الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
اسباب ضعف التعليم المهني
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 308 ــ 310
2025-07-17
35
قبل الإسلام كان العرب ينظرون - كما كانت تنظر شعوب أخرى - إلى الحرف والمهن والأعمال اليدوية المختلفة نظرة ازدراء، والمهنيون على نحو عام هم عماد الطبقة التي تتولى خدمة المجتمع، وهناك طبقتان أخريان، هما طبقة (الشجعان) وطبقة التجار التي تمثل الثراء والنفوذ في المجتمع. أما الشجعان فيقودون حملات النهب والسلب والغزو وكانت أحب الأموال إلى العرب تلك التي يكسبونها من وراء التجارة ومن وراء الغزو والقتال. امتلاء حواضر الجزيرة العربية - مكة والمدينة والطائف - بالمهنيين من الأعاجم كان يرمز إلى هذه الحقيقة الراسخة.
جاء الإسلام، وكان يهدف في جملة ما يهدف إليه إلى إعادة تشكيل ثقافة البشر، وتأسيس مفاهيم وأعراف ونظم جديدة، تقوم على احترام الناس وتقديرهم على أساس ما يتمتعون به من استقامة وتقوى ونفع للعباد: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وقد قدم سلوك النبي (صلى الله عليه وآله)، في بيته ومع أصحابه نموذجاً حياً للتشجيع على العمل اليدوي، فقد كان يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويساعد أهله في بعض شؤون المنزل. وقد انفعل المسلمون في البداية مع كل ذلك، لكن الأمر لم يدم طويلاً حيث جاءت حركة الفتوح بمئات الألوف من العبيد وغيرهم ممن وفد إلى الجزيرة والحواضر الإسلامية الكبرى، وكان أولئك يتقنون الكثير من المهن، مما جعل العرب يشعرون بعدم الحاجة إلى امتهان الحرف ما دام هناك من يقوم بشؤونهم المختلفة!، والخلاصة أن ازدراء المهن عاد من جديد إلى حياة الناس (1)، ورسخ ذلك اتصال المسلمين على نطاق واسع بالتراث الإغريقي الذي يميل إلى الاهتمام بالعلوم البحتة المجردة عن أي تطبيق، بل إنهم كانوا يرون أن الإنسان التقني، يعارض الإنسان بالمعنى الصحيح معارضة تامة، وهذا على خلاف ما كان لدى الرومان الذين كان اهتمامهم بالعلم المجرد أقل بكثير من اهتمامهم بالتقنيات (2).
إن تغيير موقف ثقافة مجتمع حيال أمر ما، ليس بالأمر السهل، وهو محتاج قبل كل شيء إلى نماذج ملموسة تقوده إلى الوضعية الأمثل. إن غلبة الجهل على كثير ممن يمارس المهن نفّر كثيراً من الناس منها؛ مما رسخ في ثقافتنا أن العلوم المهنية والتقنية هي منتجات فرعية للمعرفة المتقدمة، واتصالها بالثقافة اتصال غير مباشر. أضف إلى هذا أن القيادات الاجتماعية لم تقدم أية مبادرة في هذا الشأن؛ فالثقافة الحرة، هي من حق الذين يفكرون للأمة ويقودونها، ومن حق أبنائهم أيضاً. أما الذين يدرسون في التعليم المهني، فإن عليهم أن يعدوا أنفسهم للانخراط في سلك الأعمال الخدمية!
ومن وجه آخر فإن التعليم المهني مكلف جداً، ويحتاج إلى أموال طائلة، كما يحتاج إلى صبر حتى يؤتي ثماره، ونحن نفقد الأموال في بعض الأحيان، ونفقد إرادة توجيهها التوجيه الراشد في أحيان أخرى، ونفقد الصبر وطول النفس في البناء الحضاري في كل الأوقات!
حين يكون هناك بطالة لخريجي هذا النوع من التعليم، فإن الناس سيعزفون عن إرسال أولادهم إليه؛ لأنهم يشعرون أنهم سيخسرون الدخل المادي والمنزلة الاجتماعية والوظيفة الجيدة، ولا يقدم نبيه فطن على ذلك إلا مضطراً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ يقول الفرزدق معيراً جريراً بأبيه القين (الحداد) قائلاً:
إني بنى لي في المكارم أوّلي ونفخت كيرك في الزمان الأولِ
2ـ الثقافة الفردية وثقافة الجمهور: 116.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
