المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



وسائل الاكتساب للعلم  
  
2586   11:33 صباحاً   التاريخ: 26-7-2016
المؤلف : الشيخ حسان محمود عبد الله
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاسرة بين الشرع والعرف
الجزء والصفحة : ص83-91
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-3-2018 2521
التاريخ: 7/11/2022 1215
التاريخ: 25-1-2016 2728
التاريخ: 29-12-2021 1807

... إن الذي يساهم بشكل كبير في تكوين المعرفة الفكرية والقيم الاجتماعية والأخلاقية الحميدة وكل ما له دخالة في تنشئة الشخصية الإنسانية يعود للعلم والاكتساب من خلال عدة عوامل منها التلقين المباشر عبر التدريس والتعليم , ومنها من خلال التقليد للآباء والآخرين ممن يملكون موقعا مهما في نفس الطفل , ومنها من خلال الاطلاع على تجارب الآخرين الى ما هنالك من وسائل التعلم والتأديب المعروفة , وعليه وحيث إن للاكتساب للعلم دور كبير في تكوين الشخصية الإنسانية أحببت أن ارشد الى بعض المعطيات المتعلقة بالموضوع لألفت الأهل خصوصا وكل من يمارس عملية التعليم والتدريس والتأديب عموما الى أمور يملونها في الغالب وتشكل مشاكل للأطفال مما يؤدي الى تكون شخصية مهشمة لديهم ولا يعرف هؤلاء الاهل وغيرهم أنهم السبب في تكوينها , وهذه الامور هي على الشكل التالي :

1ـ السمع كوسيلة للاكتساب :

بعد خروج الولد الى العالم الخارجي من عالمه الداخلي في رحم أمه أثبت علماء التربية أن حاسة السمع تعتبر من اوائل الحواس التي تتفتح لدى الطفل  , بل أكثر من ذلك فقد أثبت بعض علماء التربية أن الطفل يسمع من الشهر الخامس أو السابع في بطن أمه , وبالتالي نصحوا بان تستمع الأم أثناء حملها ... الى القرآن الكريم والأدعية فإن لذلك أثرا إيجابيا بالغا على الولد .

ومع ذلك فإن القدر المتيقن عند الجميع هو أن الولد منذ اللحظة الأولى لولادته يستطيع ان يسمع الأصوات التي تطلق أمامه , وبالتالي فإن الطفل مهما كان صغيرا فإنه يسمع ما يدور حوله من اصوات وهو وإن كان لا يدركها بشكل كامل وواضح إلا أنه يفهم بعض الأمور وخاصة المتغيرات فمثلا هو يعرف الصوت الحنون لأمه ... , وهو يدرك الصوت الغاضب العالي ويعرف أنه مخيف وإن كان لا يعرف بالدقة معنى الخوف , كما لدى الطفل الذي يمتلك إدراكا أكبر إلا أنه تخيفه الأصوات الخارجة عن المألوف التي لا يسمعها عادة في محيطه , وقد أجرى بعض علماء التربية النفسية في إحدى دول الغرب تجربة إثبات ذلك فوضعوا آلات جس النبض ومعرفة الأحاسيس العصبية التي تخالج الولد من خلال قياس توتره العصبي ثم أحضروا أمه واباه و طلبوا منهما أن يختلفا أمامه ويصرخ كل منهما على الآخر , ثم نظروا الى المؤشرات فوجدوا أنها تتحرك بسرعة وبشكل مضطرب فثبت لهم أن الولد تأثر بهذا الإشكال بين الأبوين  وهذا ما يدعونا الى إلفات الأهل الى أن لا يصرخوا أمام الولد وإبعاده قدر الإمكان عن الأصوات المزعجة فإن لذلك تأثيرا كبيرا عليه , ولا يقل أحد منهم إنه طفل لا يدرك ولا يعرف شيئا , بل إن هذا الطفل يدرك الأصوات التي حوله ومن هنا ندرك السبب الذي طلب فيه الله سبحانه وتعالى منا أن نؤذن للطفل في إحدى أذنيه ونقيم له في الأخرى لتكون هذه المعاني الحميدة والأصوات الجميلة أول ما يسمع فيختزن في نفسه أهميتها وتكون معه دائما فهي أول صوت سمعه في حياته وهي دليل آخر على أنه يسمع . فقد ورد عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه اله):(من ولد له مولود فليؤذن له في اذنه اليمنى بأذان الصلاة ,وليقم في اليسرى , فإن ذلك عصمة من الشيطان الرجيم والإفزاع له)(1) فبالنظر الى الحديث الشريف يظهر بشكل واضح ان الطفل يعصم من الشيطان الرجيم من خلال ما يسمعه وايضا يأمن من الفزع , وعليه فإننا نؤكد على الأهل التعامل مع الطفل منذ بداية ولادته وكأنه يسمع فعلا فلا يسمع الكلمات والالفاظ النابية ولا الاصوات المؤذية ولا الشجارات بل يسمع كل ما هو جميل ولا مانع من أن يوضع بقربه مسجلا يسمع من خلاله آيات من القرآن الكريم , أو أدعية بصوت جميل ... , فإن ذلك أثرا جيدا على الطفل وما هو متعارف لدى الناس من أن الطفل لا يدرك ولا يسمع غير صحيح وقد أثبتنا ذلك فيما سبق , بل أثبتنا أيضا أنه يسمع وهو وإن لم يدرك تماما ما يسمعه إلا أنه يدرك منها أمورا مهمة لا يجوز أن يحرم منها .

2- الذوق الوسيلة الثانية للاكتساب :

يعتبر الذوق الحاسة الثانية بالأهمية بعد السمع , ولذلك راينا الحث على إرضاع الولد وخاصة من ثدي أمه لما في ذلك من أثر على تكوين الشخصية الإنسانية للطفل , وإذا لم يجد الأهل إمكانية لإرضاع ابنهم بواسطة الأم مباشرة تم التأكيد على اختيار المرضعة على أن تكون مسلمة مؤمنة من أصل محترم , وأن تكون متوضئة حال الإرضاع , كل ذلك كي يتذوق الطفل لبن أمه , أو مرضعته بشكل جيد لا يؤثر عليه سلبا , بل يفيده ويطوره إيجابا, , وبملاحظة أي طفل أصبح قادرا على التناول فتراه يضع كل ما يتناوله في فمه مباشرة فهو يتعرف على العالم الخارجي , أو الأشياء المجهولة لديه من خلال الذوق . وأما ما ذهب إليه فرويد من أن التناول بالفم وخاصة تناول ثدي أمه هو عبارة عن التعبير عن حاجاته الجنسية فهذا غير صحيح بالمطلق , ولعل فرويد نفسه قد لا يكون مقتنعا بهذا الكلام غير أنه أورده لتتكامل نظريته المبنية على أن الجنس هو المحرك الأساسي للإنسان منذ ولادته الى حين وفاته .

ويحضرني في هذا المجال القصة التي حصلت مع نبينا موسى (عليه السلام) وفرعون عليه لعنة الله (عز وجل) , فقد روى الإمام الباقر (عليه السلام) عن هذه القصة طويلة نقتطع منها هذا المقطع : (فلما درج موسى كان يوما عند فرعون فعطس موسى فقال : الحمد لله رب العالمين  فأنكر فرعون ذلك عليه ولطمه وقال : ما هذا الذي تقول ؟ فوثب موسى على لحيته وكان طويل اللحية فهلبها أي قلعها , فهم فرعون بقتله , فقالت امرأته : غلام حدث لا يدري ما يقول , وقد آلمته بلطمتك إياه , فقال فرعون : بل يدري , فقالت له : ضع بين يديك تمرا وجمرا , فإن ميز بينهما فهو الذي تقول , فوضع بين يديه تمرا وجمرا فقال له : كل , فمد يده الى التمر فجاء جبرائيل فصرفها الى الجمر في فيه فاحترق لسانه فصاح وبكى , فقالت آسية لفرعون : ألم أقل لك أنه لا يعقل ؟ فعفا عنه)(2) . فمن خلال هذه الرواية يظهر لنا أن الطفل يتعرف على العالم الخارجي من خلال عدة حواس منها حاسة الذوق على أساس أن أول شيء يقع بين يديه ويستطيع الوصول إليه يبادر فورا الى تذوقه كي يعرف ما هو فما طاب له طلبه دائما وما لم يطب له يتركه دائما , فمن خلال الذوق يتم التعرف على العالم الخارجي فهذا طعمه حلو وذلك طعمه مر , وهذا حار , وذلك بارد . وعندما يصبح الطفل قادرا على التمييز بين هذه الأشياء يكون قد بلغ سن التمييز وهذا ما أراد فرعون لعنه الله أن يختبر به موسى (عليه السلام) بأنه أصبح مميزا فيحاسبه على ما قال وإلا يتركه.

3- النظر كعملية للاكتساب :

يعتبر النظر وسيلة مهمة للتعرف على العالم الخارجي ومن خلاله يميز بين الالوان, وبين الجميل والقبيح , وبين الطويل والقصير , ولهذه الحاسة أهمية كبرى في عملية الإدراك ويجب الالتفات الى ضرورة أن ننزه أولادنا عن النظر الى الأمور القبيحة والمزعجة , بل وأكثر من ذلك أن لا يرونا بمنظر قبيح سيء , وحتى في موضوع الترتيب الداخلي للبيت فيجب ان لا نجعل أولادنا يرون مناظر سيئة للبيت .

وهنا فإنني أحب أن الفت الأهل الى مسألة مهمة جدا وهي مشكلة عامة في بيوتنا إذ إن الاهل لا يتنزهون عن ستر العورة عن أولادهم غير البالغين وهذا التصرف خاطئ يجب التنبه إليه , فإن له انعكاسات سلبية على الأولاد ويفتح أمامك باباً لتساؤلات قد لا يكون أوانها قد آن, فمسألة النظر كوسيلة للتعلم والاكتساب يجب الالتفات إليها من قبل الأهل ومعرفة أن والولد يبدأ باكرا وفي تقييم الصور التي يراها أمامه , فلا يجعلوه ينظر الى ما قد يؤذيه على الصعيد النفسي والخلقي .

4- اللمس كأداة للتعرف الى العالم الخارجي :

اللمس أيضا واحد من وسائل التعرف على العالم الخارجي ومن خلاله يتعرف الولد على النعومة , والخشونة , والحرارة , والبرودة , والولد منذ اللحظة التي يبدأ فيها رؤية ما حوله يحاول الوصول الى كل ما تراه عيناه , لذلك على الأهل العمل على مسألتين الأولى مساعدته على تحسس ما حوله ليعرف ماهية هذه الأشياء ولكن من دون إيصاله إليها فذلك لا يفيده بل يعوده على الاتكال على الآخرين , في حين أن ترك الأمر الذي يحاول الوصول إليه على مسافة قريبة منه يساعده على الاعتماد على نفسه في الوصول الى الأشياء التي يريد .

5- بدء عملية الاكتساب العقلي :

بعد التعرف على ما حوله من خلال الحواس التي يمتلك يصبح الطفل قادرا بسرعة فيما لو درب على ذلك وببطء فيما لوترك من استعمال عقله , ويجب على الأهل في هذه الفترة أن يعملوا على تنمية مدارك ابنهم العقلية خاصة في الفترة التي تسبق دخولهم الى المدرسة , فإن بعض الأهل يظنون أن هذه المهمة محصورة فيها , وبالتالي فهم يؤجلون الموضوع الى بعد دخولهم إليها , وبالتالي يخسر الأولاد إمكانات عقلية مهمة يمكن أن يستفيدوا منها على المستوى العقلي والفكري .

6- القدرة على الكلام :

منذ اللحظات الاولى للولادة يبدأ الطفل بالصراخ ايذانا بخروجه عنصرا جديدا في المجتمع وهو يبدأ بالتواصل مع الآخرين أولا من خلال البكاء إيذانا بالتبليغ عن شيء يزعجه كما لو كان جائعا , أو كان متضايقا من ألم في بطنه , أو أي شيء آخر , ثم يبتدئ بالتلفظ بألفاظ ذات معنى كـ(ماما) للنداء لأمه , أو (بابا) للنداء لأبيه , أو اسم احد أخوته بشكل محرف للنداء إليه , فيمكن أن ينادي أخاه حسن بقوله مثلا (حنن) , ليصبح بعد فترة التعبير بالكلام عما يريد بعبارات بسيطة وجمل مجتزأة واحرف ناقصة او محرفة من كلمة معينة , وهنا لا بد من الإلفات الى مسالة مهمة وهي فرح الأهل بالتعبيرات غير السليمة لابنهم , فلو قال مثلا منكسة وقصده القول مكنسة فإن الأهل يفرحون بذلك ويطلبون منه تكرارها في أكثر من موضع ويحبون هذا منه فيظن أن يفعل أو يقول شيء جيدا , فيستمر عليه , وهذا في الواقع غير صحيح , بل الأفضل أن نعلم الولد على النطق السليم حتى لو كان النطق غير السليم مهضوم من الولد , ولكن مهمتنا كأهل هو تعليم أولادنا على ما هو صحيح لا تعليمهم على الخاطئ فكيف سيكون الوضع لو صورنا لهم أن الخاطئ هو الصحيح ؟ إن هذا الأمر يجب على الأهل التنبه منه وعدم الوقوع فيه .

7- كثرة السؤال وروحية الاستطلاع :

عندم يصبح الطفل قادرا على الكلام بشكل جيد , ويكون قد وصل الى عمر يصبح مهتما معه بمعرفة كل ما هو حوله , يبدأ باستعمال مهارة الكلام التي يتقن للتعرف على ما لا يعرفه مما حوله , فيكثر السؤال عن كل ما يبدو له , حتى يبدو للبعض ان هذا الولد مزعج من كثرة ما يسأل , وهنا لا بد من التأكيد على أن هذه المرحلة ضرورية في حياة الطفل ويجب على الاهل أن لا ينزعجوا من كثرة سؤال أولادهم , بل أن يجيبوهم عن كل ما يمتلكوا جوابا عليه من أسئلتهم , فإن كل ولد مفطور على حب الاستطلاع وفي حال صد هذه الخاصية التي يمتلكها  الطفل خاصة إذا كان هذا الصد عنيفا , فإن ذلك سينعكس عليه سلبا ويجعله يبتعد عن السؤال عن كل ما يجهله ما يضعف إمكانية تطوره الذهني والعقلي . وهنا نؤكد اكثر من ذلك على ضرورة أن ننمي هذه الخاصية لدى الطفل لان ذلك سيجعل منه قطعا ولدا يمتلك معلومات مهمة وتطور من إمكاناته الذهنية والعقلية وتنجح عملية التربية .

8- التلقي بالتعليم :

عند بلوغ الطفل الثلاث سنوات يصبح قادرا على الذهاب الى المدرسة حيث هناك تتم عملية تلقينه المعارف ضمن برنامج تدريجي يراعي سنه وتطوره الدراسي , وتعتبر المدرسة حقيقة البيت الثاني للولد لأننا لو حسبنا الوقت الذي يمضيه الولد فيها مقارنة بما يمضيه من وقت في البيت لوجدنا أنه يمضي أكثر وقته في المدرسة , وبالتالي يجب علينا اختيار المدرسة التي نرسل ابننا إليها فلا يجوز ان نستهتر في هذا الأمر فنترك التدقيق في المستوى العلمي والديني والأخلاقي للمدرسة لان ابننا يقضي فيها معظم وقته وأهم من ذلك فإن أغلب شخصية هذا الولد تتكون في هذه المدرسة فلا يجوز أبدا أن نتركه لمدرسة لا تراعي أن تكون كل المواصفات الجيدة موجودة فيها , وهنا أنا لا أتكلم عن مواصفات علمية فقط مع أهمية المستوى التعليمي للمدرسة , بل لا بد من الالتفات للمسائل الاخرى التي لا تقل أهمية عنها , فالمواضيع الأخلاقية والدينية والاجتماعية لا تقل أهمية عن المواضيع العلمية , وفي حالة التعارض فإنها تعتبر اهم بكثير من الموضوع العلمي , لذا يجب على الاهل اختيار المدرسة التي تتوافر فيها كل هذه المواصفات .

9- بين الضوابط الشرعية والأعراف والاجتماعية :

يختلف سلوك الاهل بالنسبة لتعويد الولد على الضوابط الشرعية بين أهل متدينين وأهل غير متدينين , فالأهل الذين لا يرتبطون بالدين ارتباطا التزاميا لا يهتمون بأن يتربى ابنهم على الضوابط الدينية التي لا يلتزموا هم بها حتى يطلبوا من أبنائهم الالتزام بها , وهنا لا بد من القول : إن الولد الذي يعيش مع أهل غير متدينين سيكون حظه في الالتزام الشرعي من خلال المدرسة , أو الأصدقاء قليلا جدا, وهناك بين الأهل المتدينين أيضا فرق بين وسائل التربية التي يعتمدونها فمنهم من يفرض بطريقة غير منهجية ولا منطقية وقاسية على أولادهم الالتزام بالضوابط الشرعية , وقد ينعكس الامر لدى هؤلاء الأولاد سلبا فبدلا من الالتزام بهذه الضوابط تراهم يعملون على التفلت منها فيصبح التأثير سلبيا بدلا من أن يكون إيجابيا , في حين أن الأهل الآخرين يعتمدون أسلوبا منطقيا , وعقلانيا , وهادئا ويعتمد منهجية علمية مبنية على التفهيم والإقناع فمن خلال هكذا عائلات يتخرج اولاد ملتزمون بالدين عن قناعة وتكون هذه القناعة راسخة وآبية عن التغيير أمام أية شبهة تعترضها .

في الوقت نفسه الذي يوجد فيه ضوابط شرعية لا بد من إلفات أبنائنا إليها وتعليمهم عليها فإن هناك أعراف اجتماعية يحرص بعض الأهل على أن يتحلى بها أولادهم وهنا يوجد نوعان من هذه الاعراف : نوع يكون منسجما مع الشرع الحنيف وهذا لا مانع منه بل لا بد من تدريب الأولاد على الالتزام به , ونوع آخر وهو الأعراف التي تعارض الشرع الحنيف , فهذه لا يجوز أن نلزم أبناءنا بها كونها معارضة للشرع الذي يجب أن يكون الحاكم في  كل ما نلتزم به أو نتركه , وللأسف هناك كثير من الأهل يكونون ملتزمين من الناحية الشرعية إلا أنهم يعتبرون أن الأعراف الاجتماعية من قبيل الأحكام الشرعية لا يجوز التخلي عنها ويكابرون في فرضها على أولادهم وهذا من الناحية الشرعية غير جائز مطلقا .

_________________________

1ـ مستدرك الوسائل الجزء15 الصفحة137.

2ـ بحار الانوار الجزء13 الصفحتان26-27.

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.