أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2020
1620
التاريخ: 31-8-2016
1532
التاريخ: 5-8-2016
1528
التاريخ: 5-8-2016
1541
|
تنبغي الإشارة مقدّمة إلى أنّ البحث فيها لغوي لا اُصولي لكن يذكر في علم الاُصول لعدم استيفاء البحث عنه في محلّه.
وكيف كان قد وقع النزاع في ألفاظ العموم بين القوم بالنسبة إلى أربعة ألفاظ:
1 ـ النكرة في سياق النفي أو النهي.
2 ـ لفظة كلّ وما شابهه مثل جميع وكافّة وقاطبة.
3 ـ الجمع المحلّى باللام نحو «العلماء» و «الملائكة» و «المؤمنون».
4 ـ المفرد المحلّى باللام مثل البيع والإنسان.
أمّا الأوّل: أمّا النكرة في سياق النفي أو النهي
فقد يقال بأنّها تدلّ على العموم ولعلّه هو المشهور، كقول المولى «لا تعتق رقبة» وكقولك «ما جاءني أحد»، واستدلّ له بأنّ مدلول النكرة هو طبيعة الأفراد، ولا تنعدم الطبيعة إلاّ بانعدام جميع أفرادها، وذكر المحقّق الخراساني (رحمه الله) في بعض كلماته أنّ دلالتها على العموم موقوفة على أخذها مرسلة لا مبهمة، أي إذا أحرز إرسالها بمقدّمات الحكمة، فلا بدّ في استفادة العموم منها من إجراء مقدّمات الحكمة، واستشهد بأنّه لو لم تكن الطبيعة مطلقة بل كانت مقيّدة لم يقتض دخول النفي عليها عموم النفي لأفراد الطبيعة المطلقة، بل عموم أفراد ذلك المقدار المقيّد فقط، كما إذا قال «لا تكرم الفاسق الاُموي» فإنّه لا يقتضي نفي وجوب الإكرام عن جميع أفراد طبيعة الفاسق بل عن أفراد الفاسق الأموي فقط، وكذلك لو كانت الطبيعة مهملة فلا يقتضي دخول النفي عليها إلاّ استيعاب السلب للأفراد المتيقّنة لا مطلق الأفراد، مع أنّه لو قلنا بعدم اشتراط دلالتها على العموم بالإرسال والإطلاق واستفادة العموم من النكرة من دون إجراء مقدّمات الحكمة لدلّت على العموم في صورة التقييد أو الإهمال أيضاً.
وقال في التهذيب ما حاصله: إنّ الطبيعة تنتفي بانتفاء الفرد كما توجد بوجوده ولا يحتاج انتفائها إلى انتفاء جميع الأفراد، لأنّ الفاظ النفي والنهي وضعت لنفي مدخولها أو الزجر عنه، والمدخول في ما نحن فيه هو اسم الجنس، وهو موضوع لنفس الطبيعة بلا شرط، فلا دلالة فيها على نفي الافراد التي هي المناط في صدق العموم، ولا وضع على حدة للمركّب، وقولنا: اعتق رقبة. وقولنا: لا تعتق رقبة سيّان في أنّ الماهيّة متعلّقة للحكم وفي عدم الدلالة على الأفراد وفي أنّ كلاًّ منهما محتاج إلى مقدّمات الحكمة حتّى يثبت أنّ ما يليه تمام الموضوع، نعم هذا ممّا يقتضيه البرهان، وأمّا العرف فيفرّق بين الموردين ويحكم بأنّ المهملة توجد بوجود فرد مّا وتنعدم بعدم جميع الأفراد(1).
أقول: الأولى في كلّ بحث سلوك الطريق اللائقة به، ففي مباحث الألفاظ لابدّ من الرجوع إلى التبادر والمتفاهم العرفي لا إلى وجوه فلسفيّة وتدقيقات عقليّة، وكذلك لابدّ من ملاحظة تراكيبها كما تلاحظ مفرداتها، وفي المقام يجب الفات النظر إلى تركيب قول العربي بعد أن سرق ماله مثلا: «لم يبق منه شيء» أو قوله تعالى حكاية قول بلقيس: {مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} [النمل: 32] أو كلمة «لا إله إلاّ الله» وهكذا قوله «ولا تضاروهنّ ...» فهل يتبادر منها العموم أو لا؟ الإنصاف أنّ تركيب النكرة في سياق النفي أو النهي في أمثال هذه التراكيب يتبادر منه العموم من دون حاجة إلى مقدّمات الحكمة، كما يشهد له الوجدان أيضاً.
أمّا الثاني: لفظة كلّ وما شابهها:
فقد يقال فيها أيضاً أنّ دلالتها على العموم واستيعاب المدخول يتمّ بمعونة مقدّمات الحكمة المحرزة بها سعة المدخول وإرساله، واستشهد لذلك بعدم دلالتها في صورة تقييد مدخولها على أزيد من المقدار المقيّد فقولك: «أكرم كلّ رجل عالم» يدلّ على إكرام الرجال العدول فقط لا مطلق الرجال.
وقد يقال بأنّها ظاهرة في العموم من دون حاجة إلى مقدّمات الحكمة وهو الصحيح كما قال به في المحاضرات - ولنعم ما قال ـ : «إنّ لفظة «كلّ» أو ما شاكلها تدلّ بنفسها على إطلاق مدخولها وعدم أخذ خصوصيّة فيه ولا يتوقّف ذلك على إجراء المقدّمات، ففي مثل قولنا «أكرم كلّ رجل» تدلّ لفظة «كلّ» على سراية الحكم إلى جميع من ينطبق عليه الرجل من دون فرق بين الغني والفقير والعالم والجاهل وما شاكل ذلك، فتكون هذه اللفظة بيان على عدم أخذ خصوصيّة وقيد في مدخولها»(2).
أمّا الثالث: الجمع المحلّى باللام
فاستدلّ لدلالته على العموم بالتبادر أوّلا، وبوجه عقلي ثانياً، وهو أنّ الجمع له عرض عريض ومصاديق كثيرة، واللام للتعريف، ولا إشكال في أنّ المتعيّن من مصاديق الجمع ومراتبه إنّما هو أقصى المراتب، وغيره لا تعيّن له حتّى أدنى المراتب، ونتيجة ذلك أن لا يستفاد العموم لا من اللام ولا من نفس الجمع بل يستفاد من تعريف الجمع بأقصى مراتبه.
إن قلت: إنّ أدنى المراتب وهو الثلاث أيضاً متعيّن.
قلنا: بل إنّه نكرة بالنسبة إلى ما ينطبق عليه من الأفراد، ولذلك يعقل السؤال في قولنا: «جاءني ثلاث نفرات» بقولك: «أي ثلاث نفرات؟» حيث يمكن صدقه على كلّ ثلاثة من الأفراد خلافاً لأقصى المراتب، فالمتعيّن في الخارج بحيث لا يكون مردّداً بين شيئين أو أشياء إنّما هو مجموع الأفراد دون غيره من مراتب الجمع.
أقول: أمّا الوجه العقلي فيمكن النقاش فيه بما مرّ من عدم تطرّق الوجوه العقليّة والتحليل العقلي في مباحث الألفاظ كما ذكرنا آنفاً أيضاً بل لابدّ فيها من ملاحظة ما يتبادر منها عرفاً , هذا أوّلا.
وثانياً: أنّ المرتبة العليا من مراتب الجمع لا بشرط بالنسبة إلى التعريف والتنكير، فلا يصدق عليها إنّها معرفة أو نكرة لأنّ المقسم للمعرفة والنكرة هو اسم الجنس المفرد كما لا يخفى، فلا يقال مثلا أنّ «كلّ عالم» أو «جميع العلماء» معرفة أو نكرة.
أمّا التبادر فهو تامّ مقبول فلا يبعد تبادر العموم من الجمع المحلّى باللام كما لا إشكال في إرادة الجنس منه بمؤونة القرينة في كثير من الموارد، كقولنا: «سَلِ العلماء ما شئت» أو «اختر المؤمنين للاُخوّة» أو «شارك الأخيار» حيث إنّ تناسب الحكم والموضوع فيها يقتضي أن لا يكون السؤال عن جميع العلماء واختيار جميع المؤمنين للأخوة ومشاركة جميع الأخيار كما لا يخفى.
وعلى أي حال المتبادر من الجمع المحلّى باللام في صورة فقد القرينة هو العموم ولا حاجة فيه إلى إجراء مقدّمات الحكمة.
أمّا الرابع: المفرد المحلّى باللام:
فقال بعض بدلالته على العموم، ويستدلّ لها:
أوّلا: باتّصافه أحياناً بالجمع كقوله: «أهلك الناس الدرهم البيض والدينار الصفر».
وثانياً: بوقوعه مستثنى منه كقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا } [العصر: 2، 3]
وثالثاً: ما مرّ في الجمع المحلّى باللام من أنّ اللام للتعريف، والمعرفة هي أقصى المراتب.
واُجيب عنه: بأنّ التوصيف بالجمع في موارد معدودة محدودة لا ينافي عدم كونه حقيقة في الجمع لأنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة والمجاز، وهكذا وقوعه مستثنى منه في بعض الموارد، وأمّا الوجه الثالث: فقد عرفت بطلانه في الجمع المحلّى باللام فكيف بالمفرد، والإنصاف أنّه لا يستفاد من المفرد المحلّى باللام ـ لولا وجود القرينة ـ عموم.
_______________
1. تهذيب الاُصول: ج2، ص8، طبع مهر.
1. المحاضرات: ج5، ص158 ـ 159.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|