أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-9-2016
537
التاريخ: 4-9-2016
756
التاريخ: 4-9-2016
559
التاريخ: 10-8-2016
719
|
الشبهة على قسمين :
أحدهما : الشبهة في نفس الحكم الشرعي ، وهو ما اشتبه حكمه الشرعي ، أعني الإباحة والتحريم ، وعدّ منها ما لا نصّ فيه.
وثانيهما : الشبهة في طريقه ، وهو ما اشتبه فيه موضوع الحكم الشرعي ، كما في اشتباه اللحم بأنّه مذكّى أو ميتة مع العلم بأنّ المذكّى حلال والميتة حرام ، والاشتباه في صوت خاصّ بأنّه غناء أم لا مع القطع بأنّ الغناء حرام.
وتوقّف الأخباريّون في الأوّل ؛ محتجّين بأخبار التثليث (1) ، كما تقدّم (2). ووافقوا الاصوليين في الثاني في أنّ الأصل فيه الإباحة ، محتجّين بعموم بعض الأدلّة المتقدّمة ، وباستفاضة الأخبار بحلّيّة كلّ شيء فيه الحلال والحرام حتّى يعرف الحرام بعينه (3).
وغير خفيّ أنّ أخبار التثليث تدلّ على وجوب التوقّف في كلّ ما يصدق عليه الشبهة. ولا ريب في أنّها كما تصدق على ما اشتبه فيه نفس الحكم الشرعي تصدق على ما اشتبه فيه موضوعه أيضا ؛ لأنّه ليس لها حقيقة شرعيّة ، فيجب الرجوع إلى العرف واللغة وهما يطلقان عليه ، وقد اطلقت عليه في كثير من الأخبار (4) أيضا ، فإدراج الأوّل فيها والحكم فيه بالوقف وإخراج الثاني منها والحكم فيه بالإباحة تحكّم ، مع أنّ صدقها عليه أظهر من صدقها على ما لا نصّ فيه، كما لا يخفى على العارف بالعرف واللغة.
وتسليم صدق الشبهة عليه وتخصيص الشبهة في أخبار التثليث بالشبهة في نفس الحكم الشرعي لا دليل عليه. ومجرّد دلالة بعض الأخبار على الإباحة في أحدهما دون الآخر لا يصحّح الفرق؛ لانعكاس دلالة بعض آخر من الأخبار والأدلّة ، مع أنّه لا يلائم ما ذهبوا إليه من القول بالتثليث(5) ؛ لبداهة أنّ الشبهة في موضوع الحكم الشرعي ليس حلالا بيّنا.
فالحقّ ، ما ذهب إليه الاصوليّون من اتّحاد حكم الشبهتين ، وهو الإباحة فيهما ، واستحباب الاجتناب عنهما (6).
وكيفيّة التفريع : الحكم بإباحة ماء النهر الذي وقع فيه الشكّ بأنّه مباح أو مملوك. وجواز النظر إلى من شكّ فيه بأنّه ذكر أو أنثى ، أو محرم أو أجنبيّة ، أو حرّة أو أمة. وجواز لبس الثوب المخلوط من الحرير وغيره إذا شكّ في استهلاك الحرير.
وبعضهم رجّح هنا المنع ؛ لوجود الحرير المانع ، والشكّ في المبيح وهو الاستهلاك (7) ، والأصل عدمه.
ولا يخفى أنّ ما اشتبه فيه موضوع الحكم إمّا أن يكون الأصل فيه الإباحة ويشكّ في سبب الحرمة ، فاللازم فيه العمل بالأصل بلا كلام ، كالمثال الأوّل ، والطائر المقصوص ، وكتعليق أحد رجلين ظهار زوجته بكون الطائر غرابا والآخر بكونه غير غراب ، ولم يمكن استعلام حاله ، فيحكم بعدم وقوع الظهارين ؛ عملا بالأصل (8). ولو غلب على الظنّ تأثير السبب ، ربّما حكم بالتحريم ، كما لو بال كلب في الماء فوجده متغيّرا.
وإمّا أن يكون الأصل فيه الحرمة ويشكّ في سبب الإباحة ، كمثال الثوب المخلوط من الحرير وغيره ، والجلد المطروح مع عدم قيام قرينة معيّنة ، فالظاهر من كلام جماعة البناء على التحريم (9). هذا ، إلاّ أن يغلب على الظنّ تأثير السبب.
وإمّا أن يتساوى فيه الاحتمالان ، كطين الطريق ، وثياب مدمن الخمر ، والحكم فيه أيضا الإباحة كالأوّل ، ووجهه ظاهر ممّا تقدّم (10).
ثمّ أكثر الاصوليّين قسّموا الشبهة في الموضوع إلى الشبهة في المحصور والشبهة في غيره ، وأوجبوا الاجتناب في الاولى دون الثانية (11). ومرادهم من غير المحصور ما كان كذلك عادة ـ بمعنى ـ تعسّر حصره ـ لا ما امتنع حصره ؛ لأنّ كلّ ما يوجد من الأعداد قابل للعدّ.
واحتجّوا عليه بأنّ القطع حاصل بوجود الحرام أو النجس بين الامور المحصورة ، فالحكم بحلّيّة الجميع مستلزم للحكم بحلّيّة الحرام القطعيّ ، والحكم بحلّيّة واحد منها دون غيره ترجيح بلا مرجّح. وهذا وإن كان جاريا في غير المحصور أيضا إلاّ أنّ التنزّه فيه عن الجميع يوجب الحرج المنفيّ بخلاف المحصور (12).
وفيه : أنّ هذا ممنوع ؛ لأنّه كما يمكن الاجتناب عن الإناءين ، يمكن الاجتناب عن الأواني الكثيرة والرجوع إلى ماء آخر ، أو التيمّم من غير حرج. والاحتجاج على وجوب الاجتناب في المحصور بأنّه من باب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به (13) ، يجري في غيره أيضا.
والجواب بأنّ الواجب مقدّمة واجب قطعيّ متعيّن وهنا ليس كذلك.
ولو سلّم نقول : التخصيص جائز ؛ للأدلّة.
والحقّ ـ كما ذهب إليه بعض المحقّقين (14) : أنّ الحكم فيهما واحد وهو الإباحة ؛ لعموم الأدلّة المتقدّمة ما لم يحصل القطع باستعمال الحرام أو النجس ، وهو إنّما يتحقّق باستعمال جميع الامور التي حصل فيها الاشتباه ، وحينئذ لا يحكم بحلّيّة الجميع ، ولا يجوز استعماله محصورا كان أو غيره ، ويحكم بحلّيّة كلّ واحد وكلّ جملة منها إذا خرج منها واحد ، ويجوز استعماله.
وإذا علمت ذلك ، فاعلم أنّ الفروع له كثيرة وفي بعضها حكم معظم الأصحاب بالفرق :
منها : ما قالوا : إنّ النجاسة إذا كانت في موضع وجهل موضعها ، لم يسجد على شيء منه إن كان محصورا ، كالبيت وشبهه ، وإلاّ جاز على كلّ جزء منه ما لم يتحقّق السجود على مجموع ما وقع فيه الاشتباه.
ومنها : حكمهم بوجوب الاجتناب عن الإناءين المشتبهين والثوبين كذلك. ومن هذا القبيل ما قال بعضهم : إنّه لو علّق رجل ظهار إحدى زوجتيه على كون الطائر غرابا ، والاخرى منهما على كونه غير غراب ، وامتنع استعلام حاله يلزم عليه الاجتناب عنهما.
وغير خفي أنّه إذا ثبت الفرق بنصّ أو إجماع فلا كلام ، وإلاّ فالحكم ما قدّمناه (15).
المقام الثاني (16) : في أصالة نفي الوجوب والاستحباب حتّى يثبت خلافه. وقد اتّفق عليه الجميع إلاّ بعض الأخباريّين ؛ حيث قالوا بوجوب الاحتياط بالفعل (17).
لنا : أكثر الأدلّة المذكورة في المقام الأوّل.
احتجّ الخصم بما دلّ على الأخذ بالاحتياط (18). وقد عرفت جوابه (19).
وكيفيّة التفريع هنا ظاهرة. وممّا يتفرّع عليه طهارة كلّ شيء حتّى يعلم أنّه قذر ؛ لأنّ النجاسة ممّا يجب الاجتناب عنه ، فثبوتها يستلزم التكليف والأصل عدمه. ويمكن إثباته بأصل الإباحة أيضا ، ووجهه ظاهر. وقد ورد به بعض الأخبار من طرقنا (20) أيضا.
______________
(1) حكاه عنهم السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 325 ، والبصري في المعتمد 2 : 321 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 55 ، والفاضل التوني في الوافية : 188. راجع الفوائد المدنيّة : 192 و 193.
(2) تقدّم في ص 389.
(3) حكاهما عنهم السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 325 ، والبصري في المعتمد 2 : 321 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 55 ، والفاضل التوني في الوافية : 188. راجع الفوائد المدنيّة : 192 و 193.
(4) راجع الكافي 1 : 68 ، باب اختلاف الحديث.
(5) حكاهما عنهم السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 325 ، والبصري في المعتمد 2 : 321 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 55 ، والفاضل التوني في الوافية : 188. راجع الفوائد المدنيّة : 192 و 193.
(6) تقدّم في ص 387.
(7) قاله الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : 270.
(8) للاطّلاع على المسألة وأمثلتها راجع : القواعد والفوائد 1 : 182 و 183 ، وإيضاح الفوائد 3 : 119 ، ونضد القواعد الفقهيّة : 442 ، والأقطاب الفقهيّة : 148.
(9) قاله العلاّمة في تحرير الأحكام 2 : 151 ، والشهيد في ذكرى الشيعة 3 : 28 ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : 311 ، القاعدة 99.
(10) تقدّم في ص 390.
(11) قاله الشهيد الثاني في روض الجنان 2 : 599 ، والكركي في جامع المقاصد 2 : 166 ، والبحراني في الحدائق الناضرة 1 : 503 ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : 247.
(12) قاله الشهيد الثاني في روض الجنان 2 : 599 ، والكركي في جامع المقاصد 2 : 166 ، والبحراني في الحدائق الناضرة 1 : 503 ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : 247.
(13) راجع الحدائق الناضرة 1 : 503.
(14) منهم : المحقّق الحلّي في معارج الاصول : 208 ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : 241 ، الفائدة 24.
(15) تقدّم في ص 394.
(16) تقدّم المقام الأوّل في ص 387.
(17) المراد من البعض هو الأسترآبادي في الفوائد المدنيّة : 192 ، كما حكاه عنه وعن بعض آخر الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : 240 ، الفائدة 24.
(18) راجع الفوائد الحائريّة : 242 ، الفائدة 24.
(19) تقدّم آنفا.
(20) راجع الفقيه 1 : 317 ، ح 937.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|