المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



حذار من الافراط في محبة الطفل  
  
2508   09:59 صباحاً   التاريخ: 19-6-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص340-345
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016 2148
التاريخ: 23/10/2022 1465
التاريخ: 20-5-2022 2094
التاريخ: 31-12-2017 2407

من الحقيقة بمكان، ان محبة الطفل امر ضروري لنمو شخصيته وجسمه وكذلك ان التوازن في المحبة لا يقل اهمية عن المحبة ذاتها ولكن الافراط في المحبة يكون أمرا في غاية الخطورة، لأنه يؤدي إلى انحراف الطفل مما يسبب له مشاكل كثيرة وآثاراً نفسية خطيرة.

يقول الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[آل عمران:188].

اجل, فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم، لان الافراط في ابداء مظاهر الحب والقطف والحنان بالنسبة للطفل يؤدي حتما إلى نشوء عقدة الحقارة، والشعور بالأعجاب بالنفس والاقدام على اعمال غير مرضية وليست صحيحة مما يؤدي بالتالي إلى الضغط الروحي والشقاء الدائم الذي يجر إلى الجنون والاقدام على الانتحار.

وبناء على ذلك، يجب الاعتدال في محبة الاطفال من قبل الوالدين لان الهدف من تربية الابناء هو : ان تكون حياتهم مليئة بالتفاؤل والطموح والسعادة وتكلل الجهود المبذولة بالتوفيق والنجاح لان الحياة ملأى بالدموع والمنغصات والصراع في مختلف الادوار والاوقات.

فالأب الناجح والمربي القدير هو الذي يبذل جهداً نوعيا من اجل تنشئة الطفل نشأة سليمة وصحيحة ومتوازنة، متبعاً في ذلك افضل الطرق واحسن الاساليب، بحيث يعد للصمود والمقاومة والثبات امام صعوبات ومنغصات الحياة وتحقيق الانتصار.

ومما لا شك فيه ،ان جسم الطفل يصبح قويا ويقاوم الحر والبرد والجوع والعطش اذا كان هناك توازن في طعام الطفل ونومه وحركته ورياضته، وكذلك روحه فإنها تنمو قوية في ظل الصحة الروحية والتعاليم الخلقية السامية والاعتدال في المحبة والتوازن بين اساليب الشفقة والحنان والشدة والخشونة وبذلك يتمكن من الوقوف بقوة بوجه التحديات المادية والاندحارات الروحية.

وعلى العكس من ذلك فان الاطفال الذين يتمتعون بالدلال الزائد على الحد والاعتدال والمحبة الخارجة عن المألوف، والاستجابة غير المتوازنة من قبل الوالدين لطلبات ورغبات اطفالهم تجعلهم ينشؤون على الاستبداد والاعجاب بالنفس الذي يجرهم إلى الانهزامية والانكسار امام المشاكل والتحديات بصورة سريعة ومخيبة للآمال.

اذن يجب ان يفهم الوالدان ان طفلهم الذي منحوه حنانا مفرطا قد اساء اليه اساءة لا تغتفر لأنهما جعلاه من اتعس الافراد ووضعاه في حالة مزرية حيث اصبح عاجزا عن حل مشاكل حياته الاعتيادية لأنه يحمل بين جنبيه روحا ضعيفة نفساً سريعة الانهزام من ساحة معركة الحياة المليئة بالمشاكل والمصائب، وربما يلجأ في الشدائد إلى الانتحار متصورا ان النهاية الحتمية لفشله وعدم نجاحه في حل المعضلات والمصاعب يجب ان تبرر بالانهزام من المعركة والاختفاء السريع عن مسرح الحياة المدلهمة ذات الطابع السوداوي بنظرة القائم اليائس.

ـ خطأ تربوي فادح :

لا غرو أي اسلوب خاطئ يتبعه الوالدان في تربية الابناء يكون له ابلغ الاثر السيئ في نفوسهم وشخصياتهم ويولد عندهم نوعا من الانحراف والضبابية، ولا شك ان الاكثار والافراط من المحبة للأطفال يُعدّ من اعظم الاخطاء التربوية لان العواقب السيئة المترتبة عليها كبيرة وخطيرة لذا جاء هذا الموضوع الهام مورد عناية جميع علماء النفس والتربية واعطوه مساحة واسعة في بحوثهم التربوية والنفسية، وكل منهم ادلى بدلوه الخاص بهذا الموضوع المهم نذكر منهم :

1ـ يقول (جلبرت روبين) :

(إن تعويد الطفل على الاعجاب بنفسه يورث الغضب الشديد فيه لأبسط الاشياء، والاستبداد في الرأي، وفي الغالب يدفعه إلى الرغبة في طلب الجاه، وفي النتيجة يحصل الطفل على القدرة التي تساعده على التقدم، ومع كونه ذا أعصاب هزيلة فانه ينجح بواسطة الحيلة والشدة ان جعل الاطفال معجبين بأنفسهم يكون منهم افرادا تعساء ضعفاء عديمي الارادة.

لقد كان اولئك الذين يقولون للأم العابثة بلحن مصحوب بالسخرية ليس طفلك معجبا بنفسه بل هو غير صالح لم يكن كلامهم خاليا من المبالغة فحسب بل كان تنبؤهم صحيحاً هناك حالات تتعزز النفوس من مشاهدتها لعدم الالتزام في التربية، لأننا نشاهد في الحقيقة مقتولين ابرياء كان بالإمكان انقاذهم)(1).

2- يقول (مايك برايد) :

(الشعور بالدلال والغنج امارة اخرى من امارات عقد الحقارة، ويجب البحث عن اساسه في اسلوب التربية الخاطئ المتخذ في دور الطفولة.

ان الطفل الذي كان يرى نفسه قرة عين والديه عندما يكبر ويصبح رجلاً كاملاً يجب ان يكون في جميع نواحي الحياة محبوباً من غير علة ومحترما لدى الجميع، فعندما يرى انه لم يُعتَن به يفقد الهدوء والاستقرار ويختل ما صفى من فكره ، فإما ان يلجا إلى الانتحار واما ان يبغض الاخرين، ان عقده الحقارة التي تنشأ في الناس في هذه الظاهرة مصيبة عظيمة للمجتمع)(2).

3- يقول (ريموندييج) :

يجب ان ننبه على بعض الاخطاء من السنين الاولى من حياة الطفل واكثرها شيوعا هو الاسلوب الذي يؤدي إلى غرور الطفل و انانيته، ان المحبة بدون سبب في الايام الاولى هي التي تسبب غرور الطفل و انانيته.

ان الاباء والامهات يأملون في الطفل النجاح والسعادة ولهذا فهم يرأفون به اشد الرأفة ويتملقون له، ويبعدون كل عقبة او مشكلة حتى لو كانت تافهة عن طريقه، وكلما كبر الطفل حاولوا تهيئة وسائل اللعب المناسب له، ان هذه الاعمال تستوجب الاستحسان في الظاهر اما في الباطن فإن الخطر الكامن وراءها موحش جدا. ان الفرد الناشئ في ظل الرأفة الزائدة لا يطبق المقاومة امام تقلبات الحياة ولا يستطيع الصراع معها)(3).

4- يستشهد (الفرد ادلر) العالم النفسي الشهير وزعيم المدرسة الفردية في علم النفس بامرأة انتحرت بسبب تافه هو:

إن جارها كان يترك صوت المذياع عاليا ولم يهتم باستذكارها المستمر، واخيراً اقدمت على الانتحار، وتدل التحقيقات التي اجراها (ادلر) في هذا الصدد على ان هذه المرأة نشأت منذ طفولتها على الغرور والرضا بالنفس وكان يُحضر اليها في المنزل ما تشاء من دون قيد او شرط ولهذا السبب انها لم تطق العيش في دنيا تسمع الجواب السالب على ما تطلب فيه)(4).

اجل، ان هذه المرأة المدللة التي لا تحتاج شيئا إلا ويُحضر لها من دون قيد او شرط او نصب، وقد عاشت منذ بداية حياتها مغرورة معجبة وراضية بنفسها وانها بمجرد ان رُفض طلبها ولم يستجب لاستنكارها اقدمت على الانتحار بسبب هذه المشكلة التافهة التي واجهتها في الحياة، فهي لو كانت واثقة من نفسها معتمدة عليها في حل مشاكلها وقضاء حوائجها ولم يصبها الغرور والعجب بالنفس نتيجة التربية المتزايدة القائمة على الافراط في المحبة والدلال لما فضلت الانتحار على العيش في دنيا سمعت فيها جوابا سالبا على ما طلبت.

لذلك حذرت الشريعة الاسلامية الغراء السهلة السمحاء المتممة لمكارم الاخلاق اولياء امور الاطفال من اتباع الاساليب التربوية غير المتزنة كالافراط في المحبة وما شاكل ذلك، وامرتهم بالاعتدال في محبتهم وتصرفاتهم تجاه الاطفال حتى يبتعدوا عن الاعجاب بأنفسهم والانحراف عن جادة الصواب والصراط المستقيم.

وقد لام الامام الباقر (عليه السلام) الآباء الذين يفرطون في محبة اطفالهم ويدفعونهم نتيجة سلوكهم الاهوج هذا إلى الاعجاب بأنفسهم ويصفهم بانهم شر الاباء فقد آثر عنه (عليه السلام) انه قال :

(شر الآباء من دعاه البر إلى الافراط وشر الابناء من دعاه التقصير إلى العقوق)(5).

ولا شك ان الطفل يحب الحرية بلا قيود ويرغب بالأشياء الكثيرة وان كانت مضرة له ويود بالاستجابة لمطالبه وان كانت لا تصبُّ في صالحه.

اذن يجب على الوالدين والمربين ان يسيروا وفق مقتضيات العقل للاستجابة لمطالب الطفل فيعملوا على تحقيق مصلحته مع العطف والحنان عليه ويمنعوه عندما يكون طلبه ليس في محصلته وذلك لاتباع الاساليب التي تحقق ذلك من النظرة الشزراء والإهمال المؤقت وعدم المبالاة المقصود وغير ذلك لان المهم هو مصلحة الطفل وفهمه بأن هذا الشيء يضره وهذا ينفعه وان يعرف الحدود ولا يتجاوزها، ويتقيد بالأوامر والأعراف والتقاليد النافعة، وهذا ليس من المستحيل ويمكن الحصول عليه نتيجة وعي سلوك الوالدين والمربين الصالحين والتربية الصالحة التي يتلقاها الطفل ويعمل وفقاً لمقتضياتها ومفرداتها.

__________

1ـ أنظر الطفل بين الوراثة والتربية:ص183 نقلا عن ﭼـه ميدانيم؟ تربية اطفال دشوار ص23 بالفارسية).

2ـ نفس المصدر: ص184 نقلا عن (عقدة حقارت ص27 بالفارسية).

3ـأنظر الطفل بين الوراثة والتربية:ص184 نقلا عن (ما وفر زندان ما ص39 بالفارسية).

4ـ نفس المصدر: ص185 نقلا عن:(روح بشر ص131 بالفارسية).

5ـ تاريخ اليعقوبي:ج3،ص53.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.