أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-4-2022
1856
التاريخ: 29-7-2016
1824
التاريخ: 26-3-2022
1941
التاريخ: 2024-02-12
710
|
[قال النراقي :] أن تراقبهم من أول أمرهم ، فاستعمل في حضانة كل مولود له و إرضاعه امرأة صالحة تأكل الحلال ، إذ الصبي الذي تتكون أعضاؤه من اللبن الحاصل من غذاء حرام يميل طبعه إلى الخبائث ، لأن طينته انعجنت من الخبث.
وإذا بدأت فيه مخائل التمييز فينبغي أن يؤدب بآداب الأخيار , و لما كان أول ما يغلب عليه من الصفات شره الطعام ، فينبغي أن يؤدب فيه بأن يؤمر بألا يأخذ إلا بيمينه ، و يقول (باسم اللّه) عند أكله ، و يأكل مما يليه ، و لا يبادر إلى الطعام قبل غيره ، و لا يحدق إلى الطعام و لا إلى من يأكل ، و لا يسرع في الأكل ، و يمضغ الطعام مضغا جيدا ، و لا يلطخ ثوبه و لا يده.
ويقبح عنده كثرة الأكل بأن يذم كثير الأكل و يشبه بالبهائم ، و يمدح الصبي الذي يقنع بالقليل و يحبب إليه الإيثار بالطعام و قلة المبالاة به و القناعة بأي طعام اتفق , ثم يؤدب في أمر اللباس حتى لا يخرج فيه عن زي الأبرار و أهل الورع ، فيحبب إليه ثياب القطن و البيض ، دون الإبريسم الملون ، و يقرر عنده بأن ذلك شأن النساء و المخنثين ، و الرجال يستنكفون منه ، و يحفظ من الصبيان الذين تعودوا التنعم و الترفه و الزينة.
ثم يؤدب في الأخلاق و الأفعال و يبالغ في ذلك ، لأن الصبي إذا أهمل في أول نشوه خرج في الأكثر ردي الأخلاق و الأفعال ، فيكون كذابا ، حسودا ، لجوجا ، عنودا ، سارقا ، خائنا ، ذا ضحك و فضول ، و ربما صار مخنثا مائلا إلى الفسوق و الفجور , فينبغي أن يحفظ من قرناء السوء ، و هو الأصل في تأديبه , و يسلم إلى معلم دين صالح ، يعلمه القرآن و أحاديث الأخيار وحكايات الأبرار، لينغرس في نفسه حب الصالحين , و يحفظ عن الأشعار التي فيها ذكر الفسوق و أهله , إذ ذلك يغرس في قلبه بذر الفساد , و ينبغي أن يعود الصبر و السكوت إذا ضربه المعلم ، حتى لا يكثر الصراخ و الشغب و لا يستشفع بأحد حينئذ ، و يذكر له أن ذلك دأب الرجال و الشجعان ، و أن كثرة الصراخ دأب المماليك و النسوان , و ينبغي أن يؤذن له بعد الفراغ من المكتب باللعب المباح الجميل حتى يستريح من تعب الأدب ، و لا يموت قلبه ، و لا ينقص ذكاء , و يعلم محاسن الأخلاق و الأفعال ، و يجنب عن خبائث الصفات و رذائل الأعمال.
فيخوف من الحسد ، و العداوة ، و الجبن ، و البخل ، و الكبر ، و العجب.
ويحذر من السرقة ، و أكل الحرام ، و الكذب ، و الغيبة ، و الخيانة ، و الفحش ، و اللعن ، و السب ، و لغو الكلام , و غير ذلك.
ويرغب في الصبر، و الشكر، و التوكل ، و الرضا ، و الشجاعة ، و السخاء ، و الصدق ، و النصيحة .
وغير ذلك من محاسن الأخلاق و فضائلها , و يمدح عنده الأخيار و يذم الأشرار، حتى يصير الخير عنده محبوبا ، و يصير الشر عنده مبغوضا.
وإذا بلغ سن التمييز ، يؤمر بالطهارة و الصلاة و الصوم في بعض الأيام من شهر رمضان ، و يعلم أصول العقائد و كل ما يحتاج إليه من حدود الشرع .
ومهما ظهر منه خلق جميل أو فعل محمود ، فينبغي أن يكرم عليه و يجازى لأجله بما يفرح به و يمدح بين أظهر الناس.
وإن ظهر منه فعل قبيح مرة واحدة ينبغي أن يتغافل عنه و لا يهتك ستره ، و لا يظهر له أنه يتصور أن يتجاسر أحد على مثله ، (لا) سيما إذا ستره الصبي و اجتهد في إخفائه ، فإن إظهار ذلك ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة بعد ذلك ، فإن عاد ثانيا إلى مثله ، فينبغي أن يعاتب عليه سرا و يعظم الأمر فيه ، و يقال له : إياك أن يطلع على فعلك هذا أحد فتفتضح عند الناس.
ولا يكثر العتاب عليه حتى يسقط وقع الكلام من قلبه , و ليكن الأب حافظا هيبته في الكلام و الحركات معه.
وينبغي للأم أن تخوفه بالأب , و ينبغي أن يمنع من كل ما يفعله خفية ، فإنه لا يخفيه إلا وهو يعتقد أنه قبيح ، فإذا ترك يعود فعل القبيح , و يعود الوقار و الطمأنينة في المشي و سائر الحركات و الأفعال ، و عدم كشف أطرافه ، و التواضع و الإكرام لكل من عاشره ، و التلطف معه في الكلام , و يعلم طاعة والديه ، و معلمه ، و مؤدبه ، و كل من هو أكبر سنا منه ، من قريب و بعيد ، و يعود النظر إليهم بعين التعظيم و الجلالة و ترك اللعب بين أيديهم و يمنع من الفخر على أقرانه بشيء مما تملكه نفسه أو والده , و يخوف من أخذ شيء من الصبيان أو الرجال ، أو يذكر له أن الرفعة في العطاء ، و الأخذ لؤم و خسة و مهانة و ذلة ، فإنه دأب الكلب ، إذ هو يتبصبص في انتظار لقمة ، و يقبح عنده حب الذهب و الفضة ، و يحذر منهما أكثر مما يحذر من الحيات و العقارب ، اذ آفة حبهما أكثر من آفة السموم ، و قد هلك لأجله كل من هلك العالم , و يعود ألا يبصق في مجلسه ، و لا يتمخط ، و لا يتمطط ، و لا يتثأب بحضرة غيره ، و لا يستدبر غيره ، و لا يضع رجلا على رجل و لا يضرب كفه تحت ذقنه ، لأنه دليل الكسل , و يعلم كيفية الجلوس و الحركة و السكون , و يمنع من النوم في النهار، و من التنعم في المفرش و الملبس و المطعم بل يعود الخشونة فيها حتى تنصلب أعضاؤه ، و لا يستخف بدنه ، و يذكر له أنها خلقت لدفع الضرر و الألم لا لأجل اللذة ، و أن الأطعمة أدوية يتقوى الإنسان بها على عبادة اللّه ، و أن الدنيا كلها لا أصل لها و لا بقاء لها ، و أن الموت يقطع نعيمها ، و أنها دار ممر لا دار مقر , و أن الآخرة هي دار القرار و محل الراحة و اللذات ، و الكيس العاقل من تزود من الدنيا للآخرة , و ينبغي أن يمنع من كثرة الكلام ، و من الكذب ، و اليمين و لو كان صدقا ، و من اللهو و اللعب و السخرية و كثرة المزاح ، و من أن يبتدئ بالكلام ، و يعود ألا يتكلم إلا جوابا و بقدر السؤال ، و أن يحسن الاستماع مهما تكلم غيره ممن هو أكبر سنا منه ، و أن يقوم لمن هو أكبر منه ، و يوسع له المكان و يجلس بين يديه.
فإذا تأدب الصبي بهذه الآداب في صغره صارت له بعد بلوغه ملكات راسخة ، فيكون خيرا صالحا , و إن نشأ على خلاف ذلك ، حتى ألف اللعب ، و الفحش ، و الوقاحة ، و الخرق ، و شرة الطعام , و اللباس ، و التزين و التفاخر بلغ و هو خبيث النفس كثيف الجوهر، و كان وبالا لوالديه ، و صدر منه ما يوجب الفضيحة و العار , فيجب على كل والد ألا يتسامح في تأديب ولده في حالة الصبا ، لأنه أمانة اللّه عنده ، و قلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة عن كل نقش و صورة ، و قابل للخير و الشر، و أبواه يميلان به إلى أحدهما ، فإن عود الخير نشأ عليه و سعد فيا للدنيا و الآخرة ، و شاركه في ثوابه أبواه و كل معلم و مؤدب ، و إن عود الشر و أهمل شقى و هلك ، و كان الوزر في رقبة أبيه أو من كان قيما و وليا له.
ثم الصبية تؤدب بمثل ما مر، إلا فيما يتفاوت به الصبي و الصبية ، فيستعمل ما يليق بها ، و يجب السعي في جعلها ملازمة للبيت ، و الحجاب ، و الوقار ، و العفة و الحياء ، و سائر الخصال التي ينبغي أن تتصف بها النساء.
ثم ينبغي أن يتفرس من حال الصبي أنه مستعد لأي علم و صناعة ، فيجعل مشغولا باكتسابه و يمنع من اكتساب غيره ، لئلا يضيع عمره و لا تترتب عليه فائدة ، إذ كل أحد ليس مستعدا لكل صناعة ، و إلا لاشتغل الجميع بأشراف الصناعات ، و اختلاف الناس و تفاوتهم في هذا الاستعداد لتوقف قوام النوع و انتظام العالم عليه.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|