المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28

معاملة الناس والإخوة
2-2-2018
مفهوم الاتجاه
9-8-2017
Totient Function
28-8-2020
شروط الشخصية القانونية الدولية
7-4-2016
مميزات الزراعة بدون تربة
23-10-2016
ما معنى نزول القرآن على سبعة أحرف ؟ وهل تقول به الشيعة ؟
24-1-2021


شرطية القدرة بالمعنى الاعم  
  
614   09:52 صباحاً   التاريخ: 26-8-2016
المؤلف : محمد باقر الصدر
الكتاب أو المصدر : دروس في علم الاصول
الجزء والصفحة : ح3 ص 187- 195.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /

..ان العقل يحكم بتقيد التكليف، واشتراطه بالقدرة على متعلقه لاستحالة التحريك المولوي نحو غير المقدور، ولكن هل يكفي هذا المقدار من التقييد او لابد من تعميقه.

ومن اجل الجواب على هذا السؤال نلاحظ ان المكلف اذا كان قادرا على الصلاة تكوينا، ولكنه مأمور فعلا بإنقاذ غريق تفوت بإنقاذه الصلاة للتضاد بين عمليتي الانقاذ والصلاة وعدم قدرة المكلف على الجمع بينهما، فهل يمكن ان يؤمر هذا المكلف بالصلاة والحالة هذه فيجتمع عليه تكليفان بكلا الفعلين.

والجواب بالنفي لان المكلف وان كان قادرا على الصلاة فعلا قدرة تكوينية، ولكنه غير قادر على الجمع بينها وبين انقاذ الغريق فلا يمكن ان يكلف بالجمع، ولا فرق في استحالة تكليفه بالجمع بين ان يكون ذلك بإيجاب واحد، او بإيجابين يستدعيان بمجموعهما الجمع بين الضدين، وعلى هذا فلا يمكن ان يؤمر بالصلاة من هو مكلف فعلا بالإنقاذ في هذا المثال، وان كان قادرا عليها تكوينا. وذلك يعني وجود قيد آخر للأمر بالصلاة - ولكل امر - اضافة إلى القدرة التكوينية، وهو ان لا يكون مبتلى بالأمر بالضد فعلا، فالقيد اذن مجموع امرين: القدرة التكوينية وعدم الابتلاء بالأمر بالضد.

وهذا ما نسميه بالقدرة التكوينية بالمعنى الاعم ولا اشكال في ذلك، وانما الاشكال في معنى عدم الابتلاء الذي يتعين عقلا اخذه شرطا في التكليف فهل هو بمعنى ان لا يكون مأمورا بالضد، او بمعنى ان لا يكون مشغولا بامتثال الامر بالضد، والاول يعني ان كل مكلف بأحد الضدين لا يكون مأمورا بضده سواء كان بصدد امتثال ذلك التكليف او لا. والثاني يعني سقوط الامر بالصلاة عمن كلف بالإنقاذ لكن لا بمجرد التكليف بل باشتغاله بامتثاله، فمع بنائه على العصيان وعدم الانقاذ يتوجه اليه الامر بالصلاة، وهذا ما يسمى بثبوت الامرين بالضدين على نحو الترتب

وقد ذهب صاحب الكفاية - رحمه الله - إلى الاول مدعيا استحالة الوجه الثاني لانه يستلزم في حالة كون المكلف بصدد عصيان التكليف بالإنقاذ ان يكون كلا التكليفين فعليا بالنسبة اليه.

اما التكليف بالإنقاذ فواضح لان مجرد كونه بصدد عصيانه لا يعني سقوطه، واما الامر بالصلاة فلان قيده محقق بكلا جزئيه لتوفر القدرة التكوينية، وعدم الابتلاء بالضد بالمعنى الذي يفترضه الوجه الثاني، وفعلية الامر بالضدين معا مستحيلة فلا بد اذن من الالتزام بالوجه الاول فيكون التكليف بأحد الضدين بنفس ثبوته نافيا للتكليف بالضد الآخر.

وذهب المحقق النائيني - رحمه الله - إلى الثاني وهذا هو الصحيح وتوضيحه ضمن النقاط الثلاث التالية: النقطة الاولى: ان الامرين بالضدين ليسا متضادين بلحاظ عالم المبادئ، اذ لا محذور في افتراض مصلحة ملزمة في كل منهما، وشوق اكيد لهما معا ولا بلحاظ عالم الجعل، كما هو واضح، وانما ينشأ التضاد بينهما بلحاظ التنافي، والتزاحم بينهما في عالم الامتثال، لان كلا منهما بقدر ما يحرك نحو امتثال نفسه يبعد عن امتثال الآخر.

النقطة الثانية: ان وجوب احد الضدين اذا كان مقيدا بعدم امتثال التكليف بالضد الآخر، او بالبناء على عصيانه فهو وجوب مشروط على هذا النحو، ويستحيل ان يكون هذا الوجوب المشروط منافيا في فاعليته، ومحركيته للتكليف بالضد الآخر، اذ يمتنع ان يستند اليه عدم امتثال التكليف بالضد الآخر، لان هذا العدم مقدمة وجوب بالنسبة اليه، وكل وجوب مشروط بمقدمة وجوبية لا يمكن ان يكون محركا نحوها، وداعيا اليها كما تقدم مبرهنا في الحلقة السابقة. واذا امتنع استناد عدم امتثال التكليف بالضد الآخر إلى هذا الوجوب المشروط تبرهن ان هذا الوجوب لا يصلح للمانعية والمزاحمة في عالم التحريك والامتثال.

النقطة الثالثة: ان التكليف بالضد الآخر اما ان يكون مشروطا بدوره ايضا بعدم امتثال هذا الوجوب المشروط، واما ان يكون مطلقا من هذه الناحية.

فعلى الاول يستحيل ان يكون منافيا للوجوب في مقام التحريك بنفس البيان السابق. وعلى الثاني يستحيل ذلك ايضا لان التكليف بالضد الآخر مع فرض اطلاقه وان كان يبعد عن امتثال الوجوب المشروط، ويصلح ان يستند اليه عدم وقوع الواجب بذلك الوجوب المشروط، ولكنه انما يبعد عن امتثال الوجوب المشروط بتقريب المكلف نحو امتثال نفسه الذي يساوق افناء شرط الوجوب المشروط، ونفي موضوعه، وهذا يعني انه يقتضي نفي امتثال الوجوب المشروط بنفي اصل الوجوب المشروط، واعدام شرطه لا نفيه مع حفظ الوجوب المشروط، وحفظ شرطه والوجوب المشروط انما يأبى عن نفي امتثال نفسه مع حفظ ذاته وشرطه ولا يأبى عن نفي ذلك بنفي ذاته وشرطه رأسا، اذ يستحيل ان يكون حافظا لشرطه، ومقتضيا لوجوده. وبهذا يتبرهن ان الامرين بالضدين، اذا كان احدهما على الاقل مشروطا بعدم امتثال الآخر كفى ذلك في امكان ثبوتهما معا بدون تناف بينهما.

وهكذا نعرف ان العقل يحكم بان كل وجوب مشروط - إضافة إلى القدرة التكوينية - بعدم الابتلاء بالتكليف بالضد الآخر بمعنى عدم الاشتغال بامتثاله، ولكن لا اي تكليف آخر، بل التكليف الذي لا يقل في ملاكه اهمية عن ذلك الوجوب - سواء ساواه، او كان اهم منه - واما اذا كان التكليف الآخر اقل اهمية من ناحية الملاك، فلا يكون الاشتغال بامتثاله مبررا شرعا لرفع اليد عن الوجوب الاهم، بل يكون الوجوب الاهم مطلقا من هذه الناحية، كما تفرضه اهميته.

ومن هنا نصل إلى صيغة عامة للتقييد يفرضها العقل على كل تكليف، وهي تقييده بعدم الاشتغال بامتثال واجب آخر لا يقل عنه اهمية، وعلى هذا الاساس اذا وقع التضاد بين واجبين كالصلاة وانقاذ الغريق، او الصلاة وازالة النجاسة عن المسجد، فالتعرف على ان ايهما وجوبه مطلق، وايهما وجوبه مقيد بعدم الاشتغال بالآخر، يرتبط بمعرفة النسبة بين الملاكين فان كانا متساويين كان الاشتغال بكل منهما مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا في كل تكليف، وهذا يعني ان كلا من الوجوبين مشروط بعدم امتثال الآخر ويسمى بالترتب من الجانبين، وان كان احد الملاكين اهم كان الاشتغال بالاهم مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا في وجوب المهم، ولكن الاشتغال بالمهم لا يكون مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا في وجوب الاهم وينتج هذا ان الامر بالاهم مطلق، والامر بالمهم مقيد، وان المكلف لابد له من الاشتغال بالاهم لكي لا يبتلى بمعصية شئ من الامرين، ولو اشتغل بالمهم لابتلي بمعصية الامر بالاهم.

ويترتب على ما ذكرناه من كون القدرة التكوينية بالمعنى الاعم شرطا عاما في التكليف بحكم العقل عدة ثمرات مهمة: منها: انه كلما وقع التضاد بين واجبين بسبب عجز المكلف عن الجمع بينهما كالصلاة والازالة - وتسمى بحالات التزاحم - فلا ينشأ من ذلك تعارض بين دليلي وجوب الصلاة، ووجوب الازالة، لان الدليل مفاده جعل الحكم على موضوعه الكلي، وضمن قيوده المقدرة الوجود كما مر بنا في الحلقة السابقة، ومن جملة تلك القيود القدرة التكوينية بالمعنى الاعم المتقدم.

ولا يحصل تعارض بين الدليلين الا في حالة وجود تناف بين الجعلين وحيث لا تنافي بين جعل وجوب الصلاة المقيد بالقدرة التكوينية بالمعنى الاعم، وجعل وجوب الازالة المقيد كذلك فلا تعارض بين الدليلين.

فان قيل: كيف لا يوجد تعارض بين دليلي صل، وازل، مع ان الاول يقتضى بأطلاقه ايجاب الصلاة سواء ازال او لا، والثاني يقتضي بأطلاقه ايجاب الازالة سواء صلى او لا، ونتيجة ذلك ان يكون الجمع بين الضدين مطلوبا. كان الجواب على ذلك ان كلا من الدليلين لا اطلاق فيه بحد ذاته لحالة الاشتغال بضد لا يقل عنه اهمية لانه مقيد عقلا بعدم ذلك كما تقدم، فان كان الواجبان المتزاحمان متساويين في الاهمية فلا اطلاق في كل منهما لحالة الاشتغال بالآخر، وان كان احدهما اهم فلا اطلاق في غير الاهم لذلك وعلى كل حال فلا يوجد اطلاقان كما ذكر ليقع التعارض بينهما، وهذا ما يقال من ان باب التزاحم مغاير لباب التعارض، ولا يدخل ضمنه، ولا تطبق عليه قواعده.

وكما يكون التزاحم بين واجبين يعجز المكلف عن الجمع بينهما، كذلك يكون بين واجب، وحرام يعجز المكلف عن الجمع بين ايجاد الواجب منهما، وترك الحرام، كما اذا ضاقت قدرة المكلف في مورد ما عن اتيان الواجب، وترك الحرام معا. ومنها: ان القانون الذي تعالج به حالات التزاحم هو تقديم الاهم ملاكا على غيره، لان الاشتغال بالاهم ينفي موضوع المهم دون العكس، هذا اذا كان هناك اهم.

واما مع التساوي فالمكلف مخير عقلا لان الاشتغال بكل واحد من المتزاحمين ينفي موضوع الآخر، واذا ترك المكلف الواجبين المتزاحمين معا، استحق عقابين لفعلية كلا الوجوبين في هذه الحالة.

ومنها: ان تقديم احد الواجبين في حالات التزاحم بقانون الاهمية لا يعني سقوط الواجب الآخر راسا، كما هي الحالة في تقديم احد المتعارضين على الآخر، بل يبقى الآخر واجبا وجوبا منوطا بعدم الاشتغال بالاهم، وهذا ما يسمى بالوجوب الترتبي.

ولا يحتاج اثبات هذا الوجوب الترتبي إلى دليل خاص، بل يكفيه نفس الدليل العام لان مفاده - كما عرفنا - وجوب متعلقه مشروطا بعدم الاشتغال بواجب لا يقل عنه اهمية. والوجوب الترتبي هو تعبير آخر عن ذلك بعد افتراض اهمية المزاحم الآخر. ومن نتائج هذه الثمرة ان الصلاة اذا زاحمت انقاذ الغريق الواجب الاهم. واشتغل المكلف بالصلاة بدلا عن الانقاذ صحت صلاته على ما تقدم لأنها مأمور بها بالأمر الترتبي وهو امر محقق فعلا في حق من لا يمارس فعلا امتثال الاهم.

واما اذا اخذنا بوجهة نظر صاحب الكفاية - رحمه الله - القائل بان الامرين بالضدين لا يجتمعان ولو على وجه الترتب فمن الصعب تصحيح الصلاة المذكورة لان صحتها فرع ثبوت امر بها، ولا امر بها ولو على وجه الترتب بناء على وجهة النظر المذكورة.

فان قيل: " يكفي في صحتها وفاء ها بالملاك وان لم يكن هناك امر ".

كان الجواب: " ان الكاشف عن الملاك هو الامر، فحيث امر لا دليل على وجود الملاك ".

ما هو الضد؟

عرفنا ان الامر بشيء مقيد عقلا بعد الاشتغال بضده الذي لا يقل عنه اهمية، وانتهينا من ذلك إلى ان وقوع التضاد بين واجبين بسبب عجز المكلف عن الجمع بينهما لا يؤدي إلى التعارض بين دليليهما. والآن نتسأل ماذا نريد بهذا التضاد. والجواب اننا نريد بذلك حالات عدم امكان الاجتماع الناشئة من

ضيق قدرة المكلف، ولكن لا ينطبق هذا على كل ضد فهو: اولا لا ينطبق على الضد العام، اي النقيض، وذلك لان الامر بأحد النقيضين يستحيل ان يكون مقيدا بعدم الاشتغال بنقيضه لان فرض عدم الاشتغال بالنقيض يساوق ثبوت نقيضه ويكون الامر به حينئذ تحصيلا للحاصل، وهو محال.

ومن هنا نعرف ان النقيضين لا يعقل جعل امر بكل منهما لا مطلقا، ولا مقيدا بعدم الاشتغال بالآخر. اما الاول فلانه تكليف بالجمع بين نقيضين. واما الثاني فلانه تحصيل للحاصل، وهذا يعني انه اذا دل دليل على وجوب فعل، ودل دليل آخر على وجوب او حرمة فعله كان الدليلان متعارضين لان التنافي بين الجعلين ذاتيهما.

وثانيا لا ينطبق على الضد الخاص في حالة الضدين اللذين لا ثالث لهما لنفس السبب السابق، حيث ان عدم الاشتغال بأحدهما يساوق وجود الآخر حينئذ، والحال هنا كالحال في النقيضين. وعلى هذا فعجز المكلف عن الجمع بين واجبين انما يحقق التزاحم لا التعارض فيما اذا لم يكونا من قبيل النقيضين، او الضدين اللذين لا ثالث لهما، والا دخلت المسألة في باب التعارض.

ويمكننا ان نستنتج من ذلك ان ثبوت التزاحم، وانتفاء التعارض مرهون بإمكان الترتب الذي يعني كون كل من الامرين مشروطا بعدم الاشتغال بمتعلق الآخر. فكلما امكن ذلك صح التزاحم، وكلما امتنع الترتب كما في الحالتين المشار اليهما، وقع التعارض.

اطلاق الواجب لحالة المزاحمة:

قد تكون المزاحمة قائمة بين متعلقي امرين على نحو يدور الامر بين امتثال هذا، او ذاك، كما اذا كان وقت الصلاة ضيقا وابتلي المكلف بنجاسة في المسجد تفوت مع ازالتها الصلاة رأسا، وقد لا تكون هناك مزاحمة على هذا النحو، وانما تكون بين احد الواجبين وحصة معينة من حصص الواجب الآخر.

ومثاله: ان يكون وقت الصلاة موسعا، وتكون الازالة مزاحمة للصلاة في اول الوقت، وبإمكان المكلف ان يزيل ثم يصلي ونحن كنا نتكلم عن الحالة الاولى من المزاحمة.

واما الحالة الثانية فقد يقال انه لا مزاحمة بين الامرين لإمكان امتثالهما معا، فان الامر بالصلاة متعلق بالجامع بين الحصة المزاحمة وغيرها، والمكلف قادر على ايجاد الجامع مع الازالة، فلا تضاد بين الواجبين، وهذا يعني ان كلا من الامرين يلائم الآخر فاذا ترك المكلف الازالة، وصلى كان قد اتى بفرد من الواجب المأمور به فعلا.

وقد يقال: ان المزاحمة واقعة بين الامر بالإزالة، واطلاق الامر بالصلاة للحصة المزاحمة فلا يمكن ان يتلاءم الامر بالإزالة مع هذا الاطلاق في وقت واحد.

والصحيح ان يقال: ان لهذه المسألة ارتباطا بمسألة متقدمة وهي انه هل يمكن التكليف بالجامع. بين المقدور، وغير المقدور، فان اخذنا في تلك المسألة بوجهة نظر المحقق النائيني القائل بامتناع ذلك، واخذنا القدرة التكوينية بالمعنى الاعم المشتمل على عدم الاشتغال بامتثال واجب مزاحم لا يقل عنه اهمية كان معنى ذلك ان التكليف بالجامع بين الحصة المبتلاة بمزاحم وغيرها تمنع ايضا فيقوم التزاحم بين الامر بالجامع، بالإزالة والامر وحينئذ يطبق قانون باب التزاحم وهو التقديم بالأهمية. ولا شك في ان الامر بالإزالة اهم لان استيفاء ه ينحصر بذلك الزمان، بينما اسيتفاء الامر بالجامع يتأتى بحصة اخرى، وهذا يعني وفقا لما تقدم ان الامر بالجامع يكون منوطا بعدم الابتلاء بالإزالة الواجبة.

فان فسرنا عدم الابتلاء بعدم الامر، كما عليه صاحب الكفاية، كان معنى ذلك ان الحصة المزاحمة من الصلاة لا امر بها، فلا تقع صحيحة اذا آثرها المكلف على الازالة. وان فسرنا عدم الابتلاء بعدم الاشتغال بامتثال المزاحم، كما عليه النائيني كان معنى ذلك ان الامر بالجامع ثابت على وجه الترتب فلو اتى المكلف بالحصة المزاحمة من الصلاة وقعت منه صحيحة.

التقييد بعدم المانع الشرعي :

قلنا ان القانون المتبع في حالات التزاحم هو قانون ترجيح الاهم ملاكا، ولكن هذا فيما اذا لم يفرض تقييد زائد على ما استقل به العقل من اشتراط، فقد عرفنا ان العقل يستقل باشتراط مفاد كل من الدليلين بالقدرة التكوينية بالمعنى الاعم فاذا فرضنا ان مفاد احدهما كان مشروطا من قبل الشارع، اضافة إلى ذلك بعدم المانع الشرعي، اي بعدم وجود حكم على الخلاف دون الدليل الآخر قدم الآخر عليه، ولم ينظر إلى الاهمية في الملاك ومثاله وجوب الوفاء بالشرط اذا تزاحم مع وجوب الحج، كما اذا اشترط على الشخص ان يزور الحسين (عليه السلام) في عرفة كل سنة، واستطاع بعد ذلك فان وجوب الوفاء بالشرط مقيد في دليله بان لا يكون هناك حكم على خلافه بلسان (ان شرط الله قبل شرطكم).

واما دليل وجوب الحج فلم يقيد بذلك فيقدم وجوب الحج، ولا ينظر إلى الاهمية، اما الاول فلانه ينفي بنفسه موضوع الوجوب الآخر لان وجوب الحج ذاته - وبقطع النظر عن امتثاله - مانع شرعي عن الاتيان بمتعلق الآخر فهو حكم على الخلاف، والمفروض اشتراط وجوب الوفاء بعدم ذلك فلا موضوع لوجوب الوفاء مع فعلية وجوب الحج. واما الثاني فلان اهمية احد الوجوبين ملاكا، انما تؤثر في التقديم في حالة وجود هذا الملاك الاهم، فاذا كان مفاد احد الدليلين مشروطا بعدم المانع الشرعي دل ذلك على ان مفاده حكما وملاكا، لا يثبت مع وجود المانع الشرعي. وحيث ان مفاد الآخر مانع شرعي فلا فعلية للأول حكما ولا ملاكا مع فعلية مفاد الآخر. وفي هذه الحالة لا معنى لأخذ اهمية ملاك الاول بعين الاعتبار. وقد يطلق على الحكم المقيد بالتقييد الزائد المفروض انه مشروط

بالقدرة الشرعية، ويطلق على ما لا يكون مقيدا بأزيد مما يستقل به العقل بانه مشروط بالقدرة العقلية.

وعلى هذا الاساس يقال انه في حالات التزاحم يقدم المشروط بالقدرة العقلية، على المشروط بالقدرة الشرعية، فان كانا معا مشروطين بالقدرة العقلية جرى قانون الترجيح بالأهمية. غير ان نفس مصطلح المشروط بالقدرة الشرعية وما يقابله قد يطلق على معنى آخر مر بنا في الحلقة السابقة فلاحظ، ولا تشتبه.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.