أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-13
909
التاريخ: 2024-05-31
610
التاريخ: 12-7-2021
2015
التاريخ: 14/9/2022
1375
|
هو ان يراقب (الأنسان) نفسه عند الخوض في الاعمال ، فيلاحظها بالعين الكالئة ، فانها إن تركت طغت وفسدت ، ثم يراقب اللّه في كل حركة و سكون ، بأن يعلم ان اللّه - تعالى - مطلع على الضمائر عالم بالسرائر، رقيب على اعمال العباد ، قائم على كل نفس بما كسبت ، و ان سر القلب في حقه مكشوف ، كما ان ظاهر البشرة للخلق مكشوف ، بل أشد من ذلك ، قال اللّه (سبحانه) : {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء : 1] , و قال : {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق : 14] ؟ .
وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) : «الإحسان ان تعبد اللّه كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك».
وفي الحديث القدسي : «إنما يسكن جنات عدن ، الذين إذا هموا بالمعاصي ذكروا عظمتي فراقبوني ، والذين افحنت أصلابهم من خشيتي ، وعزتي و جلالي! إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى أهل الجوع و العطش من مخافتي صرفت عنهم العذاب».
وحكى : «ان زليخا لما خلت بيوسف ، فقامت و غطت وجه صنمها ، فقال يوسف , مالك؟ أتستحيين من مراقبة جماد و لا استحيي من مراقبة الملك الجبار؟!», و هذه المعرفة - اعني معرفة اطلاع اللّه على العباد و أعمالهم و سرائرهم و كونه رقيبا عليهم - اذا صارت يقينا - اي خلت عن الشك - ثم استولت على القلب سخرت القلب و قهرته على مراعاة جانب الرقيب و صرفت الهمة إليه ، و الموقنون بهذه المعرفة مراقبتهم على درجتين :
إحداهما - مراقبة المقربين ، و هي مراقبة التعظيم و الاجلال ، و هي أن يصير القلب مستغرقا بملاحظة الجلال ومنكسرا تحت الهيبة ، فلا يبقى فيه متسع للالتفات إلى الغير، و هذا هو الذي صار همه هما واحدا ، و كفاه اللّه سائر الهموم .
واخراهما - مراقبة الورعين من أصحاب اليمين ، وهم قوم غلب عليهم يقين اطلاع اللّه على ظهورهم و بواطنهم ، ولكن لا تدهشهم ملاحظة الجلال و الجمال ، بل بقيت قلوبهم على حد الاعتدال متسعة للالتفات إلى الأحوال و الاعمال والمراقبة فيها ، وغلب عليهم الحياء من اللّه فلا يقدمون و لا يجمحون إلا بعد التثبت و يمتنعون عن كل ما يفتضحون به في القيامة ، فانهم يرون اللّه مطلعا عليهم ، فلا يحتاجون إلى انتظار القيامة , ثم ينبغي للعبد ألا يغفل عن مراقبة نفسه و التضييق عليها في لحظة من حركاتها و سكناتها و خطراتها و أفعالها.
وحالاته لا تخلو عن ثلاثة : لأنه إما أن تكون في طاعة ، أو معصية ، أو مباح , فمراقبته في الطاعة ، بالقربة ، و الإخلاص ، و الحضور، و الاكمال ، و حراستها عن الآفات ، و مراعاة الأدب , ومراقبته في المعصية : بالتوبة ، و الندم ، و الإقلاع ، و الحياء ، و الاشتغال بالتكفير. ومراقبته في المباح : بمراعاة الادب ، بأن يأكل بعد التسمية ، و غسل اليدين ، و سائر الآداب المقررة في الشرع للأكل ، و يقعد مستقبل القبلة ، و ينام بعد الوضوء على اليد اليمنى مستقبل القبلة ، وبالصبر عند ابتلائه بلية و مصيبة ، وبالشكر عند كل نعمة ، ويتذكر شهود المنعم و حضوره ، ويكف النفس عن الغضب وسوء الخلق عند حدوث أمر تميل النفس عنده إلى الغضب و التضجر و التكلم بما لا يحسن من الأقوال ، فان لكل واحد من أفعاله و أقواله حدودا لا بد من مراعاتها بدوام المراقبة ، و من يتعد حدود اللّه فقد ظلم نفسه ، و ينبغي ألا يخلو عند اشتغاله بالمباحات عن عمل هو الأفضل ، كالذكر و الفكر و تخليص النية ، فان الطعام الذي يتناوله من عجائب صنع اللّه ، فلو تفكر فيه و تدبر في فوائده و حكمه و ما فيه من غرائب قدرة اللّه لكان ذلك أفضل من كثير من اعمال الجوارح ، والناس عند الأكل على أقسام : (قسم) ينظرون فيه بعين التبصر والاعتبار، فينظرون في عجائب صنعته و كيفية ارتباط قوام الحيوانات به ، و كيفية تقدير اللّه لأسبابها و خلق الشهوة الباعثة عليها و خلق الآلات المسخرة للشهوة و أمثال ذلك ، و هؤلاء هم أولو الألباب , (و قسم) ينظرون فيه بعين المقت و الكراهة ويلاحظون وجه الاضطرار إليها ، و يتمنون الاستغناء عنه ، و عدم كونهم مقهورين مسخرين بشهوته ، وهؤلاء هم الزهاد , (و قسم) يرون فيه خالته ، و يشاهدون في الصنع الصانع ، و يترقون منه إلى صفات الخالق ، من حيث إن كل معلول اثر من العلة ، و رشحة من رشحات ذاته و صفاته ، فمشاهدته تذكر العلة ، بل التأمل يرشدك إلى أن دلالة كل ذرة ترى من ذرات العالم على ربك و خالقك و ايجابها لحضوره عندك و ظهوره لديك و توجهه إليك و قربه منك أشد و أقوى من دلالة مشاهدتك بدن زيد و صورته و حركاته و سكناته على وجوده و حضوره عندك ، و سر ذلك ظاهر واضح.
وهؤلاء المشاهدون الصانع في كل مصنوع و الخالق في كل مخلوق ، هم العرفاء المحبون ، اذ المحب إذا رأى صنعة حبيبه و تصنيفه و آثاره و ما ينتسب إليه اشتغل قلبه بالمحبوب ، وكل ما يتردد العبد فيه و ينظر اليه من الموجودات هو صنع اللّه - تعالى - ، فله في النظر منها إلى الصانع مجال إن فتحت له أبواب الملكوت.
(وقسم) ينظرون فيه بعين الحرص و الشهوة ، و ليس نظرهم إلى الطعام الا من حيث يوافق شهوتهم و تلتذ به ذائقتهم ، و لذلك يذمونه لو لم يوافق هواهم ، و هؤلاء أكثر أهل الدنيا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|