أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
1709
التاريخ: 30-8-2016
1493
التاريخ: 26-8-2016
2067
التاريخ: 9-8-2016
1872
|
اختلفت كلمة الأُصوليّين في أنّ المشتق حقيقة في المتلبس بالمبدأ أو الأعم منه و ما انقضى عنه المبدأ، مثلاً: إذا قيل لا تتوضأ بالماء المسخَّن بالشمس، فهل يختص بالموصوف بالمبدأ بالفعل، أو يعمّ ما زال عنه المبدأ وبَرَدَ الماء؟
ويرجع النزاع إلى بيان تحديد مفهوم المشتق من حيث السعة والضيق وانّ الموضوع له، هل هو خصوص الذات المتلبّسة بالمبدأ أو الأعمّ من تلك الذات المنقضي عنها المبدأ ؟ فعلى القول بالأخص، يكون مصداقه منحصراً في الذات المتلبّسة، ويختص النهي بالمسخّن بالفعل وعلى القول بالأعمّ يكون مصداقه أعمّ من هذه وممّا انقضى عنها المبدأ , ويعمّ النهي المسخنّ بالفعل وغيره.
وبعبارة ثانية: انّ العقل يرى جامعاً حقيقياً بين الأفراد المتلبّسة بالمبدأ، ولا يرى ذاك الجامع الحقيقي للأعمّ منها وممّا انقضى عنها المبدأ وإنّما يرى بينها جامعاً انتزاعياً, فالنزاع في أنّ الموضوع له هو ذاك الجامع الحقيقي أو جامع انتزاعي آخر.
فعلى القول بالأخصّ فالموضوع في قولك : صلّ خلف كلّ عالم عادل، مَنْ متلبّساً بالمبدأ الذي بين مصاديقه جامع حقيقي دون من كان متلبّساً وزال عنه المبدأ، الذي ليس بين مصاديقه إلاّ جامع انتزاعي.
وهذا بخلاف القول بالأعم فالموضوع هو الأعم منه و ما انقضى عنه المبدأ , ويكفي وجود نسبة ما بين الذات و المبدأ.
دليل القول بوضع المشتق للمتلبّس:
وقد استدلّ على القول بوضعه للمتلبّس بوجوه، ذكرنا بعضها في الموجز(1) غير انّ أمتن الأدلّة هي ما يلي:
انّ مفهوم المشتق ليس هو تلوُّن الذات (زيد) بأنحاء النسب حتى يكون الركن الوطيد هو الذات سواء أبقي المبدأ أم انقضى، بل مفهومه هو تلوّن المبدأ بأنحاء النسب وانّ المشتقات عامة منتزعة عن المبدأ باعتبار الوان النسب الحاصلة بينه وبين الذات ، فتارة يلاحظ المبدأ بما انّه منتسب إلى الذات بالصدور عنها(كاسم الفاعل)، وأُخرى بالوقوع عليها (كاسم المفعول)، وثالثة بالثبوت فيها كما في الصفة المشبهة، ورابعة بكونها واقعاً فيها له زماناً ومكاناً، وعلى ذلك فالمشتق هو المبدأ الملحوظ مع الذات بنسبة خاصة ومضاف إليها نحو إضافة، وما هذا شأنه يكون هو المحور، لا الذات، فالنسب المختلفة المتداولة تصاغ من المبدأ عند الإضافة إلى الذات.
وإن شئت قلت: إنّ واقع الصيغ المختلفة عبارة عن جعل المبدأ في قوالب مختلفة، فكأنّ المعاني تتوارد على المبدأ، وهو الذي يتجلّى بصور أشكال مختلفة وليس واقعُ الصيغ جعلَ الذات في أشكال مختلفة، فإذا كان هذا هو واقع الصيغ فكيف يمكن أن تصدق الصيغة مع عدم المبدأ؟
ويدلّ على ذلك انّ علماء الصرف والاشتقاق يحولون المبدأ(المصدر) إلى صور لا الذات إلى صيغ.
وعلى ذلك فلا مناص من التحفظ على المبدأ في صدق الصيغة.
نعم لما كان المبنى عند المشهور هو تلوّن الذات وتلبسها بأنواع النسب أخذوا يستدلّون عليها بالتبادر وصحّة السلب عمّن انقضى عنه المبدأ. والأولى إقامة البرهان حسب ما عرفت .
استدلّ القائل بالأعم بوجوه ثلاثة :
الأوّل : التبادر:
المتبادر من المشتق مطلق من تلبس بالمبدأ سواء أكان باقياً أم لا.
يلاحظ عليه :أنّ المتبادر هو المتلبّس لا الأعم، فإذا قيل لا تصلِّ خلف الفاسق، يتبادر المتلبس به حين الاقتداء لا من كان متلبّساً وانقضى عنه المبدأ قبل الاقتداء.
الثاني: صحّة الحمل:
نرى بالوجدان انّه يصحّ حمل المقتول والمضروب على من قتل وضرب وانقضى عنه المبدأ ثانياً.
يلاحظ عليه: بأنّ هذه الصفات تحمل على الذات باعتبار اتحادها مع المبدأ في ظرف من الظروف.
وبتعبير آخر انّ الحمل بلحاظ حال التلبّس والجري خصوصاً في المقتول، فإنّ عدم كونه قابلاً للتكرار قرينة على أنّ الإطلاق بلحاظ حال التلبّس والجري، ومثله السارق والزاني فانّ عدم كونهما قابلين للاستمرار قرينة على أنّ الإطلاق بهذا اللحاظ.
الثالث: استدلال الإمام ـ عليه السَّلام ـ:
استدل الإمام بقوله سبحانه: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] على عدم صلاحية من عبد وثناً أو صنماً أو أشرك باللّه طرفة عين للخلافة والإمامة وإن أسلم بعد ذلك , وقال ـ عليه السَّلام : الظلم وضع الشيء في غير موضعه وأعظم الظلم الشرك باللّه، قال اللّه تعالى: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].
ثمّ إنّ الاستدلال مبني على صغرى مسلّمة وكبرى قرآنية.
أمّا الصغرى : هؤلاء كانوا ظالمين عند التصدّي.
وأمّا الكبرى: والظالمون لا تنالهم الإمامة.
فينتج : هؤلاء لا تنالهم الإمامة.
وإنّما تصحّ الصغرى إذا قلنا بوضع المشتق للأعمّ، حتّى يصحّ عدّهم من الظالمين حين التصدّي للخلافة وإلاّ تبقى الكبرى بلا صغرى.
يلاحظ عليه: أنّ الاستدلال على عدم الصلاحية للإمامة يصحّ على كلا القولين.
أمّا على الأعم فواضح، لأنّهم على هذا القول ظالمون عند التصدّي حقيقة.
وأمّا على القول الثاني، فوجه الاستدلال ليس مبنيّاً على كونهم من مصاديق الظالمين حين التصدّي، بل على أساس آخر وهو انّ الإمامة منصب إلهي خطير، لأنّ صاحبها يتصرّف في النفوس والأعراض والأموال، فالمتصدّي لهذا المنصب يجب أن يبتعد عن ألوان الشرك وقبائح الأعمال طيلة عمره، لأنّ الناس يتنفّرون من مقترفي هذه الأعمال وإن طابوا و طهروا.
فالاستدلال ليس مبنياً على الظهور الوضعي بل مبني ـ بقرينة المقام وعظمة المنصب ـ على أنّ الممنوع هو المتلبّس بالظلم آناً ما سواء أبَقي عليه أم لا.
ثمّ إنّ هناك تحليلاً دقيقاً لبعض أساطين العلم وحاصله: انّ الناس بحسب التقسيم العقلي على أربعة أقسام:
من كان ظالماً في جميع عمره، ومن لم يكن ظالماً في جميع عمره، ومن هو ظالم في أوّل عمره دون آخره، ومن هو بالعكس.
هذا وإبراهيم أجلّ شأناً من أن يسأل الإمامة للقسم الأوّل والرابع من ذرّيته، فيبقى القسمان الآخران، وقد نفى اللّه أحدهما، وهو الذي يكون ظالماً في أوّل عمره دون آخره، فبقي الآخر وهو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره.
تطبيقات:
إنّ البحث عن كون المشتق موضوعاً للمتلبّس أو للأعم ليس عديم الثمرة، وإليك بعض ما يترتب عليه.
1. قال أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ : «لا يصلّينّ أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا، والأعرابي لا يؤم المهاجرين».(3)
2. عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ : في المرأة إذا ماتت وليس معها امرأة تغسّلها، قال: «يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسّلها إلى المرافق».(4) فلو قلنا بكون المشتق حقيقة في المنقضي يجوز للزوج المطلق لها، التغسيل عند فقد المماثل.
وربما يمثل ـ كما مرّ في صدر البحث ـ بالماء المشمَّس أو المسخّن، ولكن الوارد في لسان الأدلّة، التعبير عنه بصيغة الفعل لا بصيغة المشتق، فقد ورد عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم : «الماء الذي تسخّنه الشمس لا تتوضّؤوا به، ولا تغتسلوا به ولا تعجنوا به، فإنّه يورث البرص».(5)
هذه أُمور تسعة بحث فيها علماء الأُصول في مقدّمة كتبهم، وبما انّها كانت ذات فوائد حجة، تعرضت لها بمزيد من التفصيل.
وأمّا البحث في المجاز والاشتراك والترادف أو البحث في بساطة مفهوم المشتق وتركّبه، فقد ضربنا عنها صفحاً، لما تقدّم بعضها في الموجز، وعدم مساس بعض آخر كالأخير بفن الاستنباط , فمن أراد التفصيل فليرجع إلى محاضراتنا(6).
___________________
1. الموجز:28، 29.
2. البرهان في تفسير القرآن:1/149.
3. الوسائل: 5، الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6.
4. الوسائل: 2، الباب 24 من أبواب غسل الميت، الحديث 8.
5. الوسائل: 1، الباب 6 من أبواب الماء المضاف، الحديث 2.
6. راجع المحصول: الجزء الأوّل.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|