أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016
542
التاريخ: 25-8-2016
567
التاريخ: 25-8-2016
891
التاريخ: 25-8-2016
570
|
...تنقسم[مقدّمة الحرام] إلى أربعة أقسام:
أوّلها: ما يكون من قبيل الأسباب التوليديّة، سواء كانت العلّة التامّة أو الجزء الأخير منها كالإلقاء في النار بالنسبة إلى الإحراق.
ثانيها: ما يكون من قبيل العلّة الناقصة لإيجاد ذي المقدّمة ولكن المكلّف يقصد بإتيانها التوصّل إلى الحرام وتكون موصلة إلى الحرام في الخارج أيضاً.
ثالثها: نفس القسم الثاني مع عدم الإيصال إلى ذي المقدّمة.
رابعها: نفس القسم الثاني أيضاً مع عدم قصد التوصّل بها إلى الحرام.
لا إشكال في حرمة القسم الأوّل والثاني بناءً على مبنى وجوب مقدّمة الواجب لنفس ما مرّ هناك، أمّا دليل الوجدان ودليل تطابق الإرادتين فهما واضحان، وأمّا النواهي الواردة في لسان الشارع المتعلّقة بالمقدّمات المحرّمة فهي كثيرة جدّاً، والعجب من فتوى بعض الفقهاء بعدم حرمة مقدّمة الحرام مع إنّا نعلم بأنّ ملاك النهي في هذه الرّوايات إنّما هو مقدّميّة متعلّقاتها للحرام لا غير، فإنّ من هذه النواهي ما مرّ بالنسبة إلى الخمر ولعن غارسها وحارثها وغيرهما من العناوين العشرة التي هي من مقدّمات شرب الخمر، وأوضح من ذلك هو الرّوايات التي وردت في باب صلاة المسافر وتدلّ على وجوب القصر لمن كان سفره حراماً، وقد أفتى بها الفقهاء بالاتّفاق بل لم يكتفوا بالأمثلة الواردة في هذه الرّوايات وتعدّوا إلى غيرها من أشباهها، ولا إشكال في أنّ السفر في كثير من هذه الأمثلة مقدّمة للحرام وليس الحرام نفسه.
إن قلت: ملاك الحرمة في هذه المقدّمات كونها مصداقاً للإعانة على الإثم وهي حرام نفسي لا غيري.
قلنا: ...أنّ إطلاق هذه الرّوايات يعمّ ما إذا أتى المكلّف بالمقدّمة لنفسه فقط، فالتي وردت في باب الخمر تعمّ مثلا من غرسها لينتفع بها هو ولا إشكال في عدم صدق عنوان الإعانة والتعاون حينئذ فإنّه عنوان يصدق في خصوص ما إذا أتى بالمقدّمة بقصد توصّل الغير إلى الحرام.
وعلى أيّ حال: إذا كانت المقدّمة في هذه الرّوايات حراماً لمقدّميتها لا لخصوصيّة اُخرى يستكشف من ذلك حرمة سائر مقدّمات الحرام أيضاً لوجود الملاك.
وأمّا القسم الثالث: من المقدّمات فلا إشكال أيضاً في عدم حرمتها إلاّ من باب التجرّي.
وأمّا القسم الرابع: منها فعدم حرمتها واضح لأنّ المفروض أنّه لم يقصد بها التوصّل إلى الحرام فهي ليست حراماً بالنسبة إليه لا واقعاً ولا ظاهراً.
نعم هذا إذا لم تكن موصلة إلى الحرام، وأمّا مع فرض الإيصال وبناءً على قبول المقدّمة الموصلة (كما هو المختار) فلا إشكال في أنّها مصداق من مصاديق الحرام الواقعي حينئذ وأنّ من أتى بها ارتكب حراماً واقعاً إلاّ أنّه لا يعاقب على ذلك لعدم قصده التوصّل بها إلى الحرام وعدم فعلية الحرمة بالنسبة إليه.
ثمّ إنّ للمحقّق الخراساني(رحمه الله) تفصيلا في المقام وحاصله: التفصيل بين المقدّمات التي لا يبقى معها اختيار ترك الحرام أو المكروه على حاله بل بمجرّد الإتيان بها خارجاً يتحقّق الحرام أو المكروه قهراً كما في المقدّمة الأخيرة في الأفعال التسبيبية التوليديّة وبين غيرها من مقدّمات الأفعال الاختياريّة المباشريّة التي لو أتى بتمامها كان اختيار المكلّف باقياً محفوظاً على حاله، إن شاء أتى بالفعل وإن شاء ترك، ففي القسم الأوّل تتّصف المقدّمة بالحرمة لعدم توسّط الاختيار بينها وبين الفعل فتسري المبغوضيّة إلى الجميع، وفي القسم الثاني لا تتّصف المقدّمة بالحرمة لتوسّط الاختيار بينهما، فيكون المكلّف متمكّناً من ترك الحرام بعد حصول المقدّمات كما كان متمكّناً قبله، فلا ملاك لتعلّق الحرمة بها، وأمّا نفس الاختيار فلا يمكن أن يتعلّق به التكليف للزوم التسلسل (انتهى).
ويمكن أن يوجّه كلامه بأنّ أفعال الإنسان على قسمين: قسم يخرج عن اختياره بعد تحقّقه كالسهم الذي خرج من القوس، وهذا ما يسمّى بالأفعال التوليديّة، وقسم يبقى تحت الاختيار حتّى بعد التحقّق فيمكن له تركه في كلّ آن كمسّ كتابة القرآن الذي يمكن للإنسان أن يرفع يده عنها، فيكون مراد المحقّق الخراساني(رحمه الله) من تخلّل الاختيار في هذا القسم الثاني ومن كونه من قبيل الجزء الأخير للعلّة التامّة عدم خروجه عن سيطرته وسلطنته.
نعم، مع ذلك يرد عليه ما مرّ منّا في مبحث الجبر والتفويض من أنّ الإرادة ليست غير اختياريّة بل هي إراديّة واختياريّة بذاتها، ولا تحتاج في إراديتها إلى إرادة اُخرى حتّى يلزم التسلسل.
هذا مضافاً إلى ما مرّ من الحرمة في هذا القسم الأخير إذا قصد به التوصّل وكانت موصلة إلى الحرام.
بقي هنا أمران:
الأمر الأوّل: ما نسب إلى بعض من أنّ حرمة المقدّمة في الأفعال التوليديّة المحرّمة نفسية لا غيريّة من باب أنّ النهي النفسي متعلّق بها لا بذيّها لعدم كونه مقدوراً للمكلّف، «فإذا تعلّق النهي بالمسبّب في ظاهر الخطاب فهو متعلّق بذات السبب في نفس الأمر لا محالة كما أنّه إذا تعلّق بالسبب فهو يتعلّق به بما أنّه معنون بمسبّبه فإذا كان الأمر بكلّ منهما أمراً بالآخر فلا معنى للاتّصاف بالوجوب الغيري»(1).
ولكنّه غير تامّ، لأنّ ذا المقدّمة في هذه الموارد أيضاً مقدور للمكلّف، فإنّ المقدور بالواسطة مقدور، فيمكن تعلّق الأمر أو النهي به حينئذ فإذا تعلّق النهي مع ذلك بالمقدّمة كان غيريّاً.
وإن شئت قلت: ملاك المبغوضيّة والحرمة قائم بنفس المسبّب لا السبب.
الأمر الثاني: ما ذهب إليه في تهذيب الاُصول من أنّ الحرام من مقدّمة الحرام بناءً على الملازمة إنّما هو الجزء الأخير إذا كانت أجزاء العلّة مترتّبة، أو الواحد من الأجزاء إذا كانت عرضيّة، لا أن تكون جميع المقدّمات محرّمة كما تجب جميع مقدّمات الواجب، واستدلّ لذلك بمساعدة الوجدان عليه وبأنّ «الزجر عن الفعل مستلزم للزجر عمّا يخرج الفعل من العدم إلى الوجود لا عن كلّ ما هو دخيل في تحقّقه لأنّ وجود سائر المقدّمات وعدمها سواء في بقاء المبغوض على عدمه، والمبغوض هو انتقاض العدم بالوجود، وما هو سبب لذلك هو الجزء الأخير في المترتّبات، وفي غيرها يكون المجموع كذلك وعدمه بعدم جزء منه»(2).
أقول: إنّ الوجدان حاكم بأنّ المؤثّر في العدم والناقض له هو جميع المقدّمات معاً لا خصوص الأخير منها، فإنّه من قبيل مصباح كهربائي يضاء بمائة زرّ مترتّبة، فإنّ سبب الإضاءة حينئذ جميع المائة ولكلّ واحد منها دخل في الإضاءة، فتكون معاً ناقضة للعدم والظلمة لا خصوص الأخير منها، فلو كان ايقاد السراج هنا مبغوضاً للشارع المقدّس كان جميع ما هو مؤثّر في هذا الأمر أيضاً مبغوضاً له بالملازمة.
وإن شئت قلت: عدم بعض هذه الأجزاء الطوليّة أو العرضيّة وإن كان كافياً في انعدام مبغوض المولى ولكن جميعها مؤثّرة في إيجاد مبغوضه بحيث لا يكفي بعضها فيه، وحينئذ يسري البغض إليها جميعاً، وفي الحقيقة ليس العدم مطلوباً بل الوجود مبغوض.
_______________________
1. أجود التقريرات: ج1، ص219 ـ 220.
2. تهذيب الاُصول: ج1، ص225 ـ 244، طبع مهر.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|