أقرأ أيضاً
التاريخ: 11/10/2022
1013
التاريخ: 12/10/2022
815
التاريخ: 27-9-2020
2337
التاريخ: 17/9/2022
1453
|
تبدو "المدينة" لأول وهلة عنصراً من العناصر الرئيسية في توزيع السكان، وعادة ما توضع المدينة مقابل القرية، وسكان الحضر مقابل سكان الريف، وتظهر الإحصائيات تناقضاً في قيمها سواء في المدينة والقرية، فالمدينة في الدانمرك لا يقل سكانها عن (250) نسمة، وفي فرنسا والأرجنتين والبرتغال وتركيا لا يقل السكان عن (2000) نسمة، ولا يقلون عن (20,000) نسمة في هولندا، وعن (30,000) نسمة في المدينة والقرية لا يقتصر على عدد السكان الذي رأينا كيف يتفاوت من دولة لأخرى، وإنما توجد الى جواره قواعد وأسس أخرى كثيرة، فأحياناً ما يعني "الحضر" أولئك السكان الذين يعيشون في أماكن تتميز بشكل خاص من أشكال الإدارة، كما هي الحال في جنوب أفريقيا، وفي تونس، وفي المملكة المتحدة، وفي الاتحاد الروسي.
وتستخدم القاعدتان السابقتان معاً، وهما اجمالي العدد والنظام الإداري، في كندا، وفي الولايات المتحدة الأمريكية وفي النرويج، وفي تركيا، وفي الكنغو البلجيكي، أيام الاستعمار البلجيكي للكنغو، كأن يعد مكان الاستقرار مدينة إذا ما كان يضم مائة بلجيكي فقط، ويخلو من السكان الوطنيين.
وتستخدم المعايير الاقتصادية أيضاً في التفريق بين الحضر والريف فجمهورية بيرو تأخذ بمعيار أهمية مركز الاستقرار، والنشاط الرئيسي لسكانه، وإيطاليا تحسب مركز الاستقرار مدينة مادام أكثر من نصف سكانه لا يشتغلون بالزراعة، ومما يزيد الارتباك في تعريف المدينة والتفريق بينها وبين القرية، أن عدداً من الدول يعدل معايير التفريق بين وقت وآخر: فالنرويج والسويد قد غيرتا معاييرهما منذ عام 1930، وإسبانيا منذ عام 1950، والاتحاد السوفيتي السابق فيما بين عامي 1940 و1950، وغيرت مصلحة الإحصاء بالولايات المتحدة الحد الأدنى لسكان المدن من (8000) نسمة الى (4000) نسمة ثم الى 1500 نسمة.
وتختلف الدول العربية في تعريف المدينة: ففي مصر يبلغ الحد الأدنى لسكان المدينة (12000) نسمة، لكنها تأخذ بمعيار ثان هو المعيار الإداري، فالمدن في مصر تتمثل في العاصمة وحواضر المحافظات والمراكز، وتأخذ سوريا بذات المعيار، بينما تعتبر الأردن الحد الأدنى لسكان المدينة (10,000) شخص، والواقع أن المعيار العددي لا يفيد في الدول الزراعية المكتظة بالسكان، ففي مصر قرى يزيد تعداد كل منها على ثلاثين بل قد يصل الى أربعين ألفاً من البشر، وفي كثير من قرى مصر لم تعد الزراعة هي الحرفة الرئيسية للسكان، ومن ثم ينتفي معيار الوظيفة، خاصة وأن مشاريع كهربة الأرياف، وإمدادها بمياه الشرب النقية، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية لسكانها، وإدخال أدوات التحضر في منازلها، إضافة الى ما سبق وأشرنا اليه من تغير في أشكال السكن الريفي ومواد بنائه، واقترابها جميعاً من نظائرها في المدن، كل ذلك يقلل من الفوارق التقليدية بين القرية والمدينة.
مثال لذلك قرية العزيزية من قرى مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، وتقع على الحدود بين محافظتي الشرقية والقليوبية، كانت حاضرة لذات المركز لمدة تناهز ربع قرن أيام ولاية محمد علي باشار الكبير، نظراً لكبر حجمها، ووقوعها على ترعة ري ملاحية هي "بحرمويس"، لكن بسبب تطرف موقعها بالنسبة لقرى المركز، فقدت مكانتها كحاضرة، وأصبحت منيا القمح هي الحاضرة، ولا تختلف القرية الآن عن الحاضرة إلا باعتبار منيا القمح مركز الإدارة والقضاء، إضافة الى تفوقها على العزيزية في العمائر الحديثة، ففي القرية الآن عدة مدارس إبتدائية وإعدادية وثانوية للبنات والبنين، ومعهد ديني، ومستشفى، وتقع على ترعة ملاحية يمتد بطولها طريق مرصوف وآخر ممهد، وخط للسكك الحديدية يوازيه طريق مرصوف، وتكاد العمائر الخرسانية الحديثة تطغى على بيوت الطوب اللبن والآجر، وتزخر بالمقاهي ومحلات البيع لمختلف السلع، وتنار بيوتها وشوارعها بالكهرباء، وتكاد تصل نسبة المتعلمين بها الى (90)%، كما وأن نسبة المشتغلين بالزراعة وحدها يقلون عن (10)%.
ولعل معيار المظهر العام السائد للعمران في مركز الاستقرار يعطي فكرة عن مدى تحضره، فالشكل الهندسي، واتساع الشوارع، وكثرة العمائر الحديثة، والمباني العامة، وحركة النقل ووسائله، وكثرة المحلات التجارية، والمقاهي، ودور الخيالة (السينما)، والميادين العامة، كل ذلك يظهر مميزات المدينة عن القرية، وتطبع وظيفة المدينة مظهراً خاصاً بها، ذلك أن كثرة الآثار التي تنتمي لمختلف العصور توحي بأن المدينة تاريخية أثرية، ومنها عدد من مدن الصعيد المصري كالأقصر وأسوان، ويمكن تمييز المدن الصناعية بكثرة مصانعها وتعدد مداخنها، والمدن التجارية بكثرة مستودعاتها ومؤسساتها الضخمة.
من هذا نرى أن معياراً واحداً لتمييز المدينة عن القرية لا يجدي، بل لابد من الأخذ في الحسبان عدة معايير: إحصائية (أعداد السكان)، إدارية، وظيفية (صناعية، تجارية، صناعية) تاريخية، أثرية، تعدينية، دينية مقدسة، ترفيهية، سياحية، صحية إستشفائية، علمية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|