المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8099 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02



العلم الإجمالي  
  
659   11:05 صباحاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : تقريرا لبحث السيد الخميني - بقلم الشيخ السبحاني
الكتاب أو المصدر : تهذيب الأصول
الجزء والصفحة : ج2. ص.353
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016 634
التاريخ: 10-8-2016 1156
التاريخ: 10-8-2016 442
التاريخ: 2-9-2016 498

يقع الكلام في مقامين :

الأوّل : في ثبوت التكليف بالعلم الإجمالي .

الثاني : في جواز إسقاطه بالعمل على طبقه .

وبما أنّ هذا البحث طويل الذيل مترامي الأطراف نحيل بعض المباحث إلى مبحث البراءة والاشتغال ، فنقول :

المقام الأوّل : في ثبوت التكليف بالعلم الإجمالي:

فاعلم أنّه قد يطلق العلم الإجمالي ويراد منه القطع الوجداني بالتكليف الذي لا يحتمل فيه الخلاف، ولا يحتمل رضا المولى بتركه .

وقد يطلق على الحجّة الإجمالية ، كما إذا قامت الدليل الشرعي على حرمة الخمر على نحو الإطلاق ، ثمّ علمنا أنّ هذا أو ذاك خمر ، فليس في هذه الصورة علم قطعي بالحرمة الشرعية التي لا يرضى الشارع بتركه ، بل العلم تعلّق بإطلاق الدليل والحجّة الشرعية ، والإجمال في مصداق ما هو موضوع للحجّة الشرعية . وحينئذ فالعلم بالحرمة غير العلم بالحجّة .

فما هو المناسب للبحث عنه في المقام هو الأوّل ، كما أنّ المناسب لمباحث الاشتغال هو الثاني .

فنقول : المشهور المتداول كون العلم علّة تامّة لوجوب الموافقة وحرمة المخالفة القطعيتين . وربّما يقال بكونه علّة تامّة بالنسبة إلى الثانية دون الاُولى ، ونسب إلى بعضهم جواز المخالفة القطعية ; فضلاً عن احتمالها . ولا يهمّنا سرد الأقوال بعد كون المسألة عقلية محضة ، غير أنّ هذه الأقوال يظهر حالها صحّةً وفساداً بعد ملاحظة ما هو مصبّ النزاع في هذا الباب .

قد عرفت : أنّ البحث في المقام إنّما هو عن القطع الوجداني بالتكليف الفعلي الذي لا يحتمل الخلاف ، ويعلم بعدم رضا المولى بتركه ، لكن اشتبه متعلّق التكليف بحسب المصداق أو غيره. كما أنّ البحث في باب الاشتغال إنّما هو عن العلم بالحجّة المحتمل صدقها وكذبها ، كإطلاق دليل حرمة الخمر الشامل لصورتي العلم بالتفصيل والإجمال .

وعلى ذلك : فلا شكّ أنّ العلم والقطع الوجداني بالتكليف علّة تامّة لحرمة المخالفة ووجوب الموافقة القطعيين ، ولا يجوز الترخيص في بعض أطرافه ; فضلاً عن جميعه ; إذ الترخيص ـ كلاًّ أو بعضاً ـ ينافي بالضرورة مع ذاك العلم الوجداني ، فإنّ الترخيص في تمام الأطراف يوجب التناقض بين الإرادتين في نفس المولى ، كما أنّ الترخيص في بعضها يناقض ذاك العلم في صورة المصادفة .

وإن شئت فحاسب في نفسك ، فهل يمكن تعلّق الإرادة القطعية على ترك شرب الخمر الذي يتردّد بين الأطراف مع الترخيص في تمامها أو بعضها مع احتمال انطباق الواقع .

وبذلك يظهر :  أنّه لا مناص عن الاحتياط المحرز للواقع في تمام الأقسام من الشبهات ; محصورة كانت أو غير محصورة ، بدوية كانت أو غيرها ; فإنّ العلم القطعي بالتكليف لا يجتمع أبداً مع الترخيص في الشبهات في أيّ قسم منها .

وسيوافيك في مقام البحث عن الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي : أنّ الترخيص في الشبهات لا ينفكّ عن رفع اليد عن التكاليف والتصرّف في المعلوم والتكليف وصيرورته شأنياً(1) ، وإلاّ فمع الفعلية بالمعنى الذي عرفته لا يجوز احتمال الترخيص ; فضلاً عن الترخيص الفعلي .

والحاصل : أنّه مع العلم القطعي بالتكليف لا يمكن العلم بالترخيص ; لاستلزامه العلم بالمتناقضين ، كما لا يجوز العلم به مع احتمال التكليف القطعي ; لأنّ الترخيص الفعلي مع احتمال التكليف من باب احتمال اجتماع النقيضين ، ويعدّ من اجتماعهما على فرض المصادفة .

وبهذا يعلم : أنّ وجه الامتناع هو لزوم اجتماع النقيضين مع التصادف واحتماله مع الجهل بالواقع ، وأنّه لا فرق في عدم جواز الترخيص بين العلم القطعي بالتكليف أو احتمال ذلك التكليف ، وأنّه ليس ذلك لأجل كون العلم علّة تامّة للتنجيز أو مقتضياً له ; فإنّ وجه الامتناع مقدّم رتبةً على منجّزية العلم ، فالامتناع حاصل ; سواء كان العلم منجّزاً أم لا ، كان علّة تامّة أم لا .

فوجه الامتناع هو لزوم التناقض أو احتماله ، وقد عرفت أنّه مشترك بين العلم الإجمالي والشبهة البدوية ، مع أنّ فيها لا يكون التكليف منجّزاً .

فملخّص الكلام : أنّ احتمال الترخيص مع احتمال التكليف الفعلي مستلزم لاحتمال اجتماع النقيضين ; فضلاً عن احتماله مع العلم بالتكليف كذلك .

وممّا ذكر يظهر حال الأقوال المذكورة في الباب ; فإنّ كلّ ذلك ناش عن خلط ما هو مصبّ البحث مع ما هو مصبّه في باب الاشتغال .

فما يقال : من أنّ للشارع الاكتفاء بالإطاعة الاحتمالية عند العلم بالتكليف التفصيلي ـ كما في مجاري الاُصول ـ فكيف مع العلم الإجمالي ؟ صحيح لو أراد بها ما هو مصبّ البحث في باب الاشتغال ; فإنّ الاكتفاء يكشف عن التصرّف في المعلوم وتقبّل الناقص مقام الكامل أو ما أشبهه من التوسعة في مصداق الطبيعة ، وأمّا لو تعلّق العلم الوجداني بأنّ الطهور شرط للصلاة فمع هذا العلم لا يعقل الترخيص والمضي .

إشكال وجواب:

أمّا الأوّل : فيمكن أن يقال إنّ بين عنواني المحرّم الواقعي والمشتبه عموم من وجه ، فهل يمكن أن يتعلّق بهما حكمان فعليان ، كما في باب الاجتماع ؟ والتصادق في الخارج لا يوجب التضادّ.

وبعبارة أوضح :  أنّه قد مرّ(2)  الكلام في أنّ مصبّ الأحكام هو العناوين الطبيعية ، وأنّ المصاديق الخارجية لا يعقل تعلّق الإرادة بها ; فإنّ الخارج ظرف السقوط لا الثبوت ، وعلى ذلك بنينا جواز تعلّق الوجوب بالصلاة والحرمة بالغصب ; لانفكاكهما في لحاظ تعلّق الأحكام ، وأنّ اجتماعهما في الخارج أحياناً لا يستلزم الأمر والنهي بشيء واحد .

وعليه فيمكن أن يقال : إنّ الحرمة القطعية قد تعلّقت بالخمر الواقعي ، والترخيص بالمشتبه بما هو مشتبه . والتصادف في الخارج لا يستلزم جعل الترخيص في محلّ النهي .

وأمّا الثاني : فإنّ الكلام في المقام إنّما هو في مقدار تنجيز القطع ثبوتاً ، و أنّه إذا تعلّق بشيء إجمالاً فهل يجوز الترخيص في بعض الأطراف أو تمامها ، أو لا ؟ فتعلّق الترخيص بعنوان آخر خارج عن محطّ البحث .

فإن قلت : الظاهر أنّ هذا ينافي ما مرّ من أنّ وجه الامتناع مقدّم رتبةً على منجّزية العلم ، فالامتناع حاصل ; كان العلم منجّزاً أو لا .

قلت : لا تنافي ذلك ما مرّ ; لأنّ ما مرّ في وجه امتناع الترخيص ـ فقلنا إنّ علّة الامتناع مقدّم رتبة ـ والكلام هاهنا في مقدار تنجيز العلم ، لا وجه الامتناع ، فافهم . هذا أوّلاً .

وثانياً : أنّ جعل الترخيص بعنوان مشتبه الحرام ناظر إلى ترخيص الحرام الواقعي على فرض التصادف ، وهو لا يجتمع مع الحرمة الفعلية ـ وإن قلنا بجواز الاجتماع ـ لأنّ الحكمين في باب الاجتماع متعلّقان بعنوانين غير ناظرين إلى الآخر . وأمّا فيما نحن فيه يكون الترخيص ناظراً إلى ترخيص الواقع بعنوان التوسعة ، وهو محال مع الحكم الفعلي ، فلا يرتبط بباب الاجتماع .

والحاصل : أنّ قول الشارع «أقم الصلاة» ليس ناظراً إلى قوله الآخر «لا تغصب» ، واجتماعهما صدفة في مورد لا يرتبط بمقام الجعل ، وأمّا المقام فالمولى إذا علم بأنّ بعض تكاليفه القطعية ربّما يخفى على المكلّف ; من حيث الإجمال ، فلو رخّص في مقام الامتثال ، وقال «رفع عن اُمّتي ما لا يعلمون» يكون ناظراً إلى ما أوجبه على المكلّف ، فمع الإرادة القطعية على الامتثال مطلقاً لا يصحّ الترخيص منه قطعاً ، فتدبّر .

المقام الثاني : في سقوط التكليف بالامتثال الإجمالي:

وهذا المقام راجع إلى سقوط التكليف بالامتثال الإجمالي ، فنقول : هل يجزي الامتثال الإجمالي إذا أتى المأمور به بجميع شرائطه وقيوده مع التمكّن من الامتثال التفصيلي أو لا ؟

ومحلّ النزاع إنّما إذا كان الاختلاف بين الامتثالين من جهة الإجمال والتفصيل لا غير ; فالمسألة عقلية محضة .

وبذلك يظهر النظر في ما عن بعض محقّقي العصر ـ قدس سره ـ  ; حيث إنّه بنى جواز الاكتفاء وعدمه على اعتبار قصد الوجه والتمييز في المأمور به شرعاً ، وعدم حصولهما إلاّ بالعلم التفصيلي أو عدم اعتبارهما ، وأنّ أصالة الإطلاق أو أصالة البراءة هل يرجع إليهما عند الشكّ في اعتبار هذه الاُمور أو لا(3) ؟

وجه النظر : أنّ هذا خروج عن محطّ البحث ومصبّ النزاع ; فإنّه ممحّض في المسألة العقلية البحتة ; وهي أنّ الامتثال الإجمالي هل هو كالامتثال التفصيلي مع اشتراكهما في الإتيان بالمأمور به على ما هو عليه بشراشر شرائطه وأجزائه ، أو لا ؟

وأمّـا القول بأنّ الامتثال الإجمالي مستلزم لعـدم الإتيان بالمأمـور بـه على ما هو عليه فخروج عن البحث ، كما أنّ البحث عن لزوم قصد الوجه والتمييز وعدمهما وابتناء المقام عليه كلّها بحث فقهي لا يرتبط بالمقام ; ل أنّه لو احتمل دخالة ما ذكرنا لا يكون الموافقة علمية إجمالية ، بل احتمالية خارجة عن مصبّ  البحث .

وإن شئت قلت : إنّ البحث في أنّ العقل في مقام الامتثال هل يحكم بلزوم العلم التفصيلي عند الإتيان بالمأمور به حال الإتيان به ، وأنّ الموافقة الإجمالية القطعية لا تفيد مع الإتيان بالمأمور به بجميع قيوده أو لا ؟ فالقول باحتمال دخالة قيد شرعاً في المأمور به ، و أنّه لا يحصل إلاّ بالعلم التفصيلي أجنبي عن المقام .

إذا عرفت ذلك : أنّ القائلين بعدم الاكتفاء يرجع محصّل مقالهم إلى أمرين :

الأوّل : أنّ التكرار لعب بأمر المولى ، وأنّ العقل يحكم بأنّ اللاعب بأمره لا يمكن أن يتقرّب به; ولو أتى بجميع ما اُمر به(4) .

الثاني : أنّ الامتثال التفصيلي مقدّم على الامتثال الإجمالي ، ومع التمكّن منه لا تصل النوبة إليه(5) .

فنقول أمّا الأوّل ففيه :  أنّه ربّما يترتّب الغرض العقلائي على التكرار ، فلا  نسلّم أنّ الاحتياط لعب بأمر المولى وتلاعب به ، بل يمكن القول بالصحّة إذا كان مطيعـاً في أصل الإتيان ; وإن كان لاعباً في كيفيـة الامتثال ، فالصلاة على سطح المنارة أو على أمكنة غير معروفة تجزي عن الواجب ; وإن كان لاعباً في  ضمائمه .

وأمّا الثاني : فقد قرّره بعض أعاظم العصر ، وملخّص ما أفاده : أنّ حقيقة الإطاعة عند العقل هو الانبعاث عن بعث المولى ; بحيث يكون المحرّك له نحو العمل هو تعلّق الأمر به . وهذا المعنى لا يتحقّق في الامتثال الإجمالي ; فإنّ الداعي في كلّ واحد من الطرفين هو احتمال الأمر، فالانبعاث إنّما يكون عن احتمال البعث ، وهذا وإن كان قسماً من الإطاعة إلاّ  أنّه متأخّر رتبة عن الامتثال التفصيلي . فالإنصاف : أنّ مدّعي القطع بتقدّم رتبة الامتثال التفصيلي على الإجمالي مع التمكّن عن التفصيلي في الشبهات الموضوعية والحكمية لا يكون مجازفاً ، ومع الشكّ يكون مقتضى القاعدة هو الاشتغال(6) .

ثمّ نقل الفاضل المقرّر ـ رحمه الله ـ وجهاً آخر ، وهو : أنّ اعتبار الامتثال التفصيلي من القيود الشرعية ; ولو بنتيجة التقييد(7) .

وفيه : منع انحصار الإطاعة في الانبعاث عن البعث ، بل يشمل للانبعاث عن احتمال الأمر أيضاً ، بل الآتي بالمأمور به بداعي احتمال الأمر أطوع ممّن أتى به لأجل البعث القطعي ; فإنّ البعث عن احتمال الأمر كاشف عن قوّة المبادئ الباعثة إلى الإطاعة في نفس المطيع ; من الإقرار بعظمته والخضوع لديه .

على أنّ الباعث ليس هو الأمر الواقعي ، وإلاّ لزم الإلجاء وعدم صدور العصيان من أحد ، بل الباعث هو تصوّر أمر الآمر وما يترتّب عليه من العواقب والآثار ، فينبعث عن تلك المقدّمات رجاءً للثواب أو خوفاً من العقاب ، وهذا المعنى موجود عند الانبعاث عن الاحتمال .

والحاصل : أنّ الباعث هو المبادئ الموجودة في نفس المطيع ; من الخوف والخضوع ، وهو موجود في كلا الامتثالين ; أعني عند القطع بالأمر أو احتماله .

على أنّ الباعث للإتيان بالأطراف إنّما هو العلم بالبعث المردّد بين الأطراف ، فالانبعاث إنّما هو عن البعث في الموافقة الإجمالية أيضاً ، والإجمال إنّما هو في المتعلّق .

أضف إلى ذلك : أنّ ما ادّعاه من كون الامتثال التفصيلي من القيود الشرعية على فرض إمكان اعتباره شرعاً بنتيجة التقييد(8)  فهو ممّا لا دليل عليه ، والإجماع في المقام ممّا لا اعتبار لمحصّله ـ فضلاً عن منقوله ـ لأنّ المسألة عقلية يمكن أن يكون المستند هو الحكم العقلي دون غيره .

فتلخّص : أنّ دعوى تقدّم الامتثال التفصيلي على الإجمالي ممنوع بعد كون الحاكم في باب الإطاعات هو العقل ، وهو لا يشكّ في أنّ الآتي بالمأمور به على ما هو عليه بقصد إطاعة أمره ـ ولو احتمالاً ـ محكوم عمله بالصحّة ; ولو لم يعلم حين الإتيان أنّ ما أتى به هو المأمور به ; لأنّ العلم طريق إلى حصول المطلوب ، لا  أنّه دخيل فيه .

وعليه : فدعوى دخالة العلم التفصيلي في حصول المطلوب دعوى بلا شاهد ، فلا تصل النوبة إلى الشكّ حتّى نتمسّك بالقواعد المقرّرة للشاكّ .

هذا كلّه فيما إذا كان مستلزماً للتكرار .

وأمّا إذا لم يستلزم : فقد قال ـ رحمه الله ـ بعدم وجوب إزالة الشبهة ـ وإن تمكّن منها ـ لإمكان قصـد الامتثال التفصيلي بالنسبـة إلى جملـة العمل ; للعلم بتعلّق الأمـر به ـ وإن لم يعلم بوجوب الجزء المشكوك ـ إلاّ إذا قلنا باعتبار قصد الوجه في الأجزاء(9) ، انتهى .

وأنت خبير :  أنّه لو قلنا بلزوم كون الانبعاث عن البعث في صدق الإطاعة لابدّ من القول بعدم كفاية الامتثال الإجمالي في الأجزاء أيضاً ; فإنّ الأجزاء وإن لم يكن متعلّقة للأمر مستقلّة لكن الانبعاث نحوها يكون بواسطة بعث المولى إلى الطبيعة ، فما لم يعلم أنّ السورة جزء من الواجب لا يمكن أن يصير الأمر المتعلّق بالطبيعة باعثاً إلى الجزء .

فالإتيان بالجزء المشكوك فيه ليس انبعاثاً عن البعث القطعي . وهذا لا ينافي ما ذكرناه في مقدّمة الواجب ; من أنّ البعث إلى الأجزاء لابدّ وأن يكون بعين البعث نحو الطبيعة ، ولكن هذا البعث لا يتحقّق إلاّ مع العلم بالجزئية(10) .

______________

1 ـ يأتي في الصفحة 376 .

2 ـ تقدّم في الصفحة 41 ـ 42 .

3 ـ نهاية الأفكار 3 : 50 .

4 ـ راجع فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 409 .

5 ـ راجع فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 72 ـ 73 .

6 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 72 ـ 73 .

7 ـ نفس المصدر 3 : 69 ، الهامش 1 .

8 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 69 ، الهامش 1 و 4 : 271 ـ 272 .

9 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 73 ـ 74 .

10 ـ وقد أسقط سيّدنا الاُستاذ في هذه الدورة كثيراً من المباحث التي بحث عنها في الدورة السابقة ، ونحن قد أسقطنا بعض المباحث ; روماً للاختصار ، وسيأتي في مبحث الاشتغال ، فتربّص حتّى يأتيك البيان .

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.