أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016
3296
التاريخ: 26-8-2016
1563
التاريخ: 8-8-2016
1463
التاريخ: 1-9-2016
1192
|
بيان مفهوم التلبس بالمبدأ وفقدانه بالنظر الفلسفي والعرفي :
إن النزاع في كون لفظ المشتق ظاهراً في خصوص المتلبس أم في الأعم إنما يتصور بعد كون المشتق ذا حالتين ، حالة تلبس الذات بمبدئه وحالة فقدانها، بحيث يعد الوجدان والفقدان من الحالات الطارئة على الذات مع عدم تغير حقيقتها .
وأما لو كان التباين بين الحالتين ذاتياً ، بحيث تكون الذات حقيقتين متغايرتين عند التلبس وعدمه فليس ذلك داخلاً في البحث بلا ريب ، إذ لا يصح إطلاق حد حقيقة على حقيقة اخرى الا تجوزاً.
وكلامنا الان في معيار التمايز بين حالة التلبس وحالة الفقدان واعتبارهما حالتين او حقيقتين ، فهل المعيار فلسفي أم عرفي ؟
وبعبارة أوضح : لا ريب أن شيئية الشيء - التي بها يمتاز عن غيره ويكون حقيقة منفصلة عن الحقائق الاخرى - بصورته لا بمادته ، ولكن ما هو المعيار في الصورة الفاصلة للحقيقة هل هو النظر العرفي أم النظر الفلسفي ؟
المعيار الفلسفي :
يرى الفلاسفة أن الصورة المقومة للحقيقة هي الصورة النوعية المعبر عنها بالفصل ، فالإنسان مثلاً بناطقيته لا بجسمه ، فلو تحول الجسم إلى تراب فالإنسان باق باعتبار عدم تغير صورته الانسانية وهي روحه الناطقة .
المعيار العرفي :
وهو الذي يرى تمايز الاشياء بالصورة الشكلية والآثار الملموسة عند العرف وبينهما عموم من وجه ، فالجسد البشري - مثلاً - بعد فقدانه للحياة يراه العرف بانه هو الانسان وأنه مات ، والموت والحياة حالات طارئة لا حقائق مختلفة، بينما الفلاسفة لا يعتبرون الجسد الميت إنساناً بل يعتبرونه جماداً والانسان غيره فيختلفان حقيقة بالموت والحياة . كما أن الحليب واللبن المصنوع منه حقيقتان عرفا وذات واحدة فلسفة، لاتحاد الصورة النوعية فيهما .
وبعد البيان المذكور نقول : بان المعتبر في الصورة الفاصلة للحقيقة هو النظر العرفي لا النظر الفلسفي لعدة أسباب :
أولاً : إن الرؤية الفلسفية لا دليل على واقعيتها وصحتها، فربما يكون المعيار الواقعي في الفصل بين الأشياء هو الفصل بالعوارض والآثار كما ورد في بعض الروايات : « وخلق خلقاً مختلفاً بأعراض وحدود» (1) .
ولا دليل على لزوم كون الفاصل بالصور النوعية والفصول ، ولعل الاتجاه الفلسفي في جعل معيار التمييز مبنياً على الصور النوعية والفصول تعبير عن عرف خاص في المجتمع اليوناني الذي نشأت فيه بذرة الفلسفة ، ومن الواضح أن الأعراف والمجتمعات تختلف في معيار التمييز كما نلاحظ اختلاف المجتمعات في جعل بعض الفواكه أو الحيوانات تحت عنوان واحد أو عناوين متعددة .
فمن المحتمل جداً كون الفلسفة اليونانية في اعتمادها على الصور النوعية كمعيار للتمييز بين الحقائق تعبر عن عرف خاص ورؤية إنسانية معينة لا أن ذلك هو المعيار الواقعي المعتمد .
ثانياً : قد ذكر الفلاسفة أنفسهم أن الاطلاع على الحقائق الواقعية غير متيسر والفصول التي يطرحونها ما هي الا فصول مشهورية لا فصول حقيقية، فالناطق - مثلاً - الذي جعل فصلاً للإنسان إن أريد به النطق فهو كيف مسموع وإن أريد به الفكر فهو كيف نفساني أو فعل ذهني ، ومن المعلوم عندهم عدم تقوم الجوهر بالأعراض من الكيف والفعل ، إذن فالناطق فصل مشهوري لا فصل حقيقى . ونتيجة ذلك : أنه كيف يمكن لنا أن نعتبر المعيار في تمييز الحقائق هو النظر الفلسفي مع قصوره - كما صرح الفلاسفة أنفسهم - في الوصول لفرز الواقعيات وتحديدها .
ثالثاً :
إن البحث في ظهور المشتق في خصوص المتلبس أو الأعم بحث لغوي يرجع في تشخيصه الى العرف واللغة لا إلى البحوث الفلسفية .
ولكن هنا سؤالان :
1 - إن بحثنا في المائز الحقيقي بين الشيء وغيره وأنه مائز عرفي أو فلسفي ، وهذا بحث عقلي وليس بحثاً لغوياً حتى يرجع فيه الى اللغة والعرف ؟
والجواب : إن الظهور يعتمد على عناصر مندمجة في نفس الظهور بحيث تكون هناك وحدة وائتلاف بين الظهور وعناصره ولا يمكن البحث في الظهور منفصلاً عنها، فمثلاً إذا بحثنا في أن صيغة افعل ظاهرة في الوجوب أم لا فالبحث في هذا الظهور معتمد على عنصر آخر وهو ما يستظهره العرف من عنوان الوجوب أيضاً ، وكلا الأمرين وحدة مترابطة تقع مورداً للبحث. كذلك في المقام ، فإن البحث عن ظهور المشتق في المتلبس أو الأعم متفرع على ما يفهمه العرف من التلبس وعدمه مع بقاء الحقيقة مقابل تغيرها، وهذا العنصر مندمج في الظهور نفسه بحيث لا يتحقق ظهور عرفي للمشتق في المتلبس أو الاعم الا مع ظهور مفهوم التلبس وعدمه في أذهان العرف ، فتبين أن البحث في المقام بحث لغوي يرجع فيه للمفهوم العرفي لا إلى التحقيق الفلسفي .
2 - لا ريب في اختلاف الأعراف في مفاهيمها وأفكارها، وحينئذٍ إذا كانت الرؤية العرفية الآن تعني أن المشتق ظاهر في المتلبس أو الأعم أو تعني أن الفاصل الحقيقي بين الماهيات هو بالأعراض والآثار فلا يعني ذلك ان الارتكاز العرفي في زمان النص الشرعي كذلك ؟
والجواب : إن كلامنا في ظهور المشتق بصفة عامة وليس خاصاً بالمشتق الموجود في النصوص الشرعية حتى نركز على العرف المعاصر للنص الشرعي ، مضافاً إلى أنه إذا ثبت ما هو المرتكز في عرفنا رأينا كيف نتوصل للعرف في زمان النص من عدة طرق طرحناها في بحث علامات الحقيقة والمجاز.
المقدمة الثالثة : في بيان معنى الحال : عندما يقول الأصوليون هل أن المشتق ظاهر في المتلبس بالمبدأ في الحال أم في الأعم فماذا يقصدون من لفظ الحال ؟
هناك ثلاثة معاني للحال:
1 - حال النطق .
2 - حال النسبة .
3 - حال التلبس .
أما المعنى الأول :
فهو غير مراد قطعاً لوجهين :
1 - لو كان زمان النطق مدلولاً لكانت الأوصاف دالة على الزمان وليست كذلك بدليل اسنادها إلى نفس الزمان بدون عناية أصلاً فيقال الزمان مسرع ، واسنادها إلى المجردات الخارجة عن وعاء الزمان نحو الله عالم وخالق والملائكة قائمون ونحوه ، فإذا صح إطلاقها على المجرد عن الزمان وعلى الزمان نفسه وعلى الزماني بلا عناية تبين خلوها من الدلالة على الزمان ، فانسباق زمان النطق في بعض الاستعمالات نحو زيد قائم لاتحاد زمان النطق مع زمان الجري والانطباق ، فلو لم يتحدا لم يتحقق هذا الظهور نحو « لا تكرم الفاسق » فإن الظاهر منها فعلية الفسق حين الاكرام لا حين النطق بالجملة .
2 - إن لازم هذا القول كون قولنا زيد قائم أمس وكان زيد قائماً مجازاً ، لعدم التلبس حال النطق مع انه حقيقة بلا ريب عندهم .
وأما المعنى الثاني :
وهو أن المراد بالحال حال الجري والنسبة ، أي حال انتساب المحمول للموضوع ، سواءاً تقدم عليه النطق أم تأخر أم قارن ، فظاهره أن البحث في المشتق بحث في مرحلة التطبيق والاسناد لا بحث في المدلول الأفرادي للمشتق ، أي أنه بعد الفراغ عن المفهوم المتبادر من لفظ المشتق بما هو لفظ نبحث في صدقه وتطبيقه على الموضوع ، فنقول : هل يشترط في صدقه على الموضوع تلبسه بالمبدأ حال النسبة والاسناد أم يصح صدقه عليه بمجرد تلبسه به في الزمان السابق وإن لم يكن متلبساً به فعلاً ، إذن فعلى هذا القول لا يكون البحث بحثاً لغوياً حول مدلول لفظ المشتق بل هو بحث متعلق بمقام الاسناد والنسبة .
وأما المعنى الثالث :
وهو المختار عندنا ، فمحصله : أن البحث في المقام بحث لغوي حول مدلول لفظ المشتق وأن هذا المدلول في حد ذاته هل هو واسع شامل لحين وجود المبدأ خارجاً وحين انقضائه أو ضيق خاص بحين تحقق المبدأ بغض النظر عن عالم الاسناد، فسواءاً كان هناك جملة وإسناد أم لم يكن فإن البحث متصور في لفظ المشتق بلحاظ مدلوله الافرادي .
وعلى هذا المعنى فلا نحتاج لإضافة قيد الحال للبحث أصلاً ، فنقول : هل أن لفظ المشتق ظاهر في المتلبس أم الأعم منه ، من دون داعي لأضافة قيد الحال مادام المراد منه هو نفس التلبس ، بخلاف المعاني الأخر للفظ الحال فإننا بناءاً عليها نحتاج لإضافة قيد الحال ، لاختلافها معنى عن معنى التلبس ...
________________________________
(1) التوحيد : 430 ، باب 65، ضمن ح 1.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|