة كما في الميزاب الجاري وبين مجازية الكلمة فيكون توهم ملازمة مجازية الاسناد لمجازية الكلمة في المفاهيم الاشتقاقية باطلا على كلا القولين.

_______________
1- لا ينبغى الريب في عدم كون الارتباط المتحقق بين طبيعي اللفظ والمعنى من قبيل الامور الواقعية بأقسامها اما عدم كونه من قبيل الجواهر والاعراض بعد فرض قيامه بطبيعي اللفظ والمعنى فظاهر واما عدم كونه من قبيل الملازمات المتحققة في نفس الامر مع قطع النظر عن اعتبار أي معتبر وفرض أي فارض فلان دعوى الملازمة بين تصور اللفظ والانتقال منه إلى المعنى بطلانها ظاهر والا لما امكن الجهل باللغات اصلا ووقوع الجهل بها من اوضح الواضحات واما ثبوت المناسبة الذاتية بين الالفاظ ومعانيها فهو وان كان ممكنا في الجملة الا انه لا دليل عليه ودعوى انه لولاه لكان تخصيص لفظ خاص بمعنى مخصوص بلا مرجح وهو محال يدفعها اولا انه لا يلزم ان يكون المرجح هي المناسبة الذاتية بل يجوزان يكون المرجح امرا خارجيا كما هو الواقع كثيرا في الاعلام الشخصية وثانيا ان المستحيل انما هو المرجح من دون ترجيح واما الترجيح بلا مرجح فلا استحالة فيه بل ولا قبح فيه ايضا إذا كان هناك مرجح لاختيار طبيعي الفعل مع عدم وجود المرجح في شيء من افراده وحينئذ فالمصلحة الموجودة في طبيعي الوضع كافية في اختيار لفظ خاص وتخصيصه لمعنى مخصوص ولو من دون ربط ومناسبة بينهما اصلا ومن هنا يظهران دعوى كون الوضع وسطا بين الامور التكوينية الواقعية والجعلية لا يمكن المساعدة عليها ضرورة انه لا واسطة بين الامور الواقعية والجعلية والتخصيص وان كان بالهام الهى كما في جملة من افعال العباد ايضا الا ان حقيقته لا تخلو من ان تكون من الواقعيات أو الاعتباريات الجعليات ومن ثم ذهب جمع إلى ان الارتباط المزبور امر اعتباري ووجوده انما هو باعتبار المعتبر وقد افيد في بيان ذلك وجهان الاول ان الوضع الحقيقي كما في وضع العلم على رأس الفرسخ وان لم يكن موجودا في وضع الالفاظ الا انه موجود فيه بنحو الاعتبار فكان اللفظ وضع على معناه للدلالة عليه كما في وضع العلم على رأس الفرسخ وفيه اولا ان هذا المعنى على تقدير صحته في نفسه فهو يعبد عن اذهان الواضعين خصوصا القاصرين منهم كالأطفال وامثالهم مع انا نرى صدور الوضع منهم كثيرا فكيف يمكن ان يكون حقيقته امرا يغفل عنه الخواص فضلا عن غيرهم وثانيا ان لازم هذا البيان كون المعنى موضوعا عليه لا موضوعا له وكم فرق بينهما فان الموضوع عليه في الوضع الحقيقي انما كان هو المكان المخصوص للدلالة على كونه رأس الفرسخ فكونه رأس الفرسخ هو الذى وضع له العلامة وعليه فما هو الموضوع له في المقام إذا كان المعنى هو الموضوع عليه الوجه الثاني ان اللفظ اعتبر وجودا تنزيليا للمعنى فكان وجود اللفظ هو وجود المعنى في عالم الاعتبار والتنزيل ويرد عليه مضافا إلى عدم مناسبة اطلاق لفظ الوضع على مثل هذا الاعتبار ما اوردناه على الوجه الاول اولا من ان امثال هذه التدقيقات بعيده عن اذهان الواضعين هذا مع ان تنزيل وجود منزلة وجود آخر لا بد في صحته من جود ما يكون التنزيل بلحاظه كما في التنزيلات الشرعية أو العرفية ومن الواضح انه لا يترتب شيء من احكام المعنى وآثاره على وجود اللفظ فما معنى كونه وجودا تنزيليا له فالتحقيق ان ارتباط اللفظ بالمعنى ليس من الامور الواقعية ولا من الامور الاعتبارية وليس هو من حقيقة الوضع في شيء بل هو من شئون الوضع وتوابعه ومن الامور المنتزعة منه بيان ذلك ان حقيقة الوضع على ما يساعده الوجدان عبارة عن الالتزام النفسي بإبراز المعنى الذى تعلق قصد المتكلم بتفهيمه بلفظ مخصوص فمتعلق الالتزام والتعهد امر اختياري وهو والتكلم بلفظ مخصوص عند تعلق القصد بتفهيم معنى خاص والارتباط بينهما انما ينتزع من هذا الالتزام وهذا المعنى هو الموافق لمعنى الوضع لغة فانه فيها بمعنى الجعل والاقرار ومنه وضع القانون بمعنى جعله واقراره ومن هنا يظهران اطلاق الواضع على الجاعل الاول انما هو لا سبقيته والا فكل شخص من افراد اهل لغة واضع حقيقة ثم ان التعهد المزبور ربما يكون ابتدائيا فيكون الوضع تعيينيا وقد يكون ناشئا من كثرة الاستعمال فيكون تعينيا وحقيقة الوضع في كلا القسمين على نحو واحد كما هو ظاهر .

2- الظاهر ان اطلاق لفظ المعنى على شيء انما هو باعتبار كونه مقصودا والا فالمدركات المجردة في العقل مع قطع النظر عن استعمال الالفاظ فيها لا تتصف بكونها معاني كما لا تتصف بانها مفاهيم أو مداليل.

 3 - اشارة اللفظ إلى المعنى ان كان باعتبار دلالته عليه فلا يختص ذلك بأسماء الإشارة وان كان بغير هذا الاعتبار فما هو الغير المأخوذ في الموضع له فالظاهر ان اسماء الإشارة انما في الوضع الحقيقي انما كان هو المكان المخصوص للدلالة على كونه رأس الفرسخ فكونه رأس الفرسخ هو الذى وضع له العلامة وعليه فما هو الموضوع له في المقام إذا كان المعنى هو الموضوع عليه الوجه الثاني ان اللفظ اعتبر وجودا تنزيليا للمعنى فكان وجود اللفظ هو وجود المعنى في عالم الاعتبار والتنزيل ويرد عليه مضافا إلى عدم مناسبة اطلاق لفظ الوضع على مثل هذا الاعتبار ما اوردناه على الوجه الاول اولا من ان امثال هذه التدقيقات بعيده عن اذهان الواضعين هذا مع ان تنزيل وجود منزلة وجود آخر لا بد في صحته من جود ما يكون التنزيل بلحاظه كما في التنزيلات الشرعية أو العرفية ومن الواضح انه لا يترتب شيء من احكام المعنى وآثاره على وجود اللفظ فما معنى كونه وجودا تنزيليا له فالتحقيق ان ارتباط اللفظ بالمعنى ليس من الامور الواقعية ولا من الامور الاعتبارية وليس هو من حقيقة الوضع في شيء بل هو من شئون الوضع وتوابعه ومن الامور المنتزعة منه بيان ذلك ان حقيقة الوضع على ما يساعده الوجدان عبارة عن الالتزام النفسي بإبراز المعنى الذى تعلق قصد المتكلم بتفهيمه بلفظ مخصوص فمتعلق الالتزام والتعهد امر اختياري وهو والتكلم بلفظ مخصوص عند تعلق القصد بتفهيم معنى خاص والارتباط بينهما انما ينتزع من هذا الالتزام وهذا المعنى هو الموافق لمعنى الوضع لغة فانه فيها بمعنى الجعل والاقرار ومنه وضع القانون بمعنى جعله واقراره ومن هنا يظهران اطلاق الواضع على الجاعل الاول انما هو لا سبقيته والا فكل شخص من افراد اهل لغة واضع حقيقة ثم ان التعهد المزبور ربما يكون ابتدائيا فيكون الوضع تعيينيا وقد يكون ناشئا من كثرة الاستعمال فيكون تعينيا وحقيقة الوضع في كلا القسمين على نحو واحد كما هو ظاهر وضعت للمعاني الواقعة موقع الاشارة الخارجية أو انها موضوعة بأزاء الاشارة الخارجية  فهي موجدة لها بالجعل والمواضعة وتحقيق الحال موكول إلى محله .

4 - إذا كان المراد من الاستقلال وعدمه هو الاستقلال في اللحاظ قبال اللحاظ الألى كما هو مراد صاحب الكفاية قدس سره فالمعنى قبل تعلق اللحاظ به لا يتصف باستقلال ولا بعدمه وليس هو من ارتفاع النقيضين في شيء كما ان الاستقلال وعدمه على ذلك ليسا من الفصول المنوعة ولا من اعراض المعنى حتى يرد عليه ما في المتن بل هما من كيفيات اللحاظ اللاحق على المعنى في مقام الاستعمال فلا يرد عليه الا ما اورد عليه اولا من ان لازم وحدة المعاني الاسمية والحرفية ذاتا صحة استعمال الاسم في موضع الحرف وبالعكس مع انه من افحش الاغلاط مضافا إلى ان لحاظ المعنى آلة لو كان موجبا لكونه معنى مشرفيا لزم منه كون كل معنى اسمى يؤخذ معرفا لغيره في الكلام وآلة للحاظه كالعناوين الكلية المأخوذة في القضايا معرفات للموضوعات الواقعية معنى حرفيا كما ان لحاظ المعنى حالة لغيره لو كان موجبا لكونه معنى حرفيا لزم منه كون جميع المصادر معاني حرفية فانها تمتاز عن اسماء المصادر بكونها مأخوذات بما انها اوصاف لمعروضاتها بخلاف اسماء المصادر الملحوظ فيها الحدث بما انه شيء في نفسه مع قطع انظر عن كونه وصفا لغيره وبالجملة لا مناص عن مغايرة المعنى الاسمى للمعنى  الحرفي في ذاته كما سيتضح ذلك انشاء الله تعالى.

 5 - سيتضح لك فيما بعد انشاء الله تعالى ان النسب الخارجية لم توضع لها شيء اصلا فان وضع اللفظ مطلقا لابد وان يكون بأزاء مفهوم مستقل أو غير مستقل والموجود الخارجي بما هو كذلك لا معنى لوضع اللفظ له نعم النسب الخارجية مصاديق لمفهوم النسبة الذى هو معنى اسمى 6 - سيجيئ الكلام في مداليل الهيئات في الجمل الاسمية والفعلية في مقام الفرق بين الفعل وغيره انشاء الله تعالى .

7 - لا اشكال في تحقق الربط في الكلام بواسطة الحروف وانه لولاها لما كانت الجملات مربوطة الا ان الربط المزبور انما هو من جهة دلالتها على معانيها  التي وضعت لها والكلام فعلا انما هو في تعيين تلك المفاهيم  التي بوجود الدال عليها يكون الكلام بعضه مربوطا ببعض فالقول بان الحروف موضوعة لإيجاد الربط الكلامي لا يرجع إلى محصل والتحقيق ان يقال ان الحروف بأجمعها وضعت لتضييقات المعاني الاسمية وتقييداتها بقيود خارجة عن حقائقها ومع ذلك لا نظر. لها إلى النسب الخارجية بل التضييق انما هو في عالم المفهومية وفي نفس المعنى كان له وجود في الخارج أو لم يكن فمفاهيمها في حد ذاتها متعلقات بغيرها ومتدليات بها قبال مفاهيم الاسماء  التي هي مستقلات في انفسها توضيح ذلك ان كل مفهوم اسمى له سعة واطلاق بالإضافة إلى الحصص  التي تحته سواء كان الاطلاق بالقياس إلى الخصوصيات المنوعة أو المصنفة أو المشخصة أو بالقياس إلى حالات شخص واحد ومن الضروري ان غرض المتكلم كما يتعلق بإفادة المفهوم على اطلاقه وسعته كذلك قد يتعلق بإفادة حصة خاصة منه كما في قولك الصلاة في المسجد حكمها كذا وحيث ان حصص المعنى الواحد فضلا عن المعاني الكثيرة غير متناهية فلابد للواضع الحكيم من وضع ما يوجب تخصص المعنى وتفيده وليس ذلك الا الحروف والهيئات الدالة على النسب الناقصة كهيئات المشتقات وهيئة الاضافة أو التوصيف فكلمة في في قولنا الصلاة في المسجد لا تدل الا على ان المراد من الصلاة ليس هي الطبيعة السارية إلى كل فرد بل خصوص حصة منها سواء كانت تلك الحصة موجودة في الخارج ام معدومة ممكنة كانت أو ممتنعة ومن هنا يكون استعمال الحروف في الممكن والواجب والممتنع على نسق واحد وبلا عناية في شيء منها فنقول ثبوت القيام لزيد ممكن وثبوت العلم لله تعالى ضروري وثبوت الجهل له تعالى مستحيل فكلمة اللام في جميع ذلك يوجب تخصص مدخوله فيحكم عليه بالإمكان مرة وبالضرورة اخرى وبالاستحالة ثالثة فما يستعمل فيه الحرف ليس الا تضييق المعنى الاسمى من دون لحاظ نسبة خارجية حتى في الموارد الممكنة فضلا عما يستحيل فيه تحقق نسبته كما في الممتنعات وفي اوصاف الواجب تعالى ونحوهما وبذلك يظهران ايجاد الحروف لمعانيها انما هو باعتبار حدوث الضيق في مرحلة الاثبات والدلالة والا لكان المفهوم متصفا  بالإطلاق والسعة لو كان المتكلم في مقام البيان واما باعتبار مقام الثبوت فالكاشف عن تعلق القصد بإفادة المعنى الضيق انما هو الحرف وما يحذو حذوه لكن المعنى مع ذلك غير اخطاري لعدم استقلاله ثم لا يخفى ان المعاني الحرفية كثيرا ما يكون اللحاظ الاستقلالي والقصد الاولي متعلقين بإعادتها ويكون ذكر الاسم مقدمة لإفادة تلك الخصوصية والتحصص فنقول في جواب عن سئلت عن كيفية ركوب زيد مع العلم بأصل تحققه انه ركب على الدابة أو مع الامير ونحو ذلك نما هو المشهور من ان المعاني الحرفية ملحوظات آليات لا اصل له نعم نفس المفهوم  الحرفي غير مستقل في ذاته كما عرفت هذا ملخص ما اخترناه في المعنى  الحرفي وتوضيحا يحتاج إلى بسط في الكلام لا يسعه هذا المختصر

8 - لا مقابلة بين الايجادية والاخطارية حتى يكون نفي الثانيه مستلزما لاثبات الاولى

9 - قد ظهر ما فيه ما بيناه في تحقيق المعنى  الحرفي .

10 - بل الفرق بينهما من ناحية الوضع كما سيجئ بيانه ان شاء الله تعالى.

11 - قد ظهر ما في ذلك فلا نعيد .

12 - ما ذكره قدس الله سره في تحقيق خروج مادة الافعال من قابلية الاستقلال إلى الفعلية بعروض الهيئة عليها وان كان معنى دقيقا الا انه لا يمكن ان يكون هو المراد من الرواية فان مدلول الرواية هو ان الفعل ينبئ عن حركة المسمى ومن الواضح ان الحركة بالمعنى المزبور هو ما به قوام الفعل وتحققه لا انها مدلوله ولا بدلنا في هذا المقام من توضيح مفاد - - الهيئات على الاطلاق حتى يتضح مداليل الافعال خبريه وانشائية فنقول قد عرفت ان الحروف انما وضعت لإفادة التضييق في المعاني الاسمية من دون ان يكون شيء منها دالا على النسبة الخارجية ومن هذا القبيل هيئات المشتقات والاضافة والتوصيف وما يلحق به فانه لا يستفاد منها الا التضييق في عالم المفاهيم مع قطع النظر عن الامكان وعدمه فضلا عن الوقوع الخارجي واما هيئة الجملة الاسمية  فهي غير موضوعة للنسبة الخارجية كما هو المعروف لعدم وجود النسبة في كثير من الجمل الاسمية كما في قولنا الإنسان ممكن أو موجود وشريك الباري ممتنع ونحو ذلك ودعوى اعمال العناية في جميع ذلك خلاف الوجدان هذا مع ان فائدة الوضع هو الانتقال من اللفظ إلى المعنى ومن الواضح ان الجملة الخبرية بما هي كذلك لا كاشفية لها عن تحقق النسبة في الخارج ولو ظنا فما معنى كون الهيئة موضوعا لها نعم ان الجملة الاسمية توجب الانتقال إلى ثبوت المحمول للموضوع بنحو التصور لكنه لا يستفاد من الهيئة فان الجملة تصديقية لا تصورية ودعوى ان الهيئات موضوعة للنسب الكلامية كالحروف قد عرفت ما فيها فالصحيح ان مدلول الهيئة في الجمل الاسمية انما هو ابراز قصد الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع أو نفيه عنه فهو مصداق للمبرز خارجا بالجعل والمواضعة بيان ذلك ان اللفظ بما انه فعل اختياري صادر من المتكلم فلا بدوان يكون صدوره عنه بداع من الدواعي ووضع اللفظ للمعنى الذى هو عبارة عن التعهد والالتزام بانه متى قصد تفيهم معنى يجعل مبرزه لفظا مخصوصا يوجب دلالة اللفظ على كون الداعي إلى ايجاده هو قصد الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع مثلا فتكون الجملة بنفسها مصداقا للحكاية كما إذا قصد الاخبار عن قيام زيد بتحريك الراس ونحوه والكلام بما انه دال على معناه لا يتصف بالصدق والكذب فان دلالته على قصد - الحكاية لا تنفك عنه ابدا إذا لم تكن قرينة على خلافه حتى ان المتكلم لو لم يكن قاصدا للحكاية في الواقع لكان تكلمه بلا قرينة على خلاف تعهده والتزامه والدلالة موجودة لا محالة اما قطعا واما من جهة الظهور النوعي بل الاتصاف بالصدق والكذب انما هو من ناحية المدلول فان الحكاية والاخبار عن الثبوت أو النفي ان طابق الواقع ونفس الامر  فهي صادقة والا فكاذبة واتصاف الكلام بهما انما هو بتبع المدلول وعلى كل من تقديري الصدق والكذب يكون دلالة اللفظ على معناه وهو كون الداعي إلى ايجاده هو قصد الحكاية على نسق واحد فهيئة الجملة الاسمية موجودة للحكاية حقيقة فان الفعل الصادر بداعي الحكاية يكون مصداقا لها لا محالة كما انه لو وقع بداع آخر من الارشاد والسخرية وغيرهما لكان مصداقا له واما الافعال فهيئة الفعل الماضي تدل على قصد الحكاية عن تحقق المبدء سابقا على التكلم كما ان هيئة الفعل المضارع تدل على تلبس الذات بالمبدء في حال التكلم أو بعده ولذا لو استند الفعل الماضي أو المضارع إلى الزمانيات لدل على تحقق الفعل في الزمان الماضي أو في خصوص الحال أو للاستقبال والا فالهينة بما هي كذلك لا تدل على الزمان اصلا على ما سنبين ذلك في محله انشاء الله تعالى و اما الانشائيات فالتحقيق فيها ان حقيقة الانشاء ليست عبارة عن ايجاد معنى كالطلب وغيره باللفظ كما هو المعروف فان الوجودات الحقيقية للمعاني لا يمكن ايجادها الا بأسبابها الخارجية واللفظ ليس منها بالضرورة واما الوجودات الاعتبارية فاعتبار نفس المتكلم قائم بنفسه ولا دخل لوجود اللفظ في تحققه اصلا وهو ظاهر - واما الاعتبارات العقلائية فالإنشاءات وان كانت موضوعات لتلك الاعتبارات الا ان تلك الاعتبارات مترتبة على قصد المعاني بها والكلام فعلا في بيان ذلك وانه كيف يوجد باللفظ بل (الصحيح) ان الانشاء حقيقة هو ابراز امر نفساني باللفظ غير قصد الحكاية فالمتكلم بمقتضى تعهده والتزامه يكون اللفظ الصادر منه مبرزا لاعتبار من الاعتبارات القائمة بنفسه وانه هو الداعي لا يجاده فكما ان في الجملة الخبرية كان اللفظ دالا بالدلالة الوضعية على قصد الحكاية وكان مبرزا له عن الخارج فكذلك الجملة الانشائية تكون دالة على اعتبار خاص ويكون مبرزا فهيئة افعل بمقتضى التعهد المزبور تكون مبرزة لاعتبار الوجوب وكون المادة على عهدة المخاطب فالأخبار والانشاء يشتركان في تحقق الابراز بهما والفرق بينهما هو ان المبرز في الاخبار حيث انه عبارة عن قصد الحكاية وهو متصف بالصدق أو الكذب فالجملة تتصف بأحدهما ايضا لا محالة بالتبع وهذا بخلاف المبرز في الانشاء فانه اعتبار خاص لا تعلق له بوقوع شيء ولا بعدمه فلا معنى للاتصاف بالكذب والصدق من ناحية المدلول وقد عرفت ان الدلالة بما هي كذلك لا تتصف بشيء منهما مطلقا كانت الجملة خبرية أو انشائية ويترتب على ما ذكرناه - في بيان الفرق بين الانشاء والاخبار ان الاختلاف بينهما من ناحية الوضع فما هو المعروف من كون المستعمل فيه فيهما واحدا وانما يفترقان من ناحية الدواعي للاستعمال لا يمكن المساعدة عليه مع انه لو كان الامر كذلك لصح استعمال الجملة الإسمية في مقام الطلب كالجملة الفعلية مع انه لا يصح قطعا فيكشف ذلك عن خصوصية خاصة في الافعال دون غيرها إذا عرفت ذلك فنقول ان مادة الافعال في حد ذاتها بما انها لا بشرط ولم يؤخذ فيها التحقق ولا عدمه ولا كونه متعلقا لاعتبار من الاعتبارات ولا عدمه لكنها في نفسها قابلة لفروض شيء منها عليها والمنبئ عن خروج هذه القابلية إلى الفعلية وكون المادة متعلقة للحكاية عن تحققها في الخارج أو عن عدم تحققها فيه أو متعلقة لاعتبار من الاعتبارات هي هيئات الافعال فهيئة الفعل الماضي مثلا تدل على ان مادة الفعل قد تعلق بها قصد الحكاية عن تحققها في الخارج  فهي منبئة عن حركة المسمى لا محاله وهذا المعنى وان كان مشتركا فيه بين الافعال والجمل الاسمية الا ان الجمل الاسمية خارجة عن المقسم في الرواية فانها مركبة من كلمتين فصاعدا والكلام انما هو في تقسيم الكلمة وعليك بالتدبر في اطراف ما ذكرناه لعلك تنتفع به انشاء الله تعالى .

13 - معاني الحروف على ما عرفت ليست الا تقييدات للمعاني الاسمية وتضييقات في ناحيتها وخصوصيات الاطراف وان كانت خارجة عن مداليلها وبهذه الملاحظة يكون الموضوع له كالوضع عاما الا ان واقع التضيق الذى هو المعنى  الحرفي حيث انه في كل مورد مغاير للتضيق في مورد آخر فلا مناص في مقام الوضع من تصور مفهوم اسمى كمفهوم التضيق بلحاظ ظرف الشيء مثلا فيوضع اللفظ بأزاء واقعه ومن هذه الجهة لابد من كون الموضوع له خاصا وهو ظاهر .

14 - قد عرفت معنى الإيجادية في المعاني الحرفية وانه لا تنافي بينه وبين انباء الحروف عن تضييق المفاهيم الإسمية في عالم مفهوميتها وعليه فلا وجه لدعوى جزئية المعاني الحرفية ببرهان ان الشيء ما لم يتشخص لم يوجد ولا للجواب عنها بان التشخص من ناحية الوجود والا فنفس الكلى الطبيعي موجود في الخارج .

15 - قد عرفت سابقا ان الحروف وضعت لتضييق المفاهيم الاسمية فان كان المفهوم لا يمكن احضاره في ذهن المخاطب الا باللفظ فيكون احضار ذات المعنى بالاسم وافادة تضييقه بحرف من الحروف واما إذا امكن احضاره بنفسه من دون دال آخر فلا يحتاج إلى الاستعمال اصلا غاية الامر انه في فرض تعلق القصد بإفادة المعنى المضيق يكون الدال على التضييق هو الحرف ايضا فإذا قلت زيد في ضرب زيد فاعل فقد اوجدت طبيعي لفظ زيد في الخارج بناء على وجود الكلى الطبيعي بوجود فرده واحضرته في ذهن المخاطب بنفسه غاية الامر ان قصد التكلم تعلق بإفادة حصة خاصه من ذلك الطبيعي وقد جعل الدال عليه هو الحرف وعليه لا يبقى لدعوى استعمال اللفظ في النوع أو المثل أو الصنف مبطل اصلا .

16 - مقتضى ما اخترناه في معنى الوضع هو ان يكون طرف الالتزام هو قصد تفهيم المعنى باللفظ اذلا معنى للالتزام بكون اللفظ دالا على معناه ولو صدر من لافظ من غير شعور واختيار فانه غير اختياري فلا يسقل ان يكون طرفا للالتزام والتعهد وعليه فلا مناص من الالتزام بكون الدلالة الوضعية مختصة بصورة قصد التفهيم وارادة المعنى من اللفظ سواه كانت الارادة جدية ام استعمالية واما يرى من الانتقال إلى المعنى عند سماع اللفظ ولو كان اللافظ بلا شعور واختيار فهو من جهة الانس الحاصل من الاستعمال كثيرا لا من جهة العلقة الوضعية ومن ثم يتحقق هذا الانتقال حتى مع تصريح الواضع باختصاص العلقة الوضعية بما ذكرناه هذا مع ان فائدة الوضع هو التفهيم فلا موجب لجعل العلقة الوضعية على الاطلاق وكلام العلمين في بحث الدلالات الثلث صريح فيما ذكرناه فراجع .

17 - لا يختص وضع الهيئة التركيبية بخصوص هيئة الجملة الاسمية بل الخصوصيات المستفادة من الكلام الزائدة على ما يستفاد من هيئة الفعل كصدور الفعل من عيسى في قولك اعان عيسى موسى أو الحصر المستفاد من قوله تعالى اياك نعبد إلى غير ذلك كلها يستفاد من هيئات الجمل فما افاده قدس الله سره في معنى ثبوت الوضع للمركب وان كان وجيها الا ان تخصيصه ذلك بخصوص الجملة الاسمية لا وجه له .

18 - قد عرفت فيما تقدم ان حقيقة الوضع ليست الا عبارة عن الالتزام والتعهد بابه متى ما تعلق ارادة المتكلم بإفادة معنى خاص ان يبرز ذلك بلفظ مخصوص كما هو المختار أو انه اعتبار نفساني قائم بها نظير بقية الاعتبارات القائمة بمعتبرها وعلى كل حال فالوضع سابق على الاستعمال لا محالة وعليه فلا يكون الوضع بنفس الاستعمال حتى يرد عليه استحالة الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي في آن واحد بل يكون الاستعمال كاشفا عن الوضع فيما إذا كان هناك قرينة على ذلك ومن هنا يظهران ما افاده المحقق صاحب الكفاية قدس سره من عدم كون هذا الاستعمال بحقيقة ولا مجاز لا وجه له والظاهر ان دعوى القطع بثبوت الوضع التعييني بهذا النحو قريبة جدا ومع قطع النظر عن ذلك ايضا فلا ينبغى الريب في ثبوت الموضع التعيني في الالفاظ  التي كثر استعمالها في المعاني الشرعية حتى في زمان النبي (صلى الله عليه وآله)  فان منشاء الوضع التعيني لا يختص بخصوص كثرة الاستعمال في لسانه (صلى الله عليه وآله)  بل يكفي في ثبوته كثرة الاستعمال في لسانه ولسان تابعيه بحيث يكون دلالة اللفظ على المعنى الشرعي غير محتاجة إلى القرينة .

19 - لا ينبغى الريب في امكان وضع لفظ الصلاة مثلا لمفهوم الصحيح حتى يكون اللفظان مترادفين ولا استحالة في ذلك اصلا غاية الامر عدم وقوع ذلك خارجا واين ذلك من الاستحالة وعدم الامكان .

20 - الالتزام بذلك مع انه على خلاف الوجدان لا يغنى عن تصوير الجامع فان اجزاء المراتب العالية تختلف قلة وكثرة حسب اختلاف اقسام الصلاة فان الصلاة ذات ركعتين فاسدة ممن هو مأمور بأزيد منها وبالعكس فما هو الموضوع له لو لم يكن هناك جامع يجمع الاقسام وستعرف ما هو الصحيح في تصوير الجامع فيما سيأتي انشاء الله تعالى .

21 - التحقيق انه لا يعقل وجود الجامع الحقيقي المقولي بين افراد الصلاة حتى يكون الاثر الواحد مترتبا عليه لأنه مضافا إلى ان الصلاة مركبة من مقولات متباينة وقد ثبت في محله انها اجناس عالية ولا يمكن الجامع الحقيقي بين فردين منهالا ينبغى الريب في ان الصحة في صلاة الصبح مثلا متوقفة على ايقاع التسليمة في الركعة الثانية وفي صلاة المغرب متوقفة على ايقاعها في الثالثة وعدم ايقاعها في الثانية فكيف يمكن تصوير الجامع بين المشروط بشيء والمشروط بعدمه وانما يمكن الالتزام بترتب الاثر على الجامع فيما إذا لم يكن للخصوصيات دخل في ترتبه واما ترتب النهى عن الفحشاء على الصلاة فبيان كيفيته يحتاج إلى بسط لا يسعه المجال .

22 - مضافا إلى ان الانتهاء عن الفحشاء على تقدير كونه امرا واحدا مترتبا على - الصلاة فهو من قبيل الاثار ولا معنى لكونه صورة نوعية لما هو المركب من مقولات متباينة.

 23 - هذا مع ان الكلام انما هو في تصوير الجامع بين الاجزاء  التي اعتبر الهيئة الاتصالية بينها مع فرض اختلافها قلة وكثرة بل بحسب الحقيقة والمهية ايضا

 24 - التحقيق في هذا المقام ان يقال ان معرفة الموضوع له في كل مركب اعتباري لابد وان تكون من قبل المخترع لذلك المركب سواء كان المخترع هو الشارع أو غيره وعليه فالمستفاد من الروايات الكثيرة ان التكبيرة والتسليمة معتبر تان في الصلاة وان التكبيرة ابتدائها وافتتاحها كما ان التسليمة انتهائها واختتماها كما ان الركوع والسجود والطهارة - معتبرة فيها وان كلا منها ثلث الصلاة واما غير ذلك من الاجزاء والشرائط  فهي خارجة عن حقيقتها ودخيلة في المأمور به على اختلاف الاشخاص والحالات ومن هنا لو كبر المصلى لصلاة الوتر ونسى جميع الاجزاء غير الركوع والسجود حتى سلم لصح صلوته فيعلم من ذلك انه لا يتقوم الصلاة الا بما ذكرناه والمراد من الطهارة المقومة للصلاة اعم من المائية والترابية كما ان المراد من الركوع والسجود اعم مما هو وظيفة المختار ار المضطر ولا بأس بكون مقوم المركب الاعتباري احد الامور على سبيل البدل كما في لفظ الحلو مثلا فانه موضوع للمركب المطبوخ من شكر وغيره سواء كان ذلك الغير حنطة أو ارزا أو غير ذلك فلا يرد على ذلك ما في المتن من لابدية تصور جامع آخر بين تلك المراتب نعم بناء ما ذكرناه لا يكون صلاة الغرقى بصلاة حقيقة ولا ضير في الالتزام بذلك بل هي كذلك كما يظهر بالوجدان والرجوع إلى المتفاهم العرفي ثم انه لا استحالة في دخول شيء في مركب اعتباري عند وجوده وخروجه عنه عند عدمه إذا كان ما اخذ مقوما للمركب مأخوذا فيه لا بشرط كما في لفظ الدار مثلا فانه موضوع لما اشتمل على ساحة وحيطان وغرفة فان كان هناك غير ذلك من سرداب وبئر وحوض وغير ذلك  فهي من اجزاء الدار والا فلا واعتبار  اللابشرطية كما يمكن ان يكون على نحو لا يضر بالصدق كذلك يمكن ان يكون على نحو يدخل الزائد في المركب ثم ان دخول شيء في المهيا تارة وخروجه عنها اخرى يستحيل في المهيات الحقيقية لكنها اجنبية عما هو محل الكلام في المقام ومن هنا يظهر انه لا يبتنى ما ذكرناه على كون التشكيك في الوجود أو المهية بل هو امر على طبق الارتكاز العرفي في كثير من المركبات الاعتبارية واما ما في المتن من عدم تصوير التشكيك في الوجود ولزوم كونه في الوجود ففساده غير خفي على اهله وكيف كان فالصحيح في تصوير الجامع هو ما عرفت والتوضيح لا يسمه المجال.

 25 - بل التحقيق ان يقال ان المراد من المسبب في المعاملة ليس هو الامضاء الشرعي أو امضاء العقلاء ضرورة ان البيع ونحوه اسم لفعل البائع وهو يصدر منه لا من غيره بل - المراد منه هو الاعتبار الصادر من البائع المظهر باللفظ أو بغيره والاعتبار امر قائم بالمعتبر بالمباشرة بلا احتياج إلى سبب أو آلة وقد عرفت سابقا انه لا اساس لما هو المعروف من كون الانشاء عبارة عن ايجاد المعنى باللفظ وعلى ما ذكرناه فإذا كان دليل الامضاء واردا .

 26 - لا استحالة في الجمع بين اللحاظين بل هو واقع كثيرا نعم يستحيل الجمع بين اللحاظين على ملحوظ واحد لكن استعمال اللفظ الواحد في معنيين لا يستلزمه بعدما عرفت من ان  حقيقة الوضع هو التعهد والالتزام بانه متى ما اراد المتكلم تفهيم معنى يجعل مبرزه لفظا مخصوصا وعليه فليس شأن اللفظ الا انه علامة للمعنى ولا مانع من جعل علامة واحدة لشيئين كما هو ظاهر نعم ان الاستعمال في اكثر من معنى واحد خلاف الظهور العرفي فلا يحمل اللفظ عليه الا مع القرينة ثم انه إذا قام قرينة على ذلك فان علم كيفية الاستعمال فهو وان دار الامر بين ان يراد من اللفظ مجموع المعنيين على سبيل المجاز أو كل واحد من المعنيين بنحو التعدد في الاستعمال فان قلنا بان الاستعمال في اكثر من معنى حقيقة فلابد من الحمل عليه تقديما لأصالة الحقيقة على المجاز وان قلنا بمجازيته فلا محالة يكون اللفظ من المجملات فينتهى الامر إلى الاصول العملية .

27 - النزاع في المشتق انما هو في خصوص وضع الهيئات وحيث ان الهيئة في مثل لفظ الممكن والمعلول وامثالها لم توضع بوضع على حدة فلا معنى لخروجها عن محل البحث غاية الامران خصوص المادة في الا مثلة المذكورة غير قابلة للزوال مع بقاء الذات و ذلك لا ينافي وضع الهيئة في نفسها للأعم من المقتضى عنه المبدء إذ لا نظر في وضعها إلى خصوص مادة دون مادة كما هو ظاهر فالتحقيق دخول جميع العناوين المحمولة على الذات غير ما ينتزع منها عن مقام الذات سواء كانت من المشتقات الاصطلاحية أو لم تكن .

28 - بل ان الزوجية وامثالها من الاعتبارات الشرعية أو العقلائية ولا يحاذيها في الخارج شيء  كما هو ظاهر ومراد المحقق صاحب الكفاية قدس سره من العرضي هو ذلك كما صرح به في بحث الاستصحاب عند تعرضه لمجعولية الاحكام الوضعية

 29 - هذا يبتنى على عدم امكان الجمع بين الام والبنت في الزوجية ولو مع قطع النظر عن حرمة ام الزوجة مؤبدا والا ففي بطلان زوجية البنت نظر واضح ومن ذلك يظهر الحال في بعض الفروض الاتية أيضا فتدبر .

30 - إذا فرض بطلان زوجية الام والبنت في آن واحد فليس هناك زمان خارجي تتصف الام فيه بانها ام الزوجة أو تتصف البنت فيه بانها بنت الزوجة نعم ان بطلان الزوجتين في طول حصول الامية والبنتية رتبة الا ان الاحكام الشرعية مترتبة على الموجودات الزمانية دون الرتبتية كما هو ظاهر .

31 - لا ينبغى الريب في ان الموضوع له في اسماء الازمنة معنى كلى الا ان مصداقه في الخارج والمتصف بالمبدء، انما هو الشخص فمع زوال الوصف وانعدام ذلك الشخص لا معنى لبقاء الذات في ضمن شخص آخر والتحقيق في الجواب ان يقال ان الشبهة المذكورة مبتنية على كون هيئات اسماء الازمنة موضوعة مستقلة في قبال وضع هيئات اسماء الامكنة واما إذا كان الوضع فيها واحدا وبمعنى جامع يطلق على الزمان مرة وعلى المكان اخرى كما هو الظاهر فلا اشكال اصلا فهيئة مفعل مثلا وضعت لظرف الفعل اعم من كونه زمانا أو مكانا وعليه فيمكن وضع هذه الهيئة لخصوص المتلبس أو للأعم منه ومن المنقضي عنه المبدء غاية الامر انه في خصوص الاطلاق على الزمان لا يمكن فيه الانقضاء وهذا لا ضير فيه اصلا بعد عدم كون الوضع مختصا به وقد تقدم نظير ذلك في مثل لفظ الممكن والمعلول وامثالهما .

32 - التحقيق ان كل خصوصية من خصوصيات المعنى  التي يدل عليها خصوص هيئته انما هي مباينة مع خصوصية اخرى ولا نظر في احديها إلى الاخرى فلا موجب لتقدم بعضها على بعض اصلا والظاهر ان هيئة اسم المصدر موضوعة للدلالة على قصد المعنى بما هو من دون لحاظه منتسبا إلى غيره من ناحية استعمال اللفظ فيه كما ان هيئة المصدر موضوعه للدلالة على؟ قصد المعنى بما انه منتسب إلى فاعل ما اوالى مفعول ما واما هيئة الفعل الماضي  فهي موضوعة للدلالة على قصد الحكاية عن تحقق المبدء سابقا على التكلم ولو آنا ما وهيئة الفعل المضارع موضوعة للدلالة على قصد الحكاية عن تحقق المبدء حال التكلم أو بعده بزمان والمشتقات الاسمية موضوعة للدلالة على قصد افادة تقييد الذوات بقيام  المباديء بها نحو قيام وجميع هذه الخصوصيات تطرأ على معنى واحد من دون ان يكون هناك ما يوجب بقدم بعضها على بعض وقد مر ما ينفع في المقام من الكلام في بحث الخبر والانشاء وفي بحث المعاني الحرفية .

33 - دلالة هيئة المصدر  التي هي موضوعة بوضع غير وضع المادة على النسبة الناقصة لا توجب كون المصادر مبنية وانما الموجب له تضمن نفس الاسم الموضوع للمعنى الاستقلالي لمعنى حرفي كأسماء الاشارة ونحوها وكم فرق بين الامرين كما هو ظاهر.

 34 - كون اسم المصدر بنفسه معرى عن النسبة لا ينافي اضافته إلى شيء ولحاظ النسبة فيه من جهة الاضافة كما في الجوامد ولازم ما ذكر في المتن استحالة الاضافة في الجوامد وهى واضحة البطلان.

 35 - سيأتي ان الذات المأخوذة في مفاهيم المشتقات أو الجوامد انما هو امر مبهم من جميع الجهات الا من جهة قيام المبدء بها وعليه فلا يلزم من اخذ الذات في الجوامد اخذ كل من الجنس والفصل والنوع في غيره كما سيتضح ذلك انشاء الله تعالى.

 36 - كون النسبة في مقام تحقيقها وتعقلها متقومة بالطرفين اجنبي عن كون الطرفين مدلولين لما يدل عليها والا كانت المداليل الاسمية داخلة في معنى الحروف الدالة على النسب الخاصة وهو واضح البطلان  يتعلق بصفحة 64 - 1 - تركب المفاهيم في مداليل المشتقات مع قطع النظر عن التحليل العقلي وان كان على خلاف الوجدان العرفي الا ان لازمه هو انقلاب الادراك التصوري إلى ادراك تصديقي بعد كون المبدء مأخوذا بنحو التقييد كما هو المفروض.

 37 - بل التحقيق هو تركب المفاهيم الاشتقاقية والبرهان عليه مضافا إلى ضرورة الوجدان - العرفي وان المفهوم من لفظ القائم مثلا ليس الا ما قام به المبدء وهو القيام دون نفس المبدء هو ان وجود العرض في الخارج في نفسه وان كان عين وجوده لموضوعه الا انه مغاير مع وجود الموضوع الذى هو موجود لنفسه ومعها كيف يمكن الاتحاد بينهما في الوجود الذى هو الملاك في صحة الحمل الشايع وهل اعتبار  اللابشرطية يوجب اتحاد المتغايرين في الوجود وإذا كان هذا حال العرض مع موضوعه في الخارج فكيف حال المبادئ الاعتبارية  التي لا وجود لها في الخارج فكيف يمكن حملها على الذوات الخارجية مع ان صحة الحمل تتوقف على اتحاد في الوجود هذا مع انك قد عرفت فيما مر ان كل هيئة من هيئات المشتقات موضوعة بوضع علي حده في قبال وضع المواد فلا محالة يكون ما استعمل فيه الهيئة مغايرا لما يستعمل فيه المادة فلا بد من دلالتها على النسبة أو عليها مع الذات وحيث ان المشتق بنفسه من دون ان يكون معتمدا على الموصوف يمكن ان يكون موضوعا في القضية الحملية أو مسندا إليه في غيرها فلا مناص عن دلالته على الذات ايضا والا كانت النسبة الكلامية قائمة بطرف واحد وهو غير معقول ثم لا يخفي ان الذات المأخوذة في مفهوم المشتق حسب التحليل العقلي ليست عبارة عن الذوات الخاصة حسب اختلاف الموارد حتى يكون المشتق من قبيل متكثر المعنى فان ذلك باطل بالضرورة بل هي عبارة عن معنى مبهم من جميع الجهات غير جهة قيام المبدء به كما هو مدلول الاسماء الموصولة ونحوها من المبهمات فيصدق ذلك المعنى تارة على الواجب واخرى على الممكن كما انه تارة يصدق على العرض واخرى على الجوهر وثالثة على مهية من المهيات أو مفهوم من المفاهيم مع قطع النظر عن الوجود الخارجي وبذلك يندفع جملة من الاشكالات  التي اورد على تركب المفاهيم الاشتقاقية على ما يظهر ذلك انشاء الله تعالى.

 38 – قد مران دلالة الهيئة على النسبة اجنبية عن كون الاسم بنفسه متضمنا للمعنى  الحرفي كما في اسماء الاشارة وغيرها.

 39 - قد عرفت ان المبدء يستحيل اتحاده مع ما يقوم به في الخارج في الاعراض فضلا عن غيرها فلا مناص من اخذ الذات في المفهوم تصحيحا للحمل .

40 - قد عرفت ان الذات المأخوذة في المفهوم معنى مبهم من تمام الجهات غير جهة قيام المبدء بها فلا يلزم من اخذ الذات فيه اخذ المحمول بشرط شيء كما هو ظاهر وبما ذكرناه يظهر اندفاع جميع ما ذكر في المتن لإبطال اخذ الذات في مفهوم المشتق فلا حاجة إلى اطالة الكلام في هذا المقام .

41 - لا يخفي ان صاحب النفس الناطقة هو الإنسان وهو نوع لا فصل فلا مناص عن كون الناطق فصلا مشهوريا قد جعل مكان الفصل الحقيقي لتعذر العلم به غالبا كما صرح به المحقق السبزواري في حاشيته على شرح منظومته وعليه فلا يلزم من اخذ مفهوم الشيء في مفهوم الناطق الا دخول العرض العام في الخاصة دون الفصل.

42 - بل التحقيق ان مفهوم الشيء من المفاهيم العامة المبهمة الصادقة على الوجود الواجبي والإمكاني وعلى الماهيات وعلى المفاهيم الانتزاعية بل على المستحيلات ايضا باعتبار وجودها بتصورها في عالم الذهن كما تقول هذا شيء مستحيل فمفهوم الشيء مساوق لمفهوم الامر ولما يستفاد من الفاظ الموصولات كلفظة ما مثلا ومع ذلك كيف يمكن ان يقال انه جنس عال لتمام الماهيات ثم ان المراد من كون مفهوم الشيء عرضا عاما انه ليس من الذاتيات و مما يتقوم به الماهية في حذ ذاتها بل هو مما يلحقها ويكون خارجا عن ذاتها ويصدق عليها وعلى غيرها ومن هنا يظهر بطلان جميع ما افاده شيخنا الاستاد قدس سره في المقام فلا تغفل .

43 - لا يخفي عليك ما في هذه الدعوى من وجوه الاول انها على تقدير تماميتها فانما تختص بخصوص  المباديء  التي هي من سنخ الاعراض حتى تكون وجوداتها في انفسها وجودات لموضوعاتها واما في غيرها من  المباديء الاعتبارية كالإمكان والوجوب والامتناع والوجوب و الحرمة ونحوها فلا مجال فيها لدعوى ان اعتبار  اللابشرطية يوجب اتحادها مع موضوعاتها فان المفروض ان  المباديء فيها لا وجود لها في انفسها حتى تكون وجوداتها وجودات لموضوعاتها الثاني ان لحاظ العرض على ما هو عليه وان سلمنا انه يصحح كونه نعتا لموضوعه الا انه لا يصحح كونه نعتا لجميع ملابساته من الزمان والمكان والالة والمفعول وغيرها فلا يبقى مجال لدعوى  اللابشرطية فيها اصلا كما هو ظاهر الثالث ان وجود العرض في نفسه وان كان وجوده لموضوعه الا انه مغاير مع وجود موضوعه لا محاله ومعه كيف يمكن دعوى الاتحاد بينهما خارجا وهل المغايرة الحقيقية ترتفع بلحاظ  اللابشرطية وعليه فلا مناص في مقام الحمل من اخذ مفهوم الذات في المشتق كما عرفت .

44 - لا يخفي ان استفادة ركنية المبدء من المشتقات وان كانت ظاهرة الا انه لا ملازمة بينها وبين بساطة المفاهيم الاشتقاقية نعم لازمها هو الوضع لخصوص المتلبس كما هو ظاهر .

45 - قد بينا في محله ان المفهوم من تعليق الحكم على الشرط انما هو ارتفاع الحكم المذكور عند ارتفاع الشرط فإذا كانت القضية سالبة كلية فرفع الحكم المذكور فيها ولو عرفا ليس الا نقيض الحكم ولو بنحو الموجبة الجزئية واما اثبات الموجبة الكلية فهو يحتاج إلى دليل آخر غير المفهوم .

46 - لا يخفي ان اسم المفعول انما وضع لمن يكون نسبة المبدء إليه نسبة الوقوع سواء كانت هذه النسبة متحققة في الخارج أو لم تكن فلفظ المضروب مثلا في قولنا زيد مضروب قد استعمل في عين ما استعمل فيه قولنا عمر وليس بمضروب ومن هنا يكون اطلاقه بلحاظ ظرف التلبس حقيقة مطلقا ولو في مورد لم يتحقق فيه التلبس بالمبدء بالفعل كما في قولنا زيد يكون مضروبا غدا وعليه فلا مجال لدعوى خروج اسم المفعول عن حريم النزاع بل يكون حاله حال بقية المشتقات بلا فرق بينه وبينها اصلا واما اسم الالة ففرض الانقضاء فيه انما يكون بانقضاء التهيؤ والاستعداد كما إذا اخرج المفتاح مثلا عن قابلية الفتح به فهو ايضا بهذا اللحاظ داخلا في محل النزاع فلا موجب لإخراج شيء من المشتقات عن حريم النزاع اصلا .

47 - قد بينا فيما سبق بطلان التفرقة بين المشتقات ومباديها باعتبار اللابشرطية والبشرط لائية وذكرنا انه لا مناص من اخذ الذات المبهمة من جميع الجهات غير جهة ثبوت المبدء لها في المفهوم الإشتقاقي وعليه فكما يكمن ان يكون المبدء مغايرا في الموجود مع الذات كذلك يمكن ان يكون متحدا معها في الوجود بل في المفهوم ايضا كما في قولنا الضوء مضيء والوجود موجود وقد ذكرنا ان النسبة المأخوذة في المفهوم الإشتقاقي ليست نسبة خارجية حتى لا يعقل تحققها بين الشيء ونفسه بل هي عبارة عن تضييق المفهوم مع قطع النظر عن الوجود والعدم كما مر توضيح ذلك في بيان معاني الحروف وعليه فلا موجب للالتزام بالنقل أو التجوز في حمل مثل العالم والقادر عليه تعالى ولكنه لا يخفي انه بناء على النقل أو التجوز فلا يراد من العالم الانفس العلم والحضور كما لا يراد من القادر الانفس القدرة والاحاطة فلا بكون ذلك مستلزما لتعطيل العقول عن فهم الاوراد والاذكار اصلا .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.