أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-7-2016
1758
التاريخ: 29-7-2016
1694
التاريخ: 29-7-2016
6823
التاريخ: 29-7-2016
9122
|
1ـ بين النموذج السياسي و النموذج العسكري. عبر التاريخ الطويل للفكر الاستراتيجي نكتشف التغيير أو الاضطراب بين ما يمكن ان نسميه بالنموذج السياسي و النموذج العسكري. الأول يربط الاستراتيجية ببعد سام ومتفوق هو البعد السياسي، و بالقيادة العامة للحرب ،بينما الثاني يتمركز ضمن إطار صارم من تنظيم الجهاز العسكري وقيادة العمليات و المعارك. هذه الثنائية تم التنظير لها في القرن العشرين مع التمييز بين الاستراتيجية الكبرى أو العامة، و القيادة الدبلوماسية ـ الاستراتيجية و الاستراتيجية العملياتية. ولكن في الواقع هذا التمييز وجد منذ القرن الثامن عشر ،أي منذ ظهور الفكر الاستراتيجي. أيضا ،هذه الثنائية ستوجد في العلوم الاستراتيجية المعاصرة. Jomini كان قبل كل شيء مفكرا عسكريا كما تشهد بذلك عناوين أولى مؤلفاته: " تحليل العمليات الكبرى" ، " التاريخ العسكري لحروب الثورة". بينما نجد Clausewitz يربط بشكل واضح بين الحرب ونهاياتها السياسية. في الواقع، إرث Jomini سيهيمن على الفكر الاستراتيجي طيلة القرن التاسع عشر، أما أولوية الفصل بين السلطة السياسية و القيادة العسكرية ستقود إلى انتصار النموذج العسكري حتى عام 1914. والسبب أن القلق الوحيد كان في كيفية الانتصار في حقل المعركة من غير الأخذ بالحسبان لمصطلحات السلام التي ستهتم بها فيما بعد السلطة السياسية. سنرى أن النموذج السياسي في الاستراتيجية سيعود للظهور مع أواخر القرن التاسع عشر، عندما بدأ الكتاب يفكرون بما يسمى الحرب الصناعية والإيديولوجية. أيضا البعد السياسي سيظهر عند الكاتب von der Goltz في كتابه " الأمة المسلحة". ما بين الحربين العالميتين كان هناك اقتسام للنزعتين السياسية والعسكرية، لكن النزعة العسكرية كانت أكثر هيمنة لاسيما مع الاختراعات العسكرية الجديدة (الطائرة ،الدبابة، الغواصات). أما القطيعة الحقيقية بين النموذجين كانت بعد عام 1945، حيث ظهرت قوة النموذج السياسي، وكان هذا شيئا طبيعيا بعد الوصول إلى اختراع القنبلة النووية حيث منعت التفكير بوسائل لها غايات عسكرية فقط. هذه الأولوية للسياسة بقيت حتى اليوم، حتى ولو أن بعض الكتاب العسكريين حاولوا إبقاء فكر يستلهم التكتيك مبعدين منه البعد السياسي.
2ـ إيديولوجية و استراتيجية. إن عودة النموذج السياسي وبقوة على الساحة، طرحت سؤالا جديدا طالما تم تجاهله، وهو العلاقات بين الإيديولوجية و الاستراتيجية. في البداية ،المعركة الاستراتيجية تم إدراكها كجزء أساسي من عملية تقنية، أما كجزء من إيديولوجية عامة للمجتمع ،فلم تأخذ قيمتها سوى بشكل بسيط جدا. ونكتفي بالإشارة هنا إلى أن أحد كبار الاستراتيجيين مثل Clausewitz تأثرا كثيرا بالمفكرين الألمانيين هيغل و فيخته وكبار المؤلفات الفلسفية في عصره. ويعتقد بعض مؤرخي علم الاستراتيجية أنه كان استثناء من بين الكتاب الاستراتيجيين في ذلك الوقت. اليوم مع تعيق الأبحاث والدراسات يمكننا فهم السياق الأيديولوجي التي ظهرت فيه النظريات الاستراتيجية، ثم تطورت وتراجعت(1). اليوم أيضا نحدد الاختلاف بين المعنى الذي يكون استراتيجيا خالصا للمذاهب التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر والتي تركزت على الهجوم ،والإيديولوجية الهجومية التي استولت على العقول والنفوس. إذا الاستراتيجية توقف علن أن تكون معرفة "روحية" لها سمو وتفوق، لتدخل ضمن البيئة التي تعيش فيها وتصبح جزءا منها. ربما يكون من الضروري معرفة التأثيرات التي مورست على هذا الكاتب أو ذاك، ولكن هذه المعرفة لا تكفي للقول إن كاتب استراتيجي معين استطاع بناء نظرية أو مذهب استراتيجي فقط لأنه قرأ فيلسوفا أو مجموعة من المؤلفات الفلسفية، لأن التأثيرات الإيديولوجية والفلسفية، لوحدها، لا يمكنها أن تبني نظاما أو نسقا فكريا. بالإضافة لذلك، حتى ولو اعترفنا بتعدد وكثرة التأثيرات الخارجية ،أيضا لا يمكننا القول أنها بديل عن تفكير وتجربة الاستراتيجي أو الكاتب الاستراتيجي ،كما أن النظريات الاستراتيجية أو المذاهب الاستراتيجية ليست انعكاسا بسيطا لإيديولوجية عامة سائدة.
3ـ المدارس الاستراتيجية. بالإضافة للتعدد الذي لا يمكن تجنبه في تيارات الفكر الاستراتيجي، يمكننا أيضا تمييز ثلاثة مدارس كبيرة ظهرت بشكل متعاقب وهي ما تزال موجودة:
اـ المدرسة الكلاسيكية، وتتركز حول قيادة الحرب ،وتجمع كل المنتمين إلى المفهوم التقليدي للحرب حول نموذج واحد : هو النصر. ترى هذه المدرسة أن الاستراتيجية هي فن الجنرال وهي معرفته التي يتمتع بها كقائد أو كعبقري، معرفة تسمح له وتحدد مدى استعداده للنصر أو الهزيمة.
ب ـ المدرسة الكلاسيكية الجديدة، وظهرت في نهاية القرن التاسع عشر، وقد ساهم في ظهورها تقدم العلوم الاجتماعية و الدراسات العلمية. هذه العلوم أعطت بعدا جديدا ووعيا للظروف والبيئة التي يمكن أن تحيط بالاستراتيجية. بقي نموذجها يستند على مفهوم تحقيق النصر، ولكن الحرب هي من الآن فصاعدا تدخل في أفق صراعي أكسر ضخامة واتساعا ،كأن يكون لدينا استراتيجيات للسلام ليس فيها بعد عسكري .من أهم أعلامها الأميرال Castex في مرحلة ما بين الحربين العالميتين، و Bernard Brodie في الولايات المتحدة الأمريكية، وأخيرا Beaufre في فرنسا.
ج ـ المدرسة الحديثة، لم تتطور هذه المدرسة بشكل حقيقي إلا بعد عام 1945.تركت هذه المدرسة نموذج النصر الذي تسعى الحرب لتحقيقه، وبدأت تقرأ الاستراتيجية كعلم اجتماعي لا يمكن وضع حدود له فقط داخل حقل الصراع و المعارك .هذه المدرسة أو الاستراتيجية الحديثة كانت عملا أو نتيجة لباحثين مدنيين، أيضا شارك فيها العديد من العسكريين. إشكالية هذه المدرسة كانت في التمييز بين هؤلاء الذين بالفعل جددوا نظرية الاستراتيجية كما هو الحال مع Thomas Schelling في الولايات المتحدة أو الجنرال Lucien Poirier في فرنسا ؛ وأولئك الذين يكتفون بخطاب يستند على أفكار قديمة. إن الاختلاف و الانقسام حول مفهوم الاستراتيجية في عالمنا المعاصر ليس إلا انعكاسا للانقسام والاختلاف حول النظام الاجتماعي بأكمله وخاصة في قرن عرف تغيرات جذرية وكبيرة على مستوى البشرية جمعاء.
________________________________________________________________________
1ـ انظر كتاب " صوت الاستراتيجية"، صادر بالفرنسية ،تأليف Lucien Poirier.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|