المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 5863 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


أدلة وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر  
  
1919   10:31 صباحاً   التاريخ: 19-7-2016
المؤلف : السيد سعيد كاظم العذاري
الكتاب أو المصدر : الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الجزء والصفحة : ص15-21
القسم : الاخلاق و الادعية / الفضائل / الامر بالمعروف والنهي عن المنكر /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-11-2021 1734
التاريخ: 19-7-2016 1178
التاريخ: 19-7-2016 1166
التاريخ: 19-7-2016 1298

أدلة وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من القرآن الكريم

اعتمد أغلب الفقهاء على الآيات القرآنية في اثبات الوجوب دون ذكر تفاصيل الاستدلال (1) اقرارا منهم بوضوح دلالتها حتّى قيل : (إنّ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرورة دينية عند المسلمين يستدلُّ بها ، ولا يستدل عليها) (2).

وفيما يلي نستعرض الآيات القرآنية الواقعة في مقام الاستدلال على الوجوب.

الآية الاُولى : {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران : 104].

المخاطب بهذه الآية القرآنية هم المؤمنون كافة ، فهم مكلفون بأن (ينتخبوا منهم أُمّة تقوم بهذه الفريضة ، وذلك بأن يكون لكلِّ فرد منهم ارادة وعمل في ايجادها) (3).

وهي واضحة الدلالة على الوجوب ، فإنّ قوله تعالى : « ولتكن »أمر ، وظاهر الأمر الايجاب هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى حصرت الآية الفلاح بهذا العمل.

و (مِنْ) في (منكم) للتبعيض (4) ، لذا استدلّ أغلب الفقهاء على أن الوجوب كفائي (5) فإذا قام به البعض سقط عن الآخرين.

الآية الثانية : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران : 110].

قرنت الآية القرآنية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأيمان باللّه تعالى ، وقدّمتهما عليه (لانهما سياج الإيمان وحفاظه) (6).

ومعنى الآية : (صرتم خير أُمّة خُلقت ؛ لأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر وإيمانكم باللّه  فتصير هذه الخصال على هذا القول شرطا في كونهم خيرا) (7).

وهذه الخيرية ( لا يستحقّها من أقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وصام رمضان ، وحجّ البيت الحرام والتزم الحلال ، واجتنب الحرام مع الاخلاص الذي هو روح الإسلام ، إلاّ بعد القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) (8).

واستدل الفقهاء بهذا الثناء الذي انحصر بهذه المزايا الثلاث على الوجوب (فمدحهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما مدحهم بالأيمان باللّه تعالى ، وهذا يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) (9).

وقد اكتفى كثير من الفقهاء بذكر الآية دليلاً دون تفصيل (10) ، لاقتران الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأيمان باللّه تعالى ، ووقوعهما في مستواه ، وتخصيص الثناء والمدح بالخيرية بهذه الصفات الثلاث.

الآية الثالثة : {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } [آل عمران : 113، 114]

جعل اللّه تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من علامات القيام بالواجبات ، ومن علامات الصلاح ، فلم يشهد اللّه تعالى لهم بالصلاح بمجرد الايمان باللّه واليوم الآخر حتى أضاف إليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (11).

ومفهوم الآية هو انّ الذين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر لا يعدّون من الصالحين ، ولولا الوجوب لما نفى صفة الصلاح عنهم.

الآية الرابعة : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة : 71].

جعل اللّه تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الاوصاف الخاصة بالمؤمنين ، وهما من شؤون ولاية بعض المؤمنين على بعض.

وعلى هذا فالذي يهجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون خارجا عن (هؤلاء المؤمنين المنعوتين في هذه الآية) (12).

واخراج التاركين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جماعة المؤمنين لا يصحّ ولا يستقيم إلاّ إذا كانا واجبين ، وعليهما تترتب الرحمة.

ويؤيد ثبوت الوجوب انّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وردا في سياق الواجبات كأقامة الصلاة وايتاء الزكاة وطاعة اللّه ورسوله (صلى الله عليه واله) فهما واجبان بدلالة وحدة السياق ، وتكرّر اقترانهما مع الواجبات يفيد الاطمئنان بوجوبهما.

الآية الخامسة : {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } [المائدة : 63].

ذمّ اللّه تعالى ووبَّخ بني اسرائيل لقولهم الأثم وأكلهم السحت ، وذمّ علماءهم لعدم قيامهم بنهيهم  فذمّ (هؤلاء بمثل اللفظة التي ذم بها اولئك ، وفي هذه الآية دلالة على أن تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه) (13).

فالتوبيخ شامل لمرتكب المنكر والساكت عن النهي عنه ، فقد وبَّخ اللّه تعالى (الربانيين والاحبار في سكوتهم عنهم ، وعدم نهيهم عن ارتكاب هذه الموبقات من الآثام والمعاصي ، وهم عالمون بأنّها معاصٍ وذنوب) (14).

فقد بين اللّه تعالى ان الربانيين والأحبار أثموا بترك النهي عن المنكر والدلالة واضحة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلو لم يكونا واجبين لما ترتب الأثم على تركهما  ولما وبّخهم اللّه تعالى على سكوتهم ؛ لأنّ التوبيخ يستتبع العمل السيئ ، وترك النهي عن المنكر هو أحد مصاديقه.

الآية السادسة : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } [المائدة : 78، 79].

لعن اللّه تعالى بني اسرائيل بعصيانهم واعتدائهم ، ثمّ بيّن حالهم ، فقال : {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ } [المائدة : 79] , أي لم يكن ينهى بعضهم بعضا ، ولا ينتهون أي لا يكفّون عمّا نهوا عنه (15).

وقد علّل اللّه تعالى استحقاقهم اللعنة (بتركهم النهي عن المنكر) (16).

فلولم يكن النهي عن المنكر واجبا لما استحقوا اللعنة بتركهم إيّاه؛ لأنّ اللعنة تختص بترك الواجب.

ويؤيد الوجوب ما روي عن ابن عباس في تفسير رسول اللّه (صلى الله عليه واله)  للآية ، فقال (صلى الله عليه واله) : « لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر ، ولتأخذنَّ على يد السفيه  ولتأطرنه على الحق اطرا أو ليضربنّ اللّه قلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم » (17).

الآية السابعة : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم : 6].

وقاية الأهل من النار تتم (بدعائهم إلى الطاعة وتعليمهم الفرائض ، ونهيهم عن القبائح ، وحثّهم على أفعال الخير) (18).

والوقاية هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : « لمّا نزلت هذه الآية , جلس رجل من المسلمين يبكي ، وقال : أنا عجزت عن نفسي   كُلّفت أهلي ، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله) : حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك  وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك » (19).

وفعل الأمر (قوا) يدل على الوجوب ، ويتحقق هذا الفعل ان قام الإنسان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهما واجبان ؛ لأنهما مقدمة من مقدمات الهداية والانقاذ من النار.

 

الروايات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

 

الروايات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستفيضة ومتواترة عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وأهل بيته , وقد أكدت السيرة على ذلك ، حتى أصبح سكوت المعصوم (عليه السلام) عن عمل معينٍ دليلاً على جوازه ، فلو كان محرّما لنهى عنه ، وكانت سيرة المعصومين : تجسيدا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى اللّه تعالى بتصحيح اعتقاد الناس وتربية نفوسهم وتهذيب سلوكهم.

عن حذيفة عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله)  أنّه قال : « الإسلام ثمانية أسهم : الإسلام سهم والصلاة سهم ، والزكاة سهم ، والصوم سهم ، وحج البيت سهم ، والأمر بالمعروف سهم والنهي عن المنكر سهم ، والجهاد في سبيل اللّه سهم ، وقد خاب من لا سهم له »(20).

فقد عدّ رسول اللّه (صلى الله عليه واله) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جملة الواجبات وجعل الخيبة والخسران نتيجة لمن لا سهم له.

وسلب (صلى الله عليه واله) صفة الإسلام والإيمان ممّن لا يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فقال : « ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقّر كبيرنا ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر».(21)

ومعنى السلب هو قلة الحظ من الدين , وصفة الإسلام والايمان لا تسلب إلاّ ممن لا يؤدي واجبا.

ودلّت الروايات على وجوب نشر العلم وتعليم الجهّال ، ونشر العلم يتحقّق بتبيان العقيدة الصحيحة وأحكام الشريعة كما أنزلت وهي مظهر من مظاهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « ما أخذ اللّه سبحانه على الجاهل أن يتعلّم حتى أخذ على العالم أن يُعَلم »(22).

ومن مظاهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاربة البدع وذلك عن طريق اثبات مخالفتها للعقيدة والشريعة ، ثم تبيان الرأي الأصوب والحكم الأصوب والسلوك المنسجم مع المبادئ والقيم الإسلامية.

ومحاربة البدع واجبة كما أكّد رسول اللّه (صلى الله عليه واله) بقوله : « اذا ظهرت البدعة في أُمتي فليظهر العالم علمه ، فإن لم يفعل فعليه لعنة اللّه » (23).

فلو لم يكن اظهار العلم واجبا لما استحقّ تاركه اللعنة.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الفرائض العظيمة التي تتوقف عليها اقامة جميع الفرائض كما بيّن ذلك الإمام محمد الباقر (عليه السلام)  : « إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ، ومنهاج الصالحين ، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض ، وتأمن المذاهب  وتحلّ المكاسب ، وتردّ المظالم ، وتعمّر الأرض ، وينتصف من الاعداء ، ويستقيم الأمر  فانكروا بقلوبكم ، وألفظوا بألسنتكم ، وصكّوا بها جباههم ، ولا تخافوا في اللّه لومة لائم .   أوحى اللّه إلى شعيب النبي (عليه السلام) : اني لمعذب من قومك مئة ألف : أربعين ألفا من شرارهم ، وستين ألفا من خيارهم ، فقال : يا ربّ هؤلاء الاشرار ، فما بال الاخيار؟ فأوحى اللّه عزَّ وجلَّ إليه أنهم داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي » (24).

فقد بيّن (عليه السلام)  ان الساكتين عن المعاصي بعدم مواجهتها بنهي عنها أو أمر بمعروف فقد استحقوا العذاب وان كانوا اخيارا ؛ لأنّهم تركوا واجبا ولم يؤدوه.

وقد تظافرت الروايات على أنّ اللّه تعالى يبغض من لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وعلى نزول العذاب عليه ، فلو لم يكن واجبا لما ترتب بغض اللّه تعالى لمن تركه أو نزول عذابه عليه.

قال رسول اللّه (عليه السلام)  : « إنّ اللّه عزَّ وجلَّ ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له فقيل له : وما المؤمن الذي لا دين له؟ ، قال : الذي لا ينهى عن المنكر (25).

فقد اجتمع فيه بغض اللّه له ، وسلب الدين منه , وعن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) , قال : « كان رسول اللّه (عليه السلام) يقول : اذا أُمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلتأذن بوقاع من اللّه تعالى » (26).

ورتب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)  نصر اللّه تعالى لمن نصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وخذلانه لمن خذلهما ، أي بالأداء والترك، فقال (عليه السلام)  : « الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق اللّه تعالى ، فمن نصرهما أعزه اللّه تعالى ، ومن خذلهما خذله اللّه تعالى ».

وجعل (عليه السلام)  عدم القيام بأنكار المنكر مبارزة للّه بالعداوة ، فقال : «واذا رأى المنكر فلم ينكره ، وهو يقوى عليه ، فقد أحبّ أن يُعصى اللّه ، ومن أحبّ أن يُعصى اللّه ، فقد بارز اللّه بالعداوة».

وتترتب على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آثار وخيمة يوم القيامة ، بحيث لا تنفع الإنسان سائر عباداته ان كان غافلاً عن المواعظ الالهية ، فلم يقم بأدائها أو الترويج لها واشاعتها بين الناس ، قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « وقد سبق إلى جنات عدن أقوام كانوا أكثر الناس صلاة وصياما ، فإذا وصلوا إلى الباب ردّوهم عن الدخول ، فقيل : بماذا ردّوا؟ , ألم يكونوا في دار الدنيا قد صلّوا وصاموا وحجّوا؟ , فإذا بالنداء من قبل الملك الأعلى جلّ وعلا : بلى قد كانوا ليس لأحد أكثر منهم صياما ولا صلاة ولا حجا ولا اعتمارا ، ولكنّهم غفلوا عن اللّه مواعظه ».

 

ادلة وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من سيرة المعصومين

صدع رسول اللّه (صلى الله عليه واله) بالدعوة إلى اللّه تعالى ، بنبذ عبادة الاصنام ، والاستسلام له في العبودية ، والتعالي على مفاهيم وقيم الجاهلية ، فقد دعا (صلى الله عليه واله) إلى المعروف الاكبر وهو الإيمان باللّه تعالى وتوحيده ، ونهى عن المنكر الأكبر وهو الكفر والشرك فخاطب العقول ثم القلوب ثم الارادة ، ليكون الولاء للّه ولرسوله (صلى الله عليه واله) ، وليكون السلوك والممارسات الاخلاقية منسجمة مع ما أراده اللّه تعالى.

فدعا إلى البر والتقوى ، وإلى الصدق والامانة ، وإلى العدل والرحمة ، وحفظ العهد ، ومطابقة القول للفعل.

ونهى عن الشر والعصيان ، وعن الكذب والخيانة ، وعن الظلم والاعتداء ، وعن الخداع والغش ، وعن سائر الموبقات.

ودعا إلى حسن العلاقات الاجتماعية ونهى عن التقاطع والتدابر.

وكان يدعو الكفار كما يدعو أهل الكتاب ، وكان يذكّر المسلمين بالفضائل والمكارم ، وينهاهم عن الرذائل وسوء الأفعال ، ولم يتوقف عن ذلك في جميع مراحل حياته (صلى الله عليه واله)  وفي جميع الظروف , في مرحلة العهد المكّي حينما كان مضطهدا ومطاردا من قبل المشركين وفي مرحلة العهد المدني بعد تأسيسه للدولة الإسلامية.

وتابع أمير المؤمنين (عليه السلام) سيرته (صلى الله عليه واله) في القيام بأداء مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع مراحل حياته ، إلى أن وصل إلى مرحلة المجابهة بالسيف على من ارتكبوا المنكر الاكبر وهو التمرد على الامامة الحقّة ، وارادوا شق عصا المسلمين ، فأجاب (عليه السلام) من اعترض عليه في مواجهته العسكرية للبغاة في صفيّن : « ولقد أهمّني هذا الأمر وأسهرني ، وضربت أنفه وعينيه ، فلم أجد إلاّ القتال أو الكفر بما أنزل اللّه على محمد (صلى الله عليه واله).

إنّ اللّه تبارك وتعالى لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض وهم سكوت مذعنون ، لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، فوجدت القتال أهون عليَّ من معالجة الاغلال في جهنّم » (27).

ومن وصيته (عليه السلام) لابنه محمد بن الحنفية : « وكن آخذ الناس بما تأمر به ، وأكفّ الناس عمّا تنهى عنه ، وأمر بالمعروف تكن من أهله ، فإنّ استتمام الامور عند اللّه تبارك وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (28) ».

وحينما وجد الإمام الحسين (عليه السلام) أنّ المنكر قد استحوذ على الحاكم وعلى أجهزته الحكومية ، وتفشى في الاُمّة ، بتحريف المفاهيم وتغيير معالم الدين ، وارتكاب الموبقات بشكل علني دون مراعاة للحرمات والمقدسات ، قام بأداء مسؤوليته في أعلى مراتبها ، وهي القيام بالسيف لأنّه الاُسلوب الأمثل للحفاظ على مفاهيم وقيم الرسالة الإسلامية.

وقد أعلن عن أهداف ثورته في وصيته الخالدة : « وانّي لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنّما خرجت لطلب النجاح والصلاح في أُمّة جدّي محمد (صلى الله عليه واله) ، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي محمد (صلى الله عليه واله) وسيرة أبي علي بن أبي طالب (29) ».

وفي جميع مراحل تحركه كان يدعو إلى أداء الواجب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد خطب في جيش الحرّ بن يزيد الرياحي قائلاً : « أيُّها الناس إنّ رسول اللّه (صلى الله عليه واله) قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلاً لحرم اللّه ناكثا لعهد اللّه مخالفا لسُنّة رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يعمل في عباد اللّه بالآثم والعدوان ، فلم يغيّر ما عليه بفعلٍ ولا قول كان حقا على اللّه أن يدخله مدخله ».

وكان بقية الأئمة : يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر مستخدمين مختلف الأساليب في اصلاح الاُمّة وتغييرها ، بنشر الأحاديث الشريفة عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ، وبنشر العلم ، وبإقامة المناظرات مع التيارات المنحرفة ، وببناء الكتلة الصالحة لتوسيع دائرة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

وقد تعرضوا لشتى ألوان الأذى والمضايقة والاعتقال ثم القتل الهادئ عن طريق السم ؛ لأنّ حكّام زمانهم لا يروق لهم أن يقوم أحد بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وان كانت بالقول فقط.

__________________

1- التبيان 2 : 549. وكشف الغطاء : 419. وجواهر الكلام : 419. وروح المعاني 4 : 21.

2- التفسير المبين : 80.

3- تفسير المراغي 2 : 22.

4- الكشاف 1 : 452.

5- التبيان 2 : 549. وفتح القدير 1 : 369. والكشاف 1 : 452.

6- تفسير المراغي 4 : 30.

7- مجمع البيان في تفسير القرآن 1 : 486.

8- تفسير المنار 4 : 58.

9- المقنعة : 808.

10- كشف الغطاء : 419. وجواهر الكلام 21 : 352.

11- المحجّة البيضاء 4 : 96.

12- المحجة البيضاء 4 : 97.

13- مجمع البيان في تفسير القرآن 2 : 218.

14- الميزان في تفسير القرآن 6 : 31.

15- مجمع البيان في تفسير القرآن 2 : 231.

16- المحجة البيضاء 4 : 97.

17- مجمع البيان في تفسير القرآن 2 : 231.

18- مجمع البيان في تفسير القرآن 5 : 318.

19- الكافي 5 : 62.

20- الترغيب والترهيب 3 : 232.

21- الترغيب والترهيب 3 : 232. وبنحوه في : جامع أحاديث الشيعة 14 : 396.

22- تصنيف غرر الحكم : 45.

23- المحاسن : 231.

24- تهذيب الاحكام 6 : 180 ـ 181.

25- الكافي 5 : 59.

26- تهذيب الاحكام 6 : 177.

27- وقعة صفين : 474.

28- من لا يحضره الفقيه , 4 : 387 / 5834.

29- الفتوح , 5 : 33.

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.