أقرأ أيضاً
التاريخ: 15/12/2022
2063
التاريخ: 14/12/2022
845
التاريخ: 14/12/2022
1187
التاريخ: 2023-02-04
1441
|
إن فكرة توحيد أوربا سياسياً ليست فكرة جديدة، فقد وردت في كتابات العديد من المفكرين والفلاسفة الأوربيين في القرن الثامن عشر أمثال فولتير وروسو ولوك. وفي القرن التاسع عشر نجد عدداً من الكتاب يبشرون بهذه الفكرة، من أمثال فيكتور هوغو، واستمرت هذه الفكرة تداعب خيال المفكرين الأوربيين في القرن العشرين واستمر الكتاب بالدعوة إليها من أمثال رومان رولان الفرنسي الذي رفض فكرة الحرب بين ألمانيا وفرنسا ونادى بالعمل على تحقيق الوحدة بين هاتين الدولتين.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أدرك رجال السياسة الفرنسيون مثل روبير شومان وجان مونيه و الألمان مثل كونراد إدينار أن العلاج الشافي لأوربا هو وحدتها. وإن الاقتصاد هو الذي يحكم السياسة في قضايا الوحدة بين الشعوب، وقد ظهر ذلك الفهم جلياً في تصريح شومان عام 1950 الذي اقترح فيه وضع الإنتاج الفرنسي والألماني من الفحم والصلب تحت إشراف سلطة عليا مشتركة وتابعة لمنظمة تفتح أبوابها لانتساب بقية الدول الأوربية.
سرعان ما لقيت هذه الدعوة القبول من بعض الدول الأوربية عبر معاهدة باريس عام 1951 التي تمخضت عن إنشاء أول منظمة اقتصادية أوربية هي "المنظمة الأوربية للفحم والصلب"، التي ضمت ست دول أوربية هي فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ، إيطاليا، وبدأت هذه المنظمة نشاطها الفعلي مع بداية عام 1952 بعد التصديق عليها من قبل حكومات الدول الأعضاء.
لقد حققت المنظمة الأوربية للفحم والصلب نجاحاً ملحوظاً خلال الفترة من عام 1952 حتى عام 1958 في مجال إنتاج وتسويق الفحم والصلب بين الدول الأعضاء، مما جعل هذه الدول تعمل على تنشيط هذه الأفكار بإنشاء جماعات أوربية جديدة في قطاعات اقتصادية أخرى فظهرت إلى الوجود " الجماعة الاقتصادية الأوربية " التي كانت تسمى السوق الأوربية المشتركة بتوقيع اتفاقية روما في 25 آذار عام 1957م. وبدأت تمارس عملها في بداية عام 1958م، وضمت الدول الست الأعضاء في المنظمة الأوربية للفحم والصلب، وقد تميزت هذه المنظمة عن سابقتها بالأهداف التي سعت لتحقيقها، فبينما انحصرت أهداف المنظمة الأوربية للفحم والصلب في تطوير صناعة الحديد والصلب من خلال إزالة جميع العقبات التي تقف في طريقها وتنسيق السياسات بين الدول نجد أن اتفاقية السوق المشتركة كانت تهدف إلى ما يلي:
1- إزالة الرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء بشكل تدريجي.
2- وضع تعرفة جمركية موحدة تعامل بها الدول غير الأعضاء ووضع سياسة تجارية موحدة إزاء هذه الدول.
3- إزالة جميع العوائق التي تعرقل انتقال اليد العاملة ورؤوس الأموال والخدمات بين الدول الأعضاء.
4- وضع سياسة موحدة في ميادين الإنتاج الزراعي والنقل.
5- العمل على تنسيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية بين الدول الأعضاء.
نلاحظ من خلال أهداف السوق المشتركة بأنها منظمة اقتصادية أوسع وأشمل من منظمة الفحم الصلب، لأنها تشمل جميع الجوانب الاقتصادية فهي تسعى إلى تحرير التجارة أولاً بين الدول الأعضاء حتى تتمكن كل دولة أن تحصل على سوق واسعة وكذلك العمل على تطوير الإنتاج الصناعي والزراعي والنقل عن طريق حرية انتقال عوامل الإنتاج بين الدول، وكذلك وضع سياسات تجارية موحدة للتعامل مع الدول غير الأعضاء.
استمرت فترة السوق المشتركة نحو 35 عاماً منذ عام 1958 تاريخ تطبيق معاهدة روما حتى عام 1993 تاريخ تطبيق معاهدة ماستريخت، التي نقلت الجماعة الاقتصادية الأوربية من مرحلة السوق المشتركة إلى مرحلة السوق الموحدة، وأقامت بين الدول الأعضاء نوعاً من الاتحاد الفدرالي تحت اسم " الاتحاد الأوربي " وحلت هذه التسمية محل التسميات السابقة كلها، وقد هدفت معاهدة ماستريخت إلى تحقيق الأهداف التالية (1):
1- أهداف اقتصادية، وتشمل:
- تحقيق تطور اقتصادي متوازن داخل الاتحاد الأوربي.
- تحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية الكاملة.
- تحقيق السوق الداخلية الموحدة وإلغاء جميع الحواجز بين الدول الأعضاء.
2- أهداف اجتماعية، وتشمل:
- إيجاد مجال أوربي خال من الحدود الداخلية.
- دعم التقارب الاقتصادي.
- إيجاد مواطنية أوربية، أي إيجاد جنسية أوربية موحدة بصرف النظر عن جنسية الدول وحق التصويت والترشيح في انتخابات البرلمان الأوربي.
3- أهداف سياسية، وتشمل:
- إيجاد هوية للاتحاد الأوربي على الصعيد الدولي.
- الوصول لسياسة خارجية وأمنية مشتركة.
- حماية مصالح وحقوق الدول الأعضاء.
- التعاون في مجال العدالة والأمن الداخلي.
لقد تم التوصل إلى مرحلة الاتحاد بشكل تدريجي، وكان ذلك على مراحل حقق الاتحاد خلالها توسعاً أفقياً بزيادة عدد الأعضاء وتوسعاً شاقولياً بتعميق البنية التحتية للاتحاد. فخلال الخمسة عشر عاماً الأولى لإنشاء السوق المشتركة منذ عام 1958 حتى عام 1973م اقتصرت العضوية فيه على الدول الست الموقعة على اتفاقية روما، وقد فشلت بريطانيا في الانضمام إلى السوق بسبب رفض الرئيس الفرنسي ديجول، وقد تم خلال هذه المرحلة إنشاء بعض الهيئات الاتحادية مثل "مجلس الوزراء الأوربي" و"محكمة العدل الأوربية" و"البرلمان الأوربي".
في عام 1973 توسعت العضوية إلى تسع دول بانضمام بريطانيا وأيرلندا والدنمارك، وأنشئ المجلس الأوربي الذي ضم رؤساء الدول والحكومات التسع الأعضاء في السوق الأوربية المشتركة وكذلك رئيس المفوضية الأوربية، وفي عام 1981 انضمت اليونان إلى السوق فأصبح عدد الأعضاء عشرة وفي عام 1986 انضمت إسبانيا والبرتغال وأصبح بذلك عدد الأعضاء اثني عشر عضواً من غرب القارة الأوربية وشمالها وجنوبها. وفي العام نفسه وقعت الدول الأعضاء في منظمة السوق على وثيقة تعاهدية مهمة هي " الصك الموحد " وقد عدلت هذه الوثيقة معاهدة روما تعديلاً جوهرياً، حيث قررت الانتقال بالمجموعة الاقتصادية الأوربية من مرحلة السوق المشتركة إلى مرحلة السوق الموحدة، بحيث تصبح الدول الاثنتا عشرة كتلة اقتصادية واحدة بلا حدود جمركية، وأصبحت الحرية شبه كاملة لانتقال عوامل الإنتاج (اليد العاملة، ورؤوس الأموال ، والخدمات) بين الدول الأعضاء.
في شباط من عام 1992 وقعت الدول الاثنتا عشرة على معاهدة جديدة في مدينة ماستريخت وتم التصديق عليها من قبل حكومات هذه الدول في عام 1993، وقد نقلت هذه المعاهدة الجماعية الأوربية إلى مرحلة الاتحاد، فظهر بذلك " الاتحاد الأوربي " الذي توسع في بداية عام 1995 بانضمام النمسا وفلندا والسويد، ليصبح عدد أعضاءه 15 عضواً مشكلاً بذلك أكبر تكتل اقتصادي في العالم، حيث يزيد عدد سكانه عن 370 مليون نسمة وهم بذلك يشكلون 6.2% من سكان العالم. ويصل الناتج المحلي الإجمالي لدولة إلى 8000 مليار دولار أي 26% من الناتج العالمي. ويسيطر على 32% من السوق العالمية، هذا بالإضافة إلى أن إمكانية توسيع السوق مازالت قائمة، حيث إن هناك أكثر من عشر دول اليوم تقف على لائحة الانتظار (تركيا، قبرص، مالطا، تشيكيا، بولونيا، هنغاريا، سلوفاكيا، سلوفينيا، لاتفيا، ليتوانيا، استونيا، رومانيا).
____________
(1) هشام عفيفي: الاتحاد الأوربي، القاهرة، المكتب العربي للمعارف، 1995، ص 13-14.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|