المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8186 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



تنبيهات منجزية العلم الاجمالي (حكم ملاقي بعض اطراف الشبهة المحصورة)  
  
671   01:00 مساءاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج3. ص.354
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-9-2016 584
التاريخ: 10-8-2016 679
التاريخ: 2-9-2016 715
التاريخ: 10-8-2016 2088

هل الملاقي لاحد اطراف العلم الاجمالي بالنجاسة في الشبهة المحصورة محكوم بحكم الملاقي في وجوب الاجتناب عنه واجراء احكامه عليه ؟

فيه خلاف " وتحقيق " القول في المقام يستدعي تقديم امور:

( الاول ) انه غير خفي في ان مركز هذا البحث انما هو فيما إذا لم يكن هناك ملاقي آخر لبقية الاطراف الاخر، والا فيخرج عن مفروض البحث بلا كلام، إذ لا شبهة حينئذ في وجوب الاجتناب عن كلا المتلاقيين للعلم الاجمالي بنجاسة احدهما " كما " انه لابد ايضا من فرض الكلام فيما إذا لم يكن في البين ما يقتضي نجاسة كلا المشتبهين أو احدهما المعين كالاستصحاب ونحوه، والا فيخرج ايضا عن موضوع البحث، فان في فرض قيام الاستصحاب على نجاسة الطرفين أو خصوص الملاقي لا اشكال في كونه اي الملاقي محكوما بالنجاسة ووجوب الاجتناب لأنها من الاثار الشرعية لنجاسة الملاقي بالفتح فكان التعبد بنجاسته تعبدا بنجاسة ملاقيه ايضا كما ان في فرض قيامه على نجاسة طرف الملاقي لا اشكال ايضا في عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي فضلا عن ملاقيه لانحلال العلم الاجمالي بالنجاسة حينئذ بالعلم بالتكليف في خصوص الطرف وصيرورة الشك بدويا في الملاقي.

(الامر الثاني) لا اشكال نصا وفتوى بل وضرورة في نجاسة ملاقي النجس ووجوب الاجتناب عنه " وانما الكلام " في وجه نجاسته، وغاية ما قيل أو يمكن ان يقال في ذلك امور:

" احدها " ان تكون نجاسته لمحض التعبد الشرعي بان يكون الملاقي للنجس موضوعا مستقلا حكم الشارع بنجاسته ووجوب الاجتناب عنه في قبال جعل النجاسة للملاقي بالفتح نظير نجاسة الكلب في قبال نجاسة الخنزير، غاية الامر كان هذا الحكم في ظرف ملاقاته للتنجيس بحيث يكون مثل هذه الجهة مأخوذا في موضوعه على نحو الشرطية من دون ان تكون نجاسته من جهة السراية من الملاقي بأحد الوجهين الآتيين

" ثانيها " ان تكون من جهة السراية بمعنى الاكتساب بان تكون نجاسة الملاقي ناشئة عن نجاسة الملاقي بالفتح ومسببة عنها وفي طولها نظير نشو حركة المفتاح من حركة اليد فكان الملاقات سببا لهذا النشو لا انها حكم مجعول مستقل في عرض الحكم بنجاسة الملاقى - بالفتح -، ولا كونها انبساطا للنجاسة الثابتة للملاقي .

" ثالثها " ان تكون نجاسته لأجل السراية بمعنى الانبساط بان يكون الملاقاة منشأ لاتساع دائرة نجاسة الملاقى وانبساطها إلى الملاقى كاتساعها في صورة اتصال الماء المتنجس بغيره وامتزاجه به فكانت نجاسة الملاقي حينئذ من مراتب نجاسة الملاقى بل بوجه عينها، لا انها فرد آخر من النجاسة في قبال نجاسة الملاقى كما في الصورة الاولى، ولا مسببا عن نجاسته بحيث تكون في طول نجاسته وفى رتبة متأخرة عنها (هذه) وجوه ثلاثة متصورة في وجه نجاسة الملاقي للنجس (وبتأتي) مثلها ايضا بالنسبة إلى ملكية المنفعة والنماءات المتصلة والمنفصلة، فان ملكية النماء والمنفعة (تارة) تعتبر ملكية مستقلة تعبدية في عرض ملكية العين بان كان تبعيتهما للعين بحسب الوجود محضا لا بحسب الملكية (وأخرى) تعتبر كونها ناشئة عن ملكية العين بحيث أخذ ملكية العين علة لملك النماء والمنفعة (وثالثة) تعتبر ملكيتهما من مراتب ملكية العين ومقام انبساطها بما يشمل النماء والمنفعة (فعلى الوجه) الاخير لا شبهة في انه مع العلم الاجمالي بنجاسة احد الشيئين أو غصبيته يجب الاجتناب عن الملاقي لاحد طرفي العلم وعماله من التوابع المتصلة والمنفصلة لوقوع الملاقي والنماء بمقتضى الانبساط المزبور طرفا للعلم الاجمال بالتكليف في عرض طرفية الملاقى والعين المثمرة الموجب لرجوع العلم الاجمالي إلى العلم بتكليف واحد في طرف أو تكليفين في طرف آخر، بخلافه على الوجهين الاوليين، فانه لا يجب الاجتناب فيهما عن الملاقي للشك في ملاقاته للنجس المعلوم في البين وعدم احراز صغرى الخطاب بالاجتناب عن ملاقي النجس ولو اجمالا هذا (ولكن الوجه الاخير) منها وكذا الوجه الاول، غاية البعد، فانه مما لا يساعد عليه كلمات الاصحاب من التعبير بمثل ينجسه أو لا ينجسه ويفعل ونحوه، فان الظاهر من نحو هذه التعبيرات هو كون نجاسة الملاقي من جهة السراية بمعنى السببية لا الانبساط ولا من جهة التعبد، وكذا ما في متفرقات النصوص من التعبير بنحو ما ذكر كقولهم (عليه السلام) (الماء إذا بلغ قدر كر لا ينجسه شيء) الظاهر في سببية نجاسة الشيء لنجاسة الماء عند عدم بلوغه كرا (بل كلماتهم) مشحونة بالسراية بمعنى السببية كما يشهد له بنائهم على ملاحظة السببية والمسببية بينهما والتزامهم بعدم معارضة اصالة الطهارة في الملاقي مع استصحاب النجاسة في الملاقى - بالفتح - (والا فعلى) السراية بمعنى الانبساط والاتساع لا مجال لهذا الكلام فان نجاسة الملاقى حينئذ انما تكون في عرض نجاسة الملاقى لكونها مرتبة سعة نجاسته وبعد عدم اقتضاء التعبد بنجاسة الملاقى لأثبات السراية التي هي من اللوازم العادية الواقعية تجري اصالة الطهارة في الملاقي فتعارض مع استصحاب النجاسة في الملاقى مع انهم لا يلتزمون بذلك، كل ذلك مضافا إلى قضاء الارتكاز العرفي في التنجيسات العرفية وقذاراتهم، فان مقتضى الارتكاز العرفي هو كون نجاسة الملاقي من شئون نجاسة الملاقى - بالفتح - وجائية من قبل ما لاقاه، لا انها مرتبة سعة نجاسة الملاقى كطول الخط بالنسبة إلى ذاته، ولا انها نجاسة مستقلة تعبدية في قبال نجاسة الملاقى، ولذا ترى اباء، ارتكازهم عن سراية النجاسة إلى الماء العالي الوارد (وحينئذ) فالمتعين من مجموع الكلمات والنصوص بضميمة الارتكاز العرفي هو الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة المتقدمة لا الوجه الاول ولا الوجه الثالث فانهما مما لا شاهد عليه لا من الاخبار ولا من الكلمات، بل كان الشاهد فيهما على خلافهما.

(الامر الثالث) لا اشكال في ان كل طريق معتبر إذا قام على عنوان ذي أثر يوجب بقيامه عليه بحكم العقل ترتيب كل ما لذلك العنوان من الاثار التكليفية والوضعية عليه من غير فرق بين كون الطريق هو العلم الوجداني أو غيره ومن غير فرق بين كونه تفصيليا أو اجماليا، فمع العلم الاجمالي بعنوان ذي أثر كالعلم بخمرية أحد المايعين يترتب على عنوان المعلوم جميع ما له من الاثار التكليفية والوضعية كحرمة شربه ونجاسة ملاقيه وفساد بيعه ووجوب الحد على شربه، ولكن ترتب الاثار المزبورة انما يكون على نفس عنوان المعلوم بالإجمال لا على كل واحد من المشتبهين (فان) نتيجة منجزية العلم الاجمالي للتكليف بالجامع لا تكون الا وجوب الاجتناب عقلا عن كل واحد من المشتبهين من باب المقدمة العلمية ومناط الفرار عن الضرر المحتمل لعدم الامن عن كون ما ارتكبه هو الحرام المنجز في البين وهذا المقدار لا يقتضي اشتراكهما مع المعلوم بالإجمال في جميع الاثار، فلو فرض حينئذ انه لم يرتكب الا احد الطرفين بشرب أو بيع ونحو ذلك لا يترتب عليه الاثار الشرعية المترتبة على المعلوم بالإجمال من الحرمة والنجاسة وفساد البيع (كيف) وان ثبوت تلك الاثار بحسب الجعل الاولي انما كان للعناوين الواقعية ولابد في ترتيبها على موضوع من احراز انطباق عناوينها عليه كي به يحرز صغرى الخطاب فيترتب عليه الاثار المزبورة، ومع الشك الوجداني في انطباق المعلوم بالإجمال على كل واحد من الطرفين لا مجال لترتب الاثار الشرعية المترتبة على المعلوم بالإجمال عليهما، بل لابد في كل منهما من الرجوع إلى الاصول الجارية فيه بالخصوص فيرجع في المثال المزبور بالنسبة إلى كل أثر إلى الاصل الجاري فيه من اصالة عدم موجب الحد بشربه، واصالة عدم نجاسة ملاقيه، واصالة عدم فسقه بارتكابه بناء على عدم كون التجري موجبا للفسق ويرجع في البيع الواقع عليه خارجا إلى اصالة الفساد بناء على علية العلم الاجمالي للموافقة القطعية ومنعه عن جريان الاصل النافي في بعض الاطراف ولو بلا معارض (نعم) على القول بالاقتضاء يكون المرجع فيه هي اصالة الصحة لو لم يكن هناك اصل حاكم عليها كأصالة عدم السلطنة واصالة عدم الملكية من جهة خلوها حينئذ عن معارضة جريانها في الطرف الاخر لفرض عدم وقوع البيع الا على احدهما (وتوهم) معارضتها بأصالة عدم السلطنة على بيع الاخر كما عن بعض، بدعوى ان الصحة والفساد عبارة اخرى عن السلطنة وعدمها غير انه قبل البيع يعبر عنهما بالسلطنة على البيع وعدم السلطنة عليه وبعد البيع يعبر بالصحة والفساد فمع معارضة اصالة السلطنة وسقوطها بمقتضى العلم الاجمالي من الطرفين لا يبقى مجال الحكم بالصحة فيه (مدفوع) بمنع رجوع الفساد إلى السلطنة المسلوبة بل انما هو مسيب عنها، فانه كما ان القدرة وهى السلطنة على البيع تكون متقدمة على البيع لكونها سبب ايجاده، كذلك في طرف النقيض يكون عدم السلطنة مقدما رتبة على عدم البيع، ومعه كيف يمكن دعوى عينية كل من الصحة والفساد مع السلطنة ونقيضها (وعليه) لا محيص من اعتبار الصحة والفساد في ظرف وقوع البيع خارجا كما اعترف به القائل المزبور في العلم الاجمالي بين أمرين تدريجيين، ولازمه خصوصا على ما اختاره من عدم جريان الاصول التنزيلية مطلقا في اطراف العلم هو الرجوع إلى اصالة الصحة التي لا يكون مجراها الا بعد البيع أو مقارنه (نعم) على المختار من جريان الاصول التنزيلية في اطراف العلم في صورة عدم استلزام جريانها للمخالفة العملية للمعلوم بالإجمال لا بأس بالحكم بالفساد بمقتضى اصالة عدم السلطنة أو اصالة عدم ملزومها وهى الملكية لو فرض جريانها ولو على القول بالاقتضاء (الامر الرابع) لا يخفى انه عند العلم بنجاسة احد الشيئين وملاقات ثالث لاحدهما كما يكون العلم الاجمالي بالنجاسة حاصلا بين الشيئين نفسهما، كذلك يكون حاصلا بين الثالث الملاقي لاحدهما وبين طرف الملاقى، بل العلم الاجمالي حاصل ايضا بين المتلاقيين أو الطرف (الا) ان العلم بنجاسة الملاقي - بالكسر - قد يكون ناشئا عن العلم بنجاسة الملاقى - بالفتح -ومسببا عنه كما لو علم بالملاقات بعد العلم بنجاسة احد الشيئين، وقد يكون سببا للعلم بنجاسة الملاقى بالفتح كما لو علم من الاول بنجاسة الملاقي - بالكسر - أو الطرف ثم علم بانه على تقدير كون النجس المعلوم هو الملاقي لا يكون السبب في نجاسته الا جهة ملاقاته للملاقى - بالفتح - حيث أنه من قبل هذا العلم الاجمالي يحدث علم اجمالي آخر بنجاسة الملاقى بالفتح أو الطرف بحيث كان العلم بنجاسته في طول العلم بنجاسة الملاقي وفى رتبة متأخرة عنه وان كان المعلوم بهذا العلم المتأخر ثبوتا في رتبة سابقه عن المعلوم بالعلم السابق، وثالثة يكون العلمان ناشئين عن وجود ثالث بلا سبق رتبي لاحدهما على الاخر كما لو علم بنجاسة المتلاقيين من الاول لا من جهة الملاقاة بل بأمر آخر مفيد للعلم، ثم علم بانحصار منشأ نجاسة الملاقي بملاقاته مع الملاقى - بالفتح -. (إذا عرفت هذه الامور فاعلم) انه بناء على المختار في وجه نجاسة الملاقي - بالكسر - من كونه لأجل السراية بمعنى السببية الموجب لكون نجاسة الملاقي في طول نجاسة الملاقي وناشئة عن نجاسته، فعلى القول باقتضاء العلم الاجمالي للموافقة القطعية لا اشكال في ان لازمه هو الاقتصار في وجوب الاجتناب على خصوص الملاقى - بالفتح - والطرف نظرا إلى جريان اصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - بل معارض، من غير فرق في ذلك بين طولية العلمين أو عرضيتهما (فان) المانع عن جريان الاصل على هذا المسلك انما هو ابتلائه بالمعارضة بجريانه في الطرف الاخر، وبعد مسببية الشك في نجاسة الملاقي والتكليف بالاجتناب عنه عن الشك في نجاسة الملاقى - بالفتح - وسقوط الاصل الجاري في الطرف بمعارضته مع الاصل الجاري في السبب وهو الملاقى في المرتبة السابقة يبقى الاصل الجاري في الملاقي - بالكسر - في ظرف جريانه بلا معارض (وبذلك) يظهر أنه على هذا المسلك لا يحتاج في الحكم بطهارة الملاقى إلى التشبث بالانحلال ولحاظ طولية العلمين، فانه في فرض عدم الانحلال ايضا تجري فيه أصالة الطهارة لخلوها عن معارضة جريانها في الطرف الاخر، بل الحكم كذلك حتى في فرض خروج الملاقى - بالفتح - عن الابتلاء بتلف ونحوه قبل العلم الاجمالي، لما يأتي من ان مجرد خروجه عن الابتلاء قبل العلم لا يوجب سقوط الاصل الجاري فيه بعد فرض الابتلاء بأثره الذي هو نجاسة ملاقيه، فان لازمه هو معارضة الاصل الجاري فيه بملاحظة هذا الاثر مع الاصل الجاري في الطرف الاخر في المرتبة السابقة فيبقى الاصل في الملاقي في مرتبة جريانه سليما عن المعارض .

(واما على القول بعلية العلم الاجمالي) للموافقة القطعية ومنعه عن جريان الاصل النافي ولو في بعض الاطراف كما هو التحقيق، فحيث ان الملاقي بنفسه يكون طرفا للعلم الاجمالي بالنجاسة بينه وبين الطرف كالملاقي - بالفتح - لا انه من قبيل ضم مشكوك بمعلوم بشهادة وجود العلم الاجمالي بينه وبين الطرف حتى مع فرض تلف الملاقى - بالفتح -، كان اللازم هو التفصيل في منجزية هذا العلم بين الشقوق المتصورة سابقا في العلمين من حيث الطولية والعرضية (وعليه) نقول انه إذا كان العلم بنجاسة الملاقي أو الطرف ناشئا عن العلم بنجاسة الملاقى أو الطرف، فلا شبهة في اختصاص التأثير بالعلم الاجمالي السابق بنجاسة الملاقى - بالفتح - أو الطرف وانه لا أثر معه للعلم الاجمالي المتأخر رتبة من جهة تنجز التكليف بالاجتناب عن الطرف في المرتبة السابقة بالعلم الاجمالي السابق رتبة، فانه يعتبر في منجزية العلم الاجمالي ان لا يكون مسبوقا بمنجز آخر موجب لتنجز احد طرفيه والا فيخرج عن صلاحية المنجزية ومعه يرجع الشك في نجاسة الملاقي - بالكسر - ووجوب الاجتناب عنه إلى الشك البدوي فتجرى فيه اصالة الطهارة (واما إذا كان) الامر بعكس هذه الصورة بان كان العلم بنجاسة الملاقى - بالفتح - ناشئا عن العلم بنجاسة الملاقي - بالكسر - أو الطرف ومسببا عنه، فاللازم حينئذ هو الاجتناب عن خصوص الملاقي والمشتبه الاخر دون الملاقى - بالفتح - لان العلم بنجاسة الملاقي أو الطرف بسبقه رتبة يؤثر في وجوب الاجتناب عن الملاقي والطرف وبعده لا يبقى مجال لتأثير العلم المتأخر رتبة بنجاسة الملاقى - بالفتح - أو الطرف في التنجيز كي يقتضي وجوب الاجتناب عن الملاقى فضلا عن اقتضائه لانحلال العلم السابق رتبة بين الملاقي والطرف (لا يقال) ان العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي - بالكسر - أو الطرف وان كان سابقا رتبة على العلم بنجاسة الملاقى بالفتح ولكن المعلوم بالإجمال في العلم اللاحق لما كان مقدما بحسب الرتبة على المعلوم بالإجمال في العلم السابق اوجب ذلك انحلال العلم الاجمالي السابق بالعلم الاجمالي اللاحق بنجاسة الملاقى بالفتح والطرف، لان المدار في تأثير العلم في التنجز انما هو على سبق المعلوم والمنكشف لا على سبق العلم والكاشف، فإذا كان التكليف بالملاقى سابقا في الرتبة على التكليف بالملاقي بالكسر لكون التكليف به جائيا من قبل التكليف بالملاقى، فلا محالة في جميع فروض العلم الاجمالي يكون سبق التكليف المعلوم بين الملاقى بالفتح والطرف على التكليف المعلوم بين الملاقي والطرف موجبا لسبق تنجزه ايضا وان كان تعلق العلم به في طول العلم بالتكليف بالملاقي بالكسر وناشئا من قبله، ولازمه سقوط العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي والطرف عن التأثير في جمع فروض المسألة لانقلابه من حين حدوث العلم بالتكليف بين الملاقى والطرف عن صلاحية المؤثرية في تنجيز متعلقه، فترجع الشبهة بالنسبة إلى الملاقي بالكسر بدوية تجري فيه اصالة الطهارة بلا معارض (فانه يقال) ان هذه شبهة اوردها بعض الاعلام (قدس سره) على المحقق الخراساني (قدس سره) بما افاده من التفصيل بين فروض المسألة في وجوب الاجتناب عن الملاقي تارة، والملاقى اخرى، وثالثة عنهما بما يرجع حاصله إلى ما ذكر (ولكنه) من غرائب الكلام، إذ بعد الجزم بان التنجز من لوازم العلم بالتكليف وحيث انكشافه لا من لوازم نفس المعلوم والمنكشف بما هو، والجزم بان التكليف في اي مرتبة وزمان لا يمكن تنجزه الا في ظرف العلم به لاستحالة تأثير العلم من حين وجوده في تنجز معلومه في المرتبة السابقة عن تحقق نفسه كما هو الشأن في كل علة بالنسبة إلى معلومه نقول) انه لا مجال لتوهم انحلال العلم السابق بالتكليف بين الملاقي والطرف بالعلم اللاحق بالتكليف بين الملاقى والطرف بمحض سبق معلومه رتبة على المعلوم بالعلم السابق، لا بفرض امكان تأثير العلم اللاحق في التنجيز السابق على وجوده أو فرض كون التنجيز من لوازم نفس التكليف الواقعي لا من لوازم وصوله وانكشافه، وبعد بطلان الفرضين لا محيص في الفرض المزبور من تخصيص التنجيز بالعلم بالملاقي بالكسر، لانه بسبقه رتبة على العلم بالملاقى يؤثر في التنجيز وبتأثيره لا يبقى مجال لتأثير العلم اللاحق في تنجيز التكليف السابق ولو في ظرف وجوده، ولا يجديه مجرد سبق معلومه بعد تأخر علمه عن علمه الموجب لقيامه على ما تنجز احد طرفية بمنجز سابق عليه رتبة (وما قيل) من ان التنجز وان كان من لوازم العلم بالتكليف وحيث انكشافه، ولكنه بعد ان كان العلم من لوازم المعلوم وتوابعه كان سبق السبب على المسبب موجبا لسبق علمه على العلم بمسببه ايضا على معنى اقتضائه لتقدم الانكشاف القائم بالسبب على الانكشاف القائم بالمسبب وبهذه الجهة يكون تنجزه ايضا سابقا على العلم بالمسبب (مدفوع) غاية الدفع بانه مع فرض تأخر العلم بالسبب في مرتبة تحققه عن العلم بالمسبب كيف يتصور اقتضاء تقدم السبب لتقدم علمه على العلم بالمسبب (واما دعوى) اباء الذوق المستقيم عن وجوب الاجتناب عن الملاقي دون الملاقي مع كون التكليف به جائيا من التكليف بالملاقي (مدفوع) ايضا بان مجرد تبعية احد المحكمين للأخر ثبوتا لا يقتضي التبعية في مقام التنجز ايضا (كيف) وان كل تكليف لابد في تنجزه من قيام الطريق إليه بخصوصه ولا يكفي مجرد العلم بأحد الحكمين في تنجز الحكم الاخر بلا كونه بنفسه طرفا لعلم اجمالي منجز، فإذا كان العلم الاجمالي بين الملاقي والطرف منجزا للتكليف في الملاقي بالكسر دون الملاقى بالفتح لسقوط علمه عن قابلية المؤثرية لأجل تأثير العلم السابق، فأي ذوق يستوحش من التفكيك بينهما في مرحلة التنجز (مع ان القائل المزبور على مختاره من القول بالاقتضاء لا يحتاج في الحكم بطهارة الملاقي بالكسر إلى اتعاب النفس لأسقاط العلم بالمسبب عن التأثير، فانه على مبناه من جعل منشأ سقوط الاصول في اطراف العلم هي المعارضة يجرى الاصل المسببي في الملاقي بالكسر بلا معاوض لسقوط اصالة الطهارة الجارية في طرفه في المرتبة السابقة بمعارضتها مع اصالة الطهارة الجارية في السبب وهو الملاقى (نعم) بناء على علية العلم الاجمالي ومنعه عن جريان الاصل ولو في طرف واحد يحتاج الحكم بطهارة الملاقي إلى دعوى انحلال علمه بالعلم المتأخر بالتكليف بين الملاقى بالفتح والطرف (ولكنك) عرفت انه لا سبيل إلى دعواه، وانه لابد بمقتضى قواعد العلم الاجمالي من تخصيص التنجيز بالعلم بالتكليف بين الملاقي والطرف، لانه بسبقه رتبة على العلم بالملاقي بالفتح يؤثر في التنجيز في الرتبة السابقة فلا يبقى بعد مجال لتأثير العلم اللاحق رتبة لانه انما يتحقق في رتبة غير قابلة للتأثير فيرجع الشك بالنسبة إلى الملاقى بالفتح بدويا تجري فيه اصالة الطهارة (ثم انه بالتأمل) فيما ذكرناه يظهر الحال في الصورة الثالثة وهى صورة عرضية العلمين كما فرضنا (فانه) بعد عدم اقتضاء سبق المعلوم في احد العلمين على المعلوم بالعلم الآخر لسبق تنجزه لابد بمقتضى عرضية العلمين وتقارنهما من الاجتناب عن الملاقي والملاقى معا والطرف لتأثير كل من العلمين - ح - بوروده على غير المنجز احد طرفيه بمنجز سابق في تنجز متعلقه، وفى الحقيقة مرجع ذين العلمين إلى علم واحد بالتكليف المردد بين تكليف واحد في طرف وتكليفين في طرفين آخرين ومقتضاه هو وجوب الاجتناب عن الجميع (هذا كله) بناء على كون نجاسة الملاقي بالكسر في طول نجاسة الملاقى اما بمناط التعبد محضا أو بمناط السراية بمعنى السببية كما هو المختار (واما بناء) على عرضية نجاستهما كما هو لازم السراية بمعنى الانبساط والاتساع (فقد يقال) بكفاية مجرد العلم الاجمالي بنجاسة الملاقى والطرف في وجوب الاجتناب عن الملاقى بالكسر بلا حاجة إلى كونه بنفسه طرف للعلم الاجمالي، لانه على هذا تكون نجاسته من شئون نجاسة الملاقى بالفتح بل عين نجاسته فيكفي في وجوب الاجتناب عنه بمجرد العلم بنجاسة الملاقى والطرف (ولا يخفى) ما فيه فانه وان كان نجاسة الملاقي بناء على الانبساط مرتبة من نجاسة الملاقى بالفتح، ولكنه بعد ان كان الملاقي معروضا مستقلا للنجاسة لابد وان يكون التكليف المتولد من نجاسته ايضا تكليفا مستقلا في عرض التكليف المتولد من نجاسة الملاقي ومع تعدد تكليفهما لا محيص في تنجز كل تكليف من العلم به مستقلا فلا معنى لدعوى كفاية العلم بالتكليف بين الملاقي والطرف في تنجز التكليف بالملاقى ولو مع عدم كونه بنفسه طرف للعلم الاجمالي كما هو ظاهر وحينئذ فلا محيص في وجوب الاجتناب عن الملاقي بالكسر من فرض وقوعه بنفسه طرفا للعلم الاجمالي ليدخل بذلك في صغرى العلم الاجمالي اما بتكليف واحد في طرف أو تكليفين في طرفين آخرين (ثم انه بما ذكرنا كله) ظهر حال النماء والمنفعة بالنسبة إلى ذي النماء والعين على كل من فرضى كون ملك النماء والمنفعة في طول ملك العين بحيث اخذ ملكية العين علة لملك النماء والمنفعة أو في عرض ملك العين بحيث كان تبعيتهما للعين بحسب الوجود محضا لا بحسب الملكية ايضا، فإذا كانت الشجرة المثمرة طرفا للعلم الاجمالي بالغصب يجري في الشجرة وثمرتها جميع ما ذكرناه في الملاقى والملاقي حرفا بحرف .

(تذييل) لبعض الآجلة من المعاصرين (قدس سره) اشكال على من خصص وجوب الاجتناب بالملاقى بالفتح والطرف دون الملاقي بالكسر بتقريب ان التكليف بالملاقي وان كان جائيا من قبل التكليف بالملاقى وبذلك تكون رتبة الاصل الجاري في السبب وهو الملاقى بالفتح متقدمة على الاصل الجاري في الملاقي ولا تصل النوبة إليه مع جريان الاصل السببي، الا انه بعد سقوط اصالة الطهارة في الملاقى بمعارضتها مع اصالة الطهارة الجارية في الطرف ينتهي الامر إلى اصل مسببي آخر وهى اصالة الحلية من جهة سببية الشك في حلية كل من الملاقى والطرف عن الشك في طهارته، وحيث ان هذا الاصل في عرض اصالة الطهارة الجارية في الملاقي بالكسر فلا محالة في هذه المرتبة تسقط الاصول الثلاثة، وبعد سقوطها تصل النوبة إلى اصالة الحلية في الملاقي بالكسر لسقوط معارضها وهى اصالة الحلية في الطرف في المرتبة السابقة فيلزم الحكم حينئذ بجواز شربه مع عدم صحة الوضوء به ونحوه مما هو مشروط بطهارته، مع ان هذا التفكيك مما ل قائل به فان كل من قال بجواز شربه قال بصحة الوضوء به لأصالة طهارته (ولا يخفى عليك) انه على المختار من علية العلم الاجمالي ومانعيته عن جريان الاصل النافي ولو بلا معارض لاوقع لهذا الاشكال، فانه بتأثير العلم السابق بنجاسة الملاقى بالفتح أو الطرف لا مجال لجريان شيء من الاصول الجارية في الطرف حتى اصالة الحلية ولو على فرض خلوها عن المعارض ومعه لا تجري اصالة الحلية في الطرف كي تصلح للمعارضة مع اصالة الطهارة في الملاقي بالكسر فتجري حينئذ اصالة الطهارة في الملاقي لرجوع الشك في نجاسته إلى الشك البدري (نعم، بناء على مسلك اقتضاء العلم وحصر سقوط الاصول بالمعارضة لا مناص عن الاشكال المزبور، ولا يجديه ايضا دعوى انحلال العلم الاجمالي بين الملاقي والطرف وسقوطه عن التأثير بتأثير العلم السابق بالتكليف بين الملاقى بالفتح والطرف، لان مناط سقوط الاصول على هذا المسلك انما هي المعارضة، فمع تحقق المعارضة بين اصالة الطهارة في الملاقي واصالة الحلية في الملاقى والطرف لا محيص من جريان اصالة الحلية في الملاقي فيتوجه شبهة التفكيك المزبور(فرعان) :

الاول لو فقد الملاقى بالفتح فان كان ذلك بعد العلم الاجمالي بنجاسته أو المشتبه الآخر فلا اثر لفقده بالنسبة إلى ملاقيه (واما لو كان) ذلك قبل العلم الاجمالي كما إذا حصل الملاقاة وفقد الملاقى بالفتح ثم حصل العلم الاجمالي اما بنجاسة المفقود أو المشتبه الاخر، فعلى مسلك علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية لا اشكال في وجوب الاجتناب عن ملاقيه للعلم الاجمالي بالتكليف بينه والطرف وعدم ما يوجب منعه عن التأثير من اصل أو قاعدة اشتغال مثبت للتكليف في بعض اطرافه بعد انعزال العلم الاجمالي السابق بين الملاقى بالفتح والطرف عن التأثير بحدوثه بعد خروج بعض اطرافه عن الابتلاء (واما على مسلك) الاقتضاء فقد يقال بقيام ملاقيه مقامه في وجوب الاجتناب نظرا إلى معارضة الاصل الجاري فيه مع الاصل الجاري في الطرف بعد عدم جريانه في المفقود والخارج عن الابتلاء (وفيه ان) عدم جريان الاصل في التالف أو الخارج عن الابتلاء انما هو بالنسبة إلى اثره الخارج عن مورد ابتلاء المكلف فعلا من نحو حرمة ارتكابه ووجوب الاجتناب عنه، واما بالنسبة إلى اثره المبتلى به فعلا كنجاسة ملاقيه فلا باس بجريان الاصل فيهما بلحاظ هذا الاثر، ولذا ترى بنائهم على اجراء اصالة الطهارة في الماء التالف فعلا عند الابتلاء بأثره من نحو صحة الوضوء به وطهارة البدن والثوب المغسول به بلا التفات منهم إلى الاصول الجارية في نفس الامور المزبورة (وعليه نقول) انه بعد ان كان نجاسة الملاقي بالكسر ووجوب الاجتناب عنه من آثار نجاسة الملاقي بالفتح، تجرى فيه اصالة الطهارة بلحاظ هذا الاثر ولو في ظرف تلفه وخروجه بنفسه عن الابتلاء، فتعارض اصالة الطهارة الجارية في المشتبه الاخر وبعد سقوطهما تصل النوبة إلى الاصل الجاري في المسبب وهو الملاقي بالكسر، فتجري فيه اصالة الطهارة لسقوط معارضها في المرتبة السابقة بالمعارضة مع الاصل الجاري في الملاقى بالفتح كما في صورة عدم فقده (واما توهم) ان المجعول في الملاقي بالكسر لا يكون الا طهارة واحدة لا طهارتان لامتناع جعل طهارتين لشيء واحد ومع سقوطها بالمعارضة مع الاصل في الطرف لا يبقى مجال لجريانها ثانيا في الملاقي (فمدفوع) بان الممتنع انما هو جعل طهارتين لشيء في عرض واحد واما جعل الطهارتين الطوليتين احداهما من حيث نفسه والاخرى من حيث سببه بنحو لا يكاد اجتماعهما في مرتبة واحدة بل وزمان واحد، فلا برهان يقتضى امتناعه، والا اقتضى المنع عن جريان اصالة الطهارة فيه حتى في ظرف بقاء الملاقى بالفتح، مع انه لا يلتزم به المتوهم المزبور ايضا (ومع الغض) عن ذلك، نقول انه بعد ان كان لهذه الطهارة الواحدة المجعولة طريقان احدهما في مرحلة الدلالة والحجية في طول الاخر بحيث لا تصل النوبة إلى الثاني الا بعد سقوط الاول عن الحجية ولو بالتعارض، فل مانع عن الاخذ بالأصل الجاري في الملاقي بعد سقوط الاصل في الطرف بمعارضته مع الاصل الجاري في الملاقى، لان ذلك هي نتيجة جعل الطريقين الطوليين، والا لا يجرى الاصل فيه حتى في ظرف وجود الملاقى بالفتح كما هو ظاهر وحينئذ فلا محيص من التفصيل في وجوب الاجتناب عن الملاقى بالكسر عند فقد الملاقى قبل العلم بين المسلكين في العلم الاجمالي، ولعل اطلاق كلام الشيخ (قدس سره) بقيام الملاقي بالكسر مقام الملاقى بالفتح عند فقده مبنى على القول بعلية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية كما هو مختاره (قدس سره) والا فعلى القول بالاقتضاء لا وجه لدعوى قيامه مقام التالف ومعارضة الاصل الجاري فيه مع الاصل الجاري في الطرف، بل اللازم على هذا المسلك هو عدم التفصيل في جريان اصالة الطهارة في المسبب وهو الملاقي بين صورة وجود الملاقى بالفتح وبين صورة فقده أو خروجه عن الابتلاء (نعم) انما يتجه التفصيل المزبور بين صورة وجود الملاقى وفقده فيما إذا كان الاصل من الاصول غير التنزيلية، كأصالة الحلية على وجه، فانه بعد عدم جريانها في التالف بعدم صلاحية التالف لجعل الحلية الظاهرية فيه، ينتهي الامر مع فقده في اصالة الحلية في الملاقي، فتعارض الاصل الجاري في الطرف، وبعد تساقطهما يؤثر العلم الاجمالي بينهما اثره (ثم لا يخفى) ان ما ذكرنا من وجوب الاجتناب عن ملاقي المفقود على العلية، انما هو في صورة عدم علمه بعود المفقود بعد ذلك وصيرورته مورد ابتلاء المكلف، والا ففي فرض عوده في زمان يمكن فيه الامتثال لا يجب الاجتناب عن الملاقي من جهة سقوط علمه حينئذ عن التأثير بسبقه بعلم اجمالي آخر وهو العلم بتكليف غير محدود في الطرف أو بتكليف محدود في الملاقى بالفتح، فانه بتأثير هذا العلم في التنجيز يخرج العلم بين الملاقي والطرف عن صلاحية المنجزية، فيرجع الشك بالنسبة إلى الملاقي بدويا تجري فيه اصالة الطهارة كما هو ظاهر (الثاني) إذا كان لاحد طرفي العلم الاجمالي اثر واحد وللأخر اثران ولكنه يشك في ان الاثرين عرضيان أو طوليان كما في نجاسة الملاقى والملاقي بناء على الشك في ان نجاسة الملاقي من باب السراية بمعنى الانبساط أو من باب السراية بمعنى الاكتساب أو التعبد، وكم في ضمان المنافع مع الشك في كونه في عرض ضمان العين بلحاظ ان اليد على العين يد على العين والمنفعة، أو في طول ضمان العين (فنقول) ان الصور المتصورة في ذلك ثلاثة، فانه تارة يكون الدوران بين العرضية والطولية في كل واحد من الاثرين واخرى يكون احتمال العرضية والطولية في خصوص احد الاثرين، واما الاخر فلا يحتمل فيه ذلك، بل امره يدور بين ان يكون في عرض ذلك الاثر أو في رتبة سابقة عليه، كما في نجاسة الملاقي والملاقى، وكما في ضمان المنافع في الاعيان المغصوبة وثالثة لا يحتمل العرضية في شيء من الاثرين، بل الدوران بينهما كان في الطولية خاصة لاحتمال السببية والمسببية في كل منهما كما يفرض ذلك في الملاقي والملاقى بناء على السراية بمعنى السببية فيما لو اشتبه الملاقي بالملاقي ولم يدر ايهما هو الملاقى (فهذه) هي الصور المتصورة في المقام (واما حكمها) ففي جميع الصور المزبورة على كل واحد من مسلكي العلية والاقتضاء في العلم الاجمالي هو الاحتياط، وذلك (واما على مسلك) الاقتضاء فظاهر، لان جريان الاصل النافي على هذا المسلك في بعض الاطراف انما هو بمناط السببية والمسببية الموجبة لحكومة احد الاصلين على الاخر، ومن الواضح ان ذلك انما يكون في فرض العلم بوجود الحاكم واحرازه بعينه المتوقف على العلم بالطولية بين الاثرين ايضا، والا فلا يكفي مجرد احتمال وجود الحاكم واقعا في رفع اليد عن اصل المحكوم، وحينئذ فعند الشك وعدم احراز الحاكم بعينه لابد من الاحتياط للشك في اصل وجود الحاكم، في الصورة الاولى، والثانية، وفي تعيينه في الصورة الثالثة (واما على مسلك) علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية فلما عرفت غير مرة من ان جواز الرجوع إلى الاصل النافي ولو في بعض الاطراف انما يكون بانحلال العلم الاجمالي بقيام ما يوجب انحلاله أو بدلية بعض الاطراف تعيينا عن الواقع، ومن الواضح انه لابد في ذلك من العلم بالانحلال وجعل البدل ووصولهما إلى المكلف، والا فلا يكفى مجرد احتمالهما في رفع اليد عما يقتضيه العلم الاجمالي من لزوم الاحتياط كما هو ظاهر (وكيف كان) فهذا كله في الشبهة الموضوعية التحريمية (واما الشبهة) الحكمية فيعلم حكمهما مما ذكرنا في الشبهة الموضوعية، حيث يجرى فيها جميع ما ذكرناه من منجزية العلم الاجمالي وعليته لوجوب الموافقة القطعية حرفا بحرف فلا يحتاج إلى اعادة البحث فيها (هذا كله) إذ كان الحرام المشتبه مرددا بين المتبائنين (واما) إذا كان مرددا بين الاقل والاكثر فسيتضح حكمه انشاء الله تعالى في طي الشبهة الوجوبية.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.