أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-17
1979
التاريخ: 29-09-2015
1684
التاريخ: 26-11-2014
1384
التاريخ: 29-09-2015
2043
|
أتيحت الفرصة الذهبية بوجه الإمام السجاد (عليه السلام) لينبري لتحقيق الأهداف بعد سبق معاناة عاشها استلهم منها دروسا كونت لديه عزما كبيرا وتصميما نهضويا راسخا يتركز على تقويم الأمة دينا وعلما وفكرا وثقافة ، فقد رسم لها الخط الذي ستمشي عليه من المبتدأ والى المنتهى .
أما المبتدأ فذاك التصميم الأكيد للنهوض وأما المنتهى فهو بلوغ قمة الصفاء الروحي والمعنوي المنشود فكان الخط الذي رسمه الإمام (عليه السلام) البارز في بند واحد وهو تخصيص الأمة بجامعة علمية تعنى بدراسة كل شؤون الإنسان المادية الجسدية الصحية - الروحية - العقلية - الفكرية - الروحية - السياسة - الحضارية مع الكشوفات العلمية المتكسبة مع طالع الأيام والأزمان وها هي الإدارة للجامعة تنحصر بالإمامة المثلثة والمبتدئة بالإمام زين العابدين (عليه السلام) يجمعها ويبقرها الإمام الباقر (عليه السلام) ليؤديها إلى ولده الإمام الصادق (عليه السلام) في النهاية حتى يفعلها ويحرك بها عقول الأمة وينقلها إلى أذهان المجتمع .
فأصبحت كل تلك الموروثات العلمية والقضايا الروحية محزومة في استعدادات الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) يبني جهاز الأمة من خلالها ، ويكون عملية تحليل الرموز الصعبة من مبهماتها ، ويولد عباقرة وعلماء كان لهم قصب السبق في المكتشفات الحديثة.
تلك كانت استعدادات الإمام الصادق (عليه السلام) لبى بها أباه الإمام الباقر (عليه السلام) المبتنية على تفجير العلوم ، وتغطيس الأمة فيها لغسلها من عيائها المزمن.
وكثيرة هي العلوم التي حازها الإمام مما يدل على تفوقه (عليه السلام) في كل فرع من الاختصاصات الذي نهلها عن أبيه ثم زادها من علمه الخاص والهامه المنور. وهكذا انفتحت على أفقه كل معالم العلوم ، فراح يقذفها في سجلات التاريخ والمجتمع ، لتنقل البشرية إلى مندرجات اليقين والتبصر المطلق ، يقول الكاتب والأديب سليمان الكتاني عن تلك المرحلة التي بدء فيها الإمام (عليه السلام) بتفجير العلوم والغور في أعماقها : " فراح إلى الفلسفة يستجليها في مراميها فيبهيها بما فيها من مداليل الحق ، ثم يلوي عليها ، بالشفرة المسنونة ، فيقطع منها ورما وخيما جاثما في ثآليل البطل !! .
وراح إلى علم الجغرافيا البطليموسية ، وقد جمعه أبوه الباقر (عليه السلام) وكانت نظرية بطليموس تشير إلى أن الأرض هي مركز العالم ، وهي كروية ثابتة والشمس والنجوم تدور حولها وها هو الإمام الصادق (عليه السلام) يوجه أول نقد علمي لهذه النظرة ، ويبين أن الأرض هي التي تدور وأن الشمس والنجوم هي الثابتة (1) .
وانصبت العلوم على الأمة صبا من تلك العبقرية النادرة التي ما فتئت تشرب من معين بردها ، وتستجلي الحقائق من منالها ، وتخزن لمستقبلها من كثيف رموزها ، محتفظة لنفسها بظفر الاستيعاب ، مضار الجهل إلى اندحار والعلم في ازدهار ، كل ذلك ببركة جامعة الإمامة المثلثة الممثلة بالإمام السجاد وأبيه الباقر وحفيده الصادق (عليه السلام) التي امتزجت بالأمة امتزاجا كيميائيا ، فحولتها من غياب إلى إياب ، ومن خمول إلى مثول ، ومن حرف إلى رقم ، ومن مفرد إلى جمع ، " وخف الإمام الصادق (عليه السلام) بعد ارتفاع أبيه إلى سماوات يوسع الجامعة بفرع أنشأ في حيرة الكوفة في العراق حيث تلملم حوله تسعمائة من الطلاب الذين اشتغل بهم العلم شغله الكيميائي ، وحولهم من أميين إلى علماء لا نزال اليوم نفخر بأسمائهم : هشام بن الحكم ، هشام بن سالم ، مؤمن الطاق ، زرارة بن أعين ، أبان بن تغلب النعمان أبو حنيفة ، مالك بن أنس ، سفيان بن عيينة ، سفيان الثوري!!
وهل يجوز أن ينسى التاريخ المفضل بن عمر الذي أملى عليه أستاذه الإمام الصادق مواد كتابه الشهير : توحيد المفضل وفيه وظائف الاعضاء ، ودوران الدورة الدموية ، وتشريح الإنسان ، وعدد العظام في بدنه وفيه بحث في الجراثيم وكثير من البحوث الطبيعية وفوق ذلك ، فلسفة الوجود ، وحكمة الوجود.
لقد كانت جامعة الإمام الباقر قائمة على أستاذ واحد ، أما الان فهي مع الإمام الصادق قائمة عليه ممثلا بعشرة أساتذة في عدة اختصاصات : كالفلسفة أو علم الفقه والكلام ، والجغرافيا ، والفيزياء والكيمياء وعلم التدوين من دون أن ننسى عالم الأدب وحقول الحكمة والوصايا والمواعظ " (2) .
فكان فيلسوفا بكل ما تفرع من صدر الفلسفة ... ، وكان متضلعا من كافة العلوم : فأحصى على الفيزياء كل إنتاجاتها ... ، وراح إلى الحساب يهنئه على صحة أرقامه ضبط الهندسات ، وكذلك انصرف انصرافا أخاذا إلى عالم الكيمياء : يفتق أسراره في استطلاع المعادلات ... أما الطبابة فلم يحسبها الإمام إلا ضرورة فاعلة في تنشيط الصحة في الأبدان ... (3).
" فإنه لم يكتف من الطب بالمداواة ووصف الدواء لكل داء ، بل ذهب إلى التشخيص والتحليل ، وكل أشكال المراقبة ... وها هو يذهب إلى حقول الاستنباط ... وانها لها نظرية إمكانية تنشيط الدورة الدموية في جسم الإنسان ، بقطع ، وريد ، عينه بين أصابع اليد اليسرى وقد جوب العملية هذه الطبيب الهندي ابن بهلة علي إبراهيم بن صالح العباس وأعاده من غيبوبة الموت إلى انتعاشية الحركة ، ولقد ذهب الإمام إلى أبعد من ذلك بكثير ، وهكذا رأى أن البدن الذي يعالجه بالأدواء ، عليه أن يدرسه بكل ما فيه من أعضاء ، وما لكل عضو من وظيفة ، وما لكل وظيفة من فلسفة بادئ الأكوان.
وانه لذيذ أن نصغي إلى عملية التشريح ينطق بها الإمام (عليه السلام) قائلا : (يتألف جسم الإنسان من أثني عشر مفصلا ، ومئتين وثمانية وأربعين عظما ، وثلاثمئة وسيتن عرقا تقي الجسد كله .. والعظام تمسكه واللحم يمسكها ، والأعصاب تمسك اللحم .. أما الدورة الدموية - وهي التي يحدثها الطعام الذي تطبخه المعدة ، وتبعثه إلى الكبد فتصفيه بعروقها ، وتحيله إلى دم يتوزع إلى المرارة ، ثم إلى الطحال ، ثم إلى المثانة - فهي الكاملة وانها المتخلصة من التسمم البولي ) (4) .
فحق على هذا الإمام العظيم وهذه العبقرية الأوقيانوسية الذكاء أن تحيا ولا تموت بموت النفوس والأبدان بل تسطع على جبين الأمة وتسحبها من عتمات الجهل المطبق والظلمة إلى بهجة النور الذي يضيء دربها فلا يخبو وهجها على مر العصور والازمان .
__________________________
1. الامام جعفر الصادق ضمير المعادلات طبعة دار الهادي ص 112 – 113
2. م – ن134 – 135 .
3. 150-151- كتاني بتصرف .
4. 152-153 (كتاني) .
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|