أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2016
1890
التاريخ: 30-8-2016
1481
التاريخ: 26-8-2016
4364
التاريخ: 13-6-2020
1450
|
إذا كان في الكلام عام موضوعا لحكم وتعقبه ضمير يرجع إليه محكوما بحكم آخر وعلم من الخارج اختصاص الحكم الثاني ببعض افراد العام، فهل يخصص العام بذلك أو لا؟
فيه كلام بين الاعلام، وقد مثلوا له بقوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء إلى قوله تعالى: { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228].
(قال في الكفاية ما حاصله): ان الامر يدور بين احتمالات ثلاثة:
(الاول) ان يتصرف في العام بان يراد منه خصوص ما اريد من الضمير، وعليه فلا يلزم تصرف في ناحية الضمير.
(الثاني) ان يتصرف في ناحية الضمير بإرجاعه إلى بعض ما هو المراد من مرجعه، فيكون من باب المجاز في الكلمة.
(الثالث) ان يتصرف فيه بإرجاعه إلى تمام ما اريد من المرجع مع التوسع في الاسناد بأسناد الحكم (المسند إلى البعض حقيقة) إلى الكل توسعا وتجوزا، فيكون من باب المجاز في الاسناد، وحيث ان المراد في ناحية الضمير معلوم، وانما الشك في كيفية الاستعمال والارادة وانه على نحو الحقيقة أو المجاز في الكلمة أو في الاسناد، وفي ناحيه العام يكون الشك في اصل المراد كانت اصالة الظهور في ناحيه العام بلا مزاحم، لان المتيقن من بناء العقلاء هو اتباع الظهور في تعيين المراد لا في تعيين كيفية الاستعمال (انتهى).
اقول: ويرد عليه اول ان احتمال عود الضمير إلى بعض ما اريد من المرجع بحيث يلزم منه المجازية في ناحية الضمير لا يتمشى بعد الاحاطة على معاني الضمائر (بيان ذلك) انك قد عرفت في محله ان الضمائر واسماء الاشارة والموصولات كله من واد واحد، وقد وضعت لان يوجد بها الاشارة، فيكون الموضوع له فيها نفس حيثية الاشارة التي هي معنى اندكاكي متوسط بين المشير والمشار إليه ويكون استعمالها في هذا المعنى استعمالا انشائيا، فكما ان الانسان قد يوجد الاشارة بتوجيه اصبعه نحو المشار إليه ويتوهم بذلك بينهما امتداد موهوم، فكذلك ربما يوجدها باستعمال كلمة هذ ونحوها، فكلمة هذا مثلا قد وضعت لان يشار بها إلى المفرد المذكر، وما ذكره بعض الادباء من كونها موضوعة للمفرد المذكر المشار إليه فاسد جدا، سواء اراد بذلك مفهوم المشار إليه أو حقيقة المشار إليه الخارجي الواقع في طرف الامتداد الموهوم، إذ ليس لنا مع قطع النظر عن لفظة هذا اشارة في البين حتى يتصف المفرد المذكر بكونه مشار إليه ويستعمل فيه لفظة هذا، فالإشارة توجد بنفس هذا اللفظ، وقد اشار بما ذكرنا محمد بن مالك في الفيته حيث قال: بذا المفرد مذكر اشر (إلى آخر ما قال).
(نعم) لما كان الاشارة معنى اندكاكيا فانيا في المشار إليه فلا محالة ينتقل الذهن من لفظة هذا مثلا إلى المشار إليه ويعامل معها معاملة اللفظ الموضوع للمشار إليه فتجعل مبتدأ مثلا ويحكم عليها بأحكام المشار إليه فيقال مثلا: (هذا قائم) كما يقال زيد قائم (وبالجملة) المبهمات بأجمعها موضوعة للإشارة ومنها الضمائر، فيشار بكاف الخطاب مثلا إلى المخاطب الحاضر، وبضمير الغائب إلى المرجع المتقدم ذكره، وبضمير المتكلم إلى نفس المتكلم، ولا بد في جميع الاشارات من ان يكون للمشار إليه نحو تعين حتى يمكن الاشارة إليه فتعينه في مثل هذا وامثاله بحضوره، وفي ضمير المتكلم بكونه حاضرا للمخاطب وموردا لتوجهه، وفي ضمير المخاطب بكونه موجها إليه الكلام، وفي ضمير الغائب بسبق ذكره، وفي الموصولات بكون الموصول معروضا لمفاد الصلة وموصوفا به، والداعي إلى وضع المبهمات هو الاختصار أو الفرار من التكرار، حيث انه لو لا الضمير مثلا لاحتاج المتكلم إلى تكرار علم الشخص مرارا، وكيف كان فتعين المشار إليه والمرجع في ضمير الغائب بسبق ذكره، وعلي هذا فلا محيص عن ارجاعه إلى نفس ما تقدم ذكره بماله من المعنى، ولا يصح ارجاعه إلى بعض ما اريد من العام مثلا، اذلا تعين للبعض (وبالجملة) ارجاع الضمير إلى غير ما اريد من المرجع لا يتمشى احتماله بعد الاحاطة على ما حققناه في بيان معنى الضمائر.
(وثانيا) انه لا مجال هنا لتوهم المجاز في الاسناد ايضا فان اسناد حكم البعض إلى الكل انما يصح فيما إذا كان العام مجموعي ولوحظ بين الافراد المتكثرة جهة وحدة اعتبارية كما في قولهم: بنو تميم قتلوا فلانا، فان انتسابهم إلى أب واحد يوجب لحاظهم بنحو الوحدة ويصحح اسناد القتل الصادر عن بعضهم إلى الجميع، واما إذا كان العام افراديا ولوحظ كل فرد منه موضوعا مستقلا فل مجال لان يسند ما صدر عن بعضهم إلى الجميع، إذ لا مصحح لهذا الاسناد، ففي مثل قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] قد لو حظ كل واحدة من المطلقات موضوع مستقلا لوجوب التربص ولم يلحظ مجموع المطلقات موضوعا وحدانيا، فلا مجال لان يسند الحكم في قوله: {بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } [البقرة: 228] إلى الجميع بلحاظ ثبوته لبعضهن.
(وثالثا) انه لا مجال في المقام لتوهم المعارضة بين اصالة الظهور في ناحية العام و أصالة الظهور في ناحية الضمير، فان الشك في ناحية الضمير مسبب عن الشك فيما اريد من العام، إذ لو اريد منه العموم تعين التصرف في ناحية الضمير، وان اريد منه الخصوص لم يقع تصرف في ناحيته (وبالجملة) المراد في ناحية الضمير معلوم، والشك انما هو في كيفية استعماله وانه بنحو الحقيقة أو المجاز، وهذا الشك مسبب عن الشك فيما اريد من العام، وقد حقق في محله ان الاصل يجرى في السبب، ولا يعارضه الاصل المسببي، وانم يرتفع الشك في ناحيته قهرا بأجراء الاصل السببي، هذا خلاصة ما يمكن ان يورد على ما ذكره في الكفاية (والذى يقتضيه التحقيق) في المسألة هو ان يقال: ان هنا احتمالا آخر غير ما ذكره في الكفاية من الوجوه الثلاثة، وهو انك قد عرفت ان العام يستعمل دائم في العموم، غاية الامر ان الارادة الجدية قد تطابق الارادة الاستعمالية فيكون المراد الجدى ايضا هو العموم، وقد تخالفها فيكون الخصوص مرادا جديا، وبناء العقلاء على الحكم بتطابق الارادتين دائما ما لم يثبت ارادة الخصوص، (ففيما نحن فيه) يكون كل واحد من العام والضمير الراجع إليه مستعملا في العموم ويكون الاستعمال في كليهم بنحو الحقيقة (غاية الامر) انه قد ثبت بالدليل الخارجي ان المراد الجدى في ناحية الضمير هو الخصوص فيحمل عليه، ولا دليل على تخالف الارادتين في ناحية العام، فالأصل العقلائي الحاكم بتطابق الارادتين هو المحكم في ناحيته، ورفع اليد عن اصالة التطابق في ناحية الضمير لا يوجب رفع اليد عنها في ناحيته فتأمل جيدا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|