أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2016
2756
التاريخ: 16/9/2022
1311
التاريخ: 26-7-2016
2173
التاريخ: 11/12/2022
1289
|
بودي هنا ان اركز على دور المدرسة، فهي تأخذ منا الطفل اغلب ساعات يومه في حجرات الدراسة، بل وبعد العودة الى البيت في اثناء اداء الواجبات المدرسية.. ولهذا فهي تشكل اهمية كبيرة في حياة الطفل في هذه المرحلة الحيوية.. وعندما يصبح الطفل في سن المدرسة، تكون لديه قدرات ثقافية تمكنه من تلقي العلم والمعرفة كما يصبح في مقدرونا عن طريق هذه المؤسسة الدافعة ـ المدرسة - تربيته، ووضع اقدامه على طريق القراءة والكتابة، واعطاؤه مفاتيحها التي تعد للتعليم فحسب، بل هي حياة في حد ذاتها، واعداد لحياة مستقبله بجانب ذلك.
ولقد كان من بين وظائف الاسرة في العصور الماضية تعهد الابناء بالتدريب والمران. واعدادهم للحياة حتى يبلغوا السن التي يمكن ان يعتمدوا فيها على انفسهم، ويصبحوا قادرين على الانتاج والقيام بدورهم في حمل اعباء الحياة. وقامت المدرسة في مصر القديمة بتقديم الحضارة، وظهرت الحاجة الى التخصيص في اداء الخدمات، وخاصة في مجال الكتابة. وعرفت الدنيا الكاتب المصري الجالس القرفصاء ـ رمزا للتقدم، كما عرفته خريجا في مدرسة تنوب عن الاسرة في تربية النشء..
وكانت المدرسة في ذلك الحين تؤدي وظيفتها التربوية بشكل متكامل؛ فقد كانت وثيقة الصلة بالمجتمع المحلي الذي يقدم ابناءه اليها، كما ان العلاقة بينها وبين البيت مباشرة ومتصلة، وان اقتصر التعليم في المدرسة على فئة معينة من الناس.
وكانت المدرسة العربية القديمة تمضي على المنوال نفسه، وتزيد على المدرسة الأولى ان الدين اصبح قوام علومها.. وان تحفيظ القرآن الكريم اضحى اولى رسالتها، وتضافرت جهود البيت والمدرسة في مضمار تعليم الابناء، برغم زيادة عددهم، واتساع القاعدة التي يأتون منها. وتروي لنا قصة (سلطان العلم) ان الخليفة هارون الرشيد كان يتابع دروس ولديه الامين والمأمون، وكان يشهد جانبا منها، وانه رأى ولديه يحملان للمعلم حذاءه، ويدلنا ذلك دلالة اكيدة على تلك الصلة التي وجدت بين البيت والمدرسة في تاريخنا العربي.
وعندما تعقدت الحياة، زاد اهتمام المدرسة بالناحية التعليمية، حتى اصبح كل هم المدرسة تلقين اكبر قسط ممكن من المعلومات المقننة الجامدة، وتضاءل دورها التربوي في اعداد التلميذ، وحسن تكوينه، وانفصم الرباط بينها وبين البيت، ووهنت العلاقة بينهما، كما قل ارتباطها بالمجتمع المحلي، وبذلك انفصلت حياة التلميذ في المدرسة عن حياته في اسرته وحياته بوصفه فردا في المجتمع. كما ان البيت زاد عددا، وزاد مسؤولية، فبدأ اهتمامه بالمدرسة يتضاءل شيئاً فشيئاً.. خاصة وقد نشأت فجوة كبيرة بين المجتمعين : مجتمع البيت، وسيدته المختلفة علميا، ومجتمع المدرسة الذي يلقن الابناء اشياء بعيدة عن الحياة، كما ان اعباء رب الاسرة زادت، وخاصة في مجال الكسب، وانعكس ذلك على رعايته لابنه. واذكر أباً من التجار سأل ابنه، وهو في السنة النهائية في كلية التجارة عن مهنته بعد التخرج، وعندما علم انه سيصبح من رجال الضرائب غضب الاب غضبا شديدا، واعلن ان بتعليمه لابنه انما يخرب بيته بنفسه، وبيوت زملائه التجار.
وهكذا وصل الامر الى حالة من الانفصال الشبكي بين البيت والمدرسة، وانعدمت الرؤية
السليمة للأمور. ولقد قامت تنظيمات تستهدف خلق التعاون ما بين البيت والمدرسة، وما بين المجتمع والمدرسة، وما بين الاجهزة الثقافية والمدرسة، هذا التعاون الذي لابد منه حتى لا تتناقض مؤسسة مع اخرى، وجهاز مع اخر. ان كل هذه القوى يجب ان تتضافر وتعزف سمفونية واحدة بلا نشاز من اجل هذه اللبنة الصغيرة. على انني اود ان اركز على دور المدرسة. إذ إن بقية الادوار اما انها معروفة ـ كمسؤولية الاسرة والبيت - واما انها مكملة، وتأثيرها ـ وإن عظم - الا انه أقل.
لقد اتجهت المجتمعات الحديثة بوظيفة المدرسة من مجرد مؤسسة للتعليم الى مؤسسة تعليمية ذات وظيفة اجتماعية مسايرة لتطورات الحياة الاجتماعية، كما اصبحت المدرسة توصف بانها مجتمع صغير، وبانها احد الاجهزة الاجتماعية يدرب طلابه على العمل المحلي، وعلى تحمل المسؤولية، حيث يتمثل التلاميذ معنى القانون، وفكرة الحق والواجب. بل واصبح البعض يصف المدرسة بانها مؤسسة تنظيمية تقوم على خدمة المجتمع، ودراسة البيئة، والتعرف عليها، والوقوف على مواردها واحتياجاتها، واشتراك الاهالي في تمويل المشروعات وتنفيذها؛ لان المؤسسة الوحيدة التي ترتبط بجميع افراد البيئة هي المدرسة. وهكذا تطورت وظيفة المدرسة كمؤسسة اجتماعية الى المساهمة في اعمال المجتمع الكبير، بعد ان كانت منعزلة عنه، واتاحت للآباء والامهات ان يدخلوها ليتشاوروا في مصالح ابنائهم ومصالح المدرسة.
وهكذا يمكننا ان نجعل الوظائف المكملة للمدرسة الحديثة في التالي :
1- المحافظة على ثقافة المجتمع، وتيسير ما يلزم له؛ لأنه ينقل ثقافته الحالية الى الاجيال الحديثة، حتى يقوم بدورهم عن طريق المدرسة بنقلها لغيرهم، مادام عمر الانسان قصيراً، وتحتاج المحافظة على الثقافة وغيرها عنصرا لاستمرار النظم.
2- تنقية الثقافة وتحديدها : فالثقافة – أي ثقافة- تتضمن عناصر غير مرغوب فيها؛ كعادة شرب المياه مباشرة من الترع، وانتشار البدع، او الاعتداء على اموال الاخرين، مثل هذا السلوك لا يرغب المجتمع في بقائه واستمراره، وتصبح المدرسة مسؤولة عن ذلك، كما ان عليها ايضا ان تعمل على التعريف بعناصر ثقافية اخرى كاحترام الملكية الخاصة، والتفكير العلمي، واساليب الانتاج الجديدة؛ كي تتجدد الثقافة، فيتطور المجتمع.
3- خلق تجانس في الثقافة وتبسيطها؛ فالمدرسة مسؤولة عن تفاعل ومزج الثقافات الشبابية المتباينة التي يصل المتعلمون اليها، وتصل في بعض الاحيان الى التنافر، بحيث تتجانس عناصرها، ويشترك فيها غالبيتهم. ان من واجب المدرسة تبسيط الثقافة التي اخذت شكلا شديد التعقيد، خصوصا في المجتمعات المتقدمة، اذ اصبح من المتعذر على الطفل الالمام بها فضلا عن ادراكها وفهمها، الا بطريق ووسائل تعليمية تمكنه من ذلك.
4- التماسك الاجتماعي كي يصبح الفرد عنصر في المجتمع، ويعيش فيه ، ويتكيف معه، فعليه ان يشارك الاعضاء الاخرين ثقافتهم. والمدرسة الناجحة هي التي تحقق هذه المشاركة بكافة الطرق. وتحقيق المشاركة معناه ربط الافراد ببعضهم، وتماسكهم وتعاونهم لخدمة مجتمعهم.
5- خلق مواطنين اجتماعيين، وتكوين المجتمع الصالح؛ اصبحت مهمة المدرسة الحديثة خلق المواطنين الاجتماعيين القادرين على التفكير والعمل والانتاج، والمشاركة في العلاقات الاجتماعية، والمساهمة في بناء المجتمع وتقدمه، ويتم ذلك عن طريق تنمية قدراته وثقافته على امتصاص ثقافة مجتمعه في صورة محسنة، عن طريق تفاعله مع الجماعات، واكتسابه للصفات الاجتماعية التي تؤهله للعيش في مجتمعه.
وتستقبل المدرسة الحديثة الطفل في سن مبكرة كي يواصل فيها نموه، بعد أن يكون المنزل قد اسهم في تشكيله. ثم ينتقل في مراحل التعليم المختلفة وقد هيئت له فرص التعرف على حقيقة نفسه وقيمه عن طريق المقارنة التي تحدث بينه وبين رفاق المدرسة؛ مما يساعده على تعديل سلوكه اذا احتاج الى ذلك، وبذلك يقابل احتياجات اجتماعية متعددة تتطلبها طبيعة الاوضاع الجدية التي يجدها في البيئات المدرسية، فالفرد يأتي الى المدرسة باحتياجات اساسية تتشابك بالاحتياجات الجديدة، التي تفرضها عليه طبيعة علاقاته الجديدة، والنظام التعليمي الذي يعيش في كنفه.
ويمكننا ان نحدد الاحتياجات الاساسية التي يأتي بها الطفل الى المدرسة في التالي :
1- احتياجات نفسية : تتمثل في ضرورة شعور الطفل بالأمن والطمأنينة والتقدير، وحتمية التعبير والاستعلام.
2- احتياجات اجتماعية : وتظهر في رغبة الطفل في الانتماء والمشاركة، والتوافق الاجتماعي مع الجماعات التي يعيش فيها.
3- احتياجات تعليمية : ونقصد بهذه الاحتياجات الرغبة في المعرفة واكتساب المهارات والخبرات التعليمية.
4- احتياجات صحية وغذائية : بحيث توفر له الصحة البدنية، وسلامة الجسم؛ ليتمكن من استخدام طاقاته الى اقصى حد ممكن دونما خلل في كيانه الصحي.
5- احتياجات اقتصادية : تساعد على السكن الصحي الملائم، والانتقال، دون اجهاد، والملبس النظيف المناسب، وتوفير الامكانات المادية المدرسية للتحصيل الدراسي.
6- احتياجات ترويحية : حيث يستطيع ان يمارس انشطة وهوايات تقابل طاقاته، وتكسبه مهارات ضرورية لحمايته الاجتماعية والاقتصادية.
وتتخذ هذه الاحتياجات اشكالا وصورا اجتماعية متفاوتة من مرحلة تعليمية الى اخرى. كما سبق وذكرنا نتيجة تفاعل الاوضاع المدرسية الجديدة مع اوضاع الطفل، والتي يأتي بها الى المدرسة ليجد نفسه مطالبا بان يتكيف مع المجتمع المدرسي الجديد، نتيجة انفصاله عن الاسرة، وانتقاله الى المدرسة وما بها من ضوابط وسلوك اجتماعي قد يغاير ما تعود عليه. وكذلك يجد الطفل نفسه مطالبا بان يتكيف مع جماعات مدرسية جديدة تخالف الجيرة التي عاش فيها سني حياته الأولى. كما يواجه الطفل مسؤوليات جديدة ترتبط بالتحصيل الدراسي، والواجبات المدرسية، في العملية التعليمية بالنسبة اليه مسؤولية جديدة.
..الوسائل المباشرة التي تتيح للطفل ممارسة حقيقة للفنون والآداب.. وتجعله اقدر في التعبير عن النفس.. واقدر على الافادة من الثقافة واستيعابها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|