أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-7-2016
2155
التاريخ: 2024-05-24
607
التاريخ: 28-6-2016
2215
التاريخ: 20-4-2016
3044
|
762ـ عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إياكم ولباسَ الرهبان! فَإنه مَن يَتَرَهب أو يَتَشَبه بهم فَلَيسَ مني، ومَن تَرَكَ اللحمَ وحَرمَه عَلى نَفسه فَلَيسَ مني، ومَن تَرَكَ النساءَ كَراهيَة فَلَيسَ مني(1).
763ـ عوالي اللآلي: رويَ في الحَديث: أن النبي(صلى الله عليه واله وسلم) جَلَسَ للناس ووَصَفَ يَومَ القيامَة، ولَم يَزدهم عَلَى التخويف، فَرَق الناس وبَكَوا، فَاجتَمَعَ عَشَرَة منَ الصحابَة في بَيت عثمانَ بن مَظعون، وَاتفَقوا عَلى أن يَصوموا النهارَ، ويَقوموا الليلَ، ولا يَقرَبوا النساءَ ولَا الطيبَ، ويَلبَسوا المسوحَ، ويَرفضوا الدنيا، ويَسيحوا في الأَرض، ويَتَرَهبوا، ويَخصوا المَذاكيرَ. فَبَلَغَ ذلكَ النبي(صلى الله عليه واله وسلم)، فَأَتى مَنزلَ عثمانَ فَلَم يَجده، فَقالَ لامرَأَته: أحَق ما بَلَغَني؟ فَكَرهَت أن يكَذبَ رَسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)، وأن تَبتَديَ عَلى زَوجها، فَقالَت: يا رَسولَ الله، إن كانَ أخبَرَكَ عثمان فَقَد صَدَقَكَ، وَانصَرَفَ رَسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).
وأتى عثمان مَنزلَه، فَأَخبَرَته زَوجَته بذلكَ، فَأَتى هوَ وأصحابه إلَى النبي(صلى الله عليه واله وسلم)، فَقالَ لَهم: ألَم انَبأ أنكم اتفَقتم؟! فَقالوا: ما أرَدنا إلا الخَيرَ، فَقالَ: إني لَم اومَر بذلكَ، ثم قالَ: إن لأَنفسكم عَلَيكم حَقا؛ فَصوموا وأفطروا، وقوموا وناموا؛ فَإني أصوم وافطر، وأقوم وأنام، وآكل اللحمَ وَالدسَمَ، وآتي النساءَ، فَمَن رَغبَ عَن سنتي فَلَيسَ مني.
ثم جَمَعَ الناسَ وخَطَبَهم وقالَ: ما بال قَوم حَرموا النساءَ وَالطيبَ وَالنومَ وشَهَوات الدنيا؟! وأما أنَا فَلَست آمركم أن تَكونوا قسيسينَ ورهبانا؛ إنه لَيسَ في ديني تَرك اللحم وَالنساء وَاتخاذ الصوامع؛ إن سياحَةَ امتي في الصوم، ورَهبانيَتَها الجهاد؛ اعبدوا اللهَ ولا تشركوا به شَيئا، وحجوا وَاعتَمروا، وأقيموا الصلاةَ، وآتوا الزكاةَ، وصوموا شَهرَ رَمَضانَ، وَاستَقيموا يَستَقم لَكم، فَإنما هَلَكَ مَن قَبلَكم بالتشديد؛ شَددوا عَلى أنفسهم فَشَددَ الله عَلَيهم، فَاولئكَ بَقاياهم في الديارات وَالصوامع.(2)
764ـ مسعدة بن صدقة: دَخَلَ سفيان الثوري عَلى أبي عَبد الله (عليه السلام) فَرَأى عَلَيه ثيابَ بيض كَأَنها غرقئ البَيض،(3) فَقالَ لَه: إن هذَا اللباسَ لَيسَ من لباسكَ! فَقالَ لَه: اسمَع مني وعِ ما أقول لَكَ؛ فَإنه خَير لَكَ عاجلا وآجلا إن أنتَ مُتَّ عَلَى السنة وَالحَق ولَم تَمت عَلى بدعَة، اخبركَ أن رَسولَ الله(صلى الله عليه واله وسلم) كانَ في زَمان مقفر جَدب، فَأَما إذا أقبَلَت الدنيا فَأَحَق أهلها بها أبرارها لا فجارها، ومؤمنوها لا منافقوها ومسلموها لا كفارها، فَما أنكَرتَ يا ثَوري فَو الله إنني لَمَعَ ما تَرى، ما أتى عَلَي مذ عَقَلت صَباح ولا مَساء ولله في مالي حَق أمَرَني أن أضَعَه مَوضعا إلا وَضَعته.
قالَ: فَأَتاه قَوم ممن يظهرونَ الزهدَ ويَدعونَ الناسَ أن يَكونوا مَعَهم عَلى مثل الذي هم عَلَيه منَ التقَشف، فَقالوا لَه: إن صاحبَنا حَصرَ(4) عَن كَلامكَ ولَم تَحضره حُجَجُهُ. فَقالَ لَهم: فَهاتوا حجَجَكم. فَقالوا لَه: إن حجَجَنا من كتاب الله. فَقالَ لَهم: فَأَدلوا بها، فَإنها أحَق مَا اتبعَ وعملَ به. فَقالوا: يَقول الله - تَبارَكَ وتَعالى - مخبرا عَن قَوم من أصحاب النبي(صلى الله عليه واله وسلم): {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] ، فَمَدَحَ فعلَهم، وقالَ في مَوضع آخَرَ:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}[الإنسان: 8] ، فَنَحن نَكتَفي بهذا، فَقالَ رَجل منَ الجلَساء: إنا رَأَيناكم تَزهَدونَ في الأَطعمَة الطيبَة ومَعَ ذلكَ تَأمرونَ الناسَ بالخروج من أموالهم حَتى تَمَتعوا أنتم منها!
فَقالَ أبو عَبد الله(عليه السلام): دَعوا عَنكم ما لا تَنتَفعونَ به، أخبروني - أيهَا النفَر - ألَكم علم بناسخ القرآن من مَنسوخه ومحكَمه من متَشابهه الذي في مثله ضَل مَن ضَل وهَلَكَ مَن هَلَكَ من هذه الامة؟ فَقالوا لَه: أو بَعضه، فَأَما كله فَلا، فَقالَ لَهم: فَمن هنا اتيتم. وكَذلكَ أحاديث رَسول الله(صلى الله عليه واله وسلم). فَأَما ما ذَكَرتم من إخبار الله إيانا في كتابه عَن القَوم الذينَ أخبَرَ عَنهم بحسن فعالهم فَقَد كانَ مباحا جائزا ولَم يَكونوا نهوا عَنه، وثَوابهم منه عَلَى الله؛ وذلكَ أن اللهَ - جَل وتَقَدسَ - أمَرَ بخلاف ما عَملوا به، فَصارَ أمره ناسخا لفعلهم، وكانَ نَهي الله - تَبارَكَ وتَعالى - رَحمَة منه للمؤمنينَ ونَظَرا؛ لكَي لا يَضروا بأَنفسهم و عيالاتهم، منهم الضعَفَة الصغار وَالولدان وَالشيخ الفاني وَالعَجوز الكَبيرَة الذينَ لا يَصبرونَ عَلَى الجوع، فَإن تَصَدقت برَغيفي ولا رَغيفَ لي غَيرَه ضاعوا وهَلَكوا جوعا؛ فَمن ثَم قالَ رَسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): خَمس تَمرات أو خَمس قرَص أو دَنانيرَ أو دَراهمَ يَملكهَا الإنسان وهوَ يريد أن يمضيَها فَأَفضَلها ما أنفَقَه الإنسان عَلى والدَيه، ثم الثانيَة عَلى نَفسه وعياله، ثم الثالثَة عَلى قَرابَته الفقَراء، ثم الرابعَة عَلى جيرانه الفقَراء، ثم الخامسَة في سَبيل الله، وهوَ أخَسها أجرا.
وقالَ رَسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) للأَنصاري - حينَ أعتَقَ عندَ مَوته خَمسَة أو ستة منَ الرقيق ولَم يَكن يَملك غَيرَهم ولَه أولاد صغار -: لَو أعلَمتمونيأمرَه ماتَرَكتكم تَدفنونَه (5) مَعَ المسلمينَ يَترك صبيَة صغارا يَتَكَففونَ الناسَ! ثم قالَ: حَدثني أبي أن رَسولَ الله(صلى الله عليه واله وسلم) قالَ: ابدَأ بمَن تَعول؛ الأَدنى فَالأَدنى.
ثم هذا ما نَطَقَ به الكتاب رَدا لقَولكم ونَهيا عَنه مَفروضا منَ الله العَزيز الحَكيم، قالَ:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان: 67] ، أفَلا تَرَونَ أن اللهَ - تَبارَكَ وتَعالى - قالَ غَيرَ ما أراكم تَدعونَ الناسَ إلَيه منَ الأَثَرَة عَلى أنفسهم وسَمى مَن فَعَلَ ما تَدعونَ الناسَ إلَيه مسرفا؟! وفي غَير آيَة من كتاب الله يَقول:{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام: 141] فَنَهاهم عَن الإسراف، ونَهاهم عَن التقتير، ولكن أمر بَينَ أمرَين؛ لا يعطي جَميعَ ما عندَه ثم يَدعو اللهَ أن يَرزقَه فَلا يَستَجيب لَه؛ للحَديث الذي جاءَ عَن النبي(صلى الله عليه واله وسلم): (إن أصنافا من امتي لا يستَجاب لَهم دعاؤهم: رَجل يَدعو عَلى والدَيه، ورَجل يَدعو عَلى غَريم (6) ذَهَبَ لَه بمال فَلَم يَكتب عَلَيه ولَم يشهد عَلَيه، ورَجل يَدعو عَلَى امرَأَته وقَد جَعَلَ الله تَخليَةَ سَبيلها بيَده، ورَجل يَقعد في بَيته ويَقول: رَب ارزقني، ولا يَخرج ولا يَطلب الرزقَ، فَيَقول الله لَه: عَبدي! ألَم أجعَل لَكَ السبيلَ إلَى الطلَب وَالضرب في الأَرض بجَوارحَ صَحيحَة؟! فَتَكونَ قَد أعذَرتَ في ما بَيني وبَينَكَ في الطلَب لاتباع أمري، ولكَي لا تَكونَ كَلا عَلى أهلكَ، فَإن شئت رَزَقتكَ وإن شئت قَترت عَلَيكَ، وأنتَ غَير مَعذور عندي. ورَجل رَزَقَه الله مالا كَثيرا فَأَنفَقَه ثم أقبَلَ يَدعو: يا رَب ارزقني، فَيَقول الله: ألَم أرزقكَ رزقا واسعا؟! فَهَلا اقتَصَدَتَ فيه كَما أمَرتكَ؟! ولمَ تسرف وقَد نَهَيتكَ عَن الإسراف؟! ورَجل يَدعو في قَطيعَة رَحم).
ثم عَلمَ الله (عز وجل) نَبيه (صلى الله عليه واله وسلم) كَيفَ ينفق؛ وذلكَ أنه كانَت عندَه اوقية منَ الذهَب، فَكَرهَ أن يَبيتَ عندَه فَتَصَدقَ بها، فَأَصبَحَ ولَيسَ عندَه شَيء، وجاءَه مَن يَسأَله فَلَم يَكن عندَه ما يعطيه، فَلامَه السائل، وَاغتَم هوَ حَيث لَم يَكن عندَه ما يعطيه، وكانَ رَحيما رَقيقا، فَأَدبَ الله تَعالى نَبيه(صلى الله عليه واله وسلم) بأَمره فَقالَ:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}[الإسراء: 29] ؛ يَقول: إن الناسَ قَد يَسأَلونَكَ ولا يَعذرونَكَ، فَإذا أعطَيتَ جَميعَ ما عندَكَ منَ المال كنتَ قَد حسرتَ منَ المال.
فَهذه أحاديث رَسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يُصَدِّقهَا الكتاب، وَالكتاب يصَدقه أهله منَ المؤمنينَ...
ثم مَن قَد عَلمتم بَعدَه في فَضله وزهده؛ سَلمان وأبو ذَر - رَضيَ الله عَنهما - فَأَما سَلمان فَكانَ إذا أخَذَ عَطاءَه رَفَعَ منه قوتَه لسَنَته حَتى يَحضرَ عَطاؤه من قابل، فَقيلَ لَه: يا أبا عَبد الله، أنتَ في زهدكَ تَصنَع هذا وأنتَ لا تَدري لَعَلكَ تَموت اليَومَ أو غَدا! فَكانَ جَوابه أن قالَ: ما لَكم لا تَرجونَ ليَ البَقاءَ كَما خفتم عَلَي الفَناءَ؟! أما عَلمتم - يا جَهَلَة! - أن النفسَ قَد تَلتاث عَلى صاحبها إذا لَم يَكن لَها منَ العَيش ما يعتَمَد عَلَيه فَإذا هيَ أحرَزَت مَعيشَتَهَا اطمَأَنت؟! وأما أبو ذَر فَكانَت لَه نوَيقات وشوَيهات يَحلبها، ويَذبَح منها إذَا اشتَهى أهله اللحمَ أو نَزَلَ به ضَيف أو رَأى بأَهل الماء - الذينَ هم مَعَه - خَصاصَة؛ نَحَرَ لَهم الجَزورَ أو منَ الشياه عَلى قَدر ما يَذهَب عَنهم بقَرَم(7) اللحم ، فَيقَسمه بَينَهم، ويَأخذ هوَ كَنَصيب واحد منهم لا يَتَفَضل عَلَيهم. ومَن أزهَد من هؤلاء وقَد قالَ فيهم رَسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ما قالَ؟! ولَم يَبلغ من أمرهما أن صارا لا يَملكان شَيئا البَتةَ - كَما تَأمرونَ الناسَ بإلقاء أمتعَتهم وشَيئهم - ويؤثرونَ به عَلى أنفسهم و عيالاتهم.
وَاعلَموا - أيهَا النفَر - أني سَمعت أبي يَروي عَن آبائه(عليه السلام): أن رَسولَ الله (صلى الله عليه واله وسلم) قالَ يَوما: ما عَجبت من شَيء كَعَجَبي منَ المؤمن؛ أنه إن قرضَ جَسَده في دار الدنيا بالمَقاريض كانَ خَيرا لَه، وإن مَلَكَ ما بَينَ مَشارق الأَرض ومَغاربها كانَ خَيرا لَه، وكل ما يَصنَع الله به فَهوَ خَير لَه!
فَلَيتَ شعري! هَل يَحيق فيكم(8) ما قَد شَرَحت لَكم منذ اليَوم أم أزيدكم؟!
أما عَلمتم أن اللهَ قَد فَرَضَ عَلَى المؤمنينَ في أول الأَمر أن يقاتلَ الرجل منهم عَشَرَة منَ المشركينَ لَيسَ لَه أن يوَليَ وَجهَه عَنهم، ومَن وَلاهم يَومَئذ دبرَه فَقَد تَبَوأَ مَقعَدَه منَ النار، ثم حَولَهم عَن حالهم رَحمَة منه لَهم، فَصارَ الرجل منهم عَلَيه أن يقاتلَ رَجلَين منَ المشركينَ تَخفيفا منَ الله للمؤمنينَ، فَنَسَخَ الرجلان العَشَرَةَ؟!
وأخبروني أيضا عَن القضاة أجَوَرَة (9) هم حَيث يَقضونَ عَلَى الرجل منكم نَفَقَةَ امرَأَته إذا قالَ: إني زاهد وإني لا شَيءَ لي؟! فَإن قلتم: جَوَرَة ظَلمَكم أهل الإسلام، وإن قلتم: بَل عدول خَصَمتم أنفسَكم، وحَيث تَردونَ صَدَقَةَ مَن تَصَدقَ عَلَى المَساكين عندَ المَوت بأَكثَرَ منَ الثلث.
أخبروني لَو كانَ الناس كلهم كَالذينَ تريدونَ زهادا لا حاجَةَ لَهم في مَتاع غَيرهم، فَعَلى مَن كانَ يتَصَدق بكَفارات الأَيمان وَالنذور وَالصدَقات من فَرض الزكاة منَ الذهَب وَالفضة وَالتمر وَالزبيب وسائر ما وَجَبَ فيه الزكاة منَ الإبل وَالبَقَر وَالغَنَم وغَير ذلكَ؟! إذا كانَ الأَمر كَما تَقولونَ: -لا يَنبَغي لأَحَد أن يَحبسَ شَيئا من عَرَض الدنيا إلا قَدمَه وإن كانَ به خَصاصَة - فَبئسَما ذَهَبتم إلَيه وحَمَلتم الناسَ عَلَيه! منَ الجَهل بكتاب الله وسنة نَبيه(صلى الله عليه واله وسلم) وأحاديثه التي يصَدقهَا الكتاب المنزَل، ورَدكم إياها بجَهالَتكم، وتَرككم النظَرَ في غَرائب القرآن؛ منَ التفسير بالناسخ منَ المَنسوخ، والمحكَم وَالمتَشابه، وَالأَمر وَالنهي.
وأخبروني أينَ أنتم عَن سلَيمانَ بن داودَ (صلوات الله عليه) حَيث سَأَلَ اللهَ ملكا لا يَنبَغي لأَحَد من بَعده؟! فَأَعطاه الله - جَل اسمه - ذلكَ، وكانَ يَقول الحَق ويَعمَل به، ثم لَم نَجد اللهَ عابَ عَلَيه ذلكَ ولا أحَدا منَ المؤمنينَ، وداودَ النبي (صلوات الله عليه) قَبلَه في ملكه وشدة سلطانه؟! ثم يوسفَ النبي (صلوات الله عليه) حَيث قالَ لمَلك مصرَ:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}[يوسف: 55] فَكانَ من أمره الذي كانَ أن اختارَ مَملَكَةَ المَلك وما حَولَها إلَى اليَمَن، وكانوا يَمتارونَ (10) الطعامَ من عنده لمَجاعَة أصابَتهم، وكانَ يَقول الحَق ويَعمَل به، فَلَم نَجد أحَدا عابَ ذلكَ عَلَيه، ثم ذو القَرنَين عَبد أحَب اللهَ فَأَحَبه الله، وطَوى لَه الأَسبابَ، ومَلكَه مَشارقَ الأَرض ومَغاربَها، وكانَ يَقول الحَق ويَعمَل به، ثم لَم نَجد أحَدا عابَ ذلكَ عَلَيه.
فَتَأَدبوا - أيهَا النفَر - بآداب الله للمؤمنينَ، وَاقتَصروا عَلى أمر الله ونَهيه، ودَعوا عَنكم مَا اشتَبَهَ عَلَيكم مما لا علمَ لَكم به، وردوا العلمَ إلى أهله تؤجَروا وتعذَروا عندَ الله - تَبارَكَ وتَعالى - وكونوا في طَلَب علم ناسخ القرآن من مَنسوخه، ومحكَمه من متَشابهه، وما أحَل الله فيه مما حَرمَ؛ فَإنه أقرَب لَكم منَ الله، وأبعَد لَكم منَ الجَهل؛ ودَعوا الجَهالَةَ لأَهلها؛ فَإن أهلَ الجَهل كَثير، وأهلَ العلم قَليل، وقَد قالَ الله:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[يوسف: 76](11).
______________
1ـ الفردوس: 1/381/1534 المعجم الأوسط: 4/178/3909 عن أبي كريمة وليس فيه ذيله وكلاهما عن الإمام علي (عليه السلام) وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 2/100.
2ـ عوالي اللآلي: 2/149/418 وراجع تفسير مجمع البيان: 3/364 و تفسير الطبري: 5/الجزء 7/9 والدر المنثور: 3/141.
3ـ الغرقئ: القشرة الملتزقة ببياض البيض (لسان العرب: 10 / 286).
4ـ حصر الرجل: عيي في منطقه. وقيل: حصر: لم يقدر على الكلام (لسان العرب: 4 / 193).
5ـ في الكافي: «تدفنوه»، وما أثبتناه هو الصحيح كما في تحف العقول.
6ـ الغريم: الذي له الدين والذي عليه الدين جميعا (لسان العرب: 12 / 436).
7ـ القرم: شدة شهوة اللحم (النهاية: 4 / 49).
8ـ أي هل يؤثر فيكم. قال ابن منظور: «حاق فيه السيف كحاك - قال: - وحاك فيه السيف: أثر» (لسان العرب: 10 / 71 و 419).
9ـ جورة: جمع جائر (لسان العرب: 4 / 153).
10ـ يقال: فلان يمير أهله: إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدهم؛ من الميرة: طعام يمتاره الإنسان؛ أي يجلبه من بلد إلى بلد (مجمع البحرين: 3 / 1737).
11ـ الكافي: 5/65/1، تحف العقول: 348 وفيه «جشب» بدل «جدب» و«خسرت» بدل «حسرت»، بحار الأنوار: 70/122/13.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|