أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-4-2022
1957
التاريخ: 21-11-2021
1927
التاريخ: 29-7-2016
2089
التاريخ: 29-7-2016
2146
|
تبين في العلم الطبيعي أن للنفس الناطقة قوتين : «أولاهما» : قوة الإدراك و «ثانيتهما» : قوة التحريك ، و لكل منهما شعبتان : (الشعبة الأولى) للأولى العقل النظري ، و هو مبدأ التأثر عن المبادئ العالية بقبول الصور العلمية ، و (الشعبة الثانية) لها العقل العملي ، و هو مبدأ تحريك البدن في الأعمال الجزئية بالروية و هذه الشعبة من حيث تعلقها بقوتي الشهوة و الغضب مبدأ «لحدوث» بعض الكيفيات الموجبة لفعل أو انفعال ، كالخجل و الضحك و البكاء و غير ذلك ، ومن حيث استعمالها الوهم و المتخيلة مبدأ لاستنباط الآراء و الصنائع الجزئية.
ومن حيث نسبتها بالعقل و حصول الازدواج بينهما سبب لحصول الآراء الكلية المتعلقة بالأعمال كحسن الصدق و قبح الكذب ، و نظائرهما .
(الشعبة الأولى) للثانية قوة الغضب و هي مبدأ دفع غير الملائم على وجه الغلبة ، و (الشعبة الثانية) لها قوة الشهوة و هي مبدأ جلب الملائم.
ثم إذا كانت القوة الأولى غالبة على سائر القوى و لم تنفعل عنها ، بل كانت هي مقهورة عنها مطيعة لها فيما تأمرها به و تنهاها عنه، كان تصرف كل منها على وجه الاعتدال ، و انتظمت أمور النشأة الإنسانية ، و حصل تسالم القوى الأربع و تمازجها ، فتهذب كل واحد منها ، و يحصل له ما يخصه من الفضيلة ، فيحصل ، من تهذيب العاقلة العلم و تتبعه الحكمة ، و من تهذيب العاملة العدالة ، و من تهذيب الغضبية الحلم و تتبعه الشجاعة ، و من تهذيب الشهوية العفة و تتبعه السخاوة.
وعلى هذا تكون العدالة كمالا للقوة العملية.
(بطريق آخر)
قيل : إن النفس لما كانت ذات قوى أربع العاقلة و العاملة و الشهوية و الغضبية ، فإن كانت حركاتها على وجه الاعتدال ، و كانت الثلاث الأخيرة مطيعة للأولى ، و اقتصرت من الأفعال على ما تعين لها ، حصلت أولا فضائل ثلاث هي الحكمة و العفة و الشجاعة ، ثم يحصل من حصولها المترتب على تسالم القوى الأربع ، و انقهار الثلاث تحت الأولى حالة متشابهة هي كمال القوى الأربع و تمامها ، و هي العدالة.
وعلى هذا لا تكون العدالة كمالا للقوة العملية فقط ، بل تكون كمالا للقوى بأسرها : وعلى الطريقين تكون أجناس الفضائل أربعا : «الحكمة» وهي معرفة حقائق الموجودات على ما هي عليه ، و الموجودات إن لم يكن وجودها بقدرتنا و اختيارنا فالعلم المتعلق بها هو الحكمة النظرية ، و إن كان وجودها بقدرتنا واختيارنا فالعلم المتعلق بها هو الحكمة العملية.
«والعفة» هي انقياد القوة الشهوية للعاقلة فيما تأمرها به و تنهاها عنه حتى تكتسب الحرية ، و تتخلص عن أسر عبودية الهوى.
«والشجاعة» وهي إطاعة القوة الغضبية للعاقلة في الأقدام على الأمور الهائلة ، وعدم اضطرابها بالخوض فيما يقتضيه رأيها حتى يكون فعلها ممدوحا ، و صبرها محمودا.
و تفسير هذه الفضائل الثلاث لا يتفاوت بالنظر إلى الطريقين.
وأما «العدالة» فتفسيرها على الطريق الأول هو انقياد العقل العملي للقوة العاقلة و تبعيته لها في جميع تصرفاته ، أو ضبطه الغضب والشهوة تحت إشارة العقل و الشرع الذي يحكم العقل أيضا بوجوب اطاعته ، أو سياسة قوتي الغضب و الشهوة ، و حملها على مقتضى الحكمة ، و ضبطهما في الاسترسال و الانقباض على حسب مقتضاه.
وإلى هذا يرجع تعريف الغزالي «إنها حالة للنفس و قوة بها يسوس الغضب و الشهوة ، و يحملهما على مقتضى الحكمة ، و يضبطهما في الاسترسال و الانقباض على حسب مقتضاها» إذ المراد من الحالة و القوة هنا قوة الاستعلاء التي للعقل العملي لا نفس القوة العملية.
وتفسيرها على الطريق الثاني هو ائتلاف جميع القوى ، و اتفاقها على امتثالها للعاقلة ، بحيث يرتفع التخالف و التجاذب ، و تحصل لكل منها فضيلته المختصة به.
ولا ريب في أن اتفاق جميع القوى و ائتلافها هو كمال لجميعها لا للقوة العملية فقط.
اللهم إلا أن يقال إن الائتلاف إنما يتحقق باستعمال كل من القوى على الوجه اللائق ، و استعمال كل قوة و لو كانت قوة نظرية إنما يكون من القوة العملية ، لأن شأنها تصريف القوى في المحال اللائقة على وجه الاعتدال ، و بدونها لا يتحقق صدور فعل عن قوة.
ثم العدالة على الطريق الأول تكون أمرا بسيطا مستلزمة للملكات الثلاث أعنى الحكمة و العفة والشجاعة ، و على الثاني تحتمل البساطة و التركيب على الظاهر، و إن كانت البساطة أقرب نظرا إلى أن الاعتدال الخلقي بمنزلة الاعتدال المزاجي الحاصل من ازدواج العناصر المتخالفة و قد برهن في أصول الحكمة أن المزاج كيفية بسيطة.
وتفصيل الكلام في المقام أنه إذا حصلت الملكات الثلاث حصل للعقل العملي قوة الاستعلاء و التدبير على جميع القوى ، بحيث كانت الجميع منقادة له ، و استعمل كلا منها على ما يقتضيه رأيه ، فإن جعلت العدالة عبارة عن نفس هذه القوة ، أو نفس تدبير التصرف في البدن و أمور المنزل و البلد ، دون الملكات الثلاث كانت العدالة بسيطة و كانت كمالا للعقل العملي فقط ، و إن جعلت نفس الملكات كانت مركبة ، و حينئذ لا يناسب جعلها فضيلة على حدة معدودة في إعداد الفضائل ، لأن جميع الأقسام لا يكون قسما منها ، و ليس الائتلاف و الامتزاج هيئة وحدانية عارضة للملكات الثلاث حتى تكون شيئا على حدة و نوعا مركبا.
ثم على الطريقين يتحقق التلازم بين العدالة و الملكات الثلاث إلا أنه على الطريق الأول تكون العدالة علة ، و الملكات الثلاث معلولة ، و على الطريق الثاني ينعكس ذلك لتوقف حصول العدالة على وجود تلك الملكات و امتزاجها فهي أجزاء للعدالة او بمنزلتها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|