أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
3109
التاريخ: 8-8-2016
1700
التاريخ: 31-8-2016
5675
التاريخ: 31-8-2016
2055
|
الحقيقة : اللفظ المستعمل فيما وضع له في اصطلاح التخاطب ، وهي لغوية ، كالأسد للحيوان المفترس ، وشرعيّة ، كالصلاة للأركان المخصوصة ، وعرفيّة ، وهي إمّا أن تختصّ بقوم مخصوص من أهل علم خاصّ ، أو صناعة معيّنة ، فتسمّى بالعرفيّة الخاصّة ، وقد تسمّى بالاصطلاحيّة أيضا ؛ ومثالها ظاهر. أو لا تختصّ بقوم مخصوص من أهل علم خاصّ ، فتسمّى بالعرفيّة العامّة ، وتنصرف العرفيّة عند الإطلاق إليها ، وهي كالدابّة لذوات الأربع بعد أن كانت في اللغة لكلّ ما يدبّ على الأرض.
ثمّ إنّ الحقيقة الشرعيّة تسمّى بالمنقول الشرعي أيضا ، والعرفيّة بالمنقول العرفي أيضا ، والخاصّة منها بالمنقول اللغوي إن اختصّت بطائفة مخصوصة من أهل اللغة كالفاعل.
والمجاز : اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لأجل مناسبة بينهما ، وتسمّى بالعلاقة.
ومن المجاز ما يسمّى بالمجاز الراجح ، وهو أن يغلب استعماله على الاستعمال الحقيقي ، ويسمّى حقيقته بالحقيقة المرجوحة.
والمشهور في الفرق بين المجاز الراجح والحقيقة مطلقا ـ أي سواء كانت أصليّة ، أو منقولة ـ عدم اعتبار الوضع فيه ، واعتباره فيها.
والحقّ : أنّ اعتبار الوضع في المنقولات ليس لازما ، بل يمكن أن يستعمل الشرع أو العرف أو اللغة لفظا في معنى غير الموضوع له بحيث يتبادر منه عند الإطلاق ، ويصير الاستعمال فيه غالبا على استعماله فيما وضع له ، وحينئذ يصير حقيقة فيه ؛ لأنّ التبادر علامة الحقيقة وإن لم يتحقّق وضع وتصريح بالنقل. صرّح به بعض المحقّقين (1).
وحينئذ فالفرق بين المجاز الراجح والمنقولات أنّ المعنى المنقول إليه فيها يجب أن
يصير غالبا بحيث يهجر المعنى الأوّل بالكلّيّة حتّى لا يكون محتمل الإرادة عند الإطلاق ، والمعنى المجازيّ في المجاز الراجح لا يصير غالبا كذلك ، بل استعماله غالب على الاستعمال الحقيقي ، إلاّ أنّ المعنى الحقيقيّ يكون محتمل الإرادة عند الإطلاق بالاحتمال المرجوح.
وبالجملة ، إرادة المعنى المنقول إليه يقينيّة ، وإرادة المجاز الراجح ظنّيّة.
فائدة : (2)
يعرف كلّ واحد من الحقيقة والمجاز بامور :
منها : تصريح الواضع باسمه ، أو حدّه ، أو خاصّته ، كأن يقول : إرادة هذا المعنى من هذا اللفظ غير مشروطة بالقرينة ، أو مشروطة بها (3).
ومنها : التقدّم في الذكر والتأخّر فيه ؛ فإنّه إذا ذكر أهل اللغة معاني متعدّدة للّفظ ولم يعلم الاشتراك ـ سواء علم أنّ بعضها حقيقة وبعضها مجاز من دون التعيين ، أو وقع الشكّ في الاشتراك والحقيقة والمجاز ، وكونها جميعا مجازات ـ فإنّه يحكم حينئذ بالحقيقة والمجاز ؛ لأنّه خير من الاشتراك ، كما سيجيء (4) ، ومن كون جميعها مجازات ؛ لبعده. ويحكم بأنّ المقدّم في الذكر حقيقة ، والمؤخّر فيه مجاز ؛ لبعد ذكر المجاز مقدّما على الحقيقة.
ومنها : التبادر وعدمه ، فالأوّل علامة الحقيقة ، والثاني علامة المجاز. والتبادر الذي من علامة الحقيقة أعمّ من أن يكون مطلقا ، أو من حيث الإرادة. فعلى الأوّل يكون جميع معاني المشترك متبادرة على الاجتماع ، وعلى الثاني يكون جميعها متبادرة على البدليّة.
وبعض الاصوليّين جعل علامة الحقيقة عدم تبادر الغير ، وعلامة المجاز تبادره (5).
واورد عليه المشترك (6) نقضا. أمّا على علامة الحقيقة ، فإذا استعمل في أحد معانيه ؛ فإنّه يتبادر حينئذ غيره ، أعني المعاني الأخر.
وأمّا على علامة المجاز ، فإذا استعمل في معناه المجازي ؛ إذ لا يتبادر غيره ؛ للتردّد بين معانيه.
وغير خفيّ أنّ النقضين نقيضان فلا يجتمعان ؛ لأنّ معاني المشترك جميعا إن كانت متبادرة على الاجتماع أو البدليّة ، فيكون النقض الأوّل واردا والثاني مندفعا ، وإن لم يكن كذلك ، فبالعكس.
والحقّ : أنّ جميع معاني المشترك متبادرة على الاجتماع إن أخذ التبادر في الدلالة ، وعلى البدليّة إن أخذ التبادر في المراد ؛ فإنّا نعلم أنّ المراد منها أحدها بعينه ، إلاّ أنّا لا نعلمه (7). وحينئذ يظهر أنّ النقض الأوّل وارد ، والثاني مندفع.
فالحقّ أن لا يجعل عدم تبادر الغير علامة للحقيقة ؛ لأنّ المشترك حقيقة بالنسبة إلى كلّ واحد بعينه من معانيه ، مع أنّه يتبادر المعاني الأخر أيضا إمّا مطلقا ، أو من حيث الإرادة ، بل اللازم أن يجعل علامتها التبادر فقط. والمجاز يمكن أن يجعل كلّ واحد من عدم التبادر وتبادر الغير من علائمه.
ثمّ اعلم أنّ تبادر كلّ قوم يدلّ (8) على حقيقتهم فقط ، فإذا تبادر معنى من لفظ في عرفنا (9) ، دلّ على أنّ هذا المعنى حقيقة عرفيّة بالنسبة إلى هذا اللفظ ، ولا يدلّ على أنّه حقيقة لغويّة أيضا.
نعم ، إذا لم نجد له في اللغة معنى حقيقيّا سواه ، فيمكن الحكم بكونه حقيقة لغويّة أيضا ؛ لأصالة عدم التعدّد. وكذا الحكم إذا حصل تبادر معنى من لفظ عند أهل اللغة ؛ فإنّه لا يثبت سوى الحقيقة اللغويّة.
ومنها : صحّة سلب المعنى الحقيقي للّفظ عن المعنى المستعمل فيه ، وعدمها.
فالأوّل علامة المجاز ، والثاني علامة الحقيقة. مثلا إذا قلنا للبليد : إنّه ليس بحمار ، سلب فيه المعنى الحقيقي للحمار عمّا استعمل فيه الحمار أعني البليد ، وهو جائز ، فيعلم منه أنّ استعمال الحمار في البليد مجازيّ.
وإذا قلنا للبليد: إنّه ليس بإنسان ، يكون فيه المعنى الحقيقيّ للإنسان مسلوبا عمّا استعمل فيه لفظ الإنسان أعني البليد ، هذا غير جائز. فيعلم منه أنّ استعمال الإنسان في البليد على سبيل الحقيقة.
واورد عليه : بأنّ صحّة السلب لا يجوز أن يراد بها صحّة سلب بعض المعاني الحقيقيّة ؛ لأنّه غير مفيد ؛ لجواز كون المعنى المستعمل فيه من البعض الذي لا يجوز سلبه ، فيجب أن يراد بها صحّة سلب جميع المعاني الحقيقيّة ، والعلم به موقوف على العلم بأنّ المعنى المستعمل فيه ليس من المعاني الحقيقيّة ، وهو موقوف على العلم بأنّه من المعاني المجازيّة للّفظ ، وهو موقوف على صحّة السلب ، وهو دور مضمر (10).
وفي علامة الحقيقة يلزم دور مصرّح ؛ لأنّ العلم بعدم صحّة سلب المعاني الحقيقيّة عن المعنى المستعمل فيه موقوف على العلم بأنّه بعض المعاني الحقيقيّة للّفظ ، وهو موقوف على عدم صحّة السلب.
والجواب : أنّا نجزم بأنّه يصحّ العلم بأنّ الإنسان ليس شيئا من المعاني الحقيقيّة للأسد وإن لم يحصل العلم بالمجازيّة ، فيمكن العلم بصحّة سلب المعاني الحقيقيّة للإنسان عن الحيوان المفترس مع عدم العلم بالمجازيّة. وكذا نجزم بأنّه يصحّ العلم بعدم صحّة سلب المعاني الحقيقيّة للإنسان عن البليد وإن لم يعلم أنّه حقيقة فيه. نعم ، يستلزمه ، فغاية الأمر الاستلزام لا التوقّف. وهذا العلم إنّما يحصل لنا عرفا ؛ فإنّ الفهم العرفي حاصل بصحّة السلب وعدمها وإن لم يعلم الحقيقة والمجاز ؛ وهو ظاهر.
ثمّ لا يخفى أنّ الشرط المذكور في التبادر آت هنا أيضا ؛ فإنّ صحّة السلب وعدمها عند كلّ قوم أمارتان للمجاز والحقيقة في اصطلاحهم.
ومنها : الاطّراد وعدمه. فالأوّل علامة الحقيقة ، والثاني علامة المجاز.
والمراد من الاطّراد أن يستعمل اللفظ في محلّ لوجود معنى ، ثمّ جوّز استعماله في كلّ محلّ وجد فيه ذلك المعنى ؛ فإنّ هذا علامة لكون اللفظ المذكور حقيقة في هذه المحالّ ، وهذا كاستعمال المشتقّات فيمن قامت (11) به. والظاهر أنّ الاطّراد لا يدلّ على الحقيقة كلّيا ؛ لأنّ المجاز قد يطّرد ، كالأسد للشجاع.
والمراد بعدم الاطّراد أن يستعمل اللفظ المجازي في محلّ لوجود علاقة ، ثمّ لم يجوّز استعماله في كلّ محلّ مع وجود تلك العلاقة ، كالنخلة تطلق على الإنسان لطوله ، ولا تطلق على طويل آخر.
واورد عليه : بأنّ « السخيّ » و « الفاضل » يطلقان على غير الله ؛ للجود والعلم ، ولا يطلقان على الله مع وجودهما فيه تعالى ، وكذا القارورة تطلق على الزجاجة ؛ لاستقرار الشيء فيها ، ولا تطلق على الدّنّ والكوز مع كونهما ممّا يستقرّ فيه الشيء ، فيلزم كونها مجازات (12).
والجواب : أنّ عدم إطلاق « السخيّ » و « الفاضل » على الله تعالى لكون أسمائه تعالى توقيفيّة ، أو أنّهما موضوعان لمن كان من شأنه البخل والجهل. والقارورة موضوعة لما يستقرّ فيه الشيء بشرط كونه من الزجاج.
إذا عرفت هذا ، تعلم أنّه يمكن إثبات كون اللفظ حقيقة أو مجازا من العلامات المذكورة.
ومنه يستنبط الأحكام الشرعيّة.
___________
(1) قاله السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة 1 : 12.
(2) في « ب » : « قاعدة ».
(3) مثال للأخير أي « خاصّته ».
(4) في تعارض أحوال اللفظ ، الفصل 16 ، ص 72 ـ 77.
(5) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : 20 ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : 324، الفائدة 34.
(6) والمراد هو المشترك اللفظي. وفي الفوائد الحائريّة : 324 ، الفائدة 34 أورد المشترك المعنوي على علامة الحقيقة.
(7) في « ب » : « لا نعلم ».
(8) كذا في النسختين. وحقّ العبارة أن تكون هكذا : « أنّ التبادر عند كلّ قوم يدلّ ».
(9) في « ب » : « من لفظ عرفا ».
(10) راجع الفوائد الحائريّة : 325 ، الفائدة 34
(11) في « ب » : « قام ».
(12) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : 20.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|