المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



خوف الطفل من الاب والذنب  
  
6278   09:42 صباحاً   التاريخ: 21-4-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص288-291
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

إن المهد الصحيح لتربية الأطفال هو ان يقلع الطفل عن المخاوف الباطلة، ولا يخاف الا عندما يرتكب ذنبا حقيقياً، وفي مثل هذه الحالة تنمو شخصية الطفل، وتنفتح ازهار شعوره بالمسؤولية، ويتعوّد منذ بداية حياته على الصدق والاستقامة، ويصبح اكثر ادراكا وعلما بانه لا يُعاقب الا اذا اذنب ذنباً فيه تجاوز وتعد على حقوق الآخرين او انحراف منه عن السلوك الصحيح. وهو يحاول ان لا يتلوث بالذنوب او ارتكاب التجاوزات من اجل ان لا يخاف من الوالدين، ويصبح مقرباً عندهما.

والحقيقة اذا كانت مثل هذه الحالة تسود جو الاسرة فان افرادها سيعيشون مطمئنين مسرورين يحب بعضهم البعض الآخر ويعطف عليه، ويكون الوالدان حائزين على الشخصية والعطف معا، مما يجعل الاطفال اكثر بعدا من الانحراف والتجاوز.

جاء في كتاب (الطفل بين الوراثة والتربية) نقلا عن كتاب بالفارسية جه ميدانيم تربيت اطفال دشوار ص93) ما نصه :

(يجب على الذي يقوم بإجراء العقوبة ان يعتقد ببعض القواعد ويستمع إلى نداء الوجدان ولا يحكم بدافع التعصب. وعليه ـ نفس الوقت - أن يكون حميداً في سلوكه وعطوفاً، لا بأن ضعفه وحقارته بل يكون ذا شفقة عامة وانسانية تظهر في حدود القوانين المحدودة والقابلة للاحترام الاجتماعي والدولي).

وفي ص95 من نفس الكتاب قال:

(إنّ المربي سيتظاهر بانه سوف لا يعاقب، بل انه يجري قوانين العدالة كموظف مختص مجبر على ذلك، وسيفهم الطفل هذه النكتة بصورة حسنة ، ولما كان التوبيخ ذا جانب عاطفي تماما هنا فيجب ان لا يخرج عن حدود الانسانية ، وبهذا تكون عقوبة كهذه غير انحيازية) انتهى.

أجل، إن الآباء والمربين والمعلمين اذا اشعروا الطفل بالحب والعطف والحنان والتزامهم بقوانين العدالة وعدم خروجهم عن حدود الانسانية، وانهم لم يخيفوا الطفل او ينزلوا به العقاب، الا في حالة وجود الانحراف والذنب الحقيقين. تكون عملية التربية مثمرة وناجحة وتوصل إلى الرقي والتكامل في الحياة.

وأما ماذا كان الاب او المربي قاسياً او سيء الخلق ويتعنّت ويفحش في القول، ويضرب ابناءهُ بلا سبب فيجازي اتفه الاسباب والزلات بأقسى العقوبات، ويفرغ جام غضبه وفشله في مبايعة او خسارته في اعمال وعلاقاته التجارية او الاجتماعية او الوظيفية فإن مثل هذا الاب غير جدير بالأبوة والمسؤولية والاحترام ويدفع بالأسرة إلى التهاوي والضعف والتمزق وعدم احترام الامانة والاستقامة والحرية والاخلاق فيصبح كل هم الاطفال وافراد الاسرة هو ارضاء الوالد المستبد واتقاء شره ليس الاّ.

والواقع، ان التعامل السيء والضرب الشديد وايذاء الاطفال مرفوض جدا من النواحي العلمية والتربوية والاخلاقية، وهو محرم شرعاً في الاسلام، ويُدان صاحبه وعليه دفع الدية التي قررها الشارع الاقدس في هذه الموارد.

وقد سبق الاسلام الحنيف في تشريعاته التربوية والتعليمية جميع الانظمة الحديثة بهذا

الخصوص ، حيث وردت العديد من الروايات الشريفة عن النبي ( صلى الله عليه واله) واهل بيته الاطهار (سلام الله عليهم اجمعين) المنع من ضرب الاطفال وايذائهم بغية التأديب.

(قال بعضهم شكوت إلى ابي الحسن (عليه السلام) ابناً لي فقال : لا تضربه واهجره ولا تطل)(1).

فالإمام (عليه السلام) ينهى المشتكي عن ضرب ولده ويدعو إلى هجرة أي اظهار عدم الرضا بأعماله وعدم الاعتناء به لفترة غير طويلة.

فالظاهر ان الإمام (عليه السلام) يؤكد على العقوبة العاطفية بدلا من العقوبة الجسدية المتجسدة بالضرب والايذاء، لان ذلك اكثر تأثير على روح الطفل واصلاحه، وقد حذر الإمام (عليه السلام) من طول مدة الهجرة لكي لا تتحطم روحية الطفل ومعنوياته خصوصا عندما تكون شخصية الاب قوية ، وفي حالة ضعفها يفقد الهجر آثاره الايجابية، ويكون الطفل مستصغرا لشخصية والده وغير عابئ به وبما يتحمله من الم واذى نتيجة هجره وصدوده له.

إذن ينبغي التأكيد على العقوبات العاطفية والاخلاقية بدلا من الوسائل المادية لان تأثيرها اكبر في تحقيق الثمرة من التربية والتعليم، كما يجب السعي للتأثير في نفس الطفل وقلبه وعقله ووجدانه وعزته وغروره بدلاً من حرمانه من الماديات، لأن عدم ارتباط (المحروميات المادية من مشاعر الطفل وعواطفه فأنها تفقد طابع العقوبة).

كما يقول احد علماء النفس والتربية.

وهنا يقول امير المؤمنين علي (عليه السلام) :

( ان العقل يتعظ بالأدب والبهائم لا تتعظ الا بالظرب)(2).

___________

1ـ بحار الانوار : ج23، ص114.

2ـ غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي : ص108ط: النجف  الاشرف.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.